معيلات يزاولن مهنة العتالة – بذل الروح في الجبال من أجل خبز الحياة
بحث إحصائي عن أوضاع معيلات يزاولن مهنة العتالة
معيلات يزاولن مهنة العتالة – بذل الروح في الجبال من أجل خبز الحياة
تُعد العتالة من المهن الخطيرة المفروضة على المحرومين في إيران والتي إنتشرت بسبب توسع رقعة الفقر الإقتصادي وقلة فرص العمل والبطالة، العتالة تعني الحصول على “لقمة الخبز بقيمة الحياة!”
العتالون المحرومون الذين يمشون في مسارات جبلية صعبة ويحمل كل منهم قرابة الـ 40 كيلوغراما من الأمتعة على ظهورهم، وإذا وصلوا إلى وجهتهم سالمين فإن الحد الأقصى من المال الذي سيحصلون عليه هو 400 ألف تومان فقط، وأجر العتالين باليوم، واليوم الذي لا يعمل فيه العتالين في الحقيقة لا يملكون بالحقيقة يتقاضى لا مال لديهم لتسيير أمورهم المعيشية.
وبحسب تقرير وكالة أنباء ”كُردبا“ فقد قُتِل وجُرح ما مجموعه 1731 عتالا بواقع (557 قتيلا و 1166 جريحا و 8 مفقودين) في الفترة ما بين عامي 2011 إلى 2021 ؛ وهذا يعني أن 1731 عائلة وإمرأة كانوا وما زالوا في مأساة العتالة خلال الـ 11 سنة الماضية. (وكالة أنباء كردستان، كردبا ـ 29 يونيو 2022).
وأشار محامٍ في تحقيق بشأن العتالين إلى وجود أكثر من 100 ألف عتال في كردستان، وهذا يعني أن حياة 40.000 إلى 100.000 عائلة وإمرأة مرتبطة بمشكلة ومأساة مهنة العتالة وهذا ما يضعهم في “نمط حياة مؤلم“.
في تقرير بحثي لها قامت وكالة أنباء كردستان كُردبا بتقصي أوضاع معيلات يزاولن مهنة العتالة ونمط حياتهن المؤلمة وحقوقهن الإنسانية المُنتهكة.
يشتمل هذا البحث النوعي على 9 عينات إحصائية لنساء عشن ويعشن مع العتالين (7 زوجات و 2 من أمهات العتالين)، و 3 نساء وأم واحدة يعشن مع عتال معاق، و 4 نساء وأم واحدة قُتِل ابنها وأزواجهن العتالين.
وبالحديث مع هؤلاء النساء اللواتي كن في محافظتي أذربيجان الغربية وكردستان تم استيضاح الحقائق المؤلمة حول أوضاع معيشية لمعيلات يزاولين مهنة العتالة.

البطالة والفقر المدقع هما سبب اللجوء إلى مهنة العتالة
تبين من العوائل التسعة التي تمت محاورتها أن هؤلاء قد اختاروا هذا العمل بدافع الإضطرار والإكراه بسبب الفقر والحرمان، وأنه لو كان لديهم طريقا آخر ما ذهبوا نحو العتالة، وتعيش 7 عائلات في حالة فقر مدقع وبطالة، وتستمر حياة 4 نماذج من عائلات العتالين بمساعدة المحسنين.
كان على العائلة المكونة من فردين عتالين معاقين أن تطلب مساعدة الناس من أجل نفقات المستشفى، ومن بين هؤلاء تعيش امرأتان معيلتين لعائلتيهما وابنة أحد العتالين الذي قُتِلوا على دخل ضئيل من الخياطة.
قالت إحدى نساء عائلة العتالين بشأن سبب لجوء زوجها إلى العتالة: “لم يكن لديه خيار، لم يكن لديه سوى العِتالةِ فقط والتي لم تكن متوفرة هي الأخرى، السبب الذي جعله يلجأ مضطرا إلى العتالة.” وقالت إحدى السيدات الأخريات ” أجبرتها على ذلك سُكنى الإيجار، والغلاء والديون.”
وتضيف أخرى آخر: “إذا كان هناك عملا آخرا لنقوم به فسيحتاج إلى رأس مال، وهو ما لا نملكه.”
نصيب نساء عائلة العتالين، معاناة وفجائع طويلة الأمد
برز جانب آخر أثناء الحوار مع نساء عائلة العتالين وهو أن المعاناة والفجائع طويلة الأمد قد أصبحت نمطا لحياتهن.
وبسبب انعدام الإستقرار والأمن الاقتصادي تعاني نساء عائلة العتالين من حالة من الضيق والقلق المستمر، ممزوجة بالشعور بالرفض والإهمال، وقد أدى ذلك إلى إرهاق نفسي واجتماعي وذهني لدى هؤلاء النساء.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه في كل ليلة عندما يذهب أزواج هؤلاء السيدات إلى العمل لا يتمكنن من النوم بسبب الإضطراب والقلق ويبقين في إنتظار متوقعات تلقي أخبار مفجعة بشأن أزواجهن في أي لحظة.
قالت إحدى نساء عائلات العتالين في حوارها مع الباحث: “في الحقيقة لا يمكننا أن نعيش مثل باقي الناس العاديين، ولا أتذكر أننا ذهبنا في وقت ما للترويح عن النفس؟ منذ متى ونحن معا؟ متى ذهبنا في رحلة؟ لطالما كنت متوترة على الدوام خشية أن يحدث شيء يحدث لزوجي، وفي الليالي التي ذهب فيها إلى الحدود لم أنم حتى الصباح، وأبقى في انتظار رنين الهاتف وهل حدث له شيء ما، والآن زوجي معوق ومريض، حياة العتالة تعني الضغط العصبي، وعدم الراحة، والقلب القلق، والعازة والفقر!”
ثلاثة نساء من معيلات يزاولن مهنة العتالة يعانين من اكتئاب حاد وكلهن تخلوا عن رغباتهن، وتقوم 4 نساء وأم برعاية عتال معوق، و 6 نساء معيلات ووصيات على أبنائهن الصغار.

معيلات يزاولن مهنة العتالة بلا استجابة ودعم من طرف الحكومة
7 عائلات تقدمن بشكوى للحصول على دية وتعويضات، لكن الحكومة لم تستجيب لهن ولا تقبل تحمل المسؤولية، وبقيت هذه القضايا تتنقل في المحكمة لسنوات دون حسم.
لا تتمتع أيٍ من العائلات التسع بالحماية أو الدعم بموجب أي نوع من التأمين أو القانون ؛ لا يوجد تأمين لعدم وجود معيل أو سوء الإعالة، ولا تأمين بطالة، ولا تأمين علاجي، ولا تأمين إعاقة للعتالين المُعاقين.
ومن أجل الحصول على مبلغ شهري ضئيل يتراوح من 350.000 إلى 750.000 تومان لجأت 8 عائلات إلى لجنة الإغاثة الناهبة، ولإدارة الرعاية، ذلك لأنه لا توجد أي مؤسسة في الحكومة تتحمل مسؤولية حياة ومستقبل هؤلاء النساء وأبنائهن وتتعهد بتوفير الإحتياجات الأساسية لهم، وهم عمليا مرفوضون من المجتمع.
من بين العوائل الـ 8 التي لديها أبناء تواجه 6 عائلات مشاكل فعلية في توفير نفقات أبنائها، واضطر ولدي إحدى النساء اللائي فقدن أزواجهن اللذان يبلغان من العمر 15 و 12 عاما إلى ترك المدرسة لتغطية نفقات معيشتهم.
“كانت أمنيتي أن يصل أطفالي إلى مرتبة ما من خلال الدراسة لكن الفقر والعازة جعلتهم يتركون الدراسة، ولأنهم يشعرون بالنقص والعازة أمام أقرانهم في المدرسة ولم يتمكنا من العودة واللحاق بأصدقائهم وأقرانهم.”
وقالت امرأة أخرى من معيلات يزاولن مهنة العتالة: “أتمنى أن أوفر ملابس مناسبة لإبني أو جاكيتاً ومعطفا لنفسي وقد نظرت إليه خلف العرض في المتجر وأعجبني وأحببت الحصول عليه لكن ذلك في الحقيقة لم يحدث بسبب الظروف الحياتية” وكم وددت الذهاب في رحلة مع زوجي وأبنائي أو إلى مكان وأدخل الجمع بملابس تتناسب مع جسدي، لكنني في الواقع لم أتمكن من الذهاب كإنسانة عادية.”

إقصاء وعزل مزدوج لمعيلات يزاولن مهنة العتالة
تكمن أهمية هذا البحث في أنه يوضح مدى اتساع مساحة الإضطهاد المزدوج بين أبناء الوطن وعلى وجه الخصوص النساء الكُرديات وذلك مثال واضح على انتهاكات حقوق الإنسان وأبعاد هذه العقدة الإنسانية والاجتماعية.
وبسبب القمع المزدوج تُحرم معيلات يزاولن مهنة العتالة في إيران من إمكانية التطور الشخصي والاجتماعي والتعليمي والثقافي والحد الأدنى من حقوق الإنسان، ولهذا السبب لا توجد حتى فرصا ضئيلة للحيوية والنمو لهذه الطبقة المضطهدة المحرومة التي تواجه تخلفا وترديا مزدوجا من جميع النواحي في الصحة، والسلامة البيئية، والأمور الحياتية، والجوانب النفسية والاجتماعية.
إن النساء الكرديات الإيرانيات وكفئة بعينها ومستضعفة متضررة للغاية تتعرض لعنصرية مزدوجة في ظل سلطة حكم الملالي، وإن نساء عائلات الحمالين كفئة هي تحصيل حاصل ناجم عن حلقة مفرغة من الحرمان والفقر في كردستان ويعشن اليوم حياة حزينة ومؤلمة للغاية.
 
			 
    	 
			




















