بعد انتهاء عقوبتها بالسجن البالغة 15 عاماً، سيتم نقل السجينة السياسية مريم أكبري منفرد إلى سجن قرجك المخوف
بعد زيادة عقوبة سجن السجينة السياسية مريم أكبري منفرد لمدة عامين، بادرت سلطة الملالي القضائية المجرمة في إجراء لاإنساني آخر، في 22 أكتوبر 2024، بإصدار أمر بنقلها إلى سجن قرجك ورامين المخوف. وتعيش في الحبس الانفرادي منذ يوم نقلها حتى نشر هذا التقرير.
والجدير بالذكر أن مريم أكبري منفرد قضت عقوبتها التي تصل مدتها إلى 15 عامًا، في 11 أكتوبر 2024، دون أن يسمح لها بإجازة حتى ولو ليوم واحد. وأمضىت السنوات الأربع الأخيرة من عقوبتها في المنفى في سجن سمنان بين السجناء العاديين، وهو ما يتعارض مع مبدأ الفصل بين الجرائم.
يهدف الإجراء الأخير الذي اتخذته سلطة الملالي القضائية إلى تكثيف اضطهاد هذه السجينة السياسية التي لا تزال متمسكةً بمبادئها رافضةً التنازل، رغم أنها قضت سنوات عديدة في السجن تحت التعذيب والإيذاء، وممارسة شتى أنواع الضغوط عليها، مما أدى إلى تدهور صحتها.
إن مريم أكبري منفرد واحدة من أقدم السجينات السياسيات في إيران، وكان من المفترض أن يتم إطلاق سراحها في عام 2018 بعد أن قضت 10 سنوات من عقوبتها (أي ما يعادل ثلثي المدة)؛ وفقًا لقوانين نظام الملالي نفسه. بيد أن السلطة القضائية في هذا النظام الفاشي مدّدت فترة حبسها في السجن 5 سنوات أخرى.
حرصًا على عدم إطلاق سراح مريم، بادرت وزارة المخابرات سيئة السمعة، في يناير 2024، بتلفيق قضيتين منفصلتين لها، وحُكِم عليها بالسجن 3 سنوات أخرى، بموجب تشكيل محاكمتين صوريتين في سمنان وأوين. وتتمثل الاتهامات الجديدة الموجهة لها في “الدعاية ضد الولي الفقيه” و”إهانة القيادة، والتجمع، والتواطؤ، ونشر الأكاذيب وإثارة قلق الرأي العام، وتحريض الشعب ضد الأمن القومي”.
في إجراءٍ همجي ونهبي، أصدرت سلطة الجلادين القضائية حكماً، في يوليو 2024، بمصادرة ممتلكات مريم أكبري وأقاربها؛ بسبب رفع دعوى قضائية للقصاص للفدائيين، وهم أشقائها الثلاثة وشقيتها.
لكن التهمة الأساسية الموجهة لمريم أكبري منفرد هي رفع دعوى قضائية عام 2016 للقصاص لشقيقتها وأشقائها الثلاثة الشهداء الذين أعدمهم نظام الملالي في عقد الثمانينيات.
استشهد المناضل عن الشعب، عليرضا أكبري تحت التعذيب في سبتمبر عام 1981، وأُعدم غلامرضا أكبري عام 1985. واستشهد كلا الفدائيين رقية وعبدالرضا أكبري في مجزرة السجناء السياسيين عام 1988.
إن هذا العدد الخاص من التقارير الشهرية للجنة المرأة التابعة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مخصص لتسليط الضوء على شجاعة مريم أكبري منفرد وإقدامها وقوتها وشخصيتها، ولمِا لا وهي المرأة التي تثير الرعب في نفوس الحاكمين في نظام الملالي بروح التحدي والصمود التي تتحلى بها.

تمديد الحُكم بالحبس 3 سنوات إضافية بناءً على تهم ملفقة
حرصاً على عدم إطلاق سراح السجينة السياسية مريم أكبري منفرد بعد انتهاء عقوبتها بالسجن 15 عاماً، لفَّقت لها وزارة المخابرات سيئة السمعة قضيتين منفصلتين، صدر الحكم بتمديد عقوبتها بما مجموعة 3 سنوات أخرى، بموجب تشكيل محاكمتين صوريتين في سمنان وإيفين.
وكما جاء في بيان الأمانة العامة للمجلس بتاريخ 28 أغسطس 2023، لفَّقت لها وزارة المخابرات قضيتين جديدتين. أحداهما تحت عنوان “الدعاية ضد الولي الفقيه” والأخرى تحت عنوان “إهانة القيادة، والتجمع، والتواطؤ، ونشر الأكاذيب، وإثارة قلق الرأي العام وتحريض الشعب ضد الأمن القومي”.
وأضاف البيان أن الفرع 101 بمحكمة جنايات سمنان حكم عليها غيابياً في إحدى هاتين القضيتين بالحبس التنفيذي لمدة عامين آخرين، ودفع غرامة قدرها 150,000,000 ريال”. بعد ذلك، أجرت محكمة إيفين هي الأخرى محاكمة صورية، وحكمت على السجينة السياسية مريم أكبري منفرد بالسجن لمدة سنة أخرى في القضية الثانية.
وبحسب بيان الأمانة العامة للمجلس بتاريخ 17 يوليو 2023، تم نقل مريم أكبري من منفاها بسجن سمنان إلى نيابة إيفين، يوم السبت 1 يوليو، وبعد توجيه 5 اتهامات جديدة لها أعيدت إلى سجن سمنان”.
وأيدت سلطة الجلادين القضائية الحكمين، ومدّدت فترة سجنها 3 سنوات أخرى، على أن تنفذ منها سنتين على الأقل.
إجراءات نظام الملالي لمصادرة ممتلكات الأسرة في الأشهر الأخيرة من العقوبة
تواجه السجينة السياسية مريم أكبري منفرد قضية جديدة ملفقة. وبحسب وكالة “شرق” الحكومية للأنباء، فإن المقر التنفيذي لفرمان خميني قدم شكوى يطالب فيها بمصادرة ممتلكات هذه السجينة السياسية.
جاء هذا الإجراء في الوقت الذي كانت مريم أكبري منفرد تقترب فيه من نهاية فترة حبسها التي تبلغ 15 عاماً في شهر أكتوبر عام 2024. وفي هذا الصدد، قال محاميها السيد، حسين تاج أن فترة سجن موكلته السيدة أكبري منفرد البالغة 15 عاماً سوف تنتهي في شهر أكتوبر من العام الحالي. إلا أنه تم الحكم عليها بالسجن لمدة عامين في قضية ملفقة أخرى. وأضاف: “تم مؤخراً رفع قضية جديدة ضدها بناءً على طلب الهيئة المكلفة بمتابعة ومراقبة القضايا المنصوص عليها في المادة ٤٩ من الدستور”.
وأضاف السيد تاج في هذا الصدد: ” ورد في الادعاء المقدّم من هذه الهيئة اتهامات موجهة إلى عائلة السيدة أكبري منفرد وأقاربها. وطالبت هذه الهيئة بمصادرة ممتلكات عائلة أكبري منفرد وأقاربها واستملاكها لصالح المقر التنفيذي لفرمان خميني. وقد أحيلت هذه القضية إلى الفرع الـ 6 لمحكمة الثورة، وهو فرع متخصص في التحقيق في القضايا المتعلقة بالمادة 49 من الدستور. وأضاف: “لم يتم حتى الآن تحديد موعد للتحقيق في هذه القضية، وما تم هو تحديد موعد الجلسة لمراجعة القضية في شهر أغسطس”.
وفيما يتعلق بهذه التطورات، أكد السيد تاج على مبدأ قانوني أساسي: ” إن مبدأ شخصنة الجرائم والعقوبات، المعترف به رسمياً في الفقه والشريعة، وكذلك في القانون الدولي والقانون الجنائي الإيراني، يؤكد أن العقوبة يجب أن تطبق على الفرد فقط ولا تسري على أقاربه”.

المقرر الخاص للأمم المتحدة يسلط الضوء على نموذج مريم أكبري منفرد
تطرق البروفيسور جاويد رحمان، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران؛ في تقريره الذي نشر في يوليو 2024 تحت عنوان “الجرائم العظمى” إلى نموذج مريم أكبري منفرد. وكتب المقرر الخاص عن السجينة السياسية مريم أكبري منفرد في القسم ج من الفصل السابع، والذي يدور حول “آليات المراجعة”:
كما ذكر أعلاه، من المستحيل في الوضع السائد، اتباع أي شكل من أشكال المساءلة على المستوى المحلي، عن الجرائم التي ارتكبت في عقد الثمانينيات. ولا يوجد في الوقت الراهن أي سبيل للبحث عن الحقيقة والعدالة ولا أي رؤية للمطالبة بالتعويض في جمهورية إيران الإسلامية. في الواقع، غالباً ما يتم استهداف أولئك الذين يسعون إلى محاسبة المسؤولين في نظام الملالي، ويتم مضايقتهم ومعاقبتهم.
ومن الأمثلة الصادمة التي تظهر هذا النمط من المضايقات والاضطهاد هي حالة مريم أكبري منفرد، السجينة السياسية في البلاد. أظهرت السيدة أكبري منفرد شجاعة كبيرة بتقديم شكوى رسمية من داخل السجن بتاريخ 15 أكتوبر 2016 إلى السلطة القضائية الإيرانية، تطالب فيها بالتحقيق في إعدام شقيقها وشقيقتها خلال مذبحة عام 1988. ورداً على سعيها إلى محاسبة المسؤولين، واجهت ضغوطاً مكثفة أثناء وجودها في السجن، من بينها الحرمان من الزيارات، والنفي القسري إلى مكان ناءٍ بعيد عن أبنائها.
وقد أبلغت السلطات السيدة أكبري منفرد أن إطلاق سراحها مشروط بالتراجع عن طلبها المتعلق بمحاسبة المسؤولين عن قتل شقيقها وشقيقتها. وعلى الرغم من تحمُّلها عقوبة بالسجن لمدة 15 عامًا دون السماح لها بالخروج في إجازة ولو لمدة يوم واحد حتى أثناء جائحة كوفيد-19، إلا أن محنة السيدة أكبري منفرد لا تزال مستمرة. وتم استدعاؤها للمثول أمام القضاء في سجن إيفين، في 1 يوليو 2023، ووُجهت إليها 5 اتهامات جديدة، ثم حكم عليها بعد ذلك بالسجن لمدة عامين آخرين. وتفيد المعلومات التي تم الحصول عليها من مصادر داخل السجن بأن الهدف من استمرار اعتقالها هو إجبارها على التراجع عن طلبها المتعلق بمحاسبة المسؤولين.
إن معاملة مريم أكبري منفرد هي مثال صارخ على مدى استعداد السلطات الإيرانية لسحق كل من يسعى للعدالة والقصاص لضحايا مجزرة عام 1988، وعلى إصرارها على قمع أي مطالبة بالمساءلة، والمضي قدماً في إفلات المجرمين من العقاب.
ونظرا لاستحالة تحقيق العدالة على المستوى المحلي، هناك إمكانية للمساءلة على المستوى الدولي أو في بلد أجنبي لا يخضع لسيادة جمهورية إيران الإسلامية. من المحتمل ألا تبوء الجهود الرامية إلى إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية بالفشل.

امرأة صامدة تقف شامخة كالجبل في وجه كل التحديات بشجاعة
ولدت مريم أكبري منفرد في 14 ديسمبر 1975، وهي أم لثلاث بنات. إنها واحدة من أكثر السجينات السياسيات مقاومةً، وقد فضّلت العيش بحرية وكرامة على الخضوع للملالي.
وتم نقلها إلى سجن إيفين، في منتصف ليلة الثلاثين من ديسمبر عام 2009 ” لِبَيان بعض التفاصيل” دون أن تتمكن من توديع بناتها، لكنها لم تعد إلى منزلها أبداً.
إن سبب سجنها هو مطالبتها بالعدالة لأربعة من أشقائها الذين أعدمهم نظام الملالي بوحشية في عقد الثمانينيات. وكانت شقيقتها رقية أكبري منفرد أُمَّاً لفتاة صغيرة، وأُعدمت شنقاً مع سائر السجناء في مجزرة صيف عام 1988.
إن مريم أكبري دائماً ما كانت مصدر إلهام للسجناء الآخرين، خلال السنوات التي قضتها خلف قضبان السجن. وقلبها بحر من العواطف يغمر كل من حولها بالحب. وتصفها إحدى زميلاتها في الزنزانة، السجينة السياسية السابقة آتنا فرقداني؛ بأنها كانت رمزاً للمقاومة، وكانت مقاومتها كقوس قزح في سماء السجن، تبعث الأمل في نفوس جميع السجناء.
ولهذا السبب نقلتها إدارة السجن إلى سجن ناءٍ للحيلولة دون أن تكون مصدر إلهام للآخرين. من إلهام الآخرين. وقامت إدارة السجن، في 9 مارس 2021، بنقل مريم من سجن إيفين فجأة إلى سجن سمنان ووضعها بين السجناء العاديين في انتهاك لمبدأ الفصل بين الجرائم.
وفي سجن سمنان، على عكس السجناء الآخرين، حُرمت من زيارة أفراد عائلتها والاتصال بهم هاتفياً. ولا يسمح لها بإجراء أي مكالمة هاتفية إلا تحت مراقبة مسؤولي السجن وضباط الأمن.
تعاني السجينة السياسية مريم أكبري منفرد من أمراض مختلفة نتيجة قضائها 14 عامًا في السجن. ولا تسمح لها وزارة المخابرات بمراجعة الطبيب خارج السجن. وقد وصف لها طبيب السجن طعامًا خاصًا، ولكن لم تتم تلبية طلبها بتوفير الطعام الصحي اللازم أو مراجعة طبيب متخصص.
وقد تدهورت حالتها الصحية بشكل كبير بسبب سوء التغذية وعدم حصولها على العلاج اللازم، مما أدى إلى تعرضها لمضاعفات صحية متعددة.
منظمة العفو الدولية تعرب عن قلقها
أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً عاجلاً في 26 أغسطس 2021، أعربت فيه عن قلقها البالغ إزاء سوء المعاملة مع مريم اكبري منفرد بسبب مطالبتها بالتقاضي لمحاسبة الجناة.
وكتبت هذه المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان: “إن سجينة الرأي مريم أكبري منفرد مسجونة منذ شهر مارس في ظروف قاسية وغير إنسانية، في سجن ناءٍ في محافظة سمنان، بعيدًا عن عائلتها. ويأتي هذا الإجراء انتقاماً لكتابتها رسائل مفتوحة تندد فيها بانتهاكات سلطات نظام الملالي لحقوق الإنسان، وسعيها إلى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة للقصاص لشقيقها وشقيقتها اللذين اختفيا قسراً وإعدامهما خارج نطاق القضاء عام 1988. وتجدر الإشارة إلى أنها قضت فترة حبس طويلة ظلماً، تقدر بحوالي 12 عاماً”.
وفي اليوم نفسه، غرّدت منظمة العفو الدولية حول أوضاع النساء في سجن سمنان أيضًا. وكتبت منظمة العفو الدولية: “تعاني النساء في سجن سمنان في إيران من ظروف قاسية، من بينها صعوبة الوصول إلى المراحيض والحمامات والأدوات الصحية، بالإضافة إلى قلة الرعاية الطبية لعلاج العدوى، والحد من هجوم القمل. ويجب على الحاج محمدي أن يسمح للمراقبين الدوليين بالتفتيش، ومن بينهم جاويد رحمان”.
العد التنازلي المثير للغاية
وصفت مريم أكبري منفرد مشاعرها حيال الظروف التي تعيشها خلف القضبان، في رسالةٍ بعثتها من السجن، في ديسمبر 2022، قائلة: “13 عامًا، كانت تمر كل ثانية فيها وكأنها معركة مثيرة للغاية. قضيت 13 سنة، أي 4745 يومًا، يرهق فيها عد الأيام المرء. فما بالك وهي تحسب 4745 يوماً واحداً تلو الآخر وهي في خضم صراع غير متكافئ! هذه ليست قصة خيالية من 4000 صفحة، بل هي واقع مأساوي عشناه تحت وطأة الفاشيين الذين فُرضوا علينا ولم نرغب في الاستسلام“.
كتبت مريم أكبري عن فراقها عن أبنائها قائلةً: “رغم تلهفي الشديد لوجودي بجانب أبنائي، مَن من الأمهات لا تتوق إلى ذلك؟ ولكنني لست نادمة، بل إنني أكثر إصرارا على مواصلة طريقي. لقد قلتُ هذا الكلام في كل جلسة تحقيق واستجواب، رسمية كانت أم غير رسمية، وأنا سعيدة بتكراره!”
“بعد أن فُرقت عن أولادي لمدة 13 عاماً، شهدتُ جرائم كثيرة بأم عيني خلال هذه الفترة، مما زاد من عزيمتي. وراء هذه القضبان، في هذه الصحاري المظلمة، ينتشر التعذيب والظلم على مد البصر، بل إن السفالة والوحشية يتجاوزان حدود الرؤية. هنا يكمن الدليل الدامغ على الظلم الذي لا يوصف والوحشية التي تعرضت لها النساء، لدرجة أن سماع قصة واحدة منهن يكفي لجعل القلب ينزف ألماً. فما بالك لو كان عليك أن تعيش مع مئات من هذه الرموز التي تعرضت للتعذيب، وأن تشعر بمعاناتهم بكل كيانك.
التقيّت على مدى 13 عاماً بعشرات الأطفال ومئات المراهقين والشباب من أقران بناتي، وربّتُ على أكتافهم، وتحدثت معهم. وبسبب صمتهم ووحدتهم عضضت على أسناني غيظًا، وصرخت بكل قوة دفاعاً عنهم؛ في وجه كل ظالم يخفي الحقيقة!

سر الصمود والمقاومة
إن سألتني كيف صبرت في ظلمات العذاب وطول الأيام الشاقة، لأجبتك: إن شعلة الإيمان الجامحة في قلبي هي سندي وقوتي وهي التي تجعلني أستمر.
في وحشة العزلة وبيد خاوية، هذه الشرارة المتوهجة المتمردة هي كل ما يسعى المحققون لسلبها من السجين منذ اللحظة الأولى للاعتقال، ليخمد ويستسلم ويخضع للنير… إلخ.
أما أنا قد أشعلت في نفسي نار الغضب المقدس، طوال تلك السنوات الثلاثة عشر؛ إزاء ما رأيت من تعذيب وحملته على جسدي، فلم أطفئها قط! ضحكت وجعلت الآخرين يضحكون، حتى نتمكن جميعًا من الصمود؛ لأن المقاومة هي قلبنا النابض.”
إيماني بالمسار الذي ضحى من أجله إخوتي، والإيمان بالطريق الذي سلكته، والإيمان بقبضات الشباب المتشابكة وخطواتهم الثابتة ، ويقفون الآن على أرض الشارع لمواجهة الديكتاتورية بأجسادهم وأرواحهم.
نعم، إيماني ببراءة ومظلومية إخوتي وأخواتي، الذين لم أعتبرهم أمواتًا أبدًا، كانوا ولا يزالون أحياء في قلبي، فهم الذين أخذوا بيدي في كل لحظة من لحظات سجني… إلخ. وأجدهم الآن في شوارع إيران.
تذكرت عليرضا (الذي أُعدم في عام 1981) عندما رأيت قبضات ذلك الشاب المتشابكة في نازي آباد.
رأيت رقية (التي أُعدمت في سجن إيفين في صيف عام 1988) وهي تقف شامخة الصدر في مقدمة الصف، تواجه الحرس القمعي، وسمعت صوت عبدالرضا (الذي أُعدم في كوهر دشت في صيف عام 1988) في صرخات أقرانه الممتدة من أجل الحرية.”
أرى غلامرضا (الذي استشهد تحت تعذيب الحراس في سجن إيفين عام 1985)؛ في كل شاب يستشهد تحت التعذيب.
نعم، كانوا يسعون إلى دفنهم في مقابر مجهولة دون الكشف عن هويتهم، ولكننا نشهد اليوم كيف أن جيلاً جديداً شجاعاً يواصل مسيرة أولئك الشباب الذين لم ينحنوا لخميني.

رسالة إلى الفتيات والشباب الشجعان في الشوارع
مع كل خبر عن احتجاج أو انتفاضة، تتجدد شرارة إيماني المتقدة وسط النساء اللواتي لا يرون سوى تحطيم هذه الأبواب الحديدية كأمل وحيد للخلاص.
أشعر في كل لحظة برغبة عارمة للوقوف إلى جانب بناتي وأبنائي الأبطال الذين يقفون بكل شجاعة في الشوارع، وأقول لهم: “إذا ما اعتقلتم، فلا تثقوا ولو للحظة واحدة في المحققين. فهم ليسوا من جنسنا! والعدو يبقى عدواً في كل الأوقات!”
شددوا إيمانكم بقضيتكم، فهذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنكم التمسك به في الحبس الانفرادي.
أقول لأهالي السجناء: “لا تأخذوا الوعود والتهديدات على محمل الجد. أنتم وحدكم مَن يستطيع إنقاذ أرواح أبنائكم بترديد أسمائهم من حناجر الناس! لا أحد من المحققين يريد الخير لكم. لا تصمتوا، ولا تكفوا عن الصراخ!”
أقول للعائلات المكلومة، ولكل أم فقدت فلذة كبدها في هذا السبيل، ولكل أخ وأخت فقد جزءاً من جسده، تحية إجلال وإكبار لشهدائهم… وأشاطرهم حزنهم العميق، وأمد يدي لهم من بعيد، وأقف معهم جنباً إلى جنب، أكثر إصراراً من قبل للمطالبة بالعدالة والقصاص من المجرمين.”
حديثنا يدور عن نضال دام 13 عامًا دون توقف، لكن خلاصة القول هي: “إنني سأقف هنا في اليوم الأخير فوق قمة الجبل، كالشمس أُغني نشيد النصر”. الغد لنا.
كشف النقاب عن آلام أهالي ضحايا مجزرة عام 1988 ومعاناتهم
ردت السجينة السياسية مريم اكبري منفرد بشجاعة في أغسطس 2022 على ادعاءات كاذبة أطلقها مسؤول سابق في نظام الملالي بشأن عائلات ضحايا مجزرة عام 1988.
قال حسين موسوي تبريزي، المدعي العام آنذاك في عقد الثمانينيات: “كان بإمكان عائلات الأشخاص الذين أُعدموا تقديم شكوى، لكنهم لم يفعلوا!”
تُعد تصريحات تبريزي إحدى الاعترافات النادرة لمسؤولي نظام الملالي حول مذبحة عام 1988، والتي ظلوا ينكرونها ويحافظوا على سريتها حتى السنوات الأخيرة. بعد إصدار الحكم بالسجن المؤبد على حميد نوري، أحد المتورطين في مجزرة عام 1988 بسجن كوهر دشت، والذي أيدته السلطة القضائية السويدية، اضطر نوري للاعتراف بإعدام 30,000 سجين سياسي في ذلك العام.
ردت السجينة السياسية المناضلة، مريم أكبري منفرد، التي تم نفيها إلى سجن سمنان في مارس 2021؛ على هذا المعمم الجلاد في رسالة مفتوحة.
متلهفون للحظة تحقيق العدالة
نار أغسطس لا تزال تلهب مشاعرنا…
أسمع في الأخبار أن أبناء حميد نوري يشتكون من تعذيب والدهم !!! ياله من زمن عجيب!…
فحميد نوري هو الشخص الذي صفَّ أحبائنا في تلك الأيام واقتادهم إلى غرفة الإعدام. وهو الذي ربما كان من بين الذين شاهدوا آخر لحظات عبدي، ولعله قد غضب من شجاعته ومقاومته، وسحب الكرسي بيديه من تحت قدمي عبدي بضغينة شديدة. وهو الشخص الذي فرح وتباهى بإعدام آلاف الأشخاص من أمثال عبدي. وهو الشخص الذي جعل السجن جحيمًا للسجناء السياسيين، حتى يتمكن من كسرهم، حسبما يمليه عليه عقله المريض.
يقبع نوري الآن في أفضل السجون، وتم الاستماع إلى دفاعه عن نفسه بعدالة تامة، ويدعي أنه تعرض للتعذيب! إذا كان هذا تعذيباً، فماذا كان ما تحملته عائلات شهدائنا، وأمهاتنا وأمي الكرسجتانية؟! ويلاتٌ لا يمكن أن تخطر على بال حيوان ليلقيها على حيوان آخر”.
في زاوية زنزانتي في الحر المحموم، أسلم نفسي لأحلام بعيدة، عندما كنت في نفس عمر أطفالي… حين كنت أرافق أمي في طريقنا إلى سجني إيفين وكوهر دشت للزيارة…
اللقاء الأخير… في العيد الإيراني، وبعد شهور من انقطاع الأخبار، ساقي بملابس ملطخة بالدماء من شدة التعذيب…
اللحظات التي كانت تذهب فيها الأم إلى غرفة مليئة بالصور وتغلق الباب وتختلي بأبنائها الذين ظلوا شباباً في تلك الإطارات، حتى لا نرى دموعها… لكن الحزن الشديد أخذها منّا للأبد وهي في سن الأربعين. هل هناك حقًا كلمات يمكن قولها عن هذا التعذيب؟
لقد عانينا الأمرين من ويلات عقد الثمانينيات، عقد القمع والتعذيب، ولهذا السبب نسعى لتحقيق العدالة، ومحاسبة الجناة، لكي لا تتكرر مثل هذه الجرائم البشعة في حق الأجيال القادمة في إيران.
إن العدالة أسمى من الحب، حتى من حب الأم لأبنائها. ولأنني أحب أبنائي، أسعى لتحقيق العدالة.
إن عدم محاكمة الشاه والسافاك على ما ارتكبوه من جرائم ضد الإنسانية قد مهد الطريق لهذه الحكومة لتكرار مثل هذه الجرائم، ولكننا مصممون على تحقيق العدالة في إيران إلى الأبد، وإدانة حميد نوري هي خطوة وإن كانت صغيرة إلا أنها ذات أهمية نوعية في هذا المسار…
نحن مسرورون بكسر الجمود الذي تم إنكاره لمدة 3 عقود، فالحكومة والمدعون الآخرون كانوا يتجادلون حول عدد الشهداء. الكل أراد أن يتجاهلنا وينكر آلامنا! ولكننا صبرنا على آلامنا طوال هذه السنوات من أجل هذه اللحظة واللحظات الواعدة بتحقيق العدالة…
لا مفر من تحقيق العدالة
سمعت أن موسوي تبريزي أشار إلى أنه “كان بإمكان العائلات أن تشتكي، لكنها لم تفعل!”
ربما نسيت يا تبريزي. اسمح لي أن أذكرك بأن العائلات لم يكن لها حتى الحق في إقامة مراسم العزاء. وفي نفس مراسم العزاء العائلية، كنت تعتقلهم وجميع الضيوف وتزج بهم في السجون. ولم تسلّموا للعائلات جثث أحبائهم، ولم تخبروهم بمكان دفنهم ولم تضعوا أي علامة للتعرف عليهم! وتتحدث الآن عن الشكوى بعد ثلاثين عاماً من ارتكابكم للمجزرة!
والآن بعد أن تقدمت بشكوى، ماذا فعلتم بي بعد 3 عقود سوى التهديد والترحيل واستمرار الحبس غير القانوني؟
لا مفر من العدالة… لقد قطعت وعداً بملاحقة كل من أمر أو نفذ هذه المجزرة البشعة واحدًا تلو الآخر، ولن يهدأ لي بال حتى يحاسبوا جميعاً.
جراحنا لا تزال تنزف، وكأن الجريمة وقعت للتو لا قبل 3 عقود ولا حتى 3 أيام! لا تزال حرارة شهر أغسطس تحرق قلوبنا، وتحملنا الألم الشديد طوال هذه السنوات، واشتطنا غيظاً. ولكن سيأتي يوم ينتصر فيه الحق ويشفى كل جرح في قلوبنا …
إن المجزرة لا تزال مستمرة. فالإعدام والقتل العشوائي للأبرياء هو امتداد لتلك المجزرة، وإن أحداث 2009 و 2017 و 2019 هي امتداد لمجزرة 1988. وإن السعي والمطالبة بالتقاضي والقصاص لمجزرة 1988 هو جوهر النضال من أجل الحرية.
ستكون دماء الحسين وأصحابه نوراً يضيء درب الثائرين، وراياتهم الحمراء ستظل ترفرف في سماء الحرية، وستستمر الثورة ما دام الظلم قائماً.
لقد نهضنا للتقاضي من أجل ألا تفقد أي أسرة عزيزاً بعد اليوم، ونصرُّ على تحقيق العدالة.
أفكر هذه الأيام في أحبتي رقية وعبدي (عبد الرضا)، وكذلك عليرضا وغلامرضا، فهم أحياء في قلبي، وأتذكرهم دائمًا بابتسامة وكأنهم حراسي في هذا الثقب الأسود.
سوف يشرق فجر العدالة من خلف الغيوم المظلمة والعواصف، وسنشعر في ذلك اليوم بالحب من كل قلوبنا. والنصر حليفنا بإذن الله.
المطالبة بالإفراج عن مريم أكبري منفرد وجميع السجناء السياسيين
تدعو لجنة المرأة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مرة أخرى المفوض السامي، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والمقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، والمقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، وغيرهم من الهيئات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة؛ إلى أن يدينوا بشدة السلوك غير الإنساني الذي يتبناه نظام الملالي في معاملة السجناء السياسيين، وخاصة السجينات، واتخاذ إجراءات فورية لإطلاق سراح مريم أكبري منفرد.