أزمة التمريض في إيران: تدني الأجور، ضغط العمل الشديد، وموجة الهجرة
يواجه النظام الصحي في إيران أزمة متفاقمة تدفع الممرضين إلى حافة الانهيار. فقد أدت الأجور المتدنية، وساعات العمل المفرطة، وسوء بيئة العمل إلى نزوح جماعي للعاملين في قطاع الرعاية الصحية بحثًا عن فرص أفضل في الخارج.
نقص متزايد في أعداد الممرضين
أبقى النظام الإيراني رواتب الممرضين دون خط الفقر مع زيادة عبء العمل من خلال تقليص أعداد الطاقم الطبي في المستشفيات. ونتيجة لذلك، يتجه العديد من الممرضين إلى ترك وظائفهم، أو تغيير مجالات عملهم، أو الهجرة إلى دول أخرى.
ووفقًا للبيانات الرسمية لوزارة الصحة الإيرانية، يغادر حوالي 1,800 ممرض وظائفهم سنويًا. وفي تقرير نشرته صحيفة وطن امروز الحكومية في 19 فبراير 2025، تم تسليط الضوء على تفاقم الوضع:
- إيران تقوم بتدريب وتصدير الممرضين مجانًا إلى العالم!
- يوجد حاليًا 250000 ممرض فقط لخدمة 85 مليون نسمة، بينما يتقدم 3000 ممرض سنويًا بطلبات للهجرة.
- من بين 12000 خريج تمريض جديد سنويًا، يسعى أكثر من 3000 للعمل في الخارج.
إيران: مركز تصدير المواهب التمريضية إلى الخارج
تنتج كليات التمريض الإيرانية 16000 خريج سنويًا عبر 190 كلية، مما يجعل إيران واحدة من أبرز مراكز تعليم التمريض في المنطقة. ومع ذلك، بدلاً من تعزيز النظام الصحي في البلاد، أصبحت إيران واحدة من أكبر الدول المصدّرة للممرضين.

نسبة الممرضين إلى المرضى في إيران أدنى من المعايير العالمية
حاليًا، تبلغ نسبة الممرضين في إيران 1.6 ممرض لكل 1000 شخص، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي حددته منظمة الصحة العالمية (WHO) والبالغ 3 ممرضين لكل 1000 شخص. وهذا يضع النظام الصحي الإيراني في وضع حرج وخطير.
جذور المشكلة: تدني الأجور وظروف العمل السيئة
سلّط محمد شريفي مقدم، الأمين العام لـ” دارالتمريض الإيراني”، الضوء على الأسباب الاقتصادية لهذه الأزمة:
- قبل عام 1995، كان جميع العاملين في قطاع الرعاية الصحية يتقاضون رواتب ثابتة، ولكن بعد 1997، ومع إدخال الحوافز المالية، تحول التركيز من رعاية المرضى إلى تحقيق الأرباح.
- حاليًا، يتقاضى الممرض في إيران راتبًا أساسيًا يبلغ حوالي 13 مليون تومان شهريًا (ما يعادل 144دولارًا تقريبًا).
- في المقابل، يحصل الممرضون على رواتب أعلى بكثير في الخارج:
- 2000 دولار شهريًا في دول الخليج
- 3500 يورو في أوروبا
- 6000 دولار في الولايات المتحدة
نظام تعويضات غير عادل

أثار أسلوب توزيع التعويضات في المستشفيات استياءً واسعًا. وفقًا لـشريفي مقدم:
- التعرفة الرسمية لخدمات التمريض تبلغ 270000 تومان لكل إجراء طبي، لكن بعد الخصومات والضرائب، يحصل الممرضون على 2 إلى 3 ملايين تومان إضافية شهريًا فقط.
- في المقابل، يحصل بعض الطواقم الطبية الأخرى على تعويضات تتراوح بين 100 إلى 200 مليون تومان شهريًا.
العامل الخفي: الضغوط في بيئة العمل
إلى جانب تدني الأجور، يواجه الممرضون الإيرانيون ضغوطًا إضافية في بيئة العمل، مثل الالتزام الصارم بقوانين الزي الرسمي والقيود الأيديولوجية التي يفرضها النظام.
وقد أدى ذلك إلى تسريع وتيرة الهجرة، حيث بدأت بعض الدول بما في ذلك دول أوروبية ودول الخليج في تقديم دورات لغة مجانية للممرضين الإيرانيين، مما يمكنهم من التأهل للعمل في الخارج بعقود تضمن حقوقهم بعيدًا عن القيود التي يعانون منها في إيران.
تأثير الأزمة على النظام الصحي الإيراني
مع استمرار النقص في أعداد الممرضين وتزايد موجة الهجرة، يواجه النظام الصحي الإيراني أزمة متفاقمة. وإذا استمر هذا الاتجاه، ستجد إيران صعوبة في تقديم خدمات صحية كافية، مما يزيد من ضعف نظامها الصحي الهش أصلاً.




















