انتقلت هيئة محاكمة حميد نوري برمتها، وهو أحد مرتكبي مجزرة السجناء السياسيين عام 1988 في إيران، في خطوة غير مسبوقة، إلى محافظة دورس في ألبانيا. والهدف من هذا الانتقال هو سماع شهود العيان الرئيسيين على مجزرة عام 1988، والمقيمين في أشرف الـ 3، موطن استقرار أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في ألبانيا.
وتم نقل هيئة محاكمة حميد نوري بأكملها، أي القضاة الـ 6، واثنين من المدعين العامين، ومحامو المدَّعين، والمترجمين، ومحامي نوري إلى ألبانيا، نظرًا لأهمية هؤلاء الشهود. ومن المقرر أن تُجرى هذه المحاكمة اعتبارًا من 10حتى 19 نوفمبر 2021 في مقر محكمة دورس في ألبانيا.
وبدأ اليوم الأول من هذه المحاكمة يوم الأربعاء، 10 نوفمبر 2021، بإدلاء السيد ”محمد زند“، أحد أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية؛ بشهادته. إذ أنه قضى 10 سنوات في سجون نظام الملالي خلال الفترة الزمنية الممتدة من عام 1981 حتى عام 1991. وشقيقه من بين ضحايا مجزرة عام 1988.
السجينات السياسيات السابقات يشاركن في مؤتمر صحفي
وفي الوقت نفسه، شارك عدد من السجينات السياسيات المجاهدات السابقات والمدعيات في القضية، في مؤتمر صحفي خارج مبنى المحكمة. وكانت السيدات مهري حاجي نجاد، والدكتورة خديجة آشتياني، ومهناز ميمنت، وفريدة كودرزي، وخديجة برهاني، وبروين فيروزان، ودامونا تعاوني من بين هؤلاء المدعيات وشاهدات العيان اللواتي أجرين مقابلات مع وسائل الإعلام الألبانية والدولية.


محمد زند يدلي بشهادته أمام هيئة محاكمة حميد نوري
قال محمد زند في شهادته أمام هيئة محاكمة حميد نوري: كان شقيقي (رضا زند) يبلغ من العمر 21 عامًا، وطالبًا في كلية التكنولوجيا، عندما تم اعتقاله بمعية صديقه برويز شريفي، في سبتمبر 1981. وحُكم على برويز بالسجن المؤبد، وعلى رضا بالسجن 10 سنوات. كما أُعدم برويز في عام 1988.
وقال رضا لوالدتي قبل إعدامه، أثناء زيارتها له: لن تريني مرة أخرى يا والدتي، فهذا النظام الفاشي لن يسمح بالإفراج عنَّا. ودخل أحد الحراس العنبر، في 30 يوليو 1981، ونادى على أسماء 8 أشخاص، وعندها التفت إليَّ رضا وأعطاني خاتمه ومسبحته، وقال: احتفظ بهما كتذكار. ولم آخذهما منه وأعطاهما لزميل آخر في العنبر. وقال: نحن ذاهبون وأستودعكم الله.
واتصلوا بوالدي هاتفيًا بعد أيام قليلة، وطلبوا منه الحضور إلى سجن إيفين وإحضار بطاقة رضا الشخصية معه. وذهب والدي إلى سجن إيفين بنفسه، ولم يأخذ البطاقة الشخصية معه. وهناك أعطوه حقيبة وقميصًا وساعة. ولاحظنا أن رضا أوقف عقارب الساعة عند الساعة الـ 2 لكي يحدد لنا وقت إعدامه. وسألهم والدي: لماذا تريدون البطاقة الشخصية؟ قالوا له: لكي نبلغك بعنوان القبر. فسألهم والدي: لماذا أعدمتم ابني؟ لن أعطيكم البطاقة الشخصية. فقاموا بعصب عيني والدي واقتياده داخل السجن، ولكي يروعوه قاموا بإعداد الإعدام المصطنع له 3 مرات. قال لهم والدي: إعدموني، فأنا ذاهب عند ابني.

من هو حميد نوري؟
يُحاكم حميد نوري، البالغ من العمر 60 عامًا، في محكمة في ستوكهولم، منذ 10 أغسطس 1021، حيث وُجِّهت إليه اتهامات متعددة، من بينها القتل، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب. وكان يشغل منصب مساعد المدعي العام في سجن كوهردشت في كرج، أثناء مجزرة عام 1988.
واعتقلته السلطة القضائية السويدية، في نوفمبر 2019، عندما سافر إلى السويد لزيارة عائلته.
والجدير بالذكر أن نظام الملالي أعدم أكثر من 30,000 سجين سياسي أثناء المجزرة التي بدأت منذ صيف عام 1988، واستمرت لعدة أشهر، في السجون في جميع أنحاء إيران؛ بعد محاكمة لمدة دقيقة أو دقيقتين. وتم دفن جميع الضحايا سرًا في مقابر جماعية. وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 90 في المائة من هؤلاء السجناء من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي المعارضة الرئيسية لنظام الملالي.
ولم يعترف النظام الإيراني بهذه المجزرة على الإطلاق، ويتمتع مرتكبوها بحصانة كاملة طوال هذه السنوات. وتكمن أهمية هذه المحاكمة في أن رئيس جمهورية الملالي، إبراهيم رئيسي، كان عضوًا في لجنة الموت في طهران، وأرسل بنفسه آلاف السجناء إلى حبل المشنقة. والحقيقة هي أن جميع قادة نظام الملالي ومسؤوليه متورطون في مجزرة عام 1988.
ويرى عدد من الفقهاء القانونين البارزين أن مجزرة عام 1988 إبادة جماعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وتُعتبر هذه الجريمة أكبر جريمة ضد الإنسانية بعد الحرب العالمية الثانية. ودافع رئيسي عن دوره في هذه المجزرة، في أول مؤتمر صحفي له بعد تعيينه رئيسًا للجمهورية.

وتزامنًا مع انعقاد جلسة المحكمة في دورس، قام المجاهدون في أشرف الـ 3، وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وأنصار المقاومة الإيرانية في ستوكهولم؛ ببعض المسيرات. وطالبوا بمحاكمة قادة نظام الملالي ومعاقبتهم على ارتكاب مجزرة عام 1988، والإبادة الجماعية للمجاهدين؛ دعمًا لحركة التقاضي.