المقاومة الشاملة للمرأة الإيرانية ستهزم الحملة القمعية لفرض الحجاب القسري بدفع ثمن باهظ
شهدنا في شهر أبريل جولة جديدة من قمع المرأة في إيران بحجة فرض الحجاب الإجباري. والجدير بالذكر أن عودة دوريات الإرشاد إلى الشوارع وقيامها باعتقال النساء والانهيال عليهن بالضرب والسب بوحشية أثار احتجاجات حتى من قِبل العصابات الداخلية في نظام الملالي.
وللعلم، بدأت هذه الجولة من القمع بعد تصريحات علي خامنئي، الولي الفقيه للملالي في إيران، في 3 و 10 أبريل 2024، حيث قال: “إن الحجاب فريضة شرعية وقانونية، وطالب جميع المسؤولين وأفراد الشعب، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بالقيام بواجبهم في هذا المجال.
وفور صدور أمر خامنئي، أعلن قائد قوة الشرطة في نظام الملالي أنه سيتم التعامل بمزيد من الجدية مع النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الإجباري اعتباراً من 13 أبريل الجاري، في كافة الممرات والأماكن العامة. ولاحقاً، اعترف ممثلو خامنئي على منابر صلاة الجمعة بأن قضية الحجاب تشكل تهديداً أمنياً لنظام الملالي وتحمل في طياتها خطر الإطاحة بالنظام.

وأعلنت السيدة مريم رجوي في هذا الصدد أن: “خامنئي يسعيٍ مرة أخرى بذريعة ضرورة ارتداء الحجاب الإجباري إلى قمع النساء اللواتي لعبن ولا زلن يلعبن دور القيادة في النضال ضد هذا النظام اللإنساني المناهض للبشرية؛ خوفاً من الانتفاضة، والعيش في مستنقع الأزمات الحادة التي تهدد نظامه”.
وأضافت سيادتها: “إن الهدف هو إخماد الحركة في المجتمع بأسره، والحيلولة دون اندلاع الانتفاضة. إلا أن هذا النظام قد أهدر الفرصة الذهبية، ووشك أوانه على أن يولي إلى غير رجعه، حيث أن الشعب الإيراني، وخاصةً الثائرون من الشباب والنساء قد عقدوا العزم على الإطاحة بهذا النظام الفاشي. ولن يُجدي أيّ قمع أو اعتقال أو تعذيب أو إعدام أو إشعال للحروب نفعًا لهذا النظام الذي يحتضر”.
والآن، في نهاية شهر أبريل، أي في غضون أقل من 3 أسابيع، نجد أن النساء والشعب الإيراني تمكنوا من إفشال جولة نظام الملالي هذه من التعبئة وأرغموه على التراجع، بالمقاومة والصمود ودفع الثمن غالياً، وتصدوا لانتهاك حق المرأة البديهي في حرية اختيار الملبس.
التعبئة الغفير للعناصر النظام على غرار أيام انتفاضة 2022
لطالما كانت حملات فرض الحجاب الإجباري على المرأة الإيرانية دليلاً على العنف الحكومي ضد النساء والفتيات الإيرانيات. وفي هذه الموجة من حملة القمع ضدّ المرأة بدعوى “سوء الحجاب” و”السفور”، اعترف عملاء نظام الملالي بأنّه يتعين على ما لا يقل عن 32 وزارة ومؤسسة حكومية الانخراط في فرض الحجاب الإجباري، وألا يتركوا الشرطة تتصدر المشهد بمفردها.
ولكن في الحملة الأخيرة المعروفة باسم “مشروع النور”، نجد أن ضرب وسب المرأة والتعامل معها بعنف قد اتخذ أبعاداً غير مسبوقة.
نشر نظام الملالي أعداداً هائلة من رجال الأمن في الشوارع، على غرار ما حدث خلال انتفاضة عام 2022. حيث كان راكبو الدراجات النارية من الوحدات الخاصة، والمركبات المختصة بقمع الاحتجاجات يسعون إلى ترويع المواطنين بتحركاتهم الجماعية في الشوارع. ومثلما حدث أثناء الانتفاضة؛ كان قطيع الضباط يتحركون في مجموعات مكونة من 10 إلى 15 شخصًا ويعتدون على شخص واحد. وشارك في الهجوم رجال الأمن المتنكرون في ملابس مدنية ليرتكبوا أكثر أشكال السلوك غير القانوني بشاعةً. وفي نهاية المطاف، لا يتم تحميل مسؤولية تصرفاتهم على أي مؤسسة حكومية، والأنكى من ذلك أنهم يلقون باللوم على المواطنين.
وكان أغلب العناصرالتي كانوا يرتدون الزي الرسمي في محطات المترو مشغولون بتصوير النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب الإجباري. يفيد تقرير من محطة مترو “تجريش” في طهران أن رجال أمن حراسة مترو الإنقاق كانوا يذكِّرون النساء بارتداء الحجاب، وكانت الشرطة في المدخل تقوم بتفتيش حتى حقائب الأفراد.
بالتعاون مع الهيئات الأمنية، أجبرت قوات الشرطة أكثر من 100 مدير مركز تجاري على توقيع تعهُّد، وطلبت منهم بث التذكيرات اللازمة حول ضرورة ارتداء الحجاب الإجباري؛ عبر مكبرات الصوت في المجمع، وتركيب لافتات إعلانية عند مداخل المجمع تنص على ضرورة ارتداء الحجاب.
وتم اعتقال ما لا يقل عن 500 امرأة في طهران، في اليوم الأول فقط من تنفيذ هذا المشروع. (صحيفة “اعتماد” الحكومية – 18 أبريل 2024).
وخلال نداء في 11 أبريل 2024، دعت لجنة المرأة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ النساء والرجال في إيران إلى التصدي بحسم والصمود ضد الجولة الجديدة من اضطهاد نظام الملالي للمرأة، ودعت الهيئات الدولية، ولا سيما المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالعنف ضد المرأة؛ إلى إدانة تصرفات نظام الملالي المناهضة للمرأة.

العنف الحكومي ضد النساء والفتيات في الشوارع
وصفت النساء المعتقلات لحظات الاعتقال بأنها مصحوبة بالضرب والسب والإهانة والتحرش، واستخدام رجال الأمن لأجهزة الصدمات الكهربائية، والهراوات، وحتى التحريض على الاشتباكات الجسدية.
وقالت شابة في مقطع صوتي على قناة “ايكس” ناشرةً صورة لذراعيها وقد أصيبا بالكدمات نتيجة للضرب والسب: “أنا في حالة سيئة للغاية، لا أستطيع حتى التحدث. لقد اعتقلوني من محطة المترو واقتادوني معهم. ولكن لأنني كنت قد كتبت تعهداً أكثر من مرتين، أجبروني على كتابة تعهد ثالث، وجلدوني وانهالوا عليّ بالضرب، وضربوني على رأسي بشدة، وشدوا شعر رأسي بقوة. أنا في حالة سيئة جدًا”.
تم القبض على فتاة تبلغ من العمر ١٧ عامًا بطريقة مروعة، في شارع وليعصر بمفترق طرق عباس آباد في طهران، بينما كانت الفتاة تبكي وهي تمسك بالدرابزين الموجودة على جانب الطريق، ولكمتها ضابطة على يدها، وفك ضابط آخر قبضة الفتاة بيديه وشدها من شعر رأسها وألقى بها داخل سيارة الشرطة، واقتادوها معهم.
ورد في تقرير آخر أن امرأة أصيبت بتمزق في كليتيها بعد تلقيها ركلة من ضابط على مؤخرة رأسها.
تم القبض بطريقة عنيفة في شارع كريم خان، على مواطنة لم ترتدي الحجاب الإجباري. في البداية، حاصرها رجال الأمن المتنكرون في ملابس مدنية، ولكن بعد مقاومتها واحتجاج المارة، قام ضباط الشرطة المرتدون زيهم الرسمي بإهانتها بأبشع الألفاظ، وألقوا بها في سيارة الشرطة منهالين عليها بالضرب والسب.
وفي شارع الوند أيضاً، قبض رجال الأمن المتنكرون في ملابس مدنية على امرأة أخرى. وتم القبض على الرجل الذي كان برفقتها؛ بسبب اعتراضه على رجال الأمن هؤلاء. وفي الوقت نفسه، قام ضباط الشرطة بتفريق المارة وتفتيش هواتفهم لمنعهم من تصوير هذا المشهد.
قالت سيدة: “لم يمر سوى دقيقة واحدة بعد أن ذكَّروني بارتداء الشال، حتى سمعت صراخ فتاة، حيث قامت امرأة منتقبة وضابط شرطة بجر الفتاة من داخل الممر وسحبها بالقوة إلى سيارة الشرطة. كان مشهدًا مروعًا!”
عرض رجل في مقطع فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي؛ جسد زوجته المصاب وقال: “تخوفوننا من حرب إسرائيل؟ نحن نواجه ما هو أسوأ من الحرب كل يوم في الشوارع. لقد سحلوا زوجتي بسبب الحجاب، وسرقوا ساعتها ومجوهراتها.”
تم القبض في مدينة فومن بمحافظة كيلان؛ على فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً. وبعد احتجاج المواطنين، حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين بإطلاق النار في الهواء.
قام ضباط دوريات الإرشاد في منطقة عظيمية بمدينة كرج؛ بِاعتقال فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا، ولم يسمحوا حتى لوالدة هذه الطفلة بركوب سيارة الشرطة، ونقلوها بمفردها إلى مركز الاحتجاز.
كتبت الصحفية الناشطة الطلابية، دينا قاليباف، على شبكة التواصل الاجتماعي “إكس” أنها تم اعتقالها في محطة مترو صادقية؛ بسبب رفضها لأمر الضباط بارتداء الحجاب الإجباري، وتعرضت للصعق بجهاز الصدمات الكهربائية والضرب والسب، إلى جانب تعرضها للتحرش الجنسي، ثم تم الإفراج عنها بعد عدة ساعات. وفي اليوم التالي، تم اعتقالها في منزلها بتهمة نشر رواية عن اعتقالها بعنف واعتداء الضباط علهيا جنسياً؛ وتم نقلها إلى سجن إيفين.

ممارسة الضغط على الطلاب والتلميذات
أعلنت جامعة أميركبير في نشرتها الإخبارية، في 20 أبريل 2024، أن التعامل الأمني والقمعي مع طلاب هذه الجامعة وصل إلى أعلى مستوى له في العشر سنوات الأخيرة.
عبر مدخل واحد فقط؛ منع ضباط أمن الجامعة دخول أكثر من ۲۰ طالبة؛ بسبب ارتدائهن “ملابس غير مرغوبة”. وهكذا كان الحال أيضًا في باقي مداخل جامعة أميركبير.
أعلن أمن الجامعة أن ارتداء التشادور الإجباري شرطٌ للسماح للفتيات بدخول الجامعة. وكانوا يقولون للفتيات إما أن يرتدين التشادور الموجود أمام الباب ودخول الجامعة أو العودة إلى حيث كنّ.
تم تعزيز الإجراءات الأمنية للطالبات في جامعة الزهراء، بموجب تنفيذ مشروع النور، حيث كانت الجامعة قد قامت سابقًا بتثبيت كاميرات التعرف على الوجوه في مداخلها ومخارجها. وانتشرت صور طوابير طويلة أمام بوابة الجامعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما أعلنت قناة الطالبات على تلغرام عن إرسال رسائل نصية تهديدية بشأن الحجاب الإجباري لطالبات جامعة ملایر.Top of Form
مقاطعة الطلاب عن حضور المحاضرات الجامعية
بعد منع دخول ما لا يقل عن 200 طالبة جامعة أميركبير بحجة “الملبس غير المناسب”، قام طلاب هذه الجامعة بالإضراب ومقاطعة المحاضرات الجامعية.
خلال يومي الأحد والإثنين الموافقين 21 و 22 من شهر أبريل 2024؛ قام أكثر من 200 طالب من جامعة أميركبير بالإضراب احتجاجًا على الممارسات القمعية التي مارسها ضباط حراسة الجامعة في الأيام الماضية بحجة ملابس الطالبات، وتغيّبوا عن حضور المحاضرات الجامعية.
بدأت هذا الإضرابات في كليات: هندسة الكمبيوتر، وهندسة الطاقة، وهندسة الصناعات، وهندسة النسيج، ورياضيات علوم الكمبيوتر، ولم تُعقَد العديد من المحاضرات الجامعية في كليات: الهندسة الطبية، والهندسة الكيميائية، والهندسة البحرية، وهندسة التعدين أيضاً.
انتهاك حرمة طالبات المدارس
قامت مديرة المدرسة الثانوية الداخلية للفتيات البلوشيات في مدينة دلكان بإصطفاف طالبات الفصل الثاني عشر وقص سراويلهن بالمقص أمام أعين زميلاتهن بحجة ضيقها. (موقع “حال وش” الإخباري – 21 أبريل 2024).
كما أعلن مساعد وزير التربية والتعليم في نظام الملالي أنه يتم في الوقت الراهن تنفيذ 16 خطة للعفة والحجاب؛ في 600,000 مدرسة للبنات. (صحيفة “عصر إيران” الحكومية – 25 أبريل 2024).
قام المساعد التعليمي لإحدى المدارس المتوسطة في المنطقة الأولى بسنندج، مركز محافظة كردستان، في صباح يوم الإثنين الموافق 15 أبريل 2024؛ بتوجيه تحذير شفهي للطالبات والمعلمات، قبل بدء الفصول الدراسية، مفاده أنه في حال عدم التزامهن بالحجاب الإجباري، ستُفرض غرامة مالية على عائلات الطالبات.
حذرت إدارة مدرسة إحدى المدارس الأخرى في سنندج المعلمات من أن عدم التزامهن بارتداء الحجاب الإجباري، حتى خارج المدرسة، أي في الشوارع وأماكن التنزه، سيؤثر على توظيفهن الرسمي كمعلمات متعاقدات.

إجراءات نظام الملالي لفرض الحجاب الإجباري غير قانونية
إن الإجراءات التي تتخذها شرطة نظام الملالي، بما في ذلك إرسال دوريات الإرشاد، والاعتداء على النساء والفتيات في الشوارع، وضربهن وسبهن واعتقالهن غير قانونية على الإطلاق، حتى أنها تتعارض مع قوانين نظام الملالي نفسه أيضاً.
إذ لا يوجد في نظام الملالي أي قانون ينص على فرض الحجاب الإجباري. لم يصدق مجلس صيانة الدستور حتى الآن على مشروع القانون الذي كان قيد النظر، منذ العام الماضي، في مجلس شورى الملالي لفرض الحجاب الإجباري. لذا، فإن تطبيقه منذ عام باستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجوه، ومصادرة السيارات، وإرسال ملايين الرسائل النصية، وإصدار أحكام غير عادية، من قبيل الزج بالمواطنين في السجون، ونفيهم، وإجبارهم على غسل الموتى، وتنظيف الأماكن العامة، وفرض غرامات باهظة على المخالفين هي إجراءات لم ولن تكن قانونية بكل ما تحمل الكلمة من معنى حتى بموجب قوانين نظام الملالي نفسه.
بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لشهادة خبراء علم الجريمة والقانون الجنائي لنظام الملالي نفسه، نجد أن إجراءات الشرطة فيما يتعلق باحتجاز السيارات، وإجبار الأفراد على كتابة تعهدات بشأن الالتزام بارتداء الحجاب الإجباري، وإغلاق المتاجر، ومنع الأفراد من التواجد في الأماكن العامة، وإرسال رسائل نصية للناس، ليس لها أي أساس قانوني. فكل هذه الإجراءات غير قانونية. وليس لدى الشرطة حتى الحق في تذكير المواطنين لفظياً. والحقيقة هي أن مجلس الأمن القومي، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهيئة الحجاب والعفة، ووزير الداخلية شخصياً ليسوا مسنون للقوانين ولا يمكنهم تحديد حقوق وواجبات قانونية للأفراد والمؤسسات والمتاجر.
لا يحق للشرطة سوى إحالة الشخص إلى المحكمة، ولا شيء آخر. والنقطة المهمة هي أنه لا يحق للشرطة اعتقال الأفراد أو احتجاز النساء والسيدات في مراكز الشرطة أو غيرها من الأماكن. (صحيفة “روزنو” الحكومية – 14 ابريل 2024).
“إن احتجاز النساء والفتيات رغماً عن أنفهن في الأماكن المذكورة يُعدّ دليلاً على ارتكاب جريمةَ احتجازٍ غير قانوني، ويُعاقب عليه بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات وفقًا للمادة 583 من قانون العقوبات. (حساب مجموعة المستشارين القانونيين على موقع “مؤسسة دادبان القانونية” – يوم السبت 13 أبريل 2024).
نظام الملالي يسيء استخدام الدين
أكد خامنئي، الولي الفقيه لنظام الملالي في خطبته أن “الحجاب هو حكم إسلامي شرعي ولا يمكن التغاضي عنه”. تمثل هذه التصريحات استمرارًا لسياسة الاستغلال السيء التي اعتمدها خميني في استخدام الدين لفرض الحجاب الإجباري وقمع المرأة بغية قمع المجتمع بأسره منذ عام 1978.
أقرّ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في عام 1987، خطة حقوق وحريات المرأة، والتي شدّدت على حق المرأة في اختيار ملبسها بحرية. وقد أكدت السيدة مريم رجوي مراراً وتكراراً في خطاباتها، على أن أي شيء ينطوي على الإكراه والإلزام والقسر لا ينتمي إلى الإسلام. حيث ورد في القرآن الكريم: “لا إكراه في الدين”، أي ليس هناك أي إجبار في الدين.
كما أن السيدة مريم رجوي وجَّهت في خطابها بمناسبة يوم المرأة العالمي في مارس 2024؛ كلمة لنساء إيران وفتياتها، حثّتهنّ فيها على رفع شعار “لا للدين الإجباري، ولا للحجاب الإجباري، ولا للحكم الإجباري” في جميع أنحاء إيران والعالم.
يجب التأكيد على أنه لا يوجد نص في الإسلام يجيز لأي شخص التعرض للمرأة أو اعتقالها أو ضربها وسبها أو قتلها بسبب ملبسها. إنّ هذا السلوك غير إنساني ومخالف للإسلام. وبحسب جميع قوانين حقوق الإنسان وجميع الأديان، فإنّ الحق في اختيار الزي هو خيار فردي، ولا يحق لأي فرد أو جهة فرض نوع معين من الزي على أي امرأة.

جهات الدفاع عن حقوق الإنسان تدين الفصل العنصري بين النوعين الاجتماعيين والجرائم ضد الإنسانية
في تقريره إلى الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، أكد البروفيسور جاويد الرحمن، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، على استمرار القوانين والإجراءات الصارمة التي تديم الفصل العنصري بين الجنسين، وتنتهك حقوق وكرامة النساء والفتيات الإيرانيات بشدة وقال إن هذه تشمل سياسات الحجاب الإجباري، والقوانين التمييزية على أساس الجنس، والأجهزة الحكومية التي تراقب ملابس المرأة وسلوكها.
بالإضافة إلى ذلك، أدانت انتشار العنف ضد النساء والفتيات الذي تسهله القوانين والممارسات الكارهة للنساء، مشيرة إلى أنه على الرغم من الاحتجاجات الدولية، فإن مرتكبي هذا العنف غالبًا ما يظلون مجهولين، مما يساهم في دائرة الإفلات من العقاب.
أعلنت لجنة تقصي الحقائق الدولية في تقريرها عن تشديد عقوبة عدم الالتزام (الحجاب الإجباري). ويأتي ذلك وسط حملة أوسع من المضايقات والتهديدات والاضطهاد والعنف ضد النساء والفتيات اللاتي يتحدين هذه الأعراف علنًا ومن يدعمهن، وخاصة الرجال.
أكثر التقارير تأثيراً وتفصيلاً هو تقرير نشرته منظمة العفو الدولية. إذ تحتوي هذه الوثيقة على شهادات 46 رجلاً وامرأة تصف القيود والضغوط التي فرضتها عليهم حملة تطبيق الحجاب الإجباري.
كشفت منظمة العفو الدولية عن أن هذ الشهادات تقدم نظرة مرعبة عن التعذيب والاضطهاد الذي تمارسه السلطات الإيرانية على النساء والفتيات، والذي تم التخطيط له لقمع مقاومتهن الشجاعة لقوانين الحجاب الإجباري المهينة والتمييزية في البلاد.
أعلنت منظمة العفو الدولية أنه يتم استهداف الضحايا لمجرد ممارستهن لحقوقهن في الاستقلالية الجسدية وحرية التعبير واختيار الدين والمعتقد، من خلال التمرد على قوانين الحجاب الإجباري.
يجمع هذا التقرير الحقائق والشهادات منذ يناير 2023 حيث اعتلقت الشرطة النساء والفتيات و / أو لاحقتهن قضائياً وغير ذلك من سوء المعاملة، مما أدى إلى مصادرة سياراتهن تعسفياً، وفرض غرامات مالية، وإجبارهن على حضور دورات “أخلاقية”، بالإضافة إلى الجلد والعقوبات بالسجن والتهديدات.
وتم حرمان العديد منهن من فرص التعليم والتوظيف، واستخدام وسائل النقل العام، وغيرها من الخدمات العامة.
وأدان هؤلاء المسؤولون عن حقوق الإنسان نظام الملالي؛ بسبب التمييز ضد المرأة وانتهاك حقوقها، والتي يرقى بعضها إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
نظام الملالي يفشل في حملة فرض الحجاب الإجباري الجديدة
فشل نظام الملالي مرة أخرى هذا العام، مثل العام الماضي، في حملته الوحشية لفرض الحجاب الإجباري على النساء والفتيات في إيران. أعلنت قيادة شرطة نظام الملالي القمعية في بيان صادر في 26 أبريل أن ” مشروع النور ” سيمضي قدمًا نحو الذكاء الاصطناعي.
اضطر نظام الملالي في خطب صلوات الجمعة في 26 أبريل؛ إلى تنظيم مظاهرة شكر للشرطة على التصدي لردود الفعل الاجتماعية القوية ضد إجراءات الشرطة القاسية في الشوارع والساحات العامة ضد النساء والفتيات الأبرياء.
وبطبيعة الحال، بما أن فرض الحجاب الإجباري هو حجر الزاوية في ممارسة نظام الملالي للقمع إلى جانب عمليات الإعدام المتواصلة، فهذا ليس بالشيء الذي يمكن لهذا النظام الفاشي الاستغناء عنه. وكما اعترف سعيدي، إمام جمعة خامنئي في قم، في 13 أبريل، بضرورة اتباع نهج “غير سلبي” لأن “(العدو) يفكر في خطة شاملة لقلب نظام الملالي”. (قناة ” قم ” الحكومية المتلفزة – 13 أبريل 2024). أي أن قضية الحجاب لها بعد أمني وسياسي بالنسبة لنظام الملالي.
بيد أن مطالب النساء الإيرانيات لا تقتصر على حرية اختيار الملبس. إذ إنهن يُدركن جيدًا أن حقوقهن الإنسانية، مثل الحقوق الإنسانية لجميع أفراد الأمة الإيرانية؛ لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تغيير النظام وإسقاط نظام الملالي المعادي للمرأة.
إن شعار النساء الإيرانيات هو “المرأة، المقاومة، الحرية“. لذا، تنضم النساء إلى وحدات المقاومة، وينظمن أنفسهن، ويتأهبن لقيادة الإطاحة بنظام الملالي في الانتفاضة النهائية للشعب الإيراني.
والجدير بالذكر أن أحرار العالم يقفون إلى جانب نساء وشعب إيران، ويعترفون رسمياً بنضالهم المقدس من أجل الحرية.