الحجاب القسري والأمن الوطني أم أنه أمن للملالي المناهضين للمرأة الحاكمين في إيران؟
بناءً على مصادر المقاومة الإيرانية، تجاوز عدد الوفيات بوباء كورونا في إيران 144,000 شخص. واستنادًا إلى اعتراف حسين قشلاقي، عضو المجلس الأعلى للنظام الطبي، فإن عدد المصابين بوباء كورونا يصل إلى ضعف العدد الرسمي بمقدار يتراوح ما بين 3 إلى 4 مرات، كما أنه مستمر في الارتفاع بسرعة غير مسبوقة.
وفي مثل هذه الظروف، وضع ممثلو علي خامنئي، الولي الفقيه في نظام الملالي، موجة جديدة من مناهضة المرأة بحجة الحجاب تحت مسمى “الأمن الاجتماعي” في أولوية الأهداف الانضباطية للقوات الحكومية القمعية. (وكالة “مهر” الحكومية للأنباء، 25 أكتوبر 2020).
فعلى سبيل المثال، قال أحمد علم الهدى، ممثل خامنئي في خراسان رضوي وإمام صلاة الجمعة في مشهد، في خطبتي صلاة الجمعة في 23 أكتوبر 2020: ” بناءً على الأمر الصادر من القائد العام للقوات إلى جهاز الشرطة، تقرر أن يكون التصدي للأفعال غير الشرعية من بين النقاط الهامة التي يجب أن تأخذها الشرطة بعين الاعتبار عند القيام بمهامها”.
ومن منطلق ثقافة المعمم القذرة بادر بتشيجع قوات القمع، قائلًا: “إن محور مسؤولية جهاز الشرطة هو الحفاظ على النظام والأمن في المجتمع. وإذا تقرر السماح بالتيارات البذيئة في المجتمع كقيمة، وهلم جرا, فلن يكن هناك أمن ونظام في هذا المجتمع.” (وكالة “إيلنا” الحكومية للأنباء، 23 أكتوبر 2020).
وفي الوقت نفسه، أشاد فلاحتي، ممثل خامنئي في محافظة كيلان بدعم السلطة القضائية والسلطة التنفيذية للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. وصرح مؤكدًا على التضحية بأمن غالبية الشعب الإيراني من أجل بقاء وأمن المسؤولين في الحكومة والتابعين لها، بأن: “الثورة وُجدت من أجل استباب الأمن للمؤمنين، وهلم جرا، ولا يجب أن نتجاهل انتهاك المعايير الاجتماعية. بل يجب علينا أن نجعله من بين المنكرات أو نحيله إلى السلطة القضائية والسلطة التنفيذية”. (وكالة “مهر” الحكومية للأنباء، 23 أكتوبر 2020).
وفي اليوم نفسه، يرى قربانعلي دري نجف آبادي، ممثل علي خامنئي في المحافظة المركزية وإمام صلاة الجمعة في أراك؛ أنه يجب على الناس يقوم بمواجهة النساء في الشوارع بالتذكير الشفوي، وأكد على أن: ” التذكير الشفوي ليس جريمة، بل إنه واجب على الجميع”.

كما أساء استخدام كلمة الأمن، مضيفًا: “إذا لم تتخذ الشرطة والأجهزة الأمنية والجهاز القضائي وقوات حرس نظام الملالي والباسيج إجراءات حاسمة ضد المجرمين، فسيُحرم الناس من السلام في وقت لا يهدأ فيه الأعداء ويبثون الفتنة والفساد كل يوم في أتون النيران”. (وكالة “مهر” الحكومية للأنباء، 23 أكتوبر 2020).
وقال حبيب الله شعباني، ممثل خامنئي في محافظة همدان وإمام صلاة الجمعة في هذه المدينة : ” لا يجب على الشرطة والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر أن يسمحوا للمجرمين بالشعور بالأمان في المجتمع”.
وفي لقائه مع قادة شرطة المحافظة في 22 أكتوبر 2020، قال شعباني مشيدًا بهذه القوات القمعية: ” هناك أمور لا دخل للشرطة فيها بنص القانون، بيد أن الأخلاق والعدل يقتضيان بتدخل الشرطة في مختلف الحالات من باب الإحساس بالواجب”. ثم دعا إلى دعم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. (وكالة “فارس” الحكومية للأنباء، 22 أكتوبر 2020).
وفي أعقاب هذه التصريحات، نُشرت بعض التقارير في وسائل الإعلام عن الإجراءات القمعية التي قامت بها العناصر التابعة لنظام الحكم، وقوبلت جميعها بردود فعل قوية من قبل النساء والشباب بشجاعة منقطعة النظير.

وأعلنت وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء يوم 25 أكتوبر 2020 أن امرأة من الآمرات بالمعروف والناهيات عن المنكر تعرضت للضرب المبرح على أيدي امرأة كانت قد سببت لها مضايقات بحجة التجول بالكلب. واعترف أكبر قاسمي، قائد قوات حرس نظام الملالي في المنطقة الوسطى في رشت، ضمنيًا بفشل نظام الملالي في فرض قيم الملالي الرجعية على أبناء الوطن، قائلًا: ” من المؤسف أننا نشهد دخول الثقافة الإباحية بواسطة بعض المخالفين للمعايير الاجتماعية والجهلاء؛ في المجتمع نتيجة لانتشار شبكات التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني”.
وفي خضم هذه التهديدات، لجأ مسؤولو نظام الملالي في الأيام الأخيرة إلى تبني إجراء سخيف آخر مناهض للمرأة. ففي 22 أكتوبر 2020، وجد عدد من مواطني مدينة رويان الواقعة في غرب محافظة مازندران الذين كانوا قد ذهبوا إلى مقبرة مواتهم في هذه المدينة للزيارة وقراءة الفاتحة على أرواحهم؛ أن صور المتوفيات على شاهد القبر قد طُمست بالأصباغ.
وعلى الفور احتجت أسرة المتوفيات. وقال أحد المحتجين الذين طُمست صورة والدته على شاهد قبرها بالأصباغ: ” في البداية، كانوا يتظاهرون بأنهم لا علم لهم بمن يلاحقونه، بيد أننا سمعنا فيما بعد أن هذا العمل تم بموجب قرار من مجلس الأمناء”.
وبناءً على اعتراف موقع “انتخاب” الحكومي، قوبل هذا الأمر في مدينة رويان بانتقادات العديد من المواطنين حتى من جانب الذين لم تكن لهم أي صلة بالمتوفيات في هذه القبور، وأثارت هذه القضية ردود فعل في الفضاء الإلكتروني. وبعد ذلك تراجع مسؤولو المدينة عن هذا الإجراء. (موقع “انتخاب” الحكومي، 25 أكتوبر 2020).
النتيجة السلبية لفرض الحجاب القسري على مدى 40 عامًا
والجدير بالذكر أن المرأة الإيرانية تنتفض بشجاعة في كل مناسبة على مدى 40 عامًا من نظام حكم الملالي، للتصدي للإجراءات الحكومية المناهضة لها. وهذا الأمر واضح كالشمس في مرحلة الإطاحة بنظام حكم الملالي لدرجة أن المسؤولين في هذه الحكومة الفاشية اضطروا إلى الاعتراف بذلك.

ففي الآونة الأخيرة على سبيل المثال، كتب مصطفى تاج زاده، المساعد السياسي السابق لوزير الداخلية والمساعد السابق للشؤون الدولية بوزارة الإرشاد، في هذا الصدد: ” نريد أن نعرف ما هو الداعي للإصرار على فرض الحجاب القسري رغم أن نتيجته سلبية على مدى 40 عامًا؟ ومن المثير للاهتمام، أن عدد النساء المحجبات يزداد في البلدان الأخرى وعدد السافرات يزداد في إيران”. (موقع “تي نيوز” الحكومي، 21 أكتوبر 2020).
وما يجب التأكيد عليه فضلًا عن هذه الاعترافات هو أن الإيرانيين لا يرفضون الحجاب القسري فحسب، بل إنهم يرفضون أي شيء يدل على نظام الحكم الفاشي المناهض للمرأة والإنسانية. حيث أنهم أكدوا أثناء انتفاضتي يناير 2018 ونوفمبر 2019 على انتهاء عهد مغامرات هذا النظام الفاشي بكل فئاته، وأنهم سوف يحققون هذه الرغبة ويطيحون بهم من على وجه الأرض.




















