المرأة الإيرانية تنتفضن ضد قانون الحجاب الجديد رافعة شعار “المرأة، المقاومة الحرية”
قانون إجرامي ولاإنساني يمهّد لجولة جديدة من قمع المرأة
بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وحملة الـ 16 يومًا لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، نسلط الضوء في عدد نوفمبر من المجلة الشهرية على أحدث التطورات المتعلقة بفرض الحجاب الإجباري، الذي يمثل ذريعة لأوسع أشكال العنف ضد المرأة في إيران، بدعم من النظام الحاكم.
وتحظى هذه النشرة بأهمية خاصة، إذ نُشر النص النهائي للقانون الجديد المتعلق بفرض الحجاب الإجباري في وسائل الإعلام الحكومية، في 30 نوفمبر 202، ما أثار ردود فعل سلبية واسعة النطاق على مستوى المجتمع، بل وحتى بين الفصائل الحكومية.
في هذا الملخص، نتناول بالبحث والتحليل، عبر عدة محاور، القانون الإجرامي واللاإنساني الذي يحمل عنوان “دعم الأسرة من خلال الترويج لثقافة العفة والحجاب”
السجل الزمني لصياغة قانون القمع المعروف بـ “العفة والحجاب”
أعدت السلطة القضائية الصيغة الأولية لهذا القانون في 9 مواد، بعد 8 أشهر من الدراسة (بدءًا من الأيام الأولى للانتفاضة الوطنية عام 2022 التي أشعلتها جريمة قتل جينا مهسا أميني على يد دورية الإرشاد القميعة)؛ وتم تسليمها إلى الحكومة في 22 أبريل 2023.
كما قامت حكومة إبراهيم رئيسي، بعد استكمال مراجعاتها، بإحالة مشروع القانون المذكور الذي صيغ في 15 مادة تحت عنوان “دعم ثقافة العفة والحجاب“ إلى مجلس شورى الملالي في 21 مايو 2023 للبت في اعتماده بشكل نهائي.
أصدر مجلس شورى الملالي نص مشروع قانون، في 27 يوليو 2023، وضعته لجانه في صيغته النهائية في 70 مادة. ومع ذلك، امتنع المجلس عن مناقشة المشروع في جلسة علنية بسبب الخوف من ردود الفعل الشعبية، وأحال الموافقة النهائية عليه إلى اللجنة القضائية بالمجلس لتنفيذه بشكل “تجريبي”، استناداً إلى المادة الـ 85 من الدستور.
أنهت اللجنة القضائية مراجعاتها لمواد مشروع قانون الحجاب الجديد البالغة عددها 70 مادة، في 20 أغسطس 2023. كما صادق المجلس، بعد شهر واحد، على مشروع قانون الحجاب الجديد في جلسة علنية، في 20 سبتمبر 2023. حيث صوت لصالح المشروع 152 نائباً، بينما عارضه 34 نائباً، وامتنع 7 نواب عن التصويت. ووفقاً للقانون، أصبح مشروع قانون العفة والحجاب الجديد قابلاً للتنفيذ بشكل تجريبي لمدة 3 سنوات بعد موافقة مجلس صيانة الدستور عليه.
بعد عام كامل من المداولات المتكررة بين مجلس النواب ومجلس صيانة الدستور، أقر الأخير مشروع القانون بشكل نهائي في 21 سبتمبر 2024. وقد أُعلن هذا القرار رسميًا على لسان اثنين من أعضاء مجلس شورى الملالي، إلا أنه لم تصدر أي أنباء بشأن بدء تنفيذه.
أعلن المتحدث الرسمي باسم مجلس صيانة الدستور مجدداً، في 19 أكتوبر، عن موافقة المجلس على مشروع القانون المذكور. ومع ذلك، لم يتضح بعد النص النهائي لمشروع القانون الذي صادق عليه المجلس والمُفترض أن يتم تنفيذه.
حتى أن محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس شورى الملالي أعلن، في 27 نوفمبر، أن هذا القانون سيصدر في 13 ديسمبر. وفي نهاية المطاف، نُشر النص النهائي لقانون العفة والحجاب في الصحف الواسعة الانتشار ووسائل الإعلام الرسمية في إيران، في 30 نوفمبر من الشهر ذاته، ليضع حدًا للتكهنات والجدل حوله.

القانون الإجرامي واللاإنساني
وصفت السيدة مريم رجوي هذا القانون بأنه “قانون إجرامي ولاإنساني”، وأدانته بشدة، حيث قالت: “إن قانون “العفة والحجاب” المضطهِد للمرأة، والذي أصدره نظام الملالي هو قانون إجرامي ولاإنساني، ويستحق الإدانة بشدة. ويسعى خامنئي إلى تقييد المجتمع، وخاصة النساء اللواتي يقفن في طليعة النضال ضد الفاشية الدينية؛ من خلال هذا القانون القمعي، واستخدام القوات القمعية.
لكن ليس من شأن الإعدامات اليومية ولا القوانين المناهضة للمرأة أن تشفي ألماً لهذا النظام الفاشي. وأضافت سيادتها: “أكرر مرة أخرى الرفض التام للحجاب الإجباري والدين الإجباري، والحكم الإجباري. وأؤكد أن هذه هي إرادة الشعب الإيراني برمته وتصميمه على إسقاط حكم الملالي”.
لتكميم الأفواه ومنع انتفاضة النساء وانتشارها في المجتمع بأكمله وفي جميع أنحاء إيران؛ ألزم هذا القانون الجائر وزارات المخابرات، وقوات الأمن، وجهاز مخابرات قوات حرس نظام الملالي بمهمة منع السفور وارتداء الملبس غير اللائق.”
دعوة إلى مقاومة الموجة الجديدة من قمع المرأة
أصدرت لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة أيضاً بياناًوصفت فيه هذا القانون الجائر بأنه يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية، بما في ذلك المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية، وكذلك المعاهدات المتعلقة بحقوق المرأة.”
أكدت لجنة المرأة، تماشياً مع تصريحات السيدة مريم رجوي، أن هذا القانون الجائر واللاإنساني يمثل مرحلة جديدة من قمع الفتيات النساء في إيران للحيلولة دون اندلاع الانتفاضات، ودعت اللجنة كافة المنظمات والهيئات الدولية ذات الصلة إلى إدانة هذا القانون.
وتدعو لجنة المرأة كافة نساء إيران الحُرات إلى مواجهة هذا القانون الإجرامي واللاإنساني رافعات شعار “المرأة رمز المقاومة والحرية”.
مشروع قانون يُعادل الفصل العنصري القائم على النوع الاجتماعي
سبق لمكتب المفوضيةالسامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أن أعلن، في 1 سبتمبر 2023 أن فريقاً من الخبراء المعينين من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد ندد بشدة بقانون الحجاب والعفة الذي أصدره النظام الإيراني. وأكد هؤلاء الخبراء أن هذا القانون من شأنه أن يؤدي إلى تطبيق “الفصل العنصري القائم على النوع الاجتماعي”، وسلطوا الضوء على المخاوف إزاء تصعيد النظام الإيراني في قمع حقوق المرأة.

التناقض الفكري للنظام الثيوقراطي
على الرغم من القمع المكثف ضد المرأة الذي انتهجه نظام الملالي على مدى الـ 46 عاماً الماضية بذريعة فرض الحجاب الإجباري، إلا أنه لم يكن هناك أي قانون رسمي في هذا الصدد. ولكن بعد تصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق ضد فرض الحجاب الإجباري، لا سيما بعد الانتفاضة الوطنية التي اندلعت عام 2022 والتي أشعل شرارتها مقتل فتاة شابة بسبب اعتراضها على فرض الحجاب الإجباري، ودعوتها إلى إسقاط خامنئي ونظام الملالي برمته، قرر نظام الملالي الذي فشلت أساليبه السابقة في تحقيق مبتغاه؛ أن يسن قانون جديد في هذا الصدد بهدف إجبار جميع المواطنين على اتباعه.
وعلى وجه الخصوص، تمت صياغة هذا القانون بطريقة تؤدي إلى تضييق المجال أمام المرأة بحيث تضطر إلى الاستسلام. ولم يقتصر الأمر على فرض عقوبات قاسية على المرأة فحسب، بل امتد ليشمل جميع المؤسسات الخدمية كالبنوك والمستشفيات والمطارات وغيرها، وجميع الشركات والمحلات التجارية والمطاعم التي تقدم خدمات للنساء غير المحجبات. كما فرض عقوبات شديدة على الشركات التي توظفهن؛ حتى إذا عجز عن مواجهة النساء الثائرات في إيران بشكل مباشر، يتمكن من إرغامهن على الالتزام بقوانين الحجاب الإجباري عبر الضغط من خلال الأسرة، وأرباب العمل، وغيرهم.
فمن ناحية، يجد نظام الملالي نفسه مضطرًا لفرض الحجاب الإجباري لضمان استمرارية حكمه. فمنذ الأيام الأولى من حكمه، لجأ هذا النظام الفاشي إلى فرض الحجاب وقمع الحريات وحقوق المرأة كوسيلة ليسجن المجتمع بأكمله ويعزز أسس نظامه الاستبدادي. وإذا فقد هذا النظام رمزه “الإسلامي” الوحيد المتبقي المتمثل في العباءة، فلن يتبقى له شيء يدعم مزاعمه حول الإسلام أو يبرر استمراره في الحكم تحت هيمنة الولي الفقيه المطلقة.
لذلك، يعمد قادة نظام الملالي دائمًا إلى ربط معارضة النساء للإجبار في اختيار الملبس بمؤامرات الأعداء، ويضفون عليها طابعًا أمنيًا. كما ركز رؤساء السلطتين القضائية والتشريعية في اجتماع 2 ديسمبر على البعدين “الأمني” و”الهوياتي” لهذه القضية وشددوا على إبلاغها وتنفيذها.
ومن ناحية أخرى، يدرك جميع قادة نظام الملالي وفصائله حجم السخط الاجتماعي والوضع المتفجر في المجتمع، ويخشون أن يؤدي تصعيد الضغوط في هذا المجال إلى عواقب مشابهة لانتفاضة عام 2022، التي عجزت الأجهزة الحكومية عن السيطرة عليها أو مواجهتها. وفي هذا السياق، أشار قاليباف، رئيس مجلس شورى الملالي إلى أن سبب تأجيل إصدار مشروع القانون يعود إلى تزامنه مع الذكرى السنوية لانتفاضة عام 2022.
ويتساءل كثيرون: لماذا يُقدم نظام الملالي، في ظل مواجهته لأزمات متعددة على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي؛ على تطبيق مثل هذا القانون؟ تكمن الإجابة في أن هذا الوضع المتأزم بالتحديد يدفع النظام إلى أن يجد حله الوحيد في قمع المجتمع قدر الإمكان، من خلال جولة أخرى من قمع المرأة.
ينبع هذا النهج من طبيعة نظام الملالي المعادية للمرأة، وكان الأمر متوقعًا. وفي الوقت نفسه، نجد أن هذا النهج ما هو إلا حيلة تضليلية يلجأ إليها الملالي بهدف حصر هموم الشعب الساخط، وخاصة المرأة المناضلة الإيرانية؛ على النضال ضد فرض الحجاب الإجباري، وإثنائهم عن المطالبة بالحرية والديمقراطية لكل المجتمع. ومع ذلك، فإن هذه اللعبة أشبه بسيف ذي حدين، ستكون عواقبها في نهاية المطاف وخيمة على نظام الملالي في كل الأحوال.

ردود فعل مجتمعية حادة
كما أُشير سابقًا، قوبل الإعلان عن إصدار هذا القانون بردود فعل اجتماعية واسعة النطاق، بل وحتى داخل العصابات الحاكمة. واستعراض جانب من هذه الردود يوضح بشكل أكبر التناقضات التي أُثيرت أعلاه بشأن طبيعة هذا النظام الفاشي.
- ذكرت وكالة العمل الإيرانية للأنباء (ايلنا)، في 1 ديسمبر أن أحد النواب السابقين في مجلس شورى الملالي قال: ” نشهد اليوم أن مشروع القانون الذي ظل معلقا ولم يُبت فيه حتى الآن منذ 13 عاماً كمشروع قانون لضمان أمن المرأة لم يصل بعد إلى نتيجة في الدستور والسلطة القضائية ومجلس شورى الملالي. أما مشروع قانون العفة والحجاب، الذي يُعد استعراضًا للقوة من قبل أحد فصائل المجلس ضد المرأة، يحظى بالأولوية ويتم إقراره. وللأسف فإن القانون الذي تمت كتابته لا علاقة له بجسد المجتمع، وقد بُذلت كل الجهود لوضع المرأة في هذا المجتمع في مأزق وألا تتمكن من الانخراط في الأنشطة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية. والأهم من ذلك هو أنه يوفر منصة تؤدي إلى المزيد من الاحتجاجات في المجتمع.
- ذكرت صحيفة “اعتماد” في 2 ديسمبر أن حسابات مركز البحوث بالمجلس تفيد بأن خط الفقر في طهران هذا العام لعائلة مكونة من 3 أفراد يبلغ 20,000,000 تومان على الأقل. كما أعلن وزير العمل مؤخرًا أن ما لا يقل عن 30 في المائة من المجتمع الإيراني يعيشون تحت خط الفقر. في حين تشير التقديرات إلى أن ما يتراوح بين 20 إلى 30 في المائة من المجتمع على عتبة خط الفقر. ويأتي ذلك في وقت يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور في إيران حوالي 7,000,000 تومان. بدايةً، يعني هذا أن أقل غرامة على عدم الالتزام بالحجاب تفوق الحد الأدنى للأجر الشهري للعامل في إيران. ثانيًا، مع تطبيق هذا القانون، سيسقط ما لا يقل عن 20 في المائة من المجتمع تحت خط الفقر نتيجة لفرض غرامات بسبب عدم الالتزام بالحجاب.
- يقول أحد الفقهاء القانونيين لصحيفة “همدلي”، في 2 ديسمبر: ” لا يتم تطبيق القانون بالتخويف فقط. إن القانون الذي يستند إلى القوة والسيطرة دون العدالة والعقلانية محكوم عليه بالفشل. وإذا كان هذا القانون لا يعرف معنىٍ للعدالة، ولا يقوم على العقلانية، فإنه سيؤدي بلا شك إلى أزمة. والقانون الذي يمثل رأي فئة صغيرة لا تمثل الأغلبية، محكوم عليه بالفشل.
- يقول أحد الفقهاء القانونيين لصحيفة “ستاره صبح” في 2 ديسمبر: “يشكك المواطنون في أن الهدف من سن بعض القوانين والتصديق عليها هو تحقيق مكاسب مالية غير مشروعة على حساب المواطنين”.
- يحذر أحد الأساتذة الجامعيين لصحيفة “آرمان امروز” في 2 ديسمبر من أن الملالي يسعون إلى تحويل الشعب الإيراني إلى جواسيس ومخبرين، حيث يُطلب من أصحاب المحلات التجارية والأطباء ومديري الشركات والمجمعات السكنية تسليم تسجيلات كاميرات المراقبة إجبارياً للشرطة، وذلك بهدف استخدام الذكاء الاصطناعي في تعقب النساء وتغريمهن. كما سيُجبر سائقو التاكسي رسميًا عبر الإنترنت على التجسس على الركاب.”
- ذكرت صحيفة “آرمان ملي” في 3 ديسمبر أن: نشر تفاصيل قانون العفة والحجاب أثار موجة من ردود الأفعال الغاضبة والمستنكرة، إذ يرى الكثيرون أن مجرد قراءة نص هذا القانون تثير في النفوس شعوراً بالضيق والقلق، فما بالك إذا ما تم تطبيقه على أرض الواقع.
- ذكرت صحيفة “ستاره صبح” في 3 ديسمبر أن جميع المحاولات المماثلة في هذا الشأن في السنوات الأخيرة لاقت مقاومة شديدة، بل وتسببت في بعض حالات الإصرار على فرض الخطط المتعلقة بالحجاب؛ في إلحاق خسائر فادحة بالبلاد والعباد. إن المقترح الفاشل لما يُعرف بـ “دوريات الإرشاد” والفتنة التي اندلعت في النصف الثاني من عام 2022، يُعد أبرز مثال على فشل الأساليب القمعية، والتجريم وتعريف الغرامة في الشؤون الثقافية والدينية.
- وأشارت صحيفة “اعتماد” في 3 ديسمبر إلى أن توسيع دائرة التجريم وتخصيص موارد مالية ضخمة لتنفيذ هذا القانون الذي يستهدف نصف المجتمع، أي النساء… قانون يخاطب نصف سكان البلاد حسب النوع الاجتماعي، ويلزم كافة المؤسسات العامة والخاصة والحكومية بتنفيذه في أكثر قضايا حياة المواطنين تفصيلاً؛ أمر غير مسبوق في تاريخ تشريعاتنا… قانون يعتبر الأطفال مجرمين ويوصي بفرض غرامات مالية باهظة عليهم، وأخيرا يوصي بإنشاء مراكز رعاية لهم، ويشكك في حق الوالدين القانوني في رعاية أطفالهم، بالإضافة إلى الاعتراف بحق من يعيشون كمهاجرين أو لاجئين في البلاد في مراقبة تنفيذ القانون، وهو أمر استثنائي في مجال التشريع في البلاد!!!
- ولا ننسى أن أكثر من 50 في المائة من المؤهلين للتصويت لم يشاركوا في الانتخابات؛ دعونا لا ننسى أن هناك نوعًا من الفجوة بين الشعب والدولة في البلاد. ولا ننسى أن مستوى الفقر في البلاد يشمل نصف المواطنين (مركز البحوث بالمجلس). وفقًا للإحصاءات، فإن حوالي نصف المواطنين في إيران يعيشون في فقر. ولا ننسى أن البنى التحتية في البلاد لتوفير الطاقة وصلت إلى حالة تنذر بالخطر. ولا ننسى أننا بحاجة إلى كل طاقات الموارد البشرية لتجاوز الأزمات التي تواجهها البلاد. ولا ننسى أننا نعيش الآن في مرحلة تاريخية صعبة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
- قال عضو سابق في مجلس شورى الملالي لوكالة العمل الإيرانية للأنباء (ايلنا)، في 4 ديسمبر إنه يجب على المجلس أن ينظر فيما يحتاجه المجتمع… لا أن يُقر قانونًا بشكل اعتباطي لا يعكس أولويات المجتمع. في ظل كل هذا الغلاء، وسوء الحظ، والفقر، والبطالة، والانحرافات الاجتماعية، والتضخم، وغياب الأدوية والعلاج، يأتي المجلس فجأة ليقرر فرض غرامات وعقوبات على الفتيات البالغات من العمر 9 سنوات، بما في ذلك غرامات مالية تتجاوز أحيانًا رواتب آباء تلك الفتيات، ويصبح هذا الأمر التعسفي من أولويات المجلس. بناءً على ذلك، عندما تخرج الفتاة من المدرسة ويسقط حجابها، يجب عليها دفع غرامة تعادل راتب والدها لشهر كامل.

نظرة على بعض بنود قانون “العفة والحجاب” الجديد
تم نشر النص النهائي لمشروع القانون المعروف باسم “دعم الأسرة من خلال تعزيز ثقافة العفة والحجاب” بعد أشهر من التردد بين مجلس شورى الملالي ومجلس صيانة الدستور، في 30 نوفمبر، في 74 مادة و 5 فصول. ويغطي هذا القانون المكون من 15,000 كلمة جوانب متعددة من الحياة الاجتماعية، مما يشكل في الواقع انقلاباً ثقافياً منظماً.
وبذلك يقوم نظام الملالي بتقوية الشرائح الاجتماعية الداعمة له، من خلال منحهم امتيازات وظيفية ومالية وسياسية جديدة، وعلى النقيض يقوم بتطهير الأجهزة الحكومية من الموظفين المعارضين أو غير المتوافقين مع أيديولوجيته. كما يعمل على توسيع دائرة المراقبة والرقابة الاجتماعية من خلال توفير وسائل وتقنيات جديدة، مما يمنح أجهزته الأمنية صلاحيات أوسع للتجسس والملاحقة.”
تعبئة جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية وتكليفها بمهام محددة
- رغم ادعاء نظام الملالي بعدم نص هذا القانون على دوريات الإرشاد، إلا أنه قد حدد مهام لـ 12 وزارة و18 جهازًا أمنيًا وإداريًا وإعلاميًا واقتصاديًا تابعًا لحكومة الملالي، بما في ذلك وزارة الثقافة والإرشاد، والإذاعة والتلفزيون، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الصحة، والبلديات، ووزارة العلوم، بهدف تعزيز مؤسسة الأسرة و”نمط الحياة الإسلامي الذي يركز على الأسرة”.
- وفي الفصل الثالث من هذا القانون أُلزمت العديد من الوزارات والمنظمات والمؤسسات والبلديات باتخاذ إجراءات تتجاوز مهام دوريات الإرشاد في مكافحة السفور والحجاب غير اللائق. وبموجب هذا القانون، فإن مشاركة أي فرد، سواء في الواقع الافتراضي أو الحقيقي، في معارضة الحجاب الإجباري قد يعرضه، وحتى أصحاب المنشآت التجارية الافتراضية وغير الافتراضية، ومنظمي الجماعات والرحلات، ومديري منصات البث الصوتي والمرئي، لعقوبات قانونية.
- وينص البند الـ 8 من المادة الـ 16 من هذا القانون، على تكليف البلديات والأرياف في عموم البلاد، بالمراقبة المستمرة على جميع الأماكن الخاضعة للإدارة، بما في ذلك المتنزهات والمراكز الثقافية والأماكن التاريخية ووسائل النقل العام الحضري؛ بالتعاون مع بعض المجالس والمؤسسات من قبيل الهيئة الدعائية لنظام الملالي، ووزارة الثقافة والإرشاد، ووزارة الرياضة والشباب، وهيئة الإذاعة والتلفزيون. وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتهيئة ظروف العفة والحجاب، والحضور الفعال لأفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأماكن المذكورة ودعمهم.
- سيتم فصل العديد من موظفي الهيئات التنفيذية من الخدمات الحكومية لفترة تتراوح بين 5 إلى 6 سنوات، وفرض غرامة مالية على أصحاب الأعمال تعادل ربح ما يتراوح بين 2 إلى 6 أشهر من دخل العمل؛ إذا لم يقوموا بالإبلاغ والتجسس والتعاون من أجل التعرف على الأشخاص الذين يعارضون الحجاب الإجباري، أو يرفضون تنفيذ القانون، ويحكم على الأشخاص الآخرين بغرامة مالية من الدرجة الرابعة.
- يترتب عن امتناع مسؤولي المجمعات والمدن السكنية عن تسليم تسجيلات كاميرات المراقبة للجهات المختصة، دفع غرامات مالية تتراوح بين 18,000,000 إلى 36,000,000 تومان، مع العلم بأن مقدار هذه الغرامات يزداد في حال تكرار المخالفة.
- سائقو سيارات الأجرة عبر الإنترنت ملزمون بالإبلاغ عن عدم التزام الركاب بارتداء الحجاب الإجباري.
- وفقا للمادة 33 من هذا القانون، يشترط في أي توظيف وتشغيل للمرأة في كافة المكاتب والمؤسسات الحكومية والسيادية وحتى في المراكز التعليمية غير الحكومية؛ مراعاة ثقافة العفة والحجاب. ولا يقتصر الالتزام بهذا الشرط على الأماكن العامة ومحيط العمل والتعليم فحسب، بل يشمل أيضاً الفضاء الافتراضي، كما وُضع هذا الشرط لتجديد تراخيص أعضاء المؤسسات الخاصة.
- ينص البند الـ 5 من المادة الـ 42 من هذا القانون على أنه في حالة إدانة شخصية عامة بموجب هذا القانون؛ لا يحق لأي وسيلة إعلامية إجراء مقابلة معه أو نشر مقال له، ويعاقب مدير الوسيلة الإعلامية بدفع غرامة مالية قدرها 920,000,000 تومان في حالة مخالفة القانون.
- وتم التأكيد في مشروع القانون هذا على التطبيق الأوسع لـ “الفصل بين النوعين الاجتماعيين” في الجامعات والمراكز الإدارية والتعليمية، وكذلك في المتنزهات والأماكن الترفيهية، وحتى على الفصل بين النوعين الاجتماعيين في أقسام العلاج بالمستشفيات أيضاً، بالإضافة إلى التعامل العنيف مع النساء.

فرض غرامات باهظة
- ينص القانون الجديد على الحكم بعقوبة بالسجن تتراوح بين 10 إلى 15 سنة لكل من أُلقي القبض عليه للمرة الثانية بتهمة “السفور”، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مبررات توقيع عقوبة أشد من عقوبة جرائم خطيرة كالخطف وتهريب كميات كبيرة من المخدرات تصل إلى 20 كيلوجرام من الأفيون أو الاتجار بالأسلحة الثقيلة والمتفجرات.
- تُفرض غرامات مالية باهظة على السفور تتراوح ما بين 5,000,000 إلى 165,000,000 تومان، في حين أن الحد الأدنى للأجور في إيران حوالي 7,000,000 تومان، وأكثر من 30 في المائة من المجتمع يعيشون تحت خط الفقر.
- وبموجب هذا القانون، سيتم فرض غرامة مالية على النساء المنتهكات للحجاب الإجباري في المرات الأربع الأولى التي يظهرن فيها بدون الحجاب الإجباري “في الأماكن العامة”؛ يتراوح قدرها ما بين 5,000,000 إلى 165,000,000 تومان.
- وبحسب جدول الغرامات من الدرجة الأولى إلى الدرجة الثامنة من قانون عقوبات نظام الملالي، والذي تم نشره في وسائل الإعلام، يترتب على الظهور بدون الحجاب الإجباري أكثر من 4 مرات؛ فرض غرامة مالية تصنف ضمن الدرجة الرابعة، وقدرها أقصاه (330,000,000 تومان)، وفي حال تكرار المخالفة، ترتفع العقوبة إلى الدرجة الثالثة بحيث تصل الغرامة إلى (500,000,000 تومان).
- تواجه النساء اللاتي يظهرن “في الفضاء الحقيقي أو الافتراضي” أكثر من أربع مرات بدون الحجاب الإجباري؛ اتهامات من قبيل ما يسمى بـ “الترويج للسفور أو الفاحشة أو كشف الحجاب أو ارتداء ملابس غير لائقة”، وسيتعين عليهن دفع غرامة لا تقل عن 330,000,000 تومان.
- وستشمل هذه العقوبة “حسب تقدير السلطة القضائية” منع مغادرة البلاد لمدة تصل إلى سنتين، وحظر النشاط في الفضاء الإلكتروني لفترة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى سنتين”. و”في المراحل المقبلة” تزداد العقوبة المالية بدرجة واحدة، ليصل مقدارها إلى 500,000,000 تومان.
- ويُشترط على الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 9 إلى 15 عاماً الالتزام بالحجاب الإجباري، وفي حالة اختراقه يتعرضن لغرامات وإجراءات “تربوية”.
- تنص المادة 66 من هذا القانون؛ على معاقبة الطفل ذي الـ 13 من العمر بالحبس لمدة تتراوح ما بين 3 أشهر إلى سنة في “مركز الإصلاح والتأهيل”، ودفع غرامة مالية تتراوح ما بين 330,000,000 إلى 500,000,000 تومان، أو الحكم عليه بإجراءات تأديبية وتربوية أخرى؛ إذا ما قام بسخرية متكررة من الحجاب الإجباري لمرتين أو أكثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- يجب دفع الغرامات خلال 10 أيام من صدور القرار النهائي، وفي حالة التخلف عن السداد، يتعرض المخالف لعدد من القيود على الخدمات الحكومية، بما في ذلك إصدار وتجديد جواز السفر، وتسجيل المركبات وتجديد لوحاتها، وإصدار تصاريح السفر إلى الخارج، وإصدار أوتجديد رخص القيادة.

استعراض للإجراءات غير القانونية و الجرائم التي ارتكبها نظام الملالي ضد المرأة تحت مسمى الحجاب الإجباري
بدأ النظام الإيراني في تنفيذ إجراءاته الوحشية وغير القانونية لفرض الحجاب الإجباري منذ أبريل 2023، أي حتى قبل أن تُعد السلطة القضائية مسودة هذا القانون.
وأضاف رئيس السلطة القضائية في نظام الملالي، غلامحسين إيجئي مشيراً إلى أن رفع الحجاب يُعد عداوة مع نظام الملالي وقيمه الأخلاقية، أنه سيتم معاقبة الأشخاص الذين يرتكبون هذا الشذوذ، وأضاف: “أن رفع الحجاب مثال على انتهاك الحياء العام وأسس الشرع والقانون، والعدو يؤيده”. (وكالة “فارس” الحكومية للأنباء– 1 أبريل 2023).
إصدارعقوبات قاسية ومهينة وغير عادي للغاية على للنساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الإلزامي، بما في ذلك إجبارهن على غسل جثث الموتى لمدة 6 أشهر في مغسلة الموتى، والقيام بزيارات أسبوعية لطبيب نفسي لمدة 6 أشهر لعلاج مرض”اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع”، والقيام بخدمات التنظيف لمقيم لمدة شهر واحد. والقيام بخدمات التنظيف المجانية لمدة 270 ساعة في مبنى وزارة الداخلية، وغيرها.
والاعتداء بالضرب والسب على الطلاب في الجامعات، وإعادة دوريات الإرشاد، ونشر حارسات الحجاب في الشوارع ومحطات المترو، وفرض الغرامات، وحجز السيارات التي يتم فيها خلع الحجاب. وحظر تقديم الخدمات التعليميةوالأكاديمية للطالبات اللواتي لا يلتزمن بالحجاب، وإغلاق المحلات التجارية والمطاعم والشركات التي تقدم خدمات للنساء غير المحجبات، والاستبعاد من العمل والتوظيف، ومقتل سائحة تبلغ من العمر 60 عاما، ومقتل آرميتا كراوند،والاعتداء بالضرب والسب الوحشي على تلميذتينفي الشارع، و إطلاق النار على سيارة السيدة آرزو بدري، مما أدى إلى إصابتها بالشلل.
وانتحار 6 طالبات؛ بسبب الضغوط المفرطة التي يتعرضون لها في المدارس حول قواعد الحجاب، وغيرها من القيود التعسفية. هذه الحالات لا تمثل سوى غيض من فيض من أوجه القمع الجهنمي الذي بات كابوساً يلاحق النساء والشعب الإيراني ليل نهار.
وفقاً لتأكيدات خبراء علم الجريمة والقانون الجنائي في نظام الملالي نفسه، فإن الإجراءات الأمنية المتخذة فيما يتعلق بتوقيف السيارات، وأخذ تعهدات من المواطنين بشأن مسألة الحجاب، وإغلاق المحلات، ومنع تواجد الأفراد في الأماكن العامة، وإرسال رسائل نصية تحذيرية للمواطنين؛ لا تستند إلى أي أساس قانوني، وتعتبر إجراءات تعسفية.

نظام الملالي يسيء استخدام الدين
أكد خامنئي، الولي الفقيه لنظام الملالي في كلمته أن “الحجاب هو حكم شرعي مطلق ولا يمكن تجاهله”. إن هذه التصريحات هي امتداد لاستغلال خميني للدين لفرض الحجاب الإجباري وقمع المرأة من أجل قمع المجتمع بأكمله منذ عام 1978.
أقرّ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في عام 1987 خطة حقوق وحريات المرأة، والتي أكد على حق المرأة في اختيار لباسها بحرية. كما شددت السيدة مريم رجوي مرارًا وتكراراً في خطاباتها على أن أي شيء قائم على الإكراه والفرض والقسر لا يمت للإسلام بصلة، إذ ورد في القرآن الكريم: “لا إكراه في الدين”.
كما دعت السيدة مريم رجوي، في خطابها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في مارس 2024، النساء والفتيات الإيرانيات إلى أن يجعلن شعار “لا للدين الإجباري، لا للحجاب الإجباري، ولا للحكم الإجباري” يتردد صداه في جميع أنحاء إيران والعالم.
يجب التأكيد على أنه لم يرد في الإسلام بأي موضع ما يجيز لأي شخص التعرض للمرأة بسبب لباسها، أو اعتقالها، أو الاعتداء عليها بالضرب والسب، أو حتى قتلها. هذا السلوك اللاإنساني يتعارض تمامًا مع تعاليم الإسلام وروح الإيمان. ووفقًا لما تنص عليه جميع قوانين حقوق الإنسان وكافة المذاهب، فإن حق اختيار اللباس هو خيار فردي لا يملك أي شخص أو جهة سلطة فرض نوع معين من اللباس على أي امرأة.
رد وحدات المقاومة بشعار “المرأة رمز المقاومة والحرية”
لكن في الأيام القليلة التي مرت منذ نشر نص قانون الحجاب الجديد والإعلان عن دخوله حيز التنفيذ، لم تقف النساء والشباب الثائرون ووحدات الانتفاضة في كل أنحاء البلاد مكتوفي الأيدي. بل ردوا على هذه الجولة الجديدة من القمع بتنفيذ عمليات جريئة ضد مراكز قمع النظام الإيراني، وكتابة الشعارات على جدران المدن، ورسم الصور التي تعبر عن رفضهم للظلم والقمع.
وقاموا في 2 ديسمبر، برسم شعار “المرأة رمز المقاومة والحرية” على المباني السكنية الشاهقة في شارع ميثاق في رشت، وشارع توحيد في كرج، وبلوار طبَرسي في مشهد. كما نفذوا عمليات جريئة ضد مراكز القمع والنهب التابعة لنظام الملالي، مثل بلدية باغشهر في كرمان، وبلدية المنطقة 8 في كرمانشاه، وقاعدة الباسيج في إسلام آباد الغربية، وقاعدة الباسيج التابعة لقوات حرس نظام الملالي في قصرقند. بالإضافة إلى ذلك، أحرقوا ودمروا عشرات اللافتات التي تحمل صور قادة نظام الملالي.
وتظهر هذه الأنشطة مدى قوة إرادة وتصميم وحدات المقاومة وعدم استسلامها في مواجهة الجولة الجديدة من القمع الذي يمارسه نظام الملالي.