السياسة المحكوم عليها بالفشل: موجة فصل أساتذة الجامعات في 150 جامعة إيرانية
ساهمت عملية استدعاء الطلاب وفصلهم التي بدأت منذ أشهر، في فصل وإقالة أساتذة الجامعة في أغسطس الماضي. وهذا الإجراء الذي يجري عشية الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة عام 2022، وإعادة فتح المدارس والجامعات في إيران؛ يسلط الضوء على رعب نظام الملالي من تكرار انتفاضة أخرى، ويهدف إلى قمع رواد انتفاضة العام الماضي، أي الطلاب، وإغلاق مركز الاحتجاجات، أي الجامعات.
والجدير بالذكر أن الجامعات كانت واحدة من المراكز الرئيسية للاحتجاجات والتجمعات إبّان الحركة الوطنية التي شهدتها البلاد العام الماضي. وتم حتى الآن اعتقال عدد كبير من الطلاب الجامعيين وأساتذة الجامعة، واستدعائهم، ومنعهم من دخول الجامعة، وإيقافهم عن العمل وفصلهم من العمل.
وتسارعت وتيرة فصل الأساتذة، خلال شهر أغسطس، وتم فصل الأساتذة المنتقدين الذين دعَّموا الطلاب المحتجين أو شاركوا في الاحتجاجات الوطنية، وتم فصلهم بذرائع مختلفة، من بينها التقاعد والكفاءة العلمية. كما نجد من بين الأساتذة المفصولين عدد من الأساتذة الإناث.
كما لا تزال عملية الاعتقال والزج بالمعلمين في السجون، وفصل طلاب الجامعة وإيقافهم عن مواصلة الدراسة؛ تجري على قدم والوساق مع فصل أساتذة الجامعة.
فصل الأساتذة، وإجراء تغييرات في 150 جامعة عشية العام الدراسي الجديد
تم فصل أساتذة الجامعات العشرات منهم أو إيقافهم عن العمل منذ تولي رئيسي منصبه كرئيس لجمهورية الملالي. بيد أن وتيرة فصل الأساتذة تسارعت في الأشهر الأخيرة. وكان قد تم قطع رواتب بعض هؤلاء الأساتذة لعدة أشهر أو أنهم كانوا قد انقطعوا عن العمل بأنفسهم، وتسلّموا في الوقت الراهن القرار النهائي بالفصل. وقدَّم بعضهم استقالته خطياً واستقال البعض بالاتصال هاتفياً. (موقع “تجارت نيوز” الحكومي – 28 أغسطس 2023).
وتم فصل هؤلاء الأساتذة، ومن بينهم أساتذة من جامعة شريف للتكنولوجيا، وجامعة طهران، وجامعة العلامة، والجامعة الوطنية، وجامعة آزاد طهران، وجامعة آزاد بكرج، وجامعة الزهراء، وجامعة كردستان، وجامعة الخليج، وجامعة فردوسي بمشهد، وجامعة هنر، وجامعة سوره، وجامعة تبريز للعلوم الطبية، وجامعة حكيم سبزواري، وجامعة شهيد باهنر بكرمان، وجامعة جهرم، وجامعة آزاد بسنندج، وجامعة إيران للعلوم الطبية، وجامعة آزاد بقم، وجامعة أصفهان.
حتى يوم 3 سبتمبر الجاري تم التحقق من هوية 25 شخصاً من هؤلاء الأساتذة، وكان من بينهم الأستاذات: حميدة خادمي، وآمنة عالي، وبهارك أختردانش، وراحلة علي مرادزاده، وليلى ورهرام، وآذين موحد، وسمية سيما. وللعلم تم فصلهن من الجامعة أو إيقافهن عن العمل أو منعهن من التدريس.
وكشفت صحيفة “اعتماد” الحكومية في عددها الصادر في 24 أغسطس الماضي؛ النقاب عن أنه تمت إقالة 58 أستاذاً جامعياً منذ بداية تولي رئيسي منصبه كرئيس لجمهورية الملالي. والجدير بالذكر أن الصحيفة المشار إليها جمعت أسماء الـ 157 أستاذاً الذين كانوا قد فُصلوا من الجامعات في عهد حكومات أحمدي نجاد وروحاني ورئيسي.
وكتبت صحيفة “اعتماد” في عددها الصادر بتاريخ 31 أغسطس 2023: “إن توحيد هيكل التعليم العالي على كلمة واحدة فيما يخص البلاد من قرارات … إلخ، هو مشروع يتم السعي بجدية إلى إنجازه في الحكومة الـ 13 (حكومة رئيسي). وأشارت الصحيفة إلى أن التغييرات المشؤومة في الهيكل التعليمي في 150 جامعة على مستوى الدولة مستمرة، فيما لم يتبقى سوى أقل من شهر على بداية العام الدراسي في الجامعات”.
الجامعات تحت حصار الأجهزة الأمنية، وظاهرة الهجرة الجماعية للمتعلمين والأكاديميين والعلماء
يقول طلاب الجامعة إن الأجهزة الأمنية تلعب دورًا أساسيًا في جميع القرارات المتعلقة بالجامعة، وتعيش الجامعات تحت حصار القوات القمعية.
وتحدثت الرابطة الإسلامية لطلبة جامعة شريف للتكنولوجيا، في بيان نشرته يوم 28 أغسطس الماضي، أثناء احتجاجها على إقالة علي شريفي زارجي؛ عن الإجراءات الأمنية المشددة، وصرَّحت بأن الجامعة تعيش تحت حصار الأجهزة الأمنية”.
وتم التحذير في هذا البيان الاحتجاجي من أن فصل الأساتذة غير المنحازين للحكومة من الجامعات، والمواجهات الأمنية للطلاب لن تسفر عن “يأس وإحباط المجتمع الجامعي من الحكومة”، بل سيؤدي أيضًا إلى هجرة المزيد من صفوة المجتمع من إيران كل يوم.
وقال علي قنبري الخبير الحكومي: “إن جهود توحيد الجامعات نشأت من حيث بدأت منذ فترة في المكاتب والمنظمات والمؤسسات الرسمية للبلاد. وهي طريقة تفكير تنص على أنه يجب على الجميع أن يفكروا بطريقة ملائمة لهذا التيار بالذات. وسرعان ما سنشهد في ظل مثل هذا الوضع هجرة طلاب السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية أو الحاصلين على شهادة الدبلوم إلى جامعات البلدان المجاورة. (موقع “فرارو” الحكومي – 30 أغسطس 2023).
وقال عالم الاجتماع، أمان الله قرائي مقدم، حول التأثير الاجتماعي لفصل أساتذة الجامعة: “يقول الناس اليوم عندما يُفصل أحد أساتذة الجامعة إنه تم فصله لأنه كان كفؤاً. وللعلم، يتابع الشباب اليوم في الفضاء الافتراضي أقرانهم في العمر ونظرائهم. وعندما نصرخ ونقول إن 80 في المائة من أبطال الأولمبياد، والطلاب المتميزين، وعدة آلاف من الأطباء وطلبة الطب، والمهندسين والصحفيين قد فروا من البلاد، وحدثت ظاهرة الهجرة الجماعية للمتعلمين والأكاديميين والعلماء، فإن أحد الدوافع المهمة لذلك هو هذه السلوكيات التي تعاني منها الجامعة. (موقع “انتخاب” الحكومي – 30 أغسطس 2023).
فصل الأساتذة الملتزمين
قالت آمنة عالي، إحدى الأستاذات المفصولات من كلية علم النفس بجامعة العلامة طباطبائي في طهران: “لم يقدموا لنا أي تفسير عن سبب الفصل، ولكن حسب ما سمعناه في الكلية، فإننا نعرف سبب الفصل بأنفسنا. لقد وقعنا على إقرارات، وشاركنا في الاعتصامات الطلابية، واحتجينا على إيقاف الطلاب عن مواصلة الدراسة”. (موقع “رويداد 24” الحكومي – 27 أغسطس 2023).
وكتبت آمنة في رسالة نُشرت في 1 سبتمبر الحالي: “أقول بصدق إنني معلمة قضيت سنوات عديدة في المدرسة، وأمارس التدريس في الجامعة منذ ما يقرب من 10 سنوات. نحن المعلمون لا نستطيع ولا ينبغي لنا أن نكون خاضعين وتابعين للحكومات. نحن من یأكل من مائدة أبناء الوطن ويجب أن نكون خدماً لهم. إن المدرسة والجامعة هي بيوت أبناء هؤلاء المواطنين، ونحن حماة حقوق هؤلاء الأبناء، ونحن الأوصياء على حرمة المدارس والجامعات.
كان هذا وما زال موقفي الأهم الذي أتمسك به دائمًا، وصرخت به بكل صراحة وصدق وفي نفس الوقت بحزم وتأكيد؛ سواء أثناء قمع الطلاب واعتقالهم وإيقافهم عن مواصلة الدراسة، أو أثناء الاعتداءات على المدارس وتهديد للطلاب. ولقد ذكرت مراراً وتكراراً في كل مكان؛ سواء في الرسائل والبيانات، أو في الاجتماعات بحضور مسؤولي الجامعة، وسواء أمام رجال الأمن عند مهاجمة الطلاب، أو عند الرد على محققي وزارة المخابرات.
وصف طلاب جامعة العلامة طباطبائي أثناء احتجاجهم على فصل أساتذتهم؛ الأستاذة حميدة خادمي، والأستاذة آمنة عالي بأنهما من أشرف أساتذة الجامعة.
وعلى الجانب الآخر، رحب الموالون لخامنئي بفصل الأساتذة. فعلى سبيل المثال، اعتبر حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة “كيهان” وممثل خامنئي في هذه الصحيفة، في عمود يتعلق بفصل أساتذة الجامعة بأن فصلهم هو “العقوبة الأدنى والشائعة” لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة، حيث أنهم لم يكتفوا في خريف العام الماضي بدعم أعمال الشغب والمثيرين للشغب فحسب، بل تورطوا في بعض الحالات مع البلطجية المشاغبين في ارتكاب جرائم في حق أبناء هذا البلد المظلومين”. (موقع “عصر إيران” الحكومي – 28 أغسطس 2023).
الانقلاب الثقافي الأول ومعارضة نظام الملالي للجامعة وهي معقل الحرية
لطالما كانت الجامعة في إيران معقلاً للحرية ومهداً لليبرالية؛ نظراً لوجود الطبقات المستنيرة والمتعلمة. ولهذا السبب كان نظام الملالي مخاصماً وعدواً للجامعة منذ البداية.
والشاهد على ذلك نجد أن خميني كان يعتبر الأكاديميين متغربين وخاضعين لتلقين الغرب والإمبريالية. فقد خاطب الجامعات بمناسبة العيد في عام 1980، قائلاً: ” كل ما يحدث لهذا البلد من مصائب من تحت رأس الجامعات”.
وبعد ذلك قام نظام الملالي تحت مسمى “الثورة الثقافية” بسفك الدماء في الجامعات اعتباراً من منتصف عام 1980، وبادر في 5 يونيو 1980 بإغلاق الجامعات لمدة 3 سنوات. وقُتل خلال الثورة الثقافية 17 طالباً، وأصيب أكثر من 2000 طالب. وتم اعتقال العديد من الطلاب والأكاديميين وزُج بهم في السجون، كما تم إعدام بعضهم.
وبادر مجلس الثورة الثقافية في نظام الملالي بتصفية الأساتذة تنفيذاً لمرسوم خميني، وتم فصل العديد من الأساتذة وغيرهم من الفئات الأكاديمية أو إجبارهم على ترك العمل في الجامعات. وأنشأ مجلس الثورة الثقافية، في غضون هذه السنوات الثلاث؛ أجهزةً للحصول على المعلومات ومراقبة المعتقدات، والعمل بأفضل الأساليب التي تراها في التعامل مع الجامعات والتعليم العالي حتى يتسنى لها السيطرة على الجامعات. ببأفضل وطرق
وبناءً على ذلك، تم تخصيص 45 في المائة من حصة القبول في الجامعات لعناصر الباسيج وقوات حرس نظام الملالي وأسر المحاربين القدامى، وأقر مجلس الملالي قانون “التحاق المقاتلين بالجامعات”.
الثورة الثقافية الثانية في الجامعات، وتجنيد 15,000 عنصر متحيز لنظام الملالي
بالتزامن مع فصل الأساتذة تم إلغاء بعض الأقسام الجامعية، وتقلصت الطاقة الاستيعابية لبعض الأقسام الأخرى. ووصف محسن رناني، عضو هيئة التدريس في قسم الاقتصاد بجامعة أصفهان؛ هذه الخطوة بأنها الثورة الثقافية الثانية والانقلاب على النظام التعليمي. (موقع “تجارت نيوز” الحكومي – 28 أغسطس 2023).
ويصف خبراء حكوميون وغير حكوميين عملية فصل الأساتذة بـ “التطهير”. ويتم في هذه العملية استبدال الأساتذة الذين تم فصلهم من العمل؛ بسبب دعمهم للطلاب المحتجين ومعارضتهم للسياسات القمعية لنظام الملالي، بعناصر متحيزة للنظام الحاكم. والهدف من ذلك هو ضخ عناصر قوات حرس نظام الملالي والباسيج داخل الجامعة على أنهم أستاذة جامعيين.
وكشفت النقابة المهنية للأساتذة الجامعيين في بيانها احتجاجًا على فصل الأساتذة النقاب عن أن: “الفقرة 5 من قرار مجلس الأمن القومي تنص على أنه يجوز أن يُطلب من وزارتي العلوم والصحة تدبير توظيف 15,000 عضو من المتحيزين لنظام الملالي في هيئة التدريس بالجامعة. وتفيد هذه الرسالة تقديم أعضاء هيئة التدريس على أنهم السبب الرئيسي في اضطرابات عام 2022”. (موقع “عرش نيوز” الحكومي – 27 أغسطس 2023).
ونشرت قناة التليغرام ” مجلة أمير كبير” منذ وقت ليس ببعيد صورة وثيقة من الوثائق السرية لرئاسة الجمهورية، والتي تم الكشف عنها مؤخراً؛ تشير إلى أن مجلس الأمن الإيراني أصدر في ذروة الاحتجاجات الوطنية العام الماضي؛ أمراً بتعيين أعضاء هيئة التدريس المتحيزين للثورة الإسلامية.
وتظهر هذه الوثيقة المؤرخة في 10 يناير 2023 أن وزير الداخلية، أحمد وحيدي طلب من رئيسي، رئيس جمهورية نظام الملالي؛ إصدار أمر بالبدء في “خطة البنية التحتية الثورية للتغيير الهيكلي في الجامعات ومراكز التعليم العالي”.
وكتب وزير الداخلية، وحيدي في هذه الرسالة لرئيسي: “إن هذه التجربة تحققت خلال أعمال الشغب الأخيرة، وكان الدور الاستفزازي لعدد من الأساتذة للتشجيع على القيام بردود فعل طلابية احتجاجية مصحوبة بأعمال الشغب في الجامعات هو السبب الرئيسي في الأزمة”. كانت الإدارة تتم بشكل جيد في الجامعات التي يتواجد فيها أساتذة علاة القدر وثوريين، حتى لو كانوا بأعداد قليلة، بيد أنه في أفضل الأحوال، كانت اللامبالاة السمة الرئيسية لعدد كبير من الأساتذة في هيئة التدريس في معظم الجامعات التي لا تنحاز شبكة أعضاء هيئة التدريس فيها لنظام الملالي، ولا يزال حجم الاضطراب موجوداً.
قلق شديد على الهيكل السياسي منذ بداية العام الدراسي الجديد
ورد في الفقرة الـ 5 من الوثيقة المشار إليها أعلاه، والمتعلقة بقرارات مجلس الأمن الوطني الخمس للسيطرة على هيئة التدريس بالجامعات: يجب أن يوضع بعين الاعتبار الصلاحيات الخاصة المطلوبة للتوظيف (من خلال توفير رمز التوظيف) لتعيين أعضاء هيئة التدريس، على أن تقوم وزارة الصحة بتعيين 5,000 فرد، ووزارة العلوم بتعيين 10,000 فرد قبل انتهاء مدة الحكومة”.
وكتبت إحدى الصحف الحكومية في هذا الصدد: “إن الترحيب الكبير بطابور يضم 15,000 شخص من المخلصين المستفيدين من المنح الدراسية والحصص الدراسية التي تم التبرع بها لهم كأعضاء جدد في هيئة التدريس بالجامعات سيكون بمثابة كارثة على التعليم العالي والخاص في إيران. إن السقوط الحر للجامعات الإيرانية إلى قاع جدول التصنيفات العالمية، وإفراغ جامعات البلاد من النخب، وخيبة الأمل في التنمية؛ يعتبر جزءًا بسيطاً من عواقب هذه الكارثة. (صحيفة “اعتماد” الحكومية – 31 أغسطس 2023).
وقال خبير حكومي يدعى إبراهيم آزادكان: “إن جامعات البلاد تحتضر، والحياة العلمية للجامعات في خطر شديد…إلخ. ويجب أن نعلم أننا في طريقنا إلى الدمار من الداخل”. (موقع “فرارو” الحكومي – 30 أغسطس 2023).
وكتبت صحيفة “هم ميهن” في عددها الصادر في 29 أغسطس 2023: “أظهر بيان وزارة الداخلية عمليًا أن الهيكل السياسي قلق للغاية من يوم 23 سبتمبر 2023، ويجب التعامل مع الأساتذة بهذه الطريقة؛ لأن هؤلاء الأشخاص كانوا قد أبدوا اعتراضاتهم أحياناً لأسباب سياسية؛ على معاملة الطلاب فيما يتعلق بقضية الحجاب أو اعتقال الطلاب وإيقافهم عن الدراسة”.
اللجان التأديبية تستدعي أكثر من 2800 طالب
ذكرت مجلة أمير كبير الطلابية في 14 أغسطس 2023 أن قوات المخابرات والأمن التابعة لنظام الملالي استدعت عشرات الطلاب من جامعات أميركبير، والعلامة وخواجه نصير، وتربيت مدرس، وفردوسي بمشهد وأصفهان، وطلبوا منهم تقديم تعهد بعدم المشاركة في الاحتجاجات. وتم استدعاء هؤلاء الطلاب إلى “مكتب متابعة وزارة المخابرات” وكذلك مكتب نيايش القانوني للمتابعة الواقع بالقرب من نادي ثورة طهران.
والجدير بالذكر أنه تم خلال الشهرين الماضيين فصل 59 طالب من طلاب مختلف الجامعات، وحرمان 104 طلاب من فصل إلى أربعة فصول دراسية، وحرمان مئات الطلاب من دخول المدن الجامعية.
فعلى سبيل المثال، اكتشف ما لا يقل عن 200 طالب من جامعة بوعلي بهمدان أنهم حرموا من حجز السكن الجامعي دون أي إنذار مسبق، ولم يعلموا بذلك إلا بعد مراجعة الجهاز المعني بالأمر. والجدير بالذكر أن أغلب الطلاب المحرومين من الحصول على مسكن جامعي كانوا من الفتيات.
كما شملت عمليات الاستدعاء والفصل والحرمان طلاب جامعات طهران، وزابل، وسنندج، وأصفهان، والأهواز، وكرمان، وأرومية، وكاشان، وأردبيل، وسمنان.
وبحسب ما أعلنته مجلة أمير كبير في 17 أغسطس 2023، فإنه قد تم استدعاء 2843 طالبًا في مختلف جامعات البلاد إلى لجنة التأديب في هذه الجامعات. ففي محافظة طهران تم استدعاء ما مجموعه 1443 طالبًا إلى لجنة التأديب، من بينهم 324 طالبًا من جامعة إيران للعلوم والتكنولوجيا، و 57 طالبًا من جامعة الزهراء، و 51 طالبًا من جامعة تربيت مدرس، و 153 طالبًا من جامعة طهران، و 51 طالبًا من جامعة خواجه نصیر الدين طوسي للتكنولوجيا، و 126 طالبًا من جامعة شهيد بهشتي، و 157 طالبًا من جامعة أمير كبير للتكنولوجيا، و 114 طالبًا من جامعة شريف للتكنولوجيا، و 149 طالبًا من جامعة العلامة طباطبائي، و 32 طالبة من كلية الدكتور شريعتي للتقنية المهنية للبنات وكلية ولي عصر للبنات، و 91 طالبًا من جامعة طهران للفنون، و 138 طالباً من جامعة خوارزمي.
بعد فصل الأساتذة جاء الدور على الطلاب
كتب موقع “اعتماد” الحكومي، في 28 أغسطس 2023: “من المقرر في المرحلة التالية، أن يستهدف نطاق التطهير الطلاب”.
يسعى نظام الملالي إلى إلغاء جهاز التقييم من وزارة العلوم، وتقديمه كمجموعة فرعية تابعة للمجلس الأعلى للثورة الثقافية.
كما تسعى عصابة رئيسي بعد التطهير الكبير للأساتذة؛ إلى تغيير شروط قبول الطلاب في الجامعة، ليكون مرهوناً بالكفاءات السياسية – الدينية. إن الأداة المهمة لهذه العملية في العام الحالي هي اللجان التأديبية بالجامعات، حيث أنها سوف تطبق في السنوات اللاحقة حصصاٌ مختلفة لالتحاق الطلاب بالجامعة مع نقل جهاز التقييم ليكون لجنة فرعية تابعة للمجلس الأعلى للثورة الثقافية. وتوجد حالياً حصص مختلفة في الامتحانات الجامعية، من قبيل حصة المحاربين، والحصص الإقليمية، وحصة الفدائيين، وحصة الـ 25 في المائة للفدائيين، وحصة الـ 5 في المائة للفدائيين، وحصة أبناء المحاربين القدامى. وبزيادة هذه الحصص عملياً تضيع فرصة المنافسة في امتحان القبول بالجامعات، ويصبح التعليم الجامعي في إيران بمثابة عملية لا نزاهة فيها وترمي إلى تعيين المحاسيب”. (صحيفة “اعتماد” الحكومية – 28 أغسطس 2023).
الأمر المؤكد هو أن نظام الملالي لن ينجح في إسكات الجامعة من خلال التطهير وفصل الأساتذة والطلاب المحتجين. إن إجراءات نظام الملالي لتوحيد السلطة، والتي بدأت من مجلس شورى الملالي والحكومة وامتدت إلى إدارة المؤسسات؛ وصلت الآن إلى الجامعات والمدارس. وهذا يدل على عدم قدرة نظام الملالي على تحمل أدنى قدر من عدم الانحياز، وعلى الضعف الشديد لهذا النظام الفاشي وهو في المرحلة الأخيرة من حكمه.
كشف الخبير الحكومي، أحمد بخارائي، في مقابلة مع موقع “ديدبان ايران” الحكومي في 2 سبتمبر 2023؛ النقاب عن أن أكثر من 90 في المائة من أساتذة الجامعات هم من منتقدي نظام الملالي. وأكد على أن فصل الأساتذة يعد انتقاماً لمشاركة المجتمع الجامعي في الاحتجاجات، الأمر الذي سيؤجج الجامعة وستكون له عواقب لا يمكن إصلاحها.
ونشير في النهاية إلى اعترافات إحدى وسائل الإعلام الحكومية حول مصير عملية “تطهير” الجامعات، حيث كتبت: “في الحقيقة إن فكرة أن يكون الجيل الجديد مطيعاً هي فكرة خاطئة بنسبة 100 في المائة. ولهذا السبب لا بد من الاعتراف بأنه حتى لو تم فصل جميع الأساتذة، فإن ذلك لن يقلل قيد أنملة من عزيمة الطلاب في المطالبة بحقوقهم. وبناءً عليه، لا بد من القول إن أي نهج تطهيري لن يكون مفيداً فحسب، بل سيزيد من بذور الكراهية والنفاق والقلق”. (موقع “رويداد 24” الحكومي – 29 أغسطس 2023).
قالت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قِبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن فصل الأساتذة وتطهير الطلاب: “إن نظام الملالي المعادي للإنسانية لن يكتسب أي ميزة في مرحلته الأخيرة من قمع الطلاب وتطهير الأساتذة، ولن يتمكن بهذه الحيل والاعتقالات الجماعية من أن يمنع انطلاق الانتفاضة ويعيش في أمان من نيران غضب الشباب المتمرد والطلاب المناضلين”. (29 أغسطس 2023).
ودعت السيدة رجوي جميع الاتحادات الطلابية والأساتذة والمثقفين في مختلف دول العالم إلى إدانة الإجراءات القمعية التي يمارسها نظام الملالي ضد الجامعات، وأن يسارعوا إلى مساعدة الأساتذة والطلاب الإيرانيين.
