من كتاب بقلم هنغامة حاج حسن – الجزء السابع
في الأعداد الستة السابقة، قرأنا ذكريات سجن هنغامة حاج حسن في كتاب “وجهاً لوجه مع الوحش”. في هذا الجزء، نتابع ذكرياتها عن صديقتها تهمينه رستكار مقدم:
طوال هذه الفترة، كنت على تواصل مع تهمينه بطريقة ما، وكنت أطمئن على سلامتها. كانت في إحدى زنازين الممر الخلفي. في ساعات الهدوء، كنت أطلق صافرة قصيرة كانت إشارة بيننا، فترد بصافرة سريعة. مرة أو مرتين، سمعتها تتجادل مع الحراس. كانت لا تزال جريئة وشجاعة. مرة، أطلقت صوت ضفدع، فانفجرنا ضحكاً! كنت أعرف أنها هي، لأننا كنا نفعل ذلك أيام الجامعة. هذا أغضب الحراس، فدخلوا يصرخون ويسبون، وكنا نفرح بإغضابهم. كانوا أحياناً يكمنون لمعرفة من يفعل ذلك ليعاقبوه، لكننا لم نتوقف. كانت هذه المقاومة تبث فينا روحاً مرحة في ذلك الجحيم. كنت سعيدة لأن تهمينه كانت حية.
إعدام تهمينه
بينما كنت في الممر، اقتربت مني فتاة تلميذة وقالت إن أحداً ناداني بـ”هنغامة”. سألتني: “هل أنتِ ممرضة؟” أجبت بنعم. فرحت وقالت: “هل أنتِ صديقة تهمينه؟” أجبت بحماس: “نعم، هل تعرفين عنها شيئاً؟” فقالت فجأة: “لقد أُعدمت!”
شعرت وكأنني أسقط من ارتفاع. لم أعد أشعر برجلي، وانهارت ركبتاي. جلست متكئة على الحائط، مذهولة. لا أدري كم بقيت هكذا. الفتاة أصيبت بالضيق وقالت: “ظننت أنك تعرفين!”
استعدت وعيي وسألتها: “لا، لا بأس، أخبريني كيف حدث؟ وكيف تعرفينني؟” قالت: “اسمي مهشيد، كنت مع تهمينه في زنزانة واحدة. ذات يوم، عندما جاءت بملابسها المغسولة، وجدت ورقة صغيرة في جيبها، قرأتها وضحكت وقالت: ‘هنغامة!’ أنتِ من أرسلتِ تلك الرسالة. قرأتها ثم مزقتها وألقتها في المرحاض. قالت إنكِ صديقتها وكنتِ قلقة عليها.”

أضافت مهشيد أن تهمينه كانت مرحة جداً. مرة، أطلقت صوت ضفدع لتضحك امرأة عادية سُجنت معنا. أخذوها وضربوها حتى الصباح وتركوها في البرد، فعادت ترتجف بلا لون في وجهها.
كان المحقق يضايقها كثيراً، ولا أعرف ماذا كان يريد منها. ذات يوم، جاء إلى زنزانتها بورقة وقال: “إما أن تجري مقابلة، أو تأخذي هذه الورقة وتكتبي وصيتك.”
نهضت تهمينه، وهي تبتسم دون أن تنزع عينيها عنه، أخذت الورقة دون كلمة وجلست. غضب المحقق، ركلها وسبها وخرج غاضباً. كتبت تهمينه وصيتها بنفس الابتسامة، ودّعتنا، وبعد ساعات أخذوها لإعدامها.

رغم أنني كنت بلا أخبار عنها لشهر، وتخميني إعدامها، رفضت تصديق ذلك. ربما أردت مواساة نفسي. لم أصدق أن كل ذلك الحيوية والحب قد اختفى. في مهنتنا، نبذل قصارى جهدنا لإطالة حياة مريض ميؤوس منه ولو لبضع دقائق. فكيف يُقتل هؤلاء الشباب الأصحاء بسبب أفكار رجعية وأنانية لرجل دموي يُدعى خميني؟ لماذا؟… لماذا؟… سؤال بلا إجابة.