الإعدامات المطلقة العنان، وقمع النساء والمحتجين بوحشية، هي السمات المميزة لسجل إبراهيم رئيسي
أعدم نظام الملالي ما لا يقل عن 4 نساء، في شهر مايو، قبل نفوق رئيسهم المجرم، إبراهيم رئيسي، في 19 مايو 2024، في حادث تحطم طائرة هليكوبتر.
اشتهر رئيسي بسبب دوره في مذبحة 30,000 سجين سياسي عام 1988. كما أشرف على قمع الاحتجاجات بوحشية، مما أسفر عن مقتل 1500 محتج في نوفمبر 2019، ومقتل ما لا يقل عن 750 محتج خلال الانتفاضة الوطنية في عام 2022، واعتقال عشرات الآلاف الآخرين وتعذيبهم.
من السمات البارزة الأخرى لفترة رئيسي؛ فرض الحجاب الإجباري بلا رحمة، الذي أدى إلى قمع شديد للمرأة الإيرانية. وسيركز تقرير لجنة المرأة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الصادر في مايو 2024 على هذه القضايا.
إعدام 6 نساء في أقل من شهر، أربعة منهن في شهر مايو
أعدمت السلطة القضائية لنظام الملالي 6 نساء في شهر أبريل، تحت إشراف الجلاد إبراهيم رئيسي، تم إعدام 4 منهن شنقاً في شهر مايو.
كان من بين هؤلاء النساء بروين موسوي، البالغة من العمر 53 عاماً، وهي أم لطفلين، وكانت مريضة بالسرطان. حُكم عليها بالإعدام بسبب حيازة مخدرات قيل لها أنها أدوية، ولم تتقاضى على نقلها سوى 500,000 تومان.
ومن ضحايا هذه الإعدامات امرأة معوزة تبلغ من العمر 33 عاماً، قتلت أطفالها منذ 8 سنوات لأنها لم تكن قادرة على إطعامهم. وانتحرت أيضاً، لكن أختها أنقذتها، لتواجه كل تلك المعاناة ويحكم عليها بالإعدام بعد 8 سنوات من السجن.
وبذلك، يبلغإجمالي عدد النساء اللواتي تم إعدامهن في إيران منذ أبريل 2007 حتى الآن 239 امرأة.

ارتفاع غير مسبوق في إعدام النساء في إيران
إن النظام الإيراني هو صاحب الرقم القياسي العالمي في إعدام المرأة منذ فترة طويلة. ومع ذلك، زاد عدد النساء اللواتي تم شنقهن في السجون في جميع أنحاء إيران بشكل حاد، خلال فترة ولاية إبراهيم رئيسي.
خلال السنتين والتسعة أشهر والأسبوعين التي قضاها إبراهيم رئيسي في منصبه، تم إعدام 62 امرأة، أي ما يقرب من امرأتين في المتوسط (1.85) شهريًا و22 امرأة (22.21) كل سنة. وهذه زيادة كبيرة مقارنة بمتوسط عمليات الإعدام التي بلغت 15 امرأة سنويًا في المتوسط، في عهد رؤساء الجمهورية السابقين.

هذه الإحصائيات مفصلة على النحو التالي: تم في إيران إعدام 11 امرأة، في الفترة من أغسطس حتى ديسمبر 2021، و 15 امرأة في عام 2022، و 26 امرأة في عام 2023، و 10 نساء في الفترة الممتدة من يناير حتى 19 مايو 2024. والجدير بالذكر أن إحصائيات الإعدام كانت منخفضة نسبيًا، في عام 2022؛ بسبب الاحتجاجات الوطنية التي اندلعت شرارتها على إثر مقتل مهسا أميني (جينا) في معتقل شرطة الأخلاق.
وصل نظام الملالي، في عام 2023؛ إلى أعلى مستوى من الإعدامات خلال 8 سنوات، حيث نفذ أكثر من 860 عملية إعدام. واستمرت هذه الزيادة حتى نفوق إبراهيم رئيسي، حيث تم إعدام 126 شخصًا في شهر واحد فقط.
يفيد التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية الصادر في 29 مايو 2024 بأنه قد تم إعدام ما مجموعه 1153 شخصًا في 16 دولة في عام 2023. وأن إيران وحدها نفذت 74 في المائة من عمليات الإعدام هذه. وتقول المنظمة المذكورة إن الزيادة الحادة في عمليات الإعدام المسجلة ترتبط بشكل أساسي بإيران.
لذلك ليس من المستغرب أن يحتفل الشعب الإيراني، وخاصة عائلات ضحايا إبراهيم رئيسي منذ عقد الثمانينيات حتى عام 2024؛ بنفوق جلاد عام 1988 وجزار طهران.

المعاملة القاسية للنساء المتمردات على الحجاب الإجباري
إن القمع الوحشي للنساء المتمردات على الحجاب الإجباريهو سمة أخرى من السمات البارزة في فترة رئاسة إبراهيم رئيسي للجمهورية.
أطلق ”رئيسي“ ، بعد فترة وجيزة من تنصيبه؛ حملة لفرض الحجاب الإلزامي. وأنشأ معسكرين كبيرين لتدريب ما يسمى بـ “الآمرين بالمعروف” حتى يمكن لهؤلاء الضباط توجيه تحذيرات على الملأ العام للنساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب كما ينبغي.
بالإضافة إلى ذلك، أنشأ مدرسة تمنح ضباط شرطة الأخلاق التصاريح، وبالتالي زاد عدد الضباط الذين تتمثل وظيفتهم في مضايقة النساء وإزعاجهن في الشوارع وأماكن العمل.
كما أصدر ”رئيسي“ تعليمات إلى الإدارات الحكومية، والخدمات العامة، وأصحاب الأعمال، مهددًا إياهم بإغلاق أماكن عملهم في حال عدم التزام الموظفات أو المراجعات من النساء بالحجاب الإلزامي.
وفي بعض المدن، مُنعت النساء المخالفات للحجاب الإلزامي من دخول محطات مترو الأنفاق والبنوك والمتاحف والمطارات.
وفي الوقت نفسه، قامت قوات شرطة نظام الملالي، ورجال الأمن المتنكرون في ملابس مدنية باعتقالات عنيفة للنساء والفتيات اللواتي قاومن بشدة هذه التحذيرات من باب العناد. بيد أن سياسة إبراهيم رئيسي جاءت بنتائج عكسية، وواجهت مقاومة واسعة النطاق من النساء والفتيات.
وتم خلال هذه الحملة القبض على إحدى الناشطات الطلابيات المعارضة للحجاب الإلزامي بتهمة خلع الحجاب في الحافلة، وتعرضت للتعذيب، وتم نقلها أخيرًا إلى التلفزيون لإجبارها على الاعتراف الإجباري زوراً وبهتاناً.
بعد فترة وجيزة من حملة رئيسي لفرض الحجاب، اعتدت شرطة الأخلاق بعنف على مهسا أميني (جينا) خارج محطة مترو الأنفاق في طهران. وعلى الرغم من معارضتها ومقاومتها، أجبرها ضباط دورية الإرشاد على ركوب شاحنة الدورية بالقوة. وشهدت في وقت لاحق نساء أخريات كن في نفس الشاحنة بأن الضباط ضربوا مهسا على رأسها لإيقافها عن صرخات الاحتجاج. وهذا ما يفسر اغماءها ودخولها في غيبوبة فور دخولها المعتقل، وتوفيت بعد 3 أيام بسبب إصابتها بنزيف في المخ.
كانت مقتل مهسا أميني؛ أول حالة ناجمة عن وحشية ضباط دورية الإرشاد، أثارت غضب الناس، واندلعت شرارة الانتفاضة في جميع أنحاء البلاد، في 16 سبتمبر 2022.

العديد من النساء والفتيات يقعن ضحايا للقمع الوحشي للاحتجاجات
كان قمع الاحتجاجات بعد وفاة مهسا أميني (جينا) أكثر وحشية من قمع الاحتجاجات السابقة.
تحت إشراف ”رئيسي“، استخدمت قوات القمع والعملاء السريون لنظام الملالي تكتيكات مختلفة عن تلك التي استخدموها في احتجاجات نوفمبر 2019. بدلاً من إطلاق النار على المحتجين في الشوارع، قاموا بتحديد هويات الأفراد ومحاصرتهم وحدهم بأعداد كبيرة.
وتسببوا في العديد من الحالات في مقتل المحتجين بضربهم على رؤوسهم بالهراوات والعصي. وفي حالات أخرى، خطفوا المتظاهرون وعذبوهم، واعتدوا عليهم جنسياً لإجبارهم على التوبة أو الإدلاء باعترافات كاذبة على شاشة التلفزيون أو التعهد بعدم المشاركة في الاحتجاجات مرة أخرى.
وانتحر عشرات السجناء بعد إطلاق سراحهم من السجن. ويعتقد أنه تم حقنهم بمواد سامة في السجن، تؤدي مع مرور الوقت إلى وفاتهم بمضاعفات مشابهة لمضاعفات تناول جرعة زائدة من المخدرات.
كما استخدمت قوات الأمن البنادق ذات الرصاصات الكروية لضرب المتظاهرين من مسافة قريبة، وأطلقت مئات الرصاصات على أجساد المتظاهرين، مما أدى في كثير من الحالات إلى وفاتهم.
علاوة على ذلك، كان إطلاق النار على وجوه المتظاهرين وسيلة منهجية تستخدم لتعمية إحدى عيني المتظاهر أو كلتيهما.
بعد التحقيق في انتفاضة 2022، خلصت لجنة تقصي الحقائق الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى أن العديد من إجراءات نظام الملالي لقمع الاحتجاجات هي أمثلة على الجرائم ضد الإنسانية.

تسميم طالبات المدارس
من المؤشرات الأخرى لفترة تولي رئيسي؛ حملة استمرت خمسة أشهر لتسميم طالبات المدارس اللواتي شاركن مشاركة فعالة في المظاهرات ضد نظام الملالي.
في البداية، لم تحظ هذه الهجمات الكيميائية ضد طالبات المدارس بالاهتمام إلا بعد مرور شهر تقريبًا بسبب التعتيم الإعلامي. ولم تتخذ الجهات المعنية خلال هذه الفترة أي إجراءات لتحديد هوية مرتكبي هذه الأحداث والعثور عليهم. وبدلاً من ذلك، أنكروا وجود أي مهاجمين، وقللوا من أهمية الأحداث.
وعلى مدى خمسة أشهر، تم استهداف أكثر من 700 مدرسة للفتيات في أكثر من 160 مدينة في جميع أنحاء البلاد بهجمات كيميائية، مما أسفر عن مقتل خمسة طالبات على الأقل. إلا أن حكومة رئيسي تنصلت من المسؤولية عن هذه الأحداث.
وأخيرًا، في خطوة غريبة، أصدرت وزارة الاستخبارات – وليس وزارة التربية والتعليم أو وزارة الصحة – بيانًا أرجعت فيه حالات التسميم إلى شغب الطالبات. كما زعم هذا البيان أن كل من ينشر أخبار حالات التسميم هذه يُعتبر عميل للأعداء والأجهزة الأجنبية التي تسعى إلى زعزعة استقرار البلاد.
تحويل الحياة إلى كابوس بالنسبة للنساء اللواتي يرفضن الاستسلام للضغوط
فرض النظام الإيراني، في عهد رئيسي، قيودًا صارمة مختلفة على حريات المواطنين. بعد مرور أكثر من عام على استئناف حملة فرض الحجاب الإلزامي على النساء الإيرانيات بعد الانتفاضة، لم يدخر الملالي جهداً لتحقيق هدفهم.
خصصت الحكومة في بلد يواجه فيه ما يقرب من 90 في المائة من سكانه صعوبة في تلبية نفقات معيشتهم؛ ملايين الدولارات لشراء تكنولوجيا التعرف على الوجه وتركيب كاميرات المراقبة في الشوارع، ومراكز التسوق، والمدارس، والجامعات وأماكن أخرى لتحديد هوية النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الإلزامي.
قدمت السلطات الثلاث في حكومة ”رئيسي“، في أبريل 2023؛ مشروع قانون جديد يتعلق بـ “الحجاب والعفة” تمت الموافقة عليه على عجل في مجلس شورى الملالي، في سبتمبر 2023، لفترة تجريبية مدتها ثلاث سنوات. ويحتوي هذا القانون على 70 مادة. ورغم أنه لم تتم الموافقه حتى الآن على مشروع القانون هذا في مجلس صيانة الدستور وهيئة تشخيص مصلحة الملالي، إلا أن وزارة الداخلية التابعة لرئيسي وقوات الشرطة، بدأو في خطوة غير قانونية، بتنفيذ مشروع القانون المذكور منذ لحظة تقديم الاقتراح.
قُتلت أرميتا كراوند، البالغة من العمر 17 عامًا، في أكتوبر 2023، على يد دورية فرض الحجاب في محطة مترو طهران. وسيطرت أجهزة المخابرات التابعة لنظام الملالي على الوضع بإحكام، حتى أنهم منعوا والدي أرميتا من الوصول إليها لمنع اندلاع انتفاضة وطنية أخرى.
نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا موثقًا، في 6 مارس 2024 مستشهدة بعشرات الشهادات، يقدم ” نظرة مرعبة لواقع الحياة اليومية للنساء والفتيات” في إيران. تم التأكيد، في هذا التقرير، على أن النساء الإيرانيات يواجهن الاعتقالات من قبل الشرطة، والملاحقات الجنائية وغيرها من الانتهاكات؛ بسبب استخدام حقوقهن في الاستقلال الجسدي، وحرية التعبير والدين والرأي، من خلال التمرد على قوانين الحجاب الإلزامي.
على الرغم من تمرد النساء الإيرانيات وشجاعتهن ومقاومتهن، ألا أن “هذه الحملة الصارمة” لا تزال مستمرة. ونجد خلال تنفيذ مشروع “النور” مشاهد مرعبة للمعاملة الوحشية للنساء في الشوارع.

يجب ألا يطغى موت إبراهيم رئيسي على الجهود المبذولة لمحاسبة قادة نظام الملالي الآخرين على ما ارتكبوه من جرائم ضد الإنسانية في إيران
نظرًا لسجل إبراهيم رئيسي الحافل بالإعدامات والقمع والجرائم وطاعته المطلقة للولي الفقيه، علي خامنئي، فقد كان له دور ومكانة خاصان في استراتيجية القمع القصوى.
بينما يُعتبر هلاكه ضربة قوية وساحقة للنظام الإيراني، في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الحساسة، إلا أنه يجب ألا يلقي بظلاله على الجهود المستمرة لمقاضاة قادة نظام الملالي الآخرين المسؤولين عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية.
إن هلاك إبراهيم رئيسي لن يردع نظام الملالي عن مواصلة الاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان.
لذا، يجب على المجتمع الدولي أن يحقق في هذه الانتهاكات على الفور وأن يحاسب نظام الملالي، ويضمن تقديم بعض الأشخاص، من أمثال خامنئي للمحاكمة.
ولابد من إحالة قضية انتهاكات حقوق الإنسان في إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتسريع اتخاذ إجراءات حاسمة ضد نظام الملالي.