خطة برنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بشأن الحريات وحقوق المرأة في مواجهة 40 عاما من القمع
المجلس الوطني للمقاومة هو البديل المنظم الوحيد الذي يُناضل ضد حكومة الملالي المعادية للنساء منذ أكثر من 40 عاماً، والمسؤولية المُعلنة لهذا المجلس هي تشكيل حكومة مؤقتة تتولى إدارة شؤون البلاد بعد سقوط الملالي، ومن ثم تشكيل جمعية تأسيسية جديدة وقد حدد أن تكون فرضية إنجاز ذلك خلال 6 أشهر.
لقد قام المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بصياغة وإعلان أُسُسِه وخططه المقترحة بكافة المجالات ومنها الاجتماعية والسياسية التي يعاني منها الشعب الإيراني حاليا ويناضل من أجل تحقيقها، وأحد هذه البرامج خطة الحريات وحقوق المرأة في إيران الغد الحرة، والتي أقرها المجلس الوطني للمقاومة بإجماع الآراء عام 1967.
وهنا نُشير عند تقديم كل مادة من مواد هذه الخطة في سلسلة المقالات هذه إلى خلاصة عن الوضع الحالي للمرأة الإيرانية توضح خلفية وضرورة المصادقة على تلك المادة المحددة.
المواجهة في الأُسُس والمبادئ
لقد تم تدوين خطة برنامج الحريات وحقوق المرأة للمجلس الوطني للمقاومة في إيران الغد الحرة استناداً إلى ثلاثة مبادئ أساسية؛
أولاً- إلغاء وإزالة كافة أشكال القمع والإكراه والتمييز التي يمارسها نظام خميني الرجعي وفق (شريعة الملالي) بحق النساء الإيرانيات، والالتزام بجميع الحريات وحقوق المرأة المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء، والإعلان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1993 بشأن القضاء على العنف ضد النساء.
ثانياً- التأكيد على المساواة الكاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية بين الرجل والمرأة.
3- الضمان التام لحقوق جميع النساء في البلاد بغض النظر عن أي حالة من عدم المساواة والقيود الإستغلالية، ورفض أي نوع من التعاطي السلعي للمرأة (التعاطي مع المرأة كسلعة).
قامت حكومة الملالي في مواجهة منها للمجتمع الدولي وإرادة الشعب الإيراني ببناء سلطة حكمها على أساس القمع وكراهية النساء، وقد وضعت كجنس ثاني في ديباجة دستور هذا النظام التي جاء فيها: “المرأة… وهي تسترد واجب الأمومة الهام والنبيل في تربية الإنسان المتعلم، فهي رفيقة للرجال في ميادين الحياة النشطة” وعليه فإن تم تعريف المرأة منذ البداية فقط في سياق الأم التي واجبها أن تلد وتربي الإنسان وفقاً لـ أيديولوجية النظام الحاكم بدلاً من كونها إنساناً له حقوق اجتماعية ومدنية وسياسية، وهي مُعرفةٌ في الوقت نفسه كـ كائن إلى جانب الرجل في خدمة الحياة! وليست إنساناً مستقلا ومؤثراً.
لم يتم تجريم العنف ضد النساء في قوانين الملالي، وأُخذ بعين الإعتبار وضع ألف حيلة قانونية أمام عملية القبض على من ينتهك حق المرأة في الصحة والحياة.
ظل الحديث عن حظر العنف ضد النساء مطروحاً على الألسن في إيران منذ حوالي 14 عاماً تحت ضغط الناشطين في مجال حقوق النساء، وفي كل مرة يتم الإبلاغ عن جريمة شنيعة ضد النساء في وسائل الإعلام وتصاعد الاحتجاجات الاجتماعية يقوم نظام الملالي بمناورة دعائية لتمرير مشروع قانون في هذا الاتجاه؛ لكن مشروع القانون نفسه ليس له أي تأثير رادع وذلك بحسب اعتراف سلطات هذه الحكومة، ولن تتم المصادقة أبداً على مشروع هذا القانون في ظل هكذا نظام.
وُضِع مشروع القانون المذكور والذي أصبح يسمى الآن “تحسين أمن النساء” في البرلمان في الإجراء الأخير في أبريل 2024 بعد تغييرات متكررة في العنوان ولكن لم تتم المصادقة عليه وأُرجِع مجدداً إلى اللجنة الاجتماعية. (وكالة الأنباء الحكومية ايسنا – 8 إبريل 2024)
التخير والاختيار
المادة الأولى من برنامج المجلس الوطني للمقاومة من أجل الحريات وحقوق النساء هي “حق التخير والاختيار في كافة الخيارات والاختيارات”.
تعتقد المقاومة الإيرانية أنه ما لم تحصل النساء على نصيبها في أعلى مناصب صنع القرار وتُظهِر دورها الجدير بها فلن يكون من الممكن إحقاق تغييرات نهضوية حقيقية تتعلق بحقوقها في المجالات الاجتماعية، ولقد أثبتت هذه المقاومة اعتقادها والتزامها العملي بهذه المادة عبر عقود من قيادة النساء في أعقد شؤون الحراك النضالي الأكثر دموية في تاريخ إيران المعاصر.
وإضافة إلى السيدة مريم رجوي وهي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة تشكل النساء 50% من أعضاء هذا المجلس.
وفي المنظمة المحورية بهذا المجلس أي منظمة المجاهدين فإن 100% من أعضاء المجلس المركزي وهي مؤسسة اتخاذ القرار الرئيسية للمنظمة كان تتشكل من النساء، وهذا هو الأمر المطلوب لمواجهة أكثر حكومة كارهة للنساء في العالم.
يضع دستور النظام في مواجهة اختيار النساء في مناصب صنع القرار سداً مانعاً، وتنص المادة 115 من دستور النظام على أن “رئيس الجمهورية يجب أن يتم اختياره من بين الشخصيات الدينية والسياسية.”
ووفقاً للمادة 163 من هذا القانون يجب أن يتم اختيار القاضي “وفقاً للمعايير الفقهية”، وبحسب المادة الوحيدة من قانون شروط اختيار القضاة بالقضاء يجب ” اختيار القضاة من بين الرجال المؤهلين”، أما الحد الأقصى المسموح به للنساء في نظام الملالي القضائي هو “المناصب الاستشارية… وإدارة القُصَر”.
ونتيجة لهذه القوانين في نظام الملالي فإن نسبة وجود المرأة كـ وزيرة هي صفر، وصفر في منصب محافظ، وصفر في مناصب قائمقام (حُكام المدن) أو رؤساء بلديات في مراكز المحافظات ومدن غيران الكبرى، وتوجد إمرأة واحدة فقط في بلدية بمناطق طهران.
وفي انتخابات النظام الأخيرة تمكنت 14 امرأة فقط من دخول المجلس أي ما يمثل في الواقع ما نسبته 4.1 بالمئة من المقاعد المشغولة بهذا المجلس.
اختيار الوظيفة في مواجهة رب الأسرة
المادة الثانية من برنامج المجلس الوطني للمقاومة من أجل الحريات وحقوق النساء هي “الحق في العمل وحرية اختيار الوظيفة والحق في تقلد أي منصب أو وظيفة عامة أو حكومية ومن بينها رئاسة الجمهورية والقضاء في جميع الجهات القضائية”.
من أجل ضمان تهميش النساء تترك حكومة الملالي السلطة القانونية الصلاحيات القانونية بيد الرجال للتحكم في مصيرهن، وتعتبر المادة 1105 من القانون المدني أن “مسؤولية الأسرة” هي “من خصائص الزوج”، وفي المادة 1117 نصت بوضوح على أنه يحق “للزوج أن يمنع زوجته من مهنة أو صناعة” بناءا على ادعاء الرجل بأنها “تتعارض مع مصلحة الأسرة أو كرامته أو كرامة زوجته.”
وبالإضافة إلى العقبات القانونية فإن النظام الفاسد نظام الملالي المُتسلط على الاقتصاد الإيراني وضع أيضاً العديد من التحديات الأخرى أمامهن؛ بدءا من التمييز في التوظيف إلى التفاوت الشديد في الأجور إلى بيئات العمل منعدمة الأمان، وفي كثيرٍ من المهن بيئة العمل ذكورية.
وبنظرة على التقرير السنوي للبنك الدولي لعام 2022 بعنوان “النساء، والتجارة، والقانون” والذي تناول الوضع المتعلق بتجارة وأعمال النساء في 190 دولة حول العالم ويُبين أن إيران حصلت على نسبة مئوية مقدارها 31.3، وهي متقدمةٌ فقط على قطر، والسودان، واليمن وقطاع غزة.
واستناداً إلى تقرير مركز الإحصاء فقد أُعلِن أن نسبة المشاركة الاقتصادية للنساء اللائي بلغت أعمارهن 15 سنة فأكثر قد بلغت 14.1 بالمئة في ربيع عام 2023 بينما شكل الرجال في نفس الفترة 68.3 بالمئة من معدل المشاركة الاقتصادية.