منع العنف ضد النساء: مشروع قانون لا يتم التصديق عليه

منع العنف ضد النساء: مشروع قانون لا يتم التصديق عليه

منع العنف ضد النساء: مشروع قانون لا يتم التصديق عليه

النساء المعنّفات في إيران هنّ ضحايا لعبة النظام المعادية للنساء


مشروع قانون “تأمين أمن النساء ضد العنف“، و”مكافحة العنف ضد النساء”، و”منع العنف ضد النساء”، وأيضاً مشروع قانون “صيانة وكرامة وتأمين أمن النساء ضد العنف”، والآن “دعم النساء المتضررات وتعزيز أمنهن ضد سوء المعاملة”، كلّها عناوين تشير إلى صياغة حكومية معطّلة منذ أكثر من 13 عاماً. يُخرج النظام هذا المشروع من أدراجه بين الحين والآخر لتهدئة الرأي العام، ثم يتم تحويله من جهة حكومية إلى أخرى دون أي خطوات ملموسة.

المعارضة الرسمية للمشروع من قبل بعض المسؤولين


بعض المسؤولين ونواب النظام يعارضون هذا المشروع صراحة. على سبيل المثال، اعتبر نائب رئيس اللجنة القضائية في البرلمان أن المشروع يتعارض مع الشريعة ويفكّك أسس الأسرة. حتى أن ”أنيسة خز علي“، نائبة الرئيس السابق للشؤون النسائية ( في عهد  الجلاد إبراهيم رئيسي)، زعمت أن “العنف في أسرنا ليس منتشراً”، ووصفت المشروع بأنه غير ضروري. ( وكالة أنباء مهر الحكومية – 23 أغسطس 2023).

توجد العديد من الأمثلة على معارضة المشروع باستخدام عبارات وقحة ضد حقوق النساء، ولكن في هذا المقال نسعى إلى فضح ادعاءات النظام الكاذبة بشأن دعمه للنساء.

مصير مشروع قانون منع العنف ضد النساء

تمت صياغة النص الأول لما يُسمّى بمشروع قانون “تأمين أمن النساء ضد العنف” عام 2010 من قبل بعض القضاة، وفي عام 2011 من قبل مكتب شؤون المرأة والأسرة في رئاسة الجمهورية، حيث ضمّ النص 92 مادة.
مع بدء الحكومة الحادية عشرة، أُرسل المشروع إلى السلطة القضائية لإبداء الرأي. قامت السلطة القضائية التابعة للنظام، بحذف عدد من مواد المشروع، وأعادت نصاً من 77 مادة إلى الحكومة تحت عنوان “مشروع قانون صيانة وكرامة وتأمين أمن النساء ضد العنف”.

ثم جرت مراجعة المشروع في إحدى اللجان الفرعية للجنة لوائح الحكومة وأعيد إلى البرلمان. في 27 نوفمبر 2017 ، صرّح نائب رئيس كتلة المرأة في البرلمان بأن المجلس بحاجة إلى مزيد من الوقت لدراسة تفاصيل المشروع.

في 16يوليو 2020 زعمت حكومة روحاني مجدداً أنها أعدّت النص وأرسلته إلى البرلمان في 13يناير2021.
أعلن مجلس شوري الملالی عن استلام المشروع في14 ینایر 2021، تم إحالة المشروع إلى اللجنة القانونية والقضائية للمجلس بصفة مستعجلة. في 12 ديسمبر 2022  أُقر المشروع بعد إجراء تغييرات على العنوان والمضمون في اللجنة الاجتماعية التابعة للنظام، وفي 9 أبريل 2022 طُرح المشروع بعد تقليص مواده إلى 51 مادة في الجلسة العلنية للمجلس، حيث أُقرّت مبادئه تحت عنوان “دعم النساء المتضررات وتعزيز أمنهن ضد سوء المعاملة. (موقع ”عصر إيران“ – 13 نوفمبر 2024)

رغم هذه العملية الطويلة والمُرهقة، لا تزال تفاصيل المشروع وتنفيذه غامضة!

في 12نوفمبر 2024، أكدت وكالة الأنباء الحكومية “إيرنا”، نقلاً عن أحد نواب المجلس (أحمد فاطمي)، أن هناك العديد من المشاريع واللوائح قيد الانتظار، وأن دور هذا المشروع ليس قريباً وسيأخذ وقتاً أطول، لكنه سيُدرج في جدول الأعمال تدريجياً.

ما هو محتوى مشروع قانون دعم النساء في إيران؟

مشروع القانون الذي أعدّه النظام تحت عنوان دعم النساء مليء بالثغرات، منها:

التجاهل التام للعنف ضد النساء


هذا المشروع لا يعترف بوجود العنف ضد النساء، وخصوصاً العنف الأسري، بل إن النص بأكمله لا يتضمن حتى مرة واحدة كلمة “عنف”.
البند الأول من القواعد العامة للمشروع يشترط أن تكون جميع الإجراءات المقترحة متوافقة مع المادة العاشرة من دستور النظام التي تركز على الأسرة مع الالتزام بـ”الموازين الإسلامية”، أي القوانين الشرعية للنظام. وفقاً لهذه القوانين، يُعتبر “رئاسة الأسرة من الخصائص الذاتية للزوج”.

الإجراءات القانونية المنحازة

تنص المادة الرابعة من المشروع على أن النظر في شكاوى النساء يتبع القواعد الإجرائية للقانون الجنائي، الذي ينص على أن شهادة المرأة تعادل نصف أو أقل من شهادة الرجل.

التجاهل لعقاب المعتدين

في الفصل الثاني، الذي يُفترض أن يتناول “الإجراءات الداعمة”، تركز النصوص بشكل غريب على إدارة عقوبات النساء السجينات دون أي ذكر لعقوبات تُفرض على الرجال الذين يمارسون العنف.

التشجيع على زواج الأطفال

تتناول المادة 34 قضايا الزواج والطلاق القسري، لكنها تبرر زواج الفتيات الصغيرات بموجب المادة 1041 من القانون المدني التي تعطي الأب أو الجد أو القاضي الحق في تقرير مصير الفتاة، بل وتجيز تزويجها قبل سن 13 عاماً.

تعزيز سلطة الزوج ومعاقبة المرأة

يهدف المشروع بوضوح إلى “تعزيز الأسرة” تحت سيطرة الزوج. كما يعاقب المرأة في حالات الهروب من المنزل، الإجهاض، أو السعي للطلاق من خلال فرض عقوبات محددة.

حماية المعتدين

المادتان 42 و43 تدعمان المعتدين بوضوح، حيث تنصان على أنه في الجرائم التعزيرية من الدرجات السادسة والسابعة والثامنة، إذا كان المعتدي هو الأب أو الأم أو الزوج، يجوز للمحكمة استبدال العقوبات بعقوبات تكميليّة مراعاةً لـ”الظروف الفردية والعائلية”. كذلك، يُسمح بإسقاط التهم إذا كان المعتدي قريباً من المرأة حتى الدرجة الثانية. (المصدر: موقع “اختبار” الحكومي –  9 أبريل   2023)

عدالة النظام: إغفال تجريم العنف ضد النساء

بسبب التمييز الجنسي الحاد في قوانين النظام الإيراني، تجد النساء أنفسهن أسيرات حياة مع رجال عنيفين. نادراً ما تتدخل الشرطة في قضايا العنف الأسري، مما يعمق معاناة النساء.
قوانين الأسرة تضع عراقيل هائلة أمام النساء الراغبات في الطلاق، وحتى إذا تمكّنّ من الحصول عليه، يفقدن الحق القانوني في حضانة أطفالهن الذين تتجاوز أعمارهم 7 سنوات.
أما النساء اللواتي يعانين من العنف الجسدي، فلا يجدن دعماً كافياً من المنظمات الاجتماعية؛ إذ تركز تلك المؤسسات غالباً على إقناع النساء بالعودة إلى الحياة الزوجية بدلاً من معالجة بيئة العنف التي يعشن فيها. (مصدر:  موقع ”عصر إيران“ – 13 نوفمبر 2023)

قتل النساء: فجوة قانونية تكرّس العنف

أشار أحد علماء الاجتماع والنفس (عليرضا شريفي يزدي) إلى التمييز القانوني الواضح في جرائم القتل، قائلاً: “عندما تُقتل فتاة على يد والدها ، كما حدث في قضية قتل رومينا – وعندما يُسأل الأب عن سبب قتله ابنته بدلاً من ابن، يجيب: لو قتلت ابن كنت سأُعاقب بالقصاص. بالنسبة للرجال الآخرين، مثل الزوج، يتم تنفيذ القصاص فقط إذا دفعت عائلة المرأة نصف الدية. (وكالة إيلنا  للأنباء – 18 أغسطس 2024)

آخر التطورات حول مشروع قانون العنف ضد النساء: نتيجة مكررة ومؤلمة

رغم اعتراف الخبراء ووسائل الإعلام الحكومية، لا توجد إحصاءات دقيقة أو متسقة حول العنف ضد النساء والعنف الأسري.
تشير آخر تقارير مركز الإحصاء الإيراني إلى أن 15,764 امرأة في ربيع 2024 تم فحصهن من قبل الطب الشرعي بسبب تعرضهن للإيذاء من قبل أزواجهن.  ( وكالة إيرنا –12 نوفمبر 2024)

ومع ذلك، فإن معظم حالات العنف الأسري لا يتم الإبلاغ عنها أو متابعتها قانونياً، مما يبقيها مخفية عن السجلات الرسمية.
في الأيام الأخيرة، أثارت جريمة قتل صحفية على يد زوجها – وهو محامٍ – موجة من ردود الفعل، حيث ظهرت السلطات بمسرحية دعم جديدة للنساء المعنّفات. لعبت ”زهرا بهروزآذر“، معاونة شؤون المرأة والأسرة، دوراً بارزاً هذه المرة، حيث دعت مجلس شورى الملالي إلى “التعامل بشكل عاجل مع مشروع القانون.” وأكدت مثل المسؤولين السابقين أن “مشروع قانون تأمين أمن النساء كان أولوية منذ البداية”، مضيفةً: “طلبنا تسريع عملية النظر فيه. (وكالة إيلنا للأنباء – 13 نوفمبر 2024)

الواقع المؤلم في أرقام العنف والجريمة

كتبت صحيفة “اعتماد” الحكومية في 10 نوفمبر 2024:
“لو كانت الحكومة والمجلس قد سرّعتا من إصدار وتنفيذ هذا القانون، لما كنا نشهد اليوم هذا العدد المروع من جرائم قتل النساء.”

وفي تقرير سابق للصحيفة نفسها، بتاريخ 21 يوليو 2024 ورد أن أكثر من 150 امرأة قُتلن خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، على يد أزواجهن أو آبائهن أو إخوتهن أو أقارب آخرين.

إحصاءات ناقصة وواقع أكثر قسوة

وفقاً للخبراء، فإن الأرقام الرسمية تظل ناقصة وغير موثوقة.
في إيران، تُقتل امرأة على يد رجل من محارمها كل 4 أيام، وتتعرض امرأة لانتهاك نفسي أو جسدي كل 4 دقائق، دون أن تُسجل هذه الحالات في أي مكان رسمي.  (وكالة إيلنا للأنباء – 18 أغسطس 2024)

Exit mobile version