محو الأمية في إيران – تشكل الفتيات والنساء ثلثي السكان الأميين
يُطل علينا اليوم العالمي لمحو الأمية في الـ 8 من سبتمبر. والجدير بالذكر أن محو الأمية يشمل السلسلة التعليمية التي تزوِّد الفرد بالقدرة على تحقيق الأهداف وتطوير المعرفة والإمكانيات والمشاركة الكاملة في مجتمع أكبر. ويركز اليوم العالمي لمحو الأمية في عام 2021 بشكل خاص على العلاقة الجوهرية بين محو الأمية والسلام.
والحقيقة هي أن تعلم القراءة والكتابة في ثقافة الإيرانيين الغزيرة أمر يحظى بأهمية خاصة. وتجدر الإشارة إلى أن الفتيات والنساء في إيران يشكِّلن تحت وطأة سلطة الملالي ثلثي السكان الأميين في البلاد.
الإيرانيات يشكِّلن 60 في المائة من الأميين في إيران
محو الأمية في إيران – تشكل الفتيات والنساء ثلثي السكان الأميين
تحتل النساء والفتيات في إيران تحت وطأة حكم نظام ولاية الفقيه المناهض للمرأة المرتبة الثانية في مجال محو الأمية واكتساب العلم والمعرفة.
ويُعد الحرمان من القدرة على الالتحاق بالمدرسة وتلقي العلم مجانًا إحدى مشاكل المجتمع الإيراني في الوقت الراهن. إذ أدى الفقر الجامح لـ 80 في المائة من الإيرانيين إلى وضع تعليم الأطفال في الأولويات الأخيرة للعائلات، ولا سيما بالنسبة للفتيات.
وبهذه الطريقة، تُحرم الفتيات بادِي ذي بدء من التعليم، ثم يُجبرن على الزواج في سن مبكرة. ولهذا السبب أصبحت ظاهرة زواج القاصرات كارثة اجتماعية في إيران.
وبموجب الإحصاءات التي نشرها مركز الأبحاث بمجلس شورى الملالي في عام 2019، يوجد في إيران ما لا يقل عن 9,000,000 شخص أمي. (أي أكثر من 10 في المائة من مجموع السكان). ويقدَّر عدد الأميين في إيران بـ 11,000,000 شخص. (موقع “فرهنك سديد” الحكومي، 30 ديسمبر 2019).
وذكرت وسائل إعلام نظام الملالي أن الفتيات والنساء يشكِّلن 60 في المائة من الأميين في البلاد. (وكالة”تسنيم” الحكومية للأنباء، 25 أبريل 2018). وبسبب تدهور الوضع الاقتصادي لنظام الملالي والتمييز السائد تحت وطأة سلطة الملالي ضد النساء والفتيات، لم يطرأ على هذا العدد تحسنًا كبيرًا خلال السنوات الـ 3 الماضية.

التعليم في ظل تفشي وباء كورونا
نتيجة لتفشي وباء كورونا في البلاد تسرَّب من التعليم حوالي ما يتراوح بين 3,000,000 إلى 3,500,000 طالب. وهذا رقم صادم بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهو علامة على تدهور التعليم في المجتمع تحت وطأة سلطة الملالي.
فعلى سبيل المثال، قال قاسم علي خدابنده، المدير العام للتربية والتعليم في محافظة خراسان رضوي إن هذه المحافظة تشهد أكبر معدل لتسرب الطلاب من التعليم في البلاد، حيث يبلغ عدد المتسربين من التعليم فيها 40,000 طالب.
ونتيجة لتفشي فيروس كورونا في إيران، قام نظام الملالي في خطوة دراماتيكية بإطلاق شبكة “شاد” التعليمية عبر الإنترنت لمواصلة تعليم الطلاب دون أن يوفر لهم المتطلبات اللازمة للتعلم عبر الإنترنت.
والجدير بالذكر أن هذه الخطة باءت بالفشل وأدت في الحقيقة إلى خلق أزمة في التربية والتعليم بسبب انعدام التوزيع المناسب للبنى التحتية التعليمية في البلاد، وافتقار الأسر في المناطق الفقيرة للأموال اللازمة لشراء الأجهزة اللوحية، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر، وعدم وجود الإنترنت في بعض المحافظات، من قبيل سيستان وبلوشستان وبوشهر، وضعف خط الإنترنت لربط الطلاب بنظام التعليم عبر الإنترنت في جميع أنحاء البلاد.
وأعلن جواد حسيني، رئيس إدارة التربية والتعليم الخاص أن 30 في المائة من الطلاب، أي حوالي 5,000,000 طالب ليسوا لديهم القدرة على اقتناء الوسائل التعلمية الذكية المساعدة.
وأكد مركز الإحصاء الإيراني رسميًا في تقرير صدر بتاريخ 22 ديسمبر 2020 أن معدل التسرب من التعليم قد تضاعف تقريبًا.
التعليم عبر الإنترنت أم اللعب بأرواح الطلاب الإيرانيين
نتيجة للاتجاه نحو الاعتماد على التعليم عبر الإنترنت دون توفير البنى التحتية اللازمة يعاني الطلاب الفقراء من الحرمان والمشقة على نحو مضاعف.
وبالإضافة إلى الطلاب الذين تسربوا من التعليم، نجد أن بعض الطلاب أيضًا غير قادرين على شراء الهاتف الذكي بسبب فقر عائلاتهم ويُقبلون على الانتحار.
فعلى سبيل المثال، انتحرت برستو جليلي، وهي فتاة في الـ 13 من عمرها، في إحدى قرى أرومية.
ونشرت وسائل الإعلام الحكومية إعلانا في 30 ديسمبر 2020 لبيع شعر فتاة تبلغ من العمر 9 سنوات. وذُكر أن السبب في الاتجاه نحو هذه الخطوة المؤلمة هو “حاجة الأم الماسة للأموال لشراء هاتف لنجلتها”. (موقع “خبر فوري” الحكومي، 30 ديسمبر 2020).
ونظرًا لضعف خط الإنترنت، يتعين على جزء آخر من الطلاب قطع طرقًا طويلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى الإنترنت. إذ يتعين على هؤلاء الأطفال الصغار الصعود في الهواء الطلق على المرتفعات حتى يتمكنوا من الاتصال بالفصول الدراسية عبر الإنترنت باستخدام الهاتف الذكي. وينطوي هذا العمل على خطر تعرضهم للسقوط من فوق المرتفعات. والجدير بالذكر أن المواطنين كانوا ينشرون في الفضاء الإلكتروني خلال عام 2020، العديد من الأخبار عن مثل هذه الحوادث المريرة.

إعادة فتح المدارس في ذروة تفشي وباء كورونا
تسبب فيروس كورونا في خسائر فادحة لملايين الطلاب الإيرانيين، حيث فتح نظام الملالي المدارس اعتبارًا من بداية شهر سبتمبر عام 2020 دون مراعاة البروتوكولات الصحية وضرورة حجر الطلاب صحيًا. بيد أن هذا النظام الفاشي اضطر إلى إلغاء حضور التلاميذ في الفصول لتلقي التعليم بسبب احتجاجات العائلات.
ويفيد تقرير حسين كرمانبور، مدير عيادة الطوارئ في مستشفى سيناء بطهران أن 30,000 طالب دون سن الـ 18 أصيبوا بوباء كورونا، وتوفى منهم ما يقرب من 300 طالب. (موقع “اعتماد آنلاين” الحكومي، 2 أكتوبر 2020).
ومع كل ذلك، أعلن وزير التربية والتعليم أن المدارس ستفتح أبوابها اعتبارًا من 20 يناير وأن الطلاب سوف يحضرون في الفصول الدراسية. (وكالة “إيرنا” الحكومية للأنباء، 11 يناير 2021).
وتم اتخاذ هذا الإجراء، على الرغم من أن الموجة الـ 4 من تفشي فيروس كوفيد – 19 قد بدأت في إيران، فضلًا عن أن خامنئي، الولي الفقيه للملالي كان قد أصدر أمرًا في 8 يناير 2021 بمنع شراء اللقاحات من الخارج. وأعلن مسعود مرداني، عضو اللجنة العلمية بمقر مكافحة وباء كورونا أن التسرع في إعادة فتح المدارس أمر محفوف بالمخاطر.
ويرى صغار وكبار المسؤولين في نظام الملالي أن إعادة فتح المدارس قبل الأوان من الأسباب التي أدت إلى تفشي فيروس كورونا البريطاني في البلاد. والجدير بالذكر أن هذا الفيروس يُعد أكثر شيوعًا من فيروس كورونا غير المتحور بين مَن تقل أعمارهم عن 20 عامًا، وخاصة الأطفال.

الأطفال والمراهقون الإيرانيون محرومون من التعليم المجاني
نختتم هذا المقال بالتأكيد على أن تحويل التعليم في المدارس والجامعات إلى تجارة انتهاكًا للمادة 30 من دستور نظام الملالي التي تنص على أن الحكومة مكلَّفة بتوفير الإمكانيات اللازمة للتعليم المجاني لجميع الأطفال والمراهقين حتى نهاية مرحلة التعليم الثانوي؛ أدى إلى حرمان آلاف الأطفال والمراهقين في إيران من التعليم. والجدير بالذكر أن الفتيات الإيرانيات يتسربن من المدرسة أكثر من الفتيان. وتبلغ نسبة الفتيات المتسربات من المدرسة 3 أضعاف نسبة الفتيان. (وكالة “آنا” الحكومية للأنباء، 17 سبتمبر 2019).
والسبب في ذلك هو نظام الملالي لدرجة أن البلاد تعاني من التمييز ضد الفتيات والنساء في مجال التعليم ومحو الأمية ودفعهن إلى البقاء في المنزل والزواج المبكر. بيد أن الفتيات اللاتي أتيحت لهن الفرصة للدراسة ينتهزن هذه الفرصة بدافع كبير. لذا نجد أن الإيرانيات يشكِّلن حوالي 60 في المائة من خريجي الجامعات والحاصلين على الدراسات العليا. ومع ذلك، وبسبب القهر والتمييز على نحو مضاعف والحرمان من تكافؤ الفرص، فإن عددًا كبيرًا من هؤلاء النساء لا يتمكن من الحصول على الوظيفة المناسبة ويظلَّنَّ عاطلات عن العمل. ولهذه الأسباب، تعارض النساء والفتيات هذا النظام الفاشي. والحقيقة هي أنهن يعتبرن القوة الرئيسية للتغيير في إيران.

محو الأمية في إيران – تشكل الفتيات والنساء ثلثي السكان الأميين