يوم الشباب العالمي؛ راية الحرية بأيدي النساء الشابات في إيران

يوم الشباب العالمي؛ راية الحرية بأيدي النساء الشابات في إيران

يوم الشباب العالمي؛ راية الحرية بأيدي النساء الشابات في إيران

في جميع أنحاء العالم، يُحتفل بـ12 أغسطس، كيوم الشباب العالمي؛ يوم للتأكيد على الإمكانيات اللامتناهية للشباب في بناء مستقبل أفضل. لكن في إيران، يحمل هذا اليوم معنى أعمق.

 الشباب، خاصة البنات والنساء الشابات في إيران، ليسوا فقط بناة المستقبل، بل رواد الكفاح من أجل الحرية. تاريخ إيران المعاصر، من الثورة الدستورية إلى الثورة ضد الشاه  (1979م)، ومن الانتفاضات في العقد الأخير إلى الانتفاضة الوطنية عام 2022م، يشهد على هذه الحقيقة.

 لم يكن أي تحول جذري في إيران ممكناً دون حضور حاسم للشباب. في عصر نظام الملالي أيضاً، قدم عشرات الآلاف من البنات والنساء الشابات حياتهن من أجل آرمان الحرية والمساواة، وفي طريق المعارضة لنظام قمعي ومعادٍ للمرأة. شجاعتهن ليست جزءاً من التاريخ فحسب، بل هي المحرك نحو المستقبل.

القمع، لكن لا استسلام

يواجه شباب إيران اليوم أصعب الظروف الممكنة؛ البطالة، الفقر، التمييز النظامي، الرقابة، القمع السياسي والاجتماعي، القيود على التعليم، وسرقة الأمل. تواجه البنات، خاصة، جداراً من التمييز الجنسي والقوانين القروسطية. لكن هذه الضغوط، خلافاً لإرادة النظام، لم تؤدِ إلى الصمت، وفي كل انتفاضة تشتعل نار غضب الشباب والنساء كرماد تحت الرماد يشتعل. هذا الجيل لم يركع فحسب، بل قام، قبض قبضته، ومهد طريق الحرية بوعي وجرأة.

 أثبت الشباب، وخاصة النساء والبنات في إيران، في انتفاضة 2022م أنهم قادة الانتفاضات. كان طلاب الجامعات قادة انتفاضة عام 2022م، وبمعدل يومي بلغ 100 جامعة في جميع أنحاء إيران كانت مسرحاً لاحتجاجات الشباب الإيرانيين.

يوم الشباب العالمي؛ راية الحرية بأيدي النساء الشابات في إيران

 انضمام البنات للمقاومة

في قلب الانتفاضات الوطنية، هن البنات الإيرانيات اللواتي صاحبن في الصفوف الأولى، وقدمن الشهداء، وقفن صامدات. إحدى مخاوف نظام الملالي هي منع انضمام النساء والشباب الإيرانيين إلى وحدات المقاومة.

النساء الشابات في إيران لم يعدن مجرد معترضات؛ العديد منهن اليوم جزء من شبكة مقاومة منظمة. النساء الشابات، من الجامعات والمدارس الثانوية إلى المدن الهامشية وحتى القرى، ينضمن إلى صفوف وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، ويؤدين دوراً نشطاً في توجيه الاحتجاجات.

 في كل احتجاج وانتفاضة، يحملن شعارات جذرية ضد هذا النظام المعادي للمرأة إلى الشوارع، ويدعون الشعب إلى المقاومة أمام قوات القمع. كما تولين مسؤولية تنظيم الانتفاضات، وعملن في انتفاضات أعوام 2017-2018م و2019م و2022م بطريقة جعلت حتى وسائل الإعلام الحكومية مضطرة للاعتراف بقيادتهن الميدانية.

هن يخترن بوعي كامل، تكريس حياتهن لكفاح يهدف إلى إسقاط هذا النظام وبناء إيران حرة ومتساوية. الشباب الإيرانيون، من خلال كتابة الشعارات على جدران المدن، يعلمون هذا التقليد الاحتجاجي لجميع الشعب الذي يعاني من ظلم الملالي في جميع أنحاء إيران.

هؤلاء الشباب، مجهولون، لكنهم نجوم لامعة في الظلام الذي يغلف إيران. هم رسل جيل لا يخاف الموت، لأنه لا يعتبر الحياة بدون حرية حياة. طلب النساء والشباب الإيرانيين من المجتمع الدولي هو نفسه: دعم مقاومتهم وكفاحهم ضد الديكتاتورية الوحشية للملالي، والاعتراف بحقهم في الدفاع عن أنفسهم أمام قوات الحرس المجرمة.

يوم الشباب العالمي؛ راية الحرية بأيدي النساء الشابات في إيران

صدى صوت المقاومة

قالت ”رها“، إحدى بنات وحدات المقاومة، في مقابلتها مع جريدة مترو البريطانية: «كل مرة أخرج فيها من المنزل، أكون مستعدة للموت. في البداية كنا نخاف. كنت أخاف من أن أُقتل. لكنني رأيت آلاف الشباب يُقتلون من أجل الحرية. قلت لنفسي إن دمي ليس أغلى من دم النساء الشابات الأخريات، لذا اختياري هو عدم الصمت أمام هذا النظام. رؤية النساء الشابات الأخريات تعطيني القوة.
شاركت ”إلهام“، إحدى هؤلاء النساء الشابات في حملة «يمكن ويجب» مع 5 آلاف عضو من وحدات المقاومة داخل إيران، قالت في مقابلتها مع تلفزيون ”الغد المصري“: «في البداية اعتقدت أن  وحدات المقاومة تعمل فقط في المدن الكبرى. لكن بعد مشاهدة تلفزيون مقاومة إيران، اكتشفت أنها نشطة في جميع مدن إيران، وهذا أمر مشجع جداً. هذا النشاط ينمو يوماً بعد يوم.

 ”مينا لطفي، امرأة شابة عملت لسنوات كخياطة في إيران، تغيرت حياتها تماماً بعد الانتفاضة الوطنية عام 2022م. قالت عن حياتها أثناء المشاركة في الاحتجاجات الوطنية: «أنا في الـ25 من عمري، إحدى النساء الشابات الإيرانيات اللواتي قاتلن في الشوارع خلال الشهرين الماضيين، وسعين إلى إسقاط نظام الملالي وإقامة جمهورية ديمقراطية. ما يحدث في إيران هو ثورة. أنا كعضو في وحدات المقاومة التابعة لمنظمة  مجاهدي خلق الإيرانية، أشكل مع أصدقائي في معظم المساءات فريقنا في جنوب مدينة شيراز. في الصباح، كلما كان لدينا وقت فراغ، نجذب أفراداً جدد إلى  وحدات المقاومة.

يوم الشباب العالمي؛ راية الحرية بأيدي النساء الشابات في إيران

صوت النساء الشابات في المنفى؛ صوت شعب

في مجتمع الإيرانيين خارج البلاد أيضاً، تلعب البنات والنساء الشابات الإيرانيات دوراً رئيسياً في استمرار هذا الكفاح. هن في هذا المشهد نشيطات ودافعات للطريق.

مئات وآلاف النساء الشابات، بعد الفرار من القمع تحت حكم النظام، يؤدين الآن خارج أرض الوطن دوراً لا مثيل له في وسائل الإعلام، والتجمعات، والحملات الدولية، والنشاطات الحقوقية. هن يكشفن الوجه الحقيقي للنظام من خلال روايات شخصية عن السجن، التعذيب، أو فقدان الأحبة، وفي الوقت نفسه يقاتلن بكل وجودهن من أجل إيران الغد.
وقالت إحداهن في مقابلة: «نحن صوت أخواتنا داخل إيران؛ إذا صمتنا، سيبتلع الظلم الصوت مرة أخرى.»

كما قالت”عسل رضاپورفي خطابها أمام البرلمان الأوروبي: «كثير من شهداء الانتفاضات كن نساء وبنات شابات. كان ذلك الوقت الذي اتحدن فيه النساء وأخذن الكفاح من أجل حقوقهن وحريتهن بأيديهن. هذه الكفاحات لم تكن مصادفة ولا عفوية. خلف هذه الشجاعة، صف طويل من النساء المناضلات اللواتي لم يخضعن أبداً لإيديولوجيات الديكتاتوريتين، سواء الشاه أو الملالي. أنا شخصياً، مثل كثير من البنات الأخريات، اخترت أن أكون جزءاً من هذه الحركة.»

مستقبل هو ملكنا

إيران الحرة لم تعد حلماً، بل ضرورة سيجعلها شباب هذه الأرض ممكنة. جيل وقف أمام الرصاص، قال الشعر أمام القمع، وابتسم أمام الإعدام، يعرف أن الطريق الوحيد للمستقبل هو عبور الاستبداد. هذا الجيل، بإيمانه بجمهورية قائمة على فصل الدين عن الدولة، والحرية، والمساواة بين الرجل والمرأة، والعدالة الاجتماعية، رفع راية التغيير. هؤلاء الشباب لا يناضلون من أجل أنفسهم فقط؛ هم ممثلو أجيال ضحت في الماضي، وملاذ لمستقبلات يجب أن تكون أكثر إشراقاً.

يوم للعهد، لا للذكرى فقط

يوم الشباب العالمي في إيران، يذكر بشيء واحد فقط: جيل قام لا يرضى بأقل من الحرية. هذا اليوم فرصة لعهد جديد؛ عهد لاستمرار الكفاح، الانضمام إلى المقاومة، وبناء إيران لا يُسجن أو يُدفن فيها أحد بسبب طريقة تفكيره، أو نوع لباسه، أو احتجاجه. يجب أن يعرف العالم: شباب إيران، وفي مقدمتهم البنات والنساء الشابات في إيران، ليسوا أملاً، بل هم الحرية نفسها. البنات والنساء الشابات الإيرانيات أكثر تصميماً من أي وقت مضى على إسقاط هذا النظام.

Exit mobile version