شهر أكتوبر يبدأ بقصة آرميتا كراوند المفجعة وينتهي بوفاتها
بدأ شهر أكتوبر في إيران بالهجوم الوحشي الذي قام به العملاء المكلفون بفرض قوانين الحجاب على آرميتا كراوند، وانتهى بنبأ وفاتها الممزق للقلب، وممارسة أجهزة المخابرات والأمن ضغوطاً مكثفة على عائلتها لمنع أي تحرك خارج عن السيطرة أثناء مراسم تشييع الجنازة والدفن.
وأدان العالم عملية الاغتيال هذه، وطالب بإجراء تحقيق مستقل في هذه القضية.
ومع ذلك، لن يتم على الإطلاق تعويض رحيل آرميتا كراوند عن عالمنا بطريقة محزنة ومؤلمة، وهي الفتاة البريئة الموهوبة التي ضحت بحياتها في سبيل المقاومة ضد قوانين نظام الملالي وممارساته القمعية، وخاصة الحجاب الإلزامي.
وتمكنت أجهزة المخابرات والأمن التابعة لنظام الملالي من السيطرة على الوضع منذ البداية، حيث قامت بتطويق المستشفى، وقيَّدت بشدة التواصل مع الضحية وأسرتها، وأخيراً أعلنوا عن وفاتها من خلال نشر تقرير يعتمد على الأفكار النمطية والأحكام المسبقة، في وسائل الإعلام والصحافة.
وأسرع مجلس شورى الملالي، عشية الذكرى السنوية للانتفاضة الوطنية عام 2022، في التصديق على مشروع قانون العفة والحجاب، وحتى قبل التصديق الرسمي عليه فرضت الشرطة وغيرها من الأجهزة المعنية قيودًا صارمة وعقوبات مشددة على النساء والشركات التي تجرؤ على انتهاك قوانين الحجاب الإلزامي. وأسفر مثل هذا النهج عن عواقب مؤلمة، من بينها على سبيل المثال، تعرض آرميتا كراوند لإصابات خطيرة ووفاتها في نهاية المطاف على أيدي العملاء المكلفون بفرض قوانين الحجاب والحشمة.
لذلك، نهدف في هذا العدد من النشرة الشهرية للجنة المرأة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ إلى تسليط الضوء على قضية آرميتا كراوند، وهي الضحية الأخيرة لمحاولات نظام الملالي الدؤوبة لاستعادة هيبته المفقودة.

من هي آرميتا كراوند وماذا حدث لها؟
ولدت آرميتا كراوند في 2 أبريل 2006 في كرمانشاه، لكنها عاشت في طهران، والتحقت فيها بالمدرسة.
كانت آرميتا تتمتع بصحة جسدية وعقلية مثالية. إذ كانت رياضية جيدة وتتمتع بمستوى عالٍ من اللياقة البدنية، وحصلت على الحزام الـ 3 في التايكوندو، وكانت عضوةً في أحد فرق الفنون القتالية بالعاصمة. كما كانت تحب الرسم.
تعرضت “آرميتا كراوند” يوم الأحد 1 أكتوبر 2023 إلى اعتداء العملاء المكلفون بفرض قوانين الحجاب والحشمة، في إحدى محطات مترو طهران. وكانت شدة الاعتداء وحشية لدرجة أنها تلقت ضربة شديدة على رأسها ودخلت على إثرها في غيبوبة.
لقد روى أصدقاء آرميتا هذا المشهد المروع وقالوا إن الدماء كانت تنزف رأسها. وحاولت إحدى الركاب، والتي يبدو أنها ممرضة أو طبيبة، إنعاش آرميتا في نفس محطة المترو قبل أن يتم نقلها بسيارة إسعاف إلى مستشفى “فجر” في طهران التابع لجامعة الجيش للعلوم الطبية.
ويفيد تقرير غير مؤكد صادر بتاريخ 3 أكتوبر 2023، بأن مصدراً من داخل المستشفى ذكر أن مستوى وعي آرميتا كراوند هو المستوى الـ 3، وأن بؤبؤي عينيها لا يستجيبان للضوء، ويمكن القول من الناحية الصحية إنها على وشك الموت الدماغي، حيث أنها أصيبت بنزيف في المخ على إثر الضربة التي تلقتها على رأسها. ولسوء الحظ، فإن فرصة بقائها على قيد الحياة ليست كبيرة.
ويفيد هذا المصدر بأنه تم إخلاء أحد الأقسام بالكامل من جميع الأشخاص والممتلكات، ووضعتها قوات الأمن تحت حراسة أمنية مشددة.

إجراءات أمنية مشددة للسيطرة على الوضع
كان عملاء المخابرات وقوات الأمن ورجال الأمن المتنكرون في ملابس مدنية يحاصرون مستشفى “فجر” في ذلك الحين.
ولم يُسمح لأحد برؤية آرميتا كراوند، ولا حتى لوالديها. وبعد تسريب صورة آرميتا في وحدة العناية المركزة بالمستشفى؛ بادرت قوات الأمن بمصادرة الهواتف المحمولة لجميع أفراد عائلة آرميتا.
وتم القبض على مريم لطفي، مراسلة صحيفة “شرق”، عندما توجَّهت ظهر يوم الاثنين، 2 أكتوبر 2023، إلى مستشفى “فجر” لإعداد تقرير عن الحالة الصحية لآرميتا كراوند، وأطلق سراحها بعد ساعات قليلة. (موقع “رويداد 24” الحكومي – 2 أكتوبر 2023).
وتم احتجاز صديقاتها اللواتي نقلوها إلى المستشفى؛ لمدة ثلاثة أيام في المعتقل.
بالإضافة إلى ذلك، توجَّه رجال الأمن المسؤولون عن حراستها والتابعون لوزارة التربية والتعليم بمعية فريق من قوات الأمن؛ إلى مدرسة “عروة الوثقى” الفنية حيث كانت تدرس آرميتا. وتفيد التقارير بأنهم قاموا بتهديد جميع طلاب وصديقات آرميتا بعدم تبادل المعلومات حول آرميتا أو نشر صورها والتحدث إلى وسائل الإعلام.
وتعرض جميع أقارب آرميتا في مدينة كوهدشت بمحافظة لرستان للمراقبة والضغط الأمني.
وتم اتخاذ كل هذه الإجراءات الأمنية للحيلولة دون الوصول إلى الفتاة التي فقدت وعيها بسبب هبوط مفاجئ في ضغط الدم، حسبما يزعم نظام الملالي. بيد أن رواية غالبية المواطنين مختلفة تماماً.
بث مقابلات مفبركة وأفلام مجزأة
وبعد يومين من الحادث، وتحديداً في 3 أكتوبر 2023، أجرت قناة “إيرنا” المتلفزة التابعة لوكالة “إيرنا” الرسمية للأنباء المحسوبة على نظام الملالي؛ مقابلة مع والدي آرميتا .
أجريت هذه المقابلة مع بهمن كراوند، وشهين أحمدي، في المستشفى نفسه بحضور المسؤولين الأمنيين البارزين.
وقالت والدتها في هذه المقابلة القصيرة إنهم قالوا لها إن ضغط دم آرميتا انخفض، وأن رأسها ارتطمت بمترو الأنفاق.
“كان من المفترض أن تلتقي آرميتا بصديقاتها في الصباح في محطة مترو أنفاق الشهداء، عندما كانت ذاهبةً إلى المدرسة. وعندما ذهبوا، أعتقد أن ابنتي كانت تعاني من انخفاض ضغط الدم، ولا أعرف ما الأمر. أعتقد أنهم قالوا الآن أن ضغطها انخفض، أليس كذلك؟ هل انخفض ضغطها أم لا؟ الخلاصة هي أنه سقطت على الأرض ثم اصطدمت حافة رأسها بحافة مترو الأنفاق”. (قناة “إيرنا 24” الحكومية المتلفزة – 3 أكتوبر 2023).
وكشفت المقابلة عن أن والدي آرميتا غير متأكدين مما حدث لابنتهما.

وتواجدت امرأة مجهولة في هذه المقابلة المتلفزة بمعية والدي آرميتا تم تقديمها على أنها “إحدى الأقارب” وأكملت أقوالهما وقالت إن هجوم دورية الإرشاد على زوجة هذا الشاب كانت شائعة يروجها أعداء الولي الفقيه. وتعرف مستخدمو شبكة التواصل الاجتماعي في وقت لاحق على هذه المرأة، وأعلنوا أن اسمها كوثر جوهري. وهي مدرسة في إحدى مدارس شهريار، وعضوة في قوات الباسيج في هذه المدينة،ولا تربطها أي صلة قرابة بعائلة كراوند.

أجرت صحيفة إلكترونية تسمى “فراز” مقابلة مع والد آرميتا . قال فيها إنه في العمل وليس لديه أي معلومات عن ابنته التي دخلت في غيبوبة. واندهش الكثيرون من تصريحات والد آرميتا. وفي وقت لاحق، نفى رئيس تحرير الصحيفة إجراء هذه المقابلة.
وفي هذه الأثناء أجرت قناة “إيرنا” المتلفزة مقابلة مع صديقتي آرميتا، مهلا وفاطمة اللتان كانتا معها في مترو الأنفاق. وكررتا رواية نظام الملالي عمّا حدث في ذلك الصباح الباكر أثناء الذهاب إلى المدرسة؛ في تصريحات كانت تُقال بطريقة رسمية أو محايدة، دون أي تعبير عن المشاعر.
وبث نظام الملالي مقطع فيديو قصير يظهر دخول آرميتا كراوند وصديقاتها قطار مترو الأنفاق ثم خروجها من القطار.
وفي الوقت نفسه نشر المسؤولين الحكوميين نسخة أطول من مقطع الفيديو ، ولكن من الواضح أنه تم تجزأته من أفلام كاميرات المراقبة لإثبات عدم حدوث أي شجار في محطة المترو. لكن هذا الفيلم لا يحتوي على أي لقطات من داخل العربة التي دخلت فيها آرميتا كراوند في غيبوبة.
اعتقال والدة آرميتا، وشهود العيان يكشفون النقاب عن معلومات سرية وحساسة
تفيد تقارير وسائل التواصل الاجتماعي وجماعات حقوق الإنسان بأن الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الملالي اعتقلت شهين أحمدي، والدة آرميتا كراوند؛ بالقوة في مستشفى “فجر” مساء الأربعاء، 4 أكتوبر 2023.
وبعد مرور 24 ساعة وتقديم تعهد كتابي بعدم الإدلاء بأي معلومات للخارج؛ تم إطلاق سراحها مساء الخميس، 5 أكتوبر وإعادتها إلى مستشفى “فجر”.
ونفت وكالة “تسنيم” الحكومية للأنباء اعتقال والدة آرميتا كراوند.
نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في 5 أكتوبر، روايات شهود العيان، حول حدوث شجار أدى إلى إصابة آرميتا بنزيف دماغي وفقدانها للوعي. وفيما يلي بعض الأجزاء من هذا التقرير:
قال أحد شهود العيان: “بعد وقت قصير من دخول آرميتا عربة المترو، صرخت إحدى العميلات المكلفات بفرض قوانين الحجاب والحشمة ترتدي الشادور؛ في وجه آرميتا وسألتها: لماذا لم تغطي شعرك؟ فقالت لها آرميتا: هل طلبت منك أن تنزعي وشاحك؟ لماذا تريدين أن أرتدي الوشاح؟ وتحول النقاش بينهما إلى العنف، وبدأت العميلة المتأسلمة في الاعتداء الجسدي على آرميتا ودفعتها بقوة.
وقال شاهد آخر إن آرميتا كانت لا تزال واعية عندما سقطت على الأرض. وقال هاذان الشاهدان إنهما شاهدا العميلة المكلفة بحارس الحجاب نفسها وهي تنتظر خلف سيارة الإسعاف التي نقلت آرميتا إلى المستشفى.
ولم تنشر الإدارات الحكومية أي لقطات فيديو من داخل القطار نفسه، ولم تقدم أي تفسير لسبب عدم نشرها. والجدير بالذكر أن معظم عربات القطار في مترو طهران تحتوي على العديد من كاميرات المراقبة التي يمكن لقوات الأمن رؤيتها. وتقول شخصيات معارضة أن الساعة الموجودة في مقطع الفيديو تظهر أنه تم قطع ما لا يقل عن 100 ثانية من هذا الفيديو. (نهاية تقرير الغارديان)

الإبلاغ عن تدهور الحالة الصحية، وانخفاض مستوى علامات البقاء على قيد الحياة
أعلن موقع رسمي تابع لوزارة الشباب والرياضة والشباب في نظام الملالي، يوم الأربعاء 11 أكتوبر 2023، أن علامات بقاء آرميتا كراوند على قيد الحياة، والتي كانت مستقرة نسبيًا؛ تغيرت خلال الأيام القليلة الماضية، وتدهورت حالتها الصحية إلى حد ما.
ويشير تقرير وكالة “برنا” الحكومية للأنباء، والذي تم حذفه بعد نشره؛ إلى أن محاولات الفريق الطبي للمساعدة في تعافي آرميتا لا تزال مستمرة.
ورغم حذف هذا التقرير، إلا أن بعض وسائل الإعلام الحكومية، بما في ذلك صحيفتي “همشهري آنلاين” و “خبرآنلاين” الإلكترونيتين نشرتا هذا الخبر نقلاً عن وكالة “برنا” الحكومية للأنباء.
وتفيد تقارير وسائل التواصل الاجتماعي؛ بأن فريق الأطباء المعالج لآرميتا كراوند أبلغ قوات الأمن المتواجدة في مستشفى “فجر” أنه من المؤكد أنها توفيت دماغياً؛ نظراً لأنها لم يعد لديها أي رد فعل أو علامات على أنها على قيد الحياة. وقالوا إنه لا داعي للاستمرار في استخدام أجهزة طبية أخرى في علاجها، ويجب إبلاغ عائلتها بوفاتها دماغياً.
وصرحت السيدة سروناز جيت ساز، رئيسة لجنة المرأة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في هذا الشأن بأن:
مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للحكومة الإيرانية تُعلن عن تدهور الحالة الصحية لـ آرميتا كراوند، وهو ما قد يكون تمهيدًا لإعلان خبر وفاتها. ومن المثير للدهشة هو أن النظام الإيراني لم يقدم بشكل رسمي حتى مساء الأربعاء أي معلومات محددة عن حالة آرميتا البالغة من العمر 16 عامًا. في حين أنهم كانوا يقولون قبل أسبوع إنها دخلت في غيبوبة. من الواضح أن نظام الملالي لديه سيناريو محدد لإخفاء حقيقة الأمر بشأن آرميتا، خاصةً وأنه يتهرب من تقديم إجابات واضحة لممثلي ومسؤولي الأمم المتحدة.

تقارير متضاربة حول الموت الدماغي لآرميتا
أعلنت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، بما في ذلك وكالة أنباء “تسنيم” التابعة لقوة القدس الإرهابية، وقناة أخبار هيئة الإذاعة والتلفزة التابعة لنظام الملالي، ووكالة “برنا” الحكومية للأنباء، وغيرها من وسائل الإعلام، يوم الأحد 22 أكتوبر 2023، أن الموت الدماغي لآرميتا كراوند يبدو مؤكدًا.
وذكرت قناة الأخبار التابعة لنظام الملالي أن: “أن المتابعات لمعرفة آخر الوضع الصحي لآرميتا كراوند تشير للأسف إلى أن حالتها الصحية ليست مبشرة، ورغم محاولات الطاقم الطبي المعالج، إلا أن الوفاة الدماغية لآرميتا كراوند تبدو مؤكدة.
وبعد هذه الخبر، نُشرت تقارير متضاربة من مصادر أخرى.
واستشهدت مجموعة هەنگاو، وهي منظمة سياسية إيرانية تدعو إلى التغيير الديمقراطي في إيران، ومقرها النرويج، والتي نشرت لأول مرة خبر آرميتا كراوند؛ بمقابلة مع والد آرميتا، بهمن كراوند، وكتبت: “أخبرنا أطباء آرميتا أن دماغها توقفت عن العمل وليس لدينا حيلة يمكننا القيام بها، ولا أمل لدينا في بقائها على قيد الحياة.
ومع ذلك، نقل راديو فردا، الفرع الفارسي لراديو أوروبا الحرة، الذي تموله الحكومة الأمريكية، في اليوم نفسه، 22 أكتوبر، عن اثنين من أفراد عائلة آرميتا أنهم أنكرا وفاتها دماغياً، بيد أنهما أضافا أنهما لم يتمكنا من تقديم أي مساعدة طبية في ظل هذه الوضع، وأن كل شيء بيد الله.
وقال هذان العضوان في عائلة كراوند أن هذه العائلة لديها أمل كبير في شفائها وعودتها للحياة. وقالا إن الفريق الطبي أكد لهم أنه لو كانت آرميتا متوفيه دماغياً، لما كان تحت الرعاية الطبية حتى اليوم”.
ومع ذلك تفيد تقارير أخرى غير مؤكدة بأنه تم فصل الأجهزة من آرميتا في الساعة الـ 7 من مساء يوم الأحد، 22 أكتوبر، وأنهم نقلوها إلى المشرحة. وطُلب من عائلتها الاستعداد لدفنها. ويقال إن عملاء المخابرات ضغطوا على عائلتها بشأن مكان الدفن.

الإعلان الرسمي عن وفاة آرميتا
بعد أيام من الإنكار وتسريب تقارير متضاربة اعترف نظام الملالي المجرم، في نهاية المطاف، بوفاة آرميتا كراوند، ابنة إيران المحبوبة.
وأعلنت وكالة “إيرنا” الرسمية للأنباء المحسوبة على نظام الملالي، في الساعة الـ 9:57 من صباح يوم السبت، 28 أكتوبر 2023؛ خبر وفاة الطالبة من طهران، آرميتا كراوند.
كما نشرت وسائل الإعلام الحكومية الأخرى نفس هذا التقرير النمطي.
وتشير الرواية الرسمية إلى أنها فقد الوعي بسبب انخفاض مفاجئ في ضغط الدم أثناء دخولها عربة المترو مع صديقاتها، وأن رأسها اصطدمت بالحافة الخارجية للمحطة وأصيبت. وتفيد وكالة “إيرنا” للأنباء بأن الاصدام كان قوياً لدرجة أنها أصيبت بسكتة قلبية لبضع دقائق، وبعد محاولات العديد من المواطنين وموظفي مترو الأنفاق وأفراد الطوارئ لإسعافها، تم إرسالها إلى أقرب مستشفى متخصص لتلقي المزيد من الرعاية الطبية”.
“لسوء الحظ، أدى الضرر الدماغي الذي لحق بالمصابة إلى دخولها في غيبوبة لفترة من الوقت وتوفيت قبل دقائق قليلة”.
وأضافت وكالة “إيرنا” الحكومية للأنباء أنه: “وفقًا للنظرية الرسمية للأطباء، أن آرميتا كراوند سقطت على الأرض وإصيبت في الدماغ بعد تعرضها لانخفاض مفاجئ في ضغط الدم، وأعقب ذلك تشنجات مستمرة، وانخفاض في وصول الأوكسجين للدماغ، والوذمة الدماغية”.

دفن آرميتا كراوند وسط إجراءات أمنية مشددة
يُذكر أن السلطات رفضت تسليم جثمان آرميتا لعائلتها، وقالت إنه لا يُسمح للعائلة بنقل جثمانها إلى كرمانشاه. وبدلاً من ذلك، سوف تقوم قوات الأمن بدفن الجثمان بأنفسهم في طهران للحيلولة دون تنظيم مظاهرات مماثلة لتلك التي شهدتها البلاد عقب مقتل مهسا أميني.
وتم دفن جثمان آرميتا كراوند يوم الأحد، 29 أكتوبر 2023، وسط إجراءات أمنية مشددة، في مقابر بهشت زهرا بطهران، بحضور عائلتها وحشد كبير من المواطنين.
ويقول أحد أقارب آرميتا، إن عائلتها وافقت على دفنها في طهران “تحت ضغط أمني”. ونُقل عن شخص آخر من أقاربها قوله: “نحن نعيش في طهران، ولكننا لا ندفن موتانا في طهران”.
والجدير بالذكر أن عدد رجال الأمن المتنكرين في ملابس مدنية، وقوات الشرطة المنتشرة في القطعة رقم 99 في مقبرة بهشت زهرا كان أكبر من عدد الأشخاص الذين توجهوا إلى المقابر لحضور مراسم تشييع جنازة آرميتا كراوند. واعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن 15 شخصاً من أقارب آرميتا كراوند والمشاركين في مراسم تشييع الجنازة. وتظهر الصور المنشورة أن قوات الأمن منعت المواطنين من الاقتراب من قبر آرميتا، من خلال إقامة سياج معدني حول مكان الدفن.
وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة عن هذه المراسم، أن عدداً من المواطنين رددوا هتاف “هذه الزهرة هدية للوطن”.
هذا واقتحمت قوات الأمن الحكومية، ورجال الأمن المتنكرون في ملابس مدنية؛ مسجد “جابري” الذي أقيمت فيه مراسم تشييع جنازة آرميتا . وقاموا بالانهيال على بعض المواطنين بالضرب والسب خارج المسجد لمنعهم من المشاركة. وكان قسم الرجال داخل المسجد مليئاً بأفراد قوة الشرطة الخاصة. كما شوهد 3 أفراد من أعضاء قوات حرس نظام الملالي سيئة السمعة وهم يمارسون نشاطهم خلال مراسم التشييع: حسين ايزدي، القائد الأوسط لهيئة الأركان المشتركة لقوات حرس نظام الملالي، وحسين خوش نظر، رئيس مركز الموارد البشرية بقوات حرس نظام الملالي ورئيس قسم التوظيف في شركة مترو طهران، ومصطفى نوروزي، قائد فصيل الخدمات في هيئة الأركان المشتركة بقوات حرس نظام الملالي ورئيس أمن مترو طهران.

المواطنون الإيرانيون يعبرون عن احتجاجهم على مقتل آرميتا كراوند بترديد الهتافات من فوق أسطح المنازل
بعد نشر خبر وفاة آرميتا كراوند، رددت مختلف مدن إيران، ومن بينها طهران، وكرج، وشيراز، مساء يوم السبت، 28 أكتوبر 2023؛ هتافات سیاسية مناهضة للحكومة ومعبرة عن استياء المواطنين من الوضع المزري للبلاد.
وعبر المواطنون في عدة مناطق بطهران عن احتجاجهم على مقتل آرميتا كراوند بترديد هتاف ” “سنواصل طريقك يا آرميتا كرواوند”.
وردد المحتجون في منطقة سعادت آباد من داخل المنازل والأبراج السكنية هتاف “الموت لحكومة قتلة الأطفال” و”سأقتل من قتل أختي”.
ومن بين الهتافات السیاسية الأخرى المناهضة للحكومة والمعبرة عن استياء المواطنين من الوضع المزري للبلاد، في سعادت آباد هتافات “الموت للجمهورية الإسلامية” و”الموت لخامنئي السفاح” و”فليسقط مبدأ ولاية الفقيه” و”سوف نقتلك يا خامنئي يا سفاح، وسندفنك تحت التراب“.
كما رددت بلدة أكباتان الواقعة غرب تهران، مساء يوم السبت، 28 أكتوبر 2023 بعض الهتافات، من قبيل “الموت لحكومة قتلة الأطفال” و”الموت للديكتاتور”.
كما سُمعت هتافات سیاسية مناهضة للحكومة ومعبرة عن استياء المواطنين من الوضع المزري للبلاد، في منطقة جيتكر الواقعة غرب طهران، وفي بعض المناطق من مدينة كرج أيضاً، حيث ردد المحتجون هتاف ” الموت لحكومة قتلة الأطفال” و”الموت للديكتاتور”.
كما ردد المحتجون في شيراز، بعض الهتافات، من قبيل “الموت للديكتاتور” و”الموت لخامنئي” و”سنواصل طريقك يا آرميتا كراوند”.
فيما قام طلاب جامعة الزهراء بطهران، يوم السبت، 28 أكتوبر 2023 ؛ بإحياء ذكرى آرميتا، من خلال تثبيت المنشورات والملصقات.
كما تم اعتقال اثنين من المحتجين على مقتل آرميتا كراوند، في مدينتي دهلران وآبدانان في محافظة إيلام.

أدلة متزايدة على تستر نظام الملالي
دعت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في 4 أكتوبر 2023؛ المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالعنف ضد المرأة إلى الاستفسار فوراً عن حالة آرميتا، وإرسال ممثل قبل فوات الأوان لرؤية الفتاة المظلومة والبريئة والتحقيق في حالتها الصحية.
وأضافت سيادتها: “إذا كان نظام الجلاد ليس لديه ما يخفيه في قضية آرميتا البالغة من العمر 16 عاماً، فلماذا يحاصر المستشفى ويمنع الصحفيين المستقلين من الحضور؟”.
كما طالبت منظمة العفو الدولية، يوم الجمعة، 6 أكتوبر، من خلال إصدار دعوة لإجراء تحقيق مستقل فيما حدث لآرميتا كراوند، قائلة إن هناك “أدلة متزايدة على تستر السلطات”.
وأعلنت منظمة العفو الدولية إنها حللت اللقطات التي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية، والتي يُزعم أنها تشير إلى عدم حدوث اشتباكات، واكتشفت أن الفيلم قد تم تحريره، وقد تم زيادة سرعة الإطارات، فضلاً عن فقدان أكثر من 3 دقائق من مقطع الفيديو.
وقالت منظمة العفو الدولية إن هناك “مخاوف جدية” من أن عائلة كراوند وصديقاتها أُجبروا تحت الضغط والتهديدات بالانتقام؛ على الظهور في مقاطع فيديو دعائية وتكرار رواية الحكومة.
وقالت أغنيس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “أشعر بالحزن والغضب بسبب فقدان شابة أخرى لحياتها بوحشية، وهي آرميتا كراوند البالغة من العمر 16 عامًا؛ بسبب قوانين الحجاب الإجباري المهينة في إيران. ويجب تقديم المسؤولين عن وفاة آرميتا كراوند غير القانونية إلى العدالة”.

كما أن جاويد رحمان، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بقضايا حقوق الإنسان في إيران، شعر في تقريره الأخير بالحزن الشديد في إشارته إلى الأخبار المحزنة المتعلقة بآرميتا كراوند البالغة من العمر 16 عاماً، وطلب من جمهورية إيران الإسلامية إلغاء قوانين الحجاب الإجباري على الفور.
كما أكد معرباً عن قلقه بشأن حالة حقوق المرأة في إيران، ومشيراً إلى إصدار أحكام بالسجن طويلة المدة على المحتجين على الحجاب الإجباري؛ على أن: “النساء والفتيات الإيرانيات يتعرضن للفصل العنصري والتمييز بين النوعين الاجتماعيين”.
وقالت السيدة ريم السالم، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات: ” الخبر المحزن هو أن آرميتا كراوند تعرضت للعنف من قبل شرطة الأخلاق، مما أسفر عن دخولها في غيبوبة لعدة أسابيع، وفارقت الحياة. إن أوجه التشابه المحتملة مع الظروف التي أدت إلى مقتل مهسا أميني مثيرة للقلق. ومن غير الممكن أن تفشل الحكومة الإيرانية مرة أخرى في التحري والاستجواب. والجدير بالذكر أن منح المسؤولين الحكوميين الحصانة من الملاحقة القضائية يتعارض مع الحاجة إلى منع تكرار انتهاكات حقوق الإنسان”.

النظام الإيراني يخشى انفجار الاحتجاجات على إثر وفاة آرميتا كراوند
تشير التكهنات إلى أن آرميتا كراوند كانت ميتة دماغيًا منذ البداية، وإلا لماذا منعت السلطات الوالدين والأصدقاء والمراسلين الصحفيين من الاطمئنان على آرميتا؟ ولماذا تم وضع المستشفى تحت الحصار الأمني المشدد؟
وفي الواقع، حتى لو سلمنا بأن آرميتا فقدت الوعي بسبب انخفاض مفاجئ في ضغط الدم، فكيف يمكن أن تصطدم رأسها بالحافة الحديدية لعربة مترو مزدحمة بالركاب وتصاب بارتجاج ونزيف في المخ، على الرغم من أنها كانت محاطة بالناس والأصدقاء؟
والحقيقة هي أن النظام الإيراني كان يشعر بالقلق من أن يتسبب خبر موت آرميتا دماغياً في اندلاع احتجاجات وطنية على غرار الاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني في معتقل دورية الإرشاد، في شهر سبتمبر العام الماضي واستمرت لعدة أشهر.
وحاول نظام الملالي التخفيف من تأثير الصدمة على المجتمع ومنع انفجار غضب المواطنين، من خلال نشر تقارير متضاربة. وبعد إجراء عدة اختبارات، اختار نظام الملالي في نهاية المطاف اللحظة المناسبة عن الإعلان عن وفاتها عندما كان العالم كان منشغلاً بأشياء أخرى، بمعنى أن أن السلطات الإيرانية اختارت توقيت الإعلان عن وفاة آرميتا كراوند ليكون في عطلة نهاية الأسبوع، عندما تكون وكالات الأنباء أقل نشاطًا والناس مشغولون بالإجازات، حتى يطغى الموت والدمار في الشرق الأوسط على الخبر تمامًا.
وأعربت لجنة المرأة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن تعازيها لوفاة آرميتا كراوند، والتي تُعد امتداداً وتكراراً لاستشهاد جينا أميني على يد عملاء الحكومة، واتهمت خامنئي ورئيسي وإيجئي ورئيس بلدية طهران بالمسؤولية عن قتل آرميتا كراوند. وهي جريمة أغضبت جميع أبناء الشعب الإيراني، وخاصة النساء. وطالبت لجنة المرأة المشار إليها لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بالتحقيق في هذه الجريمة.
بالنظر إلى تجربة جينا أمینی، ينتاب نظام الملالي اللاإنساني حالة من الرعب من غضب واستياء المواطنين، لذا يسعى إلى الحيلولة دون الكشف عن حقيقة الحادث، من خلال التستر، ونشر معلومات كاذبة ومضللة، وممارسة الضغط على عائلة الفتاة البريئة وعلى المحيطين بها من أقارب وصديقات. والجدير بالذكر أن قوات الشرطة القمعية قامت منذ الليلة الماضية وقبل الإعلان عن وفاة آرميتا بمحاصرة مستشفى “فجر” حيث تم نقلها للاستشفاء؛ للحيلولة دون اندلاع أي نوع من الاحتجاجات.

وقدمت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ تعازيها في الوفاة الظالمة لآرميتا كراوند، وأضافت: “اختطفت الفاشية الدينية الحاكمة لإيران، من بيننا مرة أخرى، فتاة بريئة بحجة ارتداء حجاب سيء فبركها الملالي. وتسعى القوى القمعية إلى منع المواطنين من الانتفاض والاحتجاج، غير مدركين أن الشعب والشباب في إيران، وخاصة الفتيات ونساء هذا الوطن عقدوا العزم على الإطاحة بنظام الملالي، وضرورة استبدال هذا النظام الفاشي بنظام ديمقراطي يقوم على حكم الشعب للشعب.
وأشارت السيدة رجوي إلى أن الملالي الحاكمين لإيران باسم الإسلام، هم في الحقيقة دجالون وكذابون، وأضافت: “إن السياسات والممارسات اللاإنسانية التي يتبناها الملالي ضد المرأة لا علاقة لها بالإسلام، وهي مجرد أداة لبقاء نظام ولاية الفقيه الشرير. لا للدين الإجباري، ولا للحكومة الإجبارية، ولا للحجاب الإجباري.
تدعو لجنة المرأة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بوضع حقوق الإنسان في إيران، والمقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، وجميع المدافعين عن حقوق المرأة؛ إلى إدانة القمع والتمييز الوحشي والمنهجي ضد النساء والفتيات الإيرانيات والاحتجاج عليهما. وينبغي على مجلس الأمن الدولي أن يفرض عقوبات على نظام الملالي القمعي.