في تقرير جديد ودائم، تأخذ البروفيسورة ريتا زوسموث، التي شغلت منصب رئيسة البرلمان الاتحادي الألماني لمدة عشر سنوات، القراء في رحلة قوية إلى نضالات الشعب الإيراني من أجل الحرية وحقوق الإنسان في كتابها المعنون “إيران على أعتاب التحول: الدور الاجتماعي للمرأة وتجاربي الشخصية”.
في مقدمة كتابها، تكتب أن نيتها كانت أن تكون صوتًا للنساء اللواتي وقفن ضد واحدة من أكثر الديكتاتوريات كراهية للنساء في العالم، مع مشاركة تجاربها الخاصة في دعمها الحازم للمعارضة الديمقراطية في إيران.
نُشر الكتاب باللغة الألمانية، ويتألف من 128 صفحة تشمل مقدمة وتسعة فصول. وهو نتيجة 18 عامًا من الانخراط النشط إلى جانب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية (PMOI/MEK). يقدم هذا العمل مجموعة صادقة وإنسانية للغاية من الملاحظات والتحديات والنضالات السياسية التي شاركت فيها شخصيًا. يُعد الكتاب دعوة للجميع لمشاهدة، من خلال التجربة الشخصية، نضالًا جماعيًا وعالميًا من أجل الحرية وحقوق الإنسان في إيران.
المقدمة كتبها الدكتورة كريستينا-ماريا بامل، أسقف كنيسة بروتستانت برلين-براندنبورغ، التي تؤكد على أهمية مقاومة الشعب الإيراني – وخاصة النساء – ضد التطرف الديني.
تقريط الكتاب كتبته هيرتا دوبلر-غميلن، وزيرة العدل الألمانية السابقة، التي تؤكد على ضرورة دعم هذه الحركة وتطلعات الشعب الإيراني للحرية.
من البوندستاغ إلى الحركة النسائية في إيران: ريتا زوسموث والنضال المشترك من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان
وُلدت ريتا زوسموث عام 1937، وهي واحدة من أبرز السياسيات وأكثرهن تأثيرًا في ألمانيا، حيث عملت على أعلى المستويات السياسية لأكثر من عقدين. من عام 1988 إلى 1998، شغلت منصب رئيسة البوندستاغ الألماني، وهو أعلى منصب سياسي شغلته امرأة في ألمانيا في ذلك الوقت. كما شغلت سابقًا منصب وزيرة الشباب والأسرة والصحة.
تُعرف البروفيسورة زوسموث بمواقفها الحازمة بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية والقضايا الاجتماعية. قبل دخولها السياسة، كانت لها مسيرة أكاديمية متميزة، حيث حصلت على درجة الأستاذية في الفلسفة والاجتماع والتاريخ والعلوم التربوية، كما شغلت منصب رئيسة لعدة جامعات ومؤسسات أكاديمية في ألمانيا وخارجها.
في أجزاء من مقدمة كتابها، تكتب:
“لو أخبرني أحدهم أن مسار حياتي سيأخذني إلى أعلى المستويات السياسية في ألمانيا، ربما كنت سأشك في ذلك. لكن بدا أكثر غرابة أن تجاربي السياسية ستصبح يومًا ما مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحركة المقاومة الإيرانية.
خلال أكثر من عقد من التضامن مع هذه المقاومة، لم أكن مجرد سياسية أو أكاديمية، بل كنت أحيانًا طالبة، وأحيانًا مناضل ، ودائمًا إنسانة تناضل من أجل قيم أعلى ضد الظلم. التقيت بثلاثة أجيال من النساء، لكل منهن قصتها الفريدة، لكنهن جميعًا متحدات بهدف واحد: الحرية لإيران – لا تنفصل عن حرية المرأة”.
وتتابع:
“أيها القراء الأعزاء، أدعوكم لمرافقتي في هذه الرحلة – رحلة أخذتني من الشك إلى اليقين، من معرفة سطحية إلى رابطة عميقة. اليوم، أصبحت مريم رجوي بالنسبة لي أكثر من مجرد قائدة سياسية؛ إنها أخت في الروح وفي النضال”.

رحلة عبر فصول الكتاب : من السياسة إلى التضامن
في نهاية الفصل الأول، الذي يلخص دخولها السياسي على مدى خمسة عقود، تكتب زوسموث تحت عنوان “المقاومة في إيران، واحدة من أكثر النضالات تحديًا وإلهامًا في حياتي”:
“من بين جميع المواجهات التي مررت بها، كان دعم المقاومة الإيرانية من أهم وأقوى التجارب. لماذا؟ لأن هذا لم يكن مجرد حركة سياسية. كان نضالًا من أجل الوجود، من أجل الحرية، من أجل حقوق الإنسان، من أجل الحياة نفسها. لم تتقدم هذه الحركة بأشخاص يناضلون من أجل حقوق سياسية فحسب، بل بأولئك الذين يقاتلون من أجل بقائهم، أشخاص يقاومون ديكتاتورية دينية قامت بقمع النساء بشكل منهجي، واضطهدت المعارضين بوحشية، وخنقت أي شكل من أشكال المقاومة الديمقراطية بالعنف”.
وتشير إلى أن التزامها بهذا النضال جلب معه العديد من التحديات، والضغوط السياسية، والعداء، والمعارضة. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل الصعوبات، تؤكد أن هذا الانخراط كان أحد أهم الالتزامات وأكثرها مغزى في حياتها السياسية، ويظل قويًا ومثمرًا.
في الفصل الثاني، تحت عنوان “اللحظة التي غيرت كل شيء”، تتذكر زوسموث لقاءها الأول مع المقاومة الإيرانية في عام 2008:
“بالنظر إلى الوراء، كان عام 2008 نقطة تحول بالنسبة لي. لم أعد أتذكر التاريخ الدقيق لذلك اليوم، لكن المشهد لا يزال محفورًا بوضوح في ذهني. كنت أخرج من السيارة الرسمية للدخول إلى مكتبي في ‘أونتر دين ليندن 71’ المعروفة في برلين، عندما اقتربت مني فجأة امرأة شابة بخطوات سريعة. كانت ترتدي حجابًا لكنها تتحدث الألمانية بطلاقة.
بلهجة حازمة، طلبت مني التوقيع على بيان ضد الإعدامات في إيران ودعم حقوق الإنسان والحرية. لا أعرف لماذا، لكن في تلك اللحظة قررت التوقف. هناك لحظات في الحياة تضع أمامنا فجأة مسارًا جديدًا – لحظات لم نخطط لها ولم نتوقع منها شيئًا، لكنها تغير كل شيء. كان هذا اللقاء واحدًا من تلك اللحظات الرئيسية بالنسبة لي.
كان سائقي، وهو موظف في البرلمان الاتحادي الألماني، ينظر إلى المشهد بدهشة. لكنني استمعت بعناية إلى كلمات الشابة. كانت حججها منطقية ومدروسة جيدًا، لكن ما أثار إعجابي أكثر هو قناعتها، وتصميمها، وإيمانها الثابت بقضيتها. تحدثت عن القمع والإعدامات، لكن ليس بيأس أو استسلام – بل بقوة داخلية مذهلة. كان إرادتها الثابتة في الإيمان بمستقبل أفضل تنعكس في عينيها.
كامرأة كرست حياتها كلها للنضال من أجل المساواة بين الجنسين، هذا التصميم هزني بعمق. وقّعت على البيان. ابتسمت، سعيدة بشكل واضح بهذا النجاح الصغير. ومع ذلك، بينما كانت تبتعد، بدأت أتساءل: لماذا يجب على هؤلاء الأشخاص الوقوف خارج البرلمان لجمع التوقيعات؟ لماذا لا يمكنهم التحدث مباشرة مع أعضاء البرلمان في مكاتبهم؟
هذا السؤال الأول قادني إلى عملية، في السنوات التالية، ستجبرني على طرح وإجابة العشرات من الأسئلة الأخرى”.
في الفصل الرابع، توثق زوسموث دعمها للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وتسجل جهودها لإزالة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية من قائمة الإرهاب، وتتحدث بصراحة عن العقبات والضغوط والحرب النفسية التي واجهتها على طول الطريق.
في الفصل الخامس، “تجاربي من أشرف”، تقدم خمس نساء من أشرف 3 في ألبانيا، وتبرز شجاعتهن وصمودهن:
“في زيارتي لـ أشرف 3 ومن خلال لقاءاتي مع النساء الإيرانيات اللواتي كرسن سنوات من حياتهن للنضال من أجل الحرية وضد القمع، صادفت قصصًا عن الصمود والشجاعة والتضحية. لقد نجت هؤلاء النساء من التعذيب والسجن والمعاناة الهائلة، وأصبحن رموزًا للمقاومة. يجب أن تُسمع قصصهن، لأنها محفورة بعمق في تاريخ نضال إيران”.
في أجزاء من الفصل السادس بعنوان «التعرف على مريم رجوي ورؤيتها»، تكتب السيدة زوسموث:
:
“خلال مسيرتي السياسية، التقيت بالعديد من الرؤساء والوزراء وقادة الأحزاب. كان لدى الجميع تقريبًا كاريزما وكفاءة ومهارات سياسية. لكن شخصيات مثل مريم رجوي أو نيلسون مانديلا تتجاوز السياسيين العاديين. إنهما يمتلكان رؤية وبصيرة، ويسعان إلى شيء جوهري: الحرية. هذا لأنهما لا يمثلان فصيلًا سياسيًا فحسب، بل يجسدان التطلعات العميقة لشعب.
تختتم البروفيسورة زوسموث كتابها بهذه الكلمات:
“يُكتب هنا تاريخ جديد، يجب أن يُسمع. ويتشكل مستقبلًا أكثر إشراقًا وأملًا لإيران والمنطقة والعالم. هذا المستقبل لم يعد حلمًا بعيدًا؛ إنه يصبح أكثر واقعية كل يوم. وهذا يطمئنني، كما قال مارتن لوثر كينغ ذات مرة، أنني أقف على الجانب الصحيح من الأمل.
هذا الأمل يلهم عددًا لا يحصى من الناس في جميع أنحاء العالم، ليس فقط في إيران. بالطبع، كان هذا المسار دائمًا طويلًا ومليئًا بالعقبات. ومع ذلك، فإن الجهود التي بُذلت حتى الآن كانت لا تقدر بثمن، حيث ينضم المزيد والمزيد من الناس – حتى أولئك الذين لا يتعرضون للاضطهاد مباشرة – إلى هذا النضال.
من بينهم، يلعب الرواد المتحمسون دورًا حاسمًا، شخصيات معروفة بإنجازاتها، مثل مريم رجوي.
نستمر في طريقنا. لا نستسلم، بل نصبح أقوى وأكثر تأثيرًا في جميع أنحاء العالم. نحن لسنا وحدنا. عاش الأمل، آخر ما يموت”.




















