احتفالاً بالذكرى الثانية للانتفاضة الوطنية 2022 في إيران
في يوم 16سبتمبر عام 2022، هزت إيران بمأساة مروعة بمقتل مهسا أميني البالغة من العمر 22 عامًا. هذا الحادث أطلق موجة من الاحتجاجات في أكثر من 200 مدينة إيران، استمرت لعدة أشهر. تحولت الانتفاضة الوطنية 2022في إيران إلى واحدة من أكبر حركات الاحتجاج في تاريخ البلاد، حيث ألهمت النساء الشابات الملايين من الأشخاص للسعي نحو الحرية والمساواة.
توضح الأحداث بعد الانتفاضة الوطنيه 2022 أن حكومة الملالي لن تعود أبدًا إلى التوازن السابق. شعار “الموت للظالم، سواء كان شاه أو خامنئي” الذي كان يردد في جميع الاحتجاجات في أقاصي البلاد، أظهر أن الشعب رفض أي عودة إلى الديكتاتورية ويطالب بمجتمع قائم على الحرية والمساواة.
في الذكرى الثانية للانتفاضة الوطنية 2022، من الضروري التركيز على الدور المحوري للنساء اللواتي شاركن في النضال من أجل الحرية والذين لا يزالن يشاركن فيه.
حيوات قصيرة لكنها لن تُنسى أبدًا
خلال الانتفاضة الوطنية 2022 في إيران، قُتل ما لا يقل عن 750 شخصًا برصاص قوات الأمن واعتُقل أكثر من 30 ألف شخص وتعرضوا للتعذيب. وفيما يلي بعض الأمثلة من القائمة الطويلة للنساء والفتيات الشجاعات اللواتي قدمن حياتهن كتضحية في هذا المسار.
مهسا أميني: الشرارة التي أضاءت الاحتجاجات
مهسا جينا أميني، امرأة كردية شابة تم قبولها حديثًا في الجامعة، كانت قد أتت إلى طهران مع عائلتها لزيارة الأقارب. تم اعتقالها في 13 سبتمبر 2022 في طهران بتهمة عدم الالتزام بالحجاب من قبل شرطة الأخلاق. بعد ساعتين فقط، دخلت مهسا في غيبوبة بسبب الضرب الشديد وفارقت الحياة في يوم 16 سبتمبر 2022.
قتل مهسا أميني أشعل غضب الناس في جميع أنحاء إيران وأدى إلى احتجاجات واسعة النطاق استمرت لعدة أشهر في عام 2022.
سارينا إسماعيل زاده: صوت جيل
كانت سارينا إسماعيل زاده، التي كانت تبلغ من العمر 16 عامًا فقط، تعيش حياتها بشكل مأساوي خلال الاحتجاجات في مدينة كرج. في يوم 21 سبتمبر 2022، تعرضت لضربات متعددة بالعصا على رأسها من قبل قوات الأمن مما أدى إلى نزيف شديد من رأسها ووفاتها.
سارينا كانت مدونة جريئة تشارك أفكارها ومخاوفها حول الحياة تحت حكم النظام القمعي مع جمهورها. وقد تحولت وفاتها إلى رمز لقمع العنف الشديد للنساء الشابات من قبل النظام.

دنیا فرهادی: البرعم الذي ذبل قبل تفتح
”دنیا فرهادی“، تبلغ من العمر 22 عامًا وطالبة في كلية الهندسة المعمارية في جامعة ”آزاد – الحرة“ في أهواز. وجدت عائلتها جثتها المثقوبة بالرصاص على شواطئ نهر كارون في تاريخ 16 ديسمبر 2022 اختفت دنیا بعد صدام مع عناصر البسيج التابعة لخامنئي في الجامعة في 7 ديسمبر2022.
أعلنت وسائل الإعلام الحكومية سبب وفاتها “انتحار” و”القاء نفسها من الجسر والغرق في نهر كارون”.
مريم آروين: محامية حقوقية
مريم آروين، تبلغ من العمر 29 عامًا، محامية وعضوة في نقابة محامين محافظة كرمان. كانت تشعر بالضيق شديد عند رؤية صور أو أخبار قتل أو اعتقال الأطفال وكانت تقدم المساعدة والاستشارات لعائلات المعتقلين في سيرجان.
دخلت مريم آروين في مشاجرة مع قاضي محكمة الثورة أثناء الدفاع عن صبي يتيم يبلغ من العمر 15 عامًا لم يكن لديه القدرة المالية لتوظيف محام. تم استدعاؤها وسُجنت في 13 ديسمبر 2022 بكفالة، لكنها توفيت بعد شهرين. أعلنت طيبه نظري، والدة مريم، عبر منشور على انستغرام في تاريخ 29 مايو 2023 أن ابنتها توفيت بسبب حقن أدوية مشبوهة في السجن تحت مسمى مهدئات ومسكنات.
آيدا رستمي: طبيبة تجرأت على مساعدة الجرحى
عندما كانت آيدا رستمي عمرها 10 سنوات، فقدت والدها، لكنها بجهود جبارة تمكنت من قبول دراستها في كلية الطب وأصبحت طبيبة.
خلال الانتفاضة الشاملة في 2022، ذهبت الطبيبة آيدا رستمي البالغة من العمر 36 عامًا إلى مناطق غرب طهران ومدينة اكباتان لعلاج الجرحى تطوعًا.
في ليلة 12 ديسمبر2022، ذهبت لشراء بعض الضمادات من الصيدلية، لكنها لم تعد أبدًا إلى المنزل. في ظهر اليوم التالي، أبلغت عائلتها أنها توفيت في “حادث سير”.
كانت جثة آيدا تعاني من إصابات شديدة: نصف وجهها وأنفها محطمة، وكانت يديها مكسورة بشدة وكانت عينها اليسرى مجروحة ومفتوحة. كما كانت آثار كدمات وإصابات أخرى تشير إلى أنها تعرضت للتعذيب والاعتداء.

يلدا آقافضلي: مناضلة لم تعبر أبدًا عن الندم
يلدا آقافضلي كانت واحدة من النساء الشابات اللواتي دفعن ثمنًا ثقيلًا عن دورهن في الاحتجاجات. استشهدت في سن 19 عامًا.
شاركت يلدا آقافضلي بنشاط في الاحتجاجات وفي 26 أكتوبر2022، ألقي القبض عليها بعد أكثر من شهر من بدء الانتفاضة.
قضت الناشطة البالغة من العمر 19 عامًا 15 يومًا في السجن. في مكالمة هاتفية من السجن، قالت: “أقول إنني لم أكن قد تلقيت هذا القدر من الضرب خلال الـ19 عامًا الماضية كما تلقيته خلال هذه الـ12-13 يومًا. في ملفي مكتوب أنني مجرمة لم تعبر عن ندمها. قلت كل ما أفعله الآن، ولن أعبر عن ندمي. حتى اللحظة الأخيرة، قمت بكل الأعمال التي قمت بها.” تم الإفراج عن يلدا بكفالة في 9 نوفمبر2022، لكنها توفيت بطريقة مشبوهة بعد يومين في سريرها.
تتردد شائعات واسعة النطاق حول أن السلطات السجنية تحقن السجناء المقاومين قبل الإفراج بحقن تؤدي إلى وفاتهم خارج السجن.
ورثة المقاومة: إرادة لا تقهر للنساء الإيرانيات
ظهور جيل النساء الشابات اللواتي كانن رواد الاحتجاجات في الانتفاضة الوطنية 2022 لم يكن ظاهرة مفاجئة. شجاعتهن التي أدهشت عيون العالم، تمثل استمرارًا تاريخيًا ونضوجًا اجتماعيًا لنساء مجاهدات ومناضلات قاومن منذ القدم الصور التقليدية “للمرأة” في مواجهة أسوأ ديكتاتورية في التاريخ المعاصر.
تميزت فترة الثمانينات بموجة قمع وحشي للمعارضين، بما في ذلك النساء اللواتي اعترضن على المبادئ الدينية والسياسية للنظام. تم اعتقال وتعذيب وإعدام آلاف النساء بسبب معتقداتهن السياسية ومعارضتهن للنظام. كانت العديد منهن أعضاء في منظمة مجاهدي خلق إيران، التي كانت واحدة من أكثر القوى المعارضة منظمة في الستينيات.
تعرضت هذه النساء الشجاعات للضرب والاعتداء وتحملن ظروفًا غير إنسانية، لكنهن استمرن في مقاومتهن بإصرار وثبات. لعبن هذه النساء دورًا هامًا في قيادة منظمة مجاهدي خلق منذ منتصف الثمانينات. قصتهن قصة مقاومة. نساء استمرن في النضال بصوت أعلى على الرغم من محاولات النظام لإسكاتهن.
قوة تتجاوز ما يعانين منه: مشاعل الأمل تلمع بشكل أوسع من أي وقت مضى
بعد عامين من الانتفاضة الوطنية 2022 في إيران، أصبح النظام في نقطة ضعف لم يكن عليه من قبل. كانت الانتفاضة الوطنية 2022 نقطة تحول في تاريخ إيران المعاصر. لم تكن هذه الانتفاضة مجرد لحظة احتجاجية، بل كانت صرخة لجيل جديد يتحدي الحياة في الخوف.
عزم الفتيات والشبان الثائرين الإيرانيين أقوى من أي وقت مضى، وإرادة الشعب المتحدة للحرية أقوى من أي قوة في العالم.
بالرغم من الألم والخسائر الهائلة، قامت الانتفاضة اوطنية 2022 بإيران بتعزيز إرادة الشعب الإيراني.
تحمل النساء العبء الرئيسي لقمع النظام؛ من العنف إلى السجن وحتى الاستشهاد. ومع ذلك، لم تؤدّي تلك التضحيات إلى كسر الإرادات، بل تعززت فقط إرادة المعترضين. شجاعة نساء مثل نيكا شاكرمي، وحديث نجفي وغيرهم كثيرون، تلهم جيلًا جديدًا من الشعب الإيراني لمواصلة النضال من أجل الحرية.

اليوم، ونحن نحتفل بالذكرى الثانية للانتفاضة الوطنية 2022 في إيران، ما زالت الاحتجاجات الواسعة مستمرة في جميع أنحاء إيران، مشيرة إلى الاستياء العميق للشعب. الأنشطة الجريئة والرائدة لجماعات الانتفاضات البطلة لمجاهدي خلق التي تجري في أبعاد جديدة عبر البلاد، تشير إلى انتهاء عصر هذا النظام الفاسد والمتعفن، وتعلن عن انطلاق ثورة جديدة. مشاعل الأمل تشتعل في قلوب الشعب الإيراني أكثر من أي وقت آخر.
لن يُنسى أبدًا تضحيات نساء مثل مهسا أميني، وآرميتا كراوند وغيرهم العديد الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية. إرثهن مستمر في مقاومة الشعب الإيراني. إنهن مصممات على بناء مستقبل يجعل من الحرية ليست مجرد شعار بل حقيقة.”
في يوم 21 يونيو 1996 خلال حفل أُقيم بمناسبة الذكرى السنوية لبداية المقاومة العادلة لشعب إيران، في قاعة إيرلزكورت في لندن، خاطبت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الحكام الملالي قائلة: “قد استخدمتم كل أساليب الاستهانة والظلم والقمع والتعذيب والقتل بحق النساء الإيرانيات، ولكن كونوا على يقين بأن الضربة القاضية ستأتي من حيث لا تدركون، وبالطبع، طبيعة انحداركم لا تسمح لكم بحسم الأمور، لكن كونوا على يقين بأن يدي هذه النساء الواعيات والحرة سترفع ستار الظلم الخاص بكم في كل مكان.”
سيواصل نظام إيران استخدام العنف لقمع الاحتجاجات، ولكن الوضع قد تغير. يتحد الشعب الإيراني بقيادة نساءهم الشجاعات أكثر من أي وقت آخر، ولا يمكن لأي قوة أن تطفئ نار الأمل التي تشتعل في قلوبهم. ستشهد إيران قريبًا فجر انتصارها. المرأة، المقاومة، الحرية.