خطة تصنيف المعلمين خدعة فَطِن إليها المعلمون والتربويون
لقد شهدنا، على مدى الأشهر الأخيرة، انطلاق احتجاجات واسعة النطاق نظَّمها المعلمون في جميع أنحاء إيران للمطالبة بالموافقة على خطة تصنيف المعلمين وتنفيذها. وشكَّلت النساء جزءًا كبيرًا من هذه التجمعات الاحتجاجية؛ نظرًا لأنهن يشكِّلن 50 في المائة على الأقل من المعلمين الإيرانيين. والجدير بالذكر أن العديد من هؤلاء المعلمات هنّ معيلات ويعشن تحت خط الفقر، ويعانين من مشاكل معيشية لا حصر لها.
وبعد اجتماع حافلٍ بالتوتر عُقد في يوم الأربعاء، 15 ديسمبر 2021، صدَّق مجلس شورى الملالي على خطة تصنيف المعلمين وأعلن عنها.
ويفيد مشروع القانون المشار إليه أنه سيتم تصنيف المعلمين إلى 5 درجات على أساس “الكفاءة العامة والمتعلقة بالخبرة والمهنية، والخبرة والأداء التنافسي”، وسيتم تحديد رواتبهم حسب تصنيفهم.
وتم تخصيص مبلغ قدره 12,500 مليار تومان للمساواة في رواتب المعلمين، لمدة 6 أشهر. وبهذا المبلغ الصغير، سيزداد إجمالي الراتب الأساسي والاستثنائي للمعلمين بنسبة تقل عن 25 في المائة، أي أنه سيزداد حوالي 1,500,000 تومان فقط، ليصل إلى ما يتراوح بين 5,500,000 إلى 6,500,000 تومان.
خطة تصنيف المعلمين محاولة مضللة ولا طائل منها
إن الزيادة الضئيلة في الرواتب التي يدَّعيها نظام الملالي في خطة تصنيف المعلمين لا تشفي ألمًا من آلام المعلمين، ولن تغير سوي في الأسلوب الذي تتبناه الأجهزة الحكومية في نهب رواتب المعلمين.
والجدير بالذكر أن المعلمين سيظلون يعيشون تحت خط الفقر، تحت وطأة الظروف التي وصل فيها خط الفقر في إيران إلى 12,000,000 تومان، ووصل فيها معدل التضخم الرسمي في نظام الملالي إلى حوالي 50 في المائة؛ استنادًا إلى أن الحد الأقصى للرواتب يصل إلى 6,500,000 تومان.
ومع ذلك، يقضي مشروع قانون موازنة حكومة الجلاد إبراهيم رئيسي لعام 2021، بخضوع المعلمين بنفس الرواتب المتدنية تحت خط الفقر لدفع الضرائب، ويقوم نظام الملالي بسحب جزء من هذه الأموال الضئيلة من جيوبهم مرة أخرى.
ويُعتبر هذا التحول شكلًا من أشكال السطو على رواتب المعلمين، في حين أن إعداد موازنة عام 2022 يقضي بأن تكون ميزانية قوات حرس نظام الملالي 900 مليار تومان، أي أنها ستزداد بما يعادل 240 في المائة مقارنة بعام 2021.
واعتبر مجلس نقابة المعلمين في بيانه الصادر في 19 ديسمبر 2021 أن هذه الخطة غير مكتملة، وكتب: “إن مجلس شورى الملالي لم يولي أي اهتمام بالاحتجاجات، وأن أعضاء هذا المجلس صدَّقوا على التصنيف بشكل غير مكتمل. كما أعلنت الحكومة رسميًا الليلة الماضية، متجهمةً على مطالب التربويين أنها لن تطبق هذا التصنيف المرن”. (قناة “تلكرام” التابعة لمجلس تنسيق التشكيلات النقابية للتربويين الإيرانيين)

السبب وراء التصديق على خطة التصنيف بعد 10 سنوات
الحقيقة هي أن خطة تصنيف المعلمين طُرحت منذ 10 سنوات، وتم تقديمها إلى مجلس شورى الملالي منذ مارس 2021، بيد أنها لم تُدرج ضمن أولويات المجلس المذكور.
والسبب الوحيد وراء هذا التصديق المتهور هو الهزة التي أصابت جسد سلطة الملالي جراء انتفاضة المعلمين الكبرى التي اجتاحت البلاد خلال الفترة الزمنية الممتدة من 12 إلى 14 ديسمبر 2021، حيث انطلقت الاحتجاجات الواسعة النطاق في حوالي 200 مدينة ومنطقة، وشاركت فيها التربويات والمعلمات بشكل كبير.
وورد في بيان المعلمين الصادر احتجاجًا على عدم اكتمال قرار مجلس شورى الملالي: مما لا شك فيه أن موافقة أعضاء المجلس غير المكتملة على تصنيف المعلمين جاءت نتيجة الإعلان عن أوجه استياء المعلمين واحتجاجاتهم في سلوكيات المسيرات والاعتصامات النقابية. ولن يكف إداريي برامج الحاسوب الإقليميين والنشطاء النقابيين، والمراكز والجمعيات النقابية للتربويين، وجميع المعلمين الذين لديهم مطالب عن مواصلة الاحتجاجات حتى يتم تحقيق مطالبهم. (قناة “تلكرام” التابعة لمجلس تنسيق التشكيلات النقابية للتربويين الإيرانيين)
واعترفت صحيفة “اعتماد” الحكومية، في 15 ديسمبر 2021 بأن تراكم الفقر والتمييز والاضطرابات الاجتماعية وانتشارهم في جميع أرجاء البلاد جعل المواطنين أكثر تمردًا بشكل غير مسبوق، وتُمثِّل أشكال الفساد هذه ضغطًا على نظام الملالي، ومن شأن الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد أن تشكل تهديدًا لهذا النظام.
كما كتبت صحيفة “همدلي” الحكومية، في 25 ديسمبر 2021: “إذا لم يتم التعامل مع المعلمين كما ينبغي، فإن ذلك من شأنه أن يؤثر على أمن البلاد، حيث أن احتجاجات المعلمين تنطلق على غرار احتجاجات عامي 2019 و 2019.

عدم الوفاء الحكومة والمجلس بوعدهما
بعد 3 أيام فقط من الإعلان عن موافقة مجلس شورى الملالي على خطة تصنيف المعلمين؛ أعلن عليرضا منادي سفيدان، رئيس لجنة التعليم والبحث والتكنولوجيا في المجلس المذكور عن أن منظمة التخطيط والموازنة قد حنثت بوعدها وقال: «على الرغم من الوعود المبكرة التي أطلقها السيد نوبخت حول ما يتعلق بتخصيص اعتماد يبلغ أكثر من 60,000 مليار تومان من قانون موازنة عام 2021 لتنفيذ مشروع قانون تصنيف المعلمين، إلا أننا تسلَّمنا اليوم رسالة من منظمة التخطيط والموازنة تفيد تقليص سقف موازنة هذا التصنيف”. (موقع “إيكانا” التابع لمجلس شورى الملالي – 18 ديسمبر 2021).
وأوضح المتحدث باسم نقابة المعلمين، محمد حبيبي، أن نظام الملالي خفَّض المبلغ المخصص لخطة تصنيف المعلمين من 25,000 مليار تومان لمدة 6 أشهر إلى 12,500 مليار تومان، في حين أن الحكومة لم تدفع هذا المبلغ أيضًا، ووعدت بوضعه في رواتب المعلمين في العام القادم في شكل ديون، وهذا يعني أنه يتعين على المعلمين الانتظار لسنوات عديدة حتى يتقاضوا رواتبهم عن الأشهر الـ 6 المشار إليها.
ومضى حبيبي قائلًا: “نظرًا لأن الحكومة ومجلس شورى الملالي حنثا بوعدهما المتعلق بالتنفيذ الكامل لخطة تصنيف المعلمين، أعلن مجلس نقابة المعلمين عن استمرار التجمعات الاحتجاجية”. (موقع “عرش” الحكومي – 28 ديسمبر 2021).
انتفض المتقاعدون التربويون للاحتجاج، في تحركٍ اجتاح أرجاء البلاد، في 28 ديسمبر 2021، فيما لا يقل عن 20 مدينة إيرانية. وطالب المتقاعدون التربويون بالتنفيذ الكامل لخطة تصنيف المعلمين، ورفع المعاشات بما يتناسب مع تكاليف المعيشة والتضخم الفعلي في البلاد، والاهتمام بتحقيق المساواة بين المتقاعدين، والإفراج عن المعلمين المسجونين.
ووجَّهت إحدى المتقاعدات في حديثها في هذه الوقفة الاحتجاجية أمام مجلس شورى الملالي؛ كلمة لأعضاء المجلس ورئيسه، قاليباف، قالت فيها: “إذا أردنا الانتقام منكم، فإننا سنحاسبكم على ما اقترفتموه منذ اليوم الأول للثورة حتى الآن … إلخ. والآن قد حان الوقت لإبادتكم”.