التعليم والتربية في إيران، على الرغم من وجود ملايين من الطلاب وعدد كبير من المدارس، يواجه تحديات رئيسية في مجال جودة التعليم وتوزيع الامتيازات بشكل عادل. في هذه المقالة، سنتناول تحليل وضع الطلاب والمدارس، ومشاكل التطبق الطبقي والتحديات التي يواجهها النظام التعليمي.
انخفاض عدد الطلاب وزيادة نسبة التسرب المدرسي
وفقًا لتصريحات المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، ”علي فرهادي“، من المتوقع أن يدخل حوالي 17 مليون طالب هذا العام المدارس في إيران. (موقع ”عصر ايران“ – 11سبتمبر 2024)
كما هو الحال دائمًا، تختلف الإحصائيات المعلنة من قبل السلطات والمصادر الحكومية في إيران. أفادت وسائل الإعلام الحكومية بدخول 16.5 مليون طالب في العام الدراسي الجديد وأشارت إلى أن متوسط التسجيل في البلاد بلغ 88٪. (خبرآنلاین نقلا عن تسنیم – 8 سبتمبر 2024)
وبالتالي، لم يسجل 12٪ من الطلاب المؤهلين للتسجيل، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو انتشار الفقر في المجتمع، حيث يعيش 60٪ من الناس تحت خط الفقر، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الحكومية. (بهار نیوز – 13سبتمبر 2024)
وهذا في حين أعلنت الإحصائيات في العام الماضي عن وجود 16.7 مليون طالب. (وكالة پانا – 23 سبتمبر 2023)
على الرغم من ذلك، أعلن علي فرهادي أن 98٪ من الطلاب قد سجلوا، مع مراعاة وجود 9.4 مليون طالب في المرحلة الابتدائية، فإن نسبة التسرب المدرسي تصل إلى 192 ألف طالب، وهذا يعتبر ملحوظًا مقارنة بالعام السابق حيث بلغ 164 ألف طالب.
للحصول على فهم أفضل لانخفاض عدد الطلاب في إيران، فإن الاقتباس من ”قاسم احمدي لاشکي“، نائب وزير التعليم والتربية للشؤون القانونية والبرلمانية، يكون مفيدًا. في مقابلة مع وكالة أنباء حكومية، قال: “في الأعوام 1998 و 1999، كان لدينا أعلى عدد من الطلاب يبلغ حوالي 18 مليون و 121 ألف طالب.” (وكالة ایسنا – 15 يوليو 2023)

ترکیب السكان الطلاب وعدد المدارس الموجودة في إيران
في الوقت الحال، تتراوح أعداد الطلاب الإيرانيين بين 16.5 إلى 17 مليون طالب في المراحل التعليمية التالية:
المرحلة الابتدائية: 9.41 مليون طالب
المرحلة المتوسطة الأولى: 3.5 مليون طالب
المرحلة المتوسطة الثانية: 2.5 مليون طالب
المدارس الفنية والثانوية: مليون طالب

بالنسبة لعدد المدارس الموجودة في إيران، ليست هناك إحصائيات دقيقة حديثة. وفقًا للإحصائيات التي نُشرت في عام 2014، يوجد ما مجموعه 107171 مدرسة في جميع أنحاء إيران، تنقسم على النحو التالي في المراحل التعليمية المختلفة ( موقع ”جهان نيوز“ – 2 مارس 2015) :
61346 مدرسة ابتدائية
23079 مدرسة متوسطة الأولى
21186 مدرسة متوسطة الثانية
1560 مدرسة تعليم وتربية استثنائية
اللافت هو أن المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم في تصريحاته الأخيرة لم يقدم معلومات عامة حول عدد المدارس الموجودة في إيران، واكتفى بذكر إحصائيات بناء المدارس خلال 10 سنوات. قال: “منذ عام 2013 حتى نهاية عام 2023، تم بناء 24150 مدرسة. هذه المدارس تشمل المدارس الجديدة أو المدارس التي تم تجديدها.” بمعنى آخر، لا تُحسب كل هذه المدارس كمدارس جديدة.(موقع ”عصرإيران“ -11سبتمبر 2024)
ومع ذلك، في العام الماضي، أفادت بعض المصادر بأن هناك فقط 60000 مدرسة لتعليم 9 ملايين طالب. (وكالة ”بانا“ للأنباء 23سبتمبر 2023)
يمكن أن توفر هذه المقارنة صورة أفضل عن حالة النظام التعليمي والتربوي في إيران وأسباب التباين في الإحصائيات والأرقام، خاصةً فيما يتعلق بالتدمير والتغييرات التي حدثت في مجال التعليم والتربية.
عدم المساواة والتشتت الطبقي في المدارس
توزيع الإمكانيات وجودة التعليم في هذه المدارس غير متساوي للغاية. واحدة من أهم المشكلات في نظام التعليم في إيران هي عدم المساواة الطبقية. الطلاب في المدارس يتلقون تعليمًا في ظروف وإمكانيات تعليمية متفاوتة للغاية. هذه الفجوة، خصوصًا بين المدارس الحكومية (غير الربحية) والخاصة (الربحية)، واضحة جدًا.
المدارس الربحية: أكثر من مليون طالب في هذه المدارس، التي تتعلق بشكل أساسي بالطبقات المرفهة والعليا في المجتمع، يواصلون تعليمهم. هذه المدارس، التي تعمل برسوم دراسية مرتفعة (بين 35 إلى 80 مليون تومان)، تتمتع بأفضل الإمكانيات وغالبًا ما تكون صفوفها تحتوي على أقل من 10 طلاب.
مدارس النخبة والمواهب المتفوقة: هذه المدارس، التي تُخصص عادةً للطلاب المتميزين من الطبقات العليا، تغطي أكثر من 100 ألف طالب.
المدارس غير الربحية: في المقابل، أكثر من 15 مليون طالب في المدارس غير الربحية (الحكومية)، التي غالبًا ما تكون قديمة وتفتقر إلى الإمكانيات الكافية، يتلقون التعليم. العديد من هذه المدارس في المناطق المحرومة والريفية تعاني من ظروف قاسية مثل نقص وسائل التدفئة والتبريد، وندرة المعلمين المحترفين، وحتى الفصول الدراسية في أكواخ أو خيام.

أزمة نقص المعلمين
إحدى المشكلات الكبيرة في التعليم في إيران تحت حكم الملالي هي نقص المعلمين المحترفين والمُدرَّبين. بسبب فصل أو تقاعد العديد من المعلمين بشكل إجباري، انخفض عدد المعلمين، وتم استبدالهم بمعلمين غير متخصصين من بينهم الباسيج والطلاب.
في هذا المجال، لا تُقدم إحصائيات دقيقة. المتحدث باسم وزارة التعليم أكد قبل أسبوع من بدء المدارس، بتقديم إحصاءات حول عدد المعلمين الذين “تأكد جذبهم”، أن نقص المعلمين لن يكون موجودًا. لكنه مرة أخرى امتنع عن تقديم إحصائيات دقيقة حول عدد المعلمين الموجودين في البلاد.
ومع ذلك، أفاد ”قاسم أحمدي لاشكي“، نائب وزير التعليم للشؤون القانونية والبرلمانية، في مقابلة العام الماضي، أن عدد المعلمين الرسميين المعينين هو 735,350 معلمًا. (إيسنا – 15 يوليو 2023) وكشف أنه: “في العام الماضي، قلنا لمديري المدارس أنه يجب عليهم التدريس لمدة ست ساعات في الفصول الدراسية، وأيضًا أعطينا النُظُم تدريسًا في الفصول.”
في هذا السياق، قال رئيس مركز أبحاث مجلس شورى الملالي، ”بابك نكاهداری“: “دائمًا ما تواجه وزارة التعليم نقصًا حادًا في المعلمين مع بدء العام الدراسي.” وأضاف: “بسبب عدم توفير البنية التحتية، فإن تأمين المعلمين والموارد البشرية اللازمة في المدارس يتم عبر طرق مثل استخدام معلمي الخدمة العسكرية، شراء الخدمات من القطاع الخاص، استخدام المتقاعدين، واستخدام الست ساعات المفروضة للمديرين ونوابهم، وهذه الطرق بالتأكيد لا توفر الجودة التعليمية والتربوية اللازمة.” (موقع مركز أبحاث مجلس شورى الملالي – 30 يونيو 2024)
وأشار إلى أنه بالنسبة لشهر ”مهر“ الإيراني من العام الدراسي 2025-2024، يوجد حوالي 176 ألف معلم ناقص. وقال: “بالطبع، هذا النقص يفترض تطبيق سياسات تقشفية صارمة في تخصيص إدارة القوة، وتحسين جودة المدارس، واستخدام المتقاعدين والتدريسيين.”
توقع أن حوالي 72 ألف معلم سيتقاعدون حتى سبتمبر 2024، ورغم أن القانون يسمح لوزارة التعليم باستخدام المتقاعدين للتدريس في الفصول، إلا أن التأخير لعدة أشهر في دفع الأتعاب ومستوى الرواتب المنخفض يعتبر عقبة جدية أمام تعاون المعلمين المتقاعدين مع المدارس.
صورة قاتمة عن نظام التعليم في إيران
نظرًا للمشكلات الطبقية، نقص المعلمين والإمكانيات، والسياسات التعليمية غير الفعالة، تعرض نظام التعليم في إيران تحت حكم الملالي لأزمة عميقة. إن عدم المساواة الطبقية بين المدارس والطلاب، أزمة المعلمين غير المتخصصين ونقص القوى التعليمية، بالإضافة إلى غلاء أدوات الكتابة وملابس المدرسة، وعدم أمان التنقل في المناطق المحرومة، والمحتوى المنخفض والمشوّه للكتب الدراسية، كلها جزء من المشكلات الكبيرة التي يواجهها نظام التعليم في إيران، والتي لا يمكن حلها إلا بالإطاحة بنظام الملالي واستبداله بحكومة شعبية، وبالتأكيد ليس هذا اليوم بعيدًا.