ستة ملايين معيلة إيرانية معرضات لأشكال خطيرة من الاكتئاب النفسي
إن المعيلات الإيرانيات يُعتبرن واحدة من الفئات المضطهدة والمبتلاة في المجتمع الإيراني، وهنَّ من حيث المبدأ ظاهرة حديثة في إيران تحت وطأة حكم نظام الملالي. وهنَّ فئةٌ مضطهدة تتحمل وحدها العبء الثقيل للأسرة على عاتقها، وتصارع شتى أنواع القضايا والمشاكل الأسرية والاقتصادية والاجتماعية.
قالت أنسية خزعلي، مساعدة رئيسة شؤون المرأة والأسرة في نظام الملالي، في سلسلة من الاجتماعات لبحث وضع المرأة والأسرة، في نادي طلاب جامعة طهران إن: “الإحصاءات غير الرسمية تشير إلى أننا لدينا ما يقرب من 6,000,000 معيلة، بينما كان عدد هؤلاء المعيلات يبلغ في وقت سابق وفي بداية الخطة السادسة 3,000,000 معيلة، وأُضيف أيضًا بعض المعيلات إلى هؤلاء الأشخاص، خلال هذه الفترة. (وكالة “إيرنا” الحكومية للأنباء – 21 يونيو 2022).
واستنادًا إلى قول مريم بورهادي، في مقابلة مع موقع “شهروند آنلاين”، في 15 فبراير 2022، فإن إحصاءات الرعاية الاجتماعية لعام 2018 تفيد أن محافظة خوزستان تحتل المرتبة الأولى في هذا الصدد بين المحافظات الإيرانية، حيث أنها تضم 33,000 معيلة. وتأتي مدينة مشهد في المرتبة الثانية، حيث أنها تضم 11,000 معيلة.
كما قالت آزاده رجبي، المديرة العامة لشؤون المرأة والأسرة في محافظة كلستان، لوكالة “إيرنا” الحكومية للأنباء إن: “900,000 معيلة يشكلن 12 في المائة من السكان في محافظة كلستان، وهنَّ في حاجة ماسة إلى المساعدة في التوظيف. ويفيد إحصاء السكان لعام 2016 أن محافظة كلستان تضم 1,869,000 شخص من أعراق وديانات مختلفة، وتشكل النساء 49 في المائة منهم. (وكالة “إيرنا” الحكومية للأنباء – 24 فبراير 2022).
وأضافت أنسية خزعلي، في اعترافها بالوضع المزري للمعيلات الإيرانيات، وكذلك بتقاعس نظام الملالي في هذا الصدد أن: “بعض المعيلات لا يعشن في وضع معقول، وتعيش المطحونات منهن في وضع أسوأ ….إلخ. وأُسند لوكيلة شؤون المرأة والأسرة، في خطة التنمية السادسة؛ وضْع برنامج شامل لتمكين المعيلات، وهذا لم يتم حتى نهاية الحكومة الـ 12. وكان ينبغي أن تتم الموافقة على هذا البرنامج في مجلس الوزراء، ثم يصدِّق عليه المجلس. وطُلب من المجلس، في الأيام الأخيرة، الموافقة على إلغاء المرحلة الأخيرة، ولم يستجب المجلس لهذا الطلب”. (وكالة “إيرنا” الحكومية للأنباء – 21 يونيو 2022).

أشكال الاكتئاب النفسي الخطيرة التي تعاني منها المعيلات الإيرانيات
أدى التضخم الجامح، والزيادة الحادة في أسعار السلع الأساسية، فضلًا عن الزيادة غير المناسبة لدخول أصحاب المعاشات إلى جانب معدل التضخم؛ إلى انخفاض ملحوظ في القوة الشرائية للعديد من الأسر الإيرانية، خاصة بين الطبقة المتوسطة والفقيرة. وتسبَّبت هذه المشكلة في أن يواجه العديد من أرباب الأسر، بمن فيهم الرجال المتزوجون والمعيلات الإيرانيات؛ مشكلة في تنظيم نفقات الأسرة بما يتناسب مع الدخل. كما تسبَّب هذا الأمر لهم في العديد من المشكلات النفسية، فضلًا عن الأضرار الاقتصادية. حيث أننا شهدنا في السنوات القليلة الماضية، تفاقم الأمراض النفسية، من قبيل الاكتئاب بين المعيلات الإيرانيات، وانطوت هذه المشكلة على عواقب كثيرة على حياة الأسر الإيرانية.
وقال عالم الاجتماع، أردشير كراوند، مؤكدًا على أن عدم القدرة على توفير سبل العيش لأفراد الأسرة من شأنه أن يعرِّض أرباب الأسر للاكتئاب النفسي: “من المؤسف أن العديد من أرباب الأسر الإيرانية يواجهون حاليًا العديد من المشاكل في تنظيم نفقات أسرهم بما يتناسب مع الدخل، ومهدَّت هذه المشكلة الطريق لإلحاق العديد من الأضرار النفسية بهم. وتتمثل أبسط عواقب هذه المشكلة في الاكتئاب النفسي لأرباب الأسر وعزلتهم، ومن شأن هذا الأمر أن يؤدي في الحالات القصوى إلى ظهور عواقب خطيرة، من قبيل الانتحار أو تعرُّض الرجال المتزوجين والمعيلات الإيرانيات للإدمان”.
وأضاف أردشير كراوند مؤكدًا على أن هناك ضغط متزايد على أرباب الأسر : “أن أكبر ضغط لتنظيم نفقات الأسرة بما يتناسب مع الدخل؛ يقع على عاتق أرباب الأسر، وحتى لو كانت هناك أسرة لا تعاني من مشكلة في كسب الدخل الكافي، إلا أن أرباب الأسر لا يزالوا مضطرون كل يوم إلى مصارعة الضغوط الناجمة عن تنظيم نفقاتهم بما يتناسب مع الدخل. ولا شك في أن ما يدعو للأسف هو أن العديد من الأسر الإيرانية يواجهون، في الوقت الراهن، العديد من المشاكل في تنظيم نفقات الأسرة بما يتناسب مع الدخل، نظرًا لأن الفجوة بين النفقات اليومية ودخول أسر الطبقة المتوسطة والفقيرة في بلادنا آخذة في الازدياد يومًا بعد يوم. (وكالة “ركنا” الحكومية للأنباء – 16 يونيو 2022).

وتسبَّب تفاقم المشاكل الاقتصادية والغلاء الناجم عن سياسات سلطة الملالي المناهضة للشعب في أن يصبح مقدار نفقات الأسرة بما يتناسب مع الدخل سلبيًا بالنسبة للعديد من الأسر الإيرانية. وبعبارة أخرى يمكن القول إن دخل العديد من الأسر الإيرانية لا يتناسب مع نفقاتها، ومن الطبيعي أن تتسبَّب هذه المشكلة في الكثير من الأضرار النفسية لأرباب الأسر في إيران. والجدير بالذكر أن مجموعة كبيرة من أرباب الأسر يشعرون بالعجز؛ بسبب عدم قدرتهم على تغيير أوضاعهم الاقتصادية على أرض الواقع، وتؤدي هذه المشكلة إلى تقليص الروابط الأسرية والاجتماعية، وإلى العزلة والشعور بالإحراج. ويقود تفاقم هذه الأضرار البعض إلى تعاطي المخدرات أو حتى الانتحار، ويزيد من معدل بعض المشاكل، من قبيل العنف الأسري، ويتسبَّب في ظهور أضرار شخصية وعائلية واجتماعية لا يمكن إصلاحها.
وأضاف أردشير كراوند؛ مشيرًا إلى زيادة عدد المعيلات الإيرانيات: “أننا شهدنا في السنوات الأخيرة، زيادة ملموسة في عدد المعيلات، خاصة في المدن الكبرى، ويأتي ذلك في ظل وضع يتعرض فيه العديد من المعيلات لمشكلة في توفير نفقاتهن ونفقات أبنائهن، كما أن الإعانات التي تتلقاها هؤلاء النساء لا تغطي على أقصى تقدير سوى ما يتراوح بين 10 إلى 15 في المائة من نفقات عائلاتهن. والجدير بالذكر أن إجمالي هذه القضايا يعرِّض المعيلات الإيرانيات لمشكلة في توفير سبل العيش لأفراد أسرهن أكثر من الرجال المتزوجين، كما أنهنَّ أكثر عرضة للاكتئاب النفسي منهم”. (وكالة “ركنا” الحكومية للأنباء – 16 يونيو 2022).
 
			 
    	 
			




















