مجزرة 1988، أکبر جريمة ضد الإنسانية لم یعاقب علیها بعد

مجزرة 1988، أکبر جريمة ضد الإنسانية لم یعاقب علیها بعد

جريمة ضد الإنسانية _تصادف الأيام الأخیرة من شهر یولیو من كل عام، ذكرى مجزرة 30 ألف سجين سياسي أعدموا عام 1988 بأمر من خمیني. جریمة ضد الإنسانية وصفت بأنها الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، والتي «لن ينساها ولن يغفرها الشعب الإيراني».

تظهر أحدث قائمة لضحایا مجزرة عام 1988، أن الجریمة وقعت في 110 مدینة إیرانیة على الأقل. بدأت الموجة القویة من المجزرة في سجني إيفين وکوهردشت، واستهدفت أعضاء مجاهدي خلق على وجه الخصوص.

کما أعتقل أكثر من 10 آلاف شخص في موجة واسعة من الاعتقالات السياسية شملت مختلف مدن إيران فور هزیمة النظام وإعلان وقف إطلاق النار في الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت لثماني سنوات.

جزء آخر من هذه الجريمة ضد الإنسانية، تمثل في إقامة محاکم عاجلة لأنصار مجاهدي خلق في غرب إيران وللشباب والشابات الذين توجهوا إلى غرب البلاد من محافظات أخرى لمساندة  مجاهدي خلق.

بشأن تلك المجزرة المروعة، قالت زعيمة المعارضة الإيرانية السیدة “مريم رجوي“: «إن مجزرة السجناء السياسيين لمجاهدي خلق والمناضلین، كانت صداماً دموياً بين العصور الوسطى وجيل الغد الذي دعم ثورة فبرایر، الثورة التي عقدت العزم على إنشاء مجتمع حر ومتساوٍ».

وقد رفض مسؤولو النظام الإيراني تزوید ذوي المعدومین بأي معلومات حول مصیر ومکان دفن جثث الضحایا، لا بل دمروا تلك المقابر الجماعية. لکن على الرغم من أن قبور شهداء المجزرة غير معروفة، إلا أن ذكراهم لا تزال حية وخالدة في قلوب ملايين الإيرانيين.

تفاصیل مجزرة عام 1988

يروي السیر جيفري روبرتسون، القاضي السابق في المحکمة الخاصة لسیرالون التابعة للأمم المتحدة والمحامي البارز لحقوق الإنسان الذي حقق في هذه الجريمة ضد الإنسانية، تفاصیل المجزرة علی النحو التالي:

في أواخر يوليو 1988، مع انتهاء الحرب ضد العراق، تم عزل السجون الإيرانية المليئة بالمعارضين فجأة. تم إلغاء جميع الزیارات الأسریة وإغلاق أجهزة الراديو والتلفزيون. ووضع السجناء داخل الزنازين ولم يُسمح لهم حتى بممارسة الریاضة أو الذهاب إلی المستشفى.

الزیارات الوحيدة المسموح بها کانت لوفد ملتحٍ ومعمم یأتي بسيارات BMW، الوفد الذي یضمّ قاضي الشريعة، المدعي العام وممثل وزارة المخابرات.

کان جميع السجناء تقريباً، أي آلاف الذين تم سجنهم بسبب ولائهم لمجاهدي خلق، یمرون أمام الوفد لفترة قصيرة جداً.

وکان الوفد یسأل سؤالاً واحداً فقط من أولئك الشبان والشابات، الذين سجن معظمهم منذ عام 1981 لمشاركتهم في الاحتجاجات المندلعة في الشوارع أو لحمل منشورات سياسية. وکانت حیاتهم ومماتهم مرهونة بإجابتهم علی ذلك السؤال، على الرغم من أنهم لم یکونوا علی علم بذلك.

أولئك الذين یعترفون بولائهم المستمر لمجاهدي خلق، تغلق أعينهم ویساقون إلى طابور یقودهم مباشرة إلى المشنقة.

تمّ شنقهم في مجموعات مکونة من أربعة أو ستة أشخاص بحبال معلقة أمام منصة قاعة الاجتماع. وتم نقل بعضهم إلى ثكنات الجيش ليلاً لكتابة وصاياهم ثم مواجهة فرق إطلاق النار. وبعد ذلك تم تعقیم جثثهم وتكديسها في شاحنات مبردة لدفنها في مقابر جماعية لیلاً.

وبعد أشهر، منحوا أسرهم، التي كانت تبحث عن معلومات عن أبنائها، کیساً بلاستيكياً یحتوي على بعض متعلقاتهم. لكنهم رفضوا تقديم أي معلومات حول أماکن دفن الجثث، وأمروا أسرهم بعدم إقامة مراسم تأبیین علنیة.

وبحلول منتصف أغسطس، كان النظام قد قتل آلاف السجناء بهذه الطريقة دون محاكمة ولا أدنی شعور بالرأفة أو تأنیب الضمیر.

المقاومة الملهمة للشابات

وسط معمعة الإعدامات، صاح معممان جلادان هما ”جزائري“ و”عبداللهي“ في أحد عنابر سجن الأهواز: يجب أن تتخذ موقفا، وتخترون بین خميني ومسعود رجوي. أي طرف تخترون؟

صاحت فتاة من نهاية العنبر: «عاش مسعود، الموت لخميني».

وكانت سكينة دلفي، البطلة البالغة 26 عاماً، من أهالي آبادان.

مع سماع هتافها، احتشد الحراس حولها وأصابوها بجروح بالغة. في اليوم التالي، تم شنق 349 من هذا الجناح المكون من 350 سجينة.

وجميع الضحایا کنّ شابات مندفعات واعیات جميلات معتدات ومضحیات بأنفسهن، وقفن بشجاعة أمام الحكام المستبدين في حین قضی العديد منهن فترة محکومیتهن.

وفقاً للتقارير، فإن أولئك السجناء، ولا سيما السجينات، كانوا عنيدین للغایة ومقاومین وملهمین، على الرغم من أنهم كانوا يعرفون بأنه يجب علیهم أن يمروا بتجربة اغتصاب مروعة قبل شنقهم. لكنهم قالوا “لا” للجلادين.

جريمة ضد الإنسانية لم یعاقب علیها بعد

وفقاً للسیر لجيفري روبرتسون فإن «قتل السجناء هو أسوأ جريمة حرب. هذا هو الحال منذ مئات السنين. السجين في أيدي الحكومة بالكامل. لهذا السبب، منح القانون الدولي حماية خاصة لأسرى الحرب منذ القرن الخامس عشر. في عام 1863، اعتبر قانون الحرب الأمريكي قتل السجناء المستسلمين جريمة مطلقة. إن اتفاقيات جنيف لعام 1949، التي هي أساس القانون الدولي، تعتبر قتل السجين جريمة دولية».

یضیف السیر روبرتسون، وهو قاضي سابق ورئيس لمحكمة سيراليون الخاصة التابعة للأمم المتحدة:

«كانت هناك ثلاثة أمثلة شنيعة ومروعة منذ الحرب العالمية الثانية. المثال الأول هو الجيش الياباني، الذي أرسل 7000 جندي أمريكي إلی الموت في عام 1946. ماذا حدث للقادة اليابانيين الذين أمروا بهذه الجريمة؟ حوكموا وأدينوا ثم أعدموا.

والمثال الثاني لسربرنيتسا في عام 1992، عندما قتل 7000 رجل وصبي مسلم. ماذا حدث للقادة الذین أمروا بهذه المذبحة ماذا حدث لميلوسوفيتش وكرادزيتش؟ هم الآن قيد المحاكمة في لاهاي. لقد عوقبوا وسيعاقبون.

المثال الثالث، وهو أسوأ نموذج، حدث عام 1988، عندما أعدم الآلاف من السجناء وهم أعضاء مجاهدي خلق في المقام الأول، ثم جاء دور العلمانيين والشيوعيين والليبراليين. أناس سُجنوا بسبب آرائهم السياسية، وقضی الكثير منهم مدة محکومیتهم. لقد اعتقلوا في عام 1981، وعلى الرغم من أنهم أكملوا عقوباتهم بالسجن، إلا أنهم قتلوا بوحشية تامة، لکن هذه الجریمة المروعة لم تعاقب بعد».

ضعوا حداً لحصانة الجناة

لقد تهرب النظام الإيراني حتى الآن من نشر معلومات وتفاصيل مجزرة السجناء السیاسیین عام 1988 وظل بمنأى عن المحاکمة الدولية.

إن مرتكبي هذه الجريمة ضد الإنسانية، الذين ضلعوا في القتل الدموي للسجناء الأبرياء، یمسکون الآن بزمام الأمور.

كبار المسؤولین عن ارتکاب هذه الجريمة ضد الإنسانية وأعضاء “لجان الموت” هم الآن من بين كبار المسؤولين في النظام، بما في ذلك رئيس السلطة القضائية ورئيس المحكمة العليا ووزير العدل. لكنهم جمیعاً یتمتعون بحصانة.

ويدافع عدد منهم، بمن فيهم ولي فقیه الملالي، علي خامنئي، عن مجزرة عام 1988، لدرجة أنهم یتفاخرون بها. ولکن هولاء أیضاً یتمتعون بحصانة.

في تقريرها الصادر في ديسمبر 2018، حققت منظمة العفو الدولية في مجزرة 1988 الحاصلة في إيران جاء فیه: «تواجه إيران أزمة حصانة»، «استمرار الجرائم في إيران مرتبط مباشرة بالحصانة التي يتمتع بها مسؤولو النظام الإيراني».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمریکیة، مورغان أورتیغاس، مؤخراً في رسالة مصورة على تويتر:

«19 يوليو 1988 هو الذكرى السنوية لبدء عمل ما يسمى بـ “لجان الموت” في إیران بأمر من خميني. أعدمت هذه اللجان الآلاف من السجناء السياسيين المعارضین بشکل غیر قانوني أو ورد أنهم اختفوا قسریاً.

وقد تم تحديد الرئيس الحالي للسلطة القضائية الإيرانية ووزير العدل الحالي كأعضاء سابقين في “لجان الموت” هذه.

من المسلم أن القضاء الإيراني يفتقر إلى الاستقلال وضمانات المحاكمة العادلة، وأن المحاكم الثورية مروعة خاصة في إصدار الأحکام التي تنتهك حقوق الإنسان. يجب محاسبة جميع المسؤولين الإيرانيين الذين يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان وسوء المعاملة.

تدعو الولايات المتحدة المجتمع الدولي إلى إجراء تحقيق مستقل وإقامة العدل لضحايا هذه الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان من قبل النظام الإيراني.

حان الوقت لمقاضاة قادة النظام

لقد حان الوقت للمجتمع الدولي لإنهاء ثلاثة عقود من الحصانة لقادة نظام الملالي في إيران ومحاسبتهم على جرائمهم.

حان الوقت لإحالة قضية انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ولا سيما مجزرة عام 1988، إلى مجلس الأمن الدولي.

حان الوقت لتقديم خامنئي وشركائه إلى العدالة لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية.

حان الوقت للأمم المتحدة لتشكيل بعثة دولية لتقصي الحقائق من أجل التحقيق في مجزرة 1988 في إيران.

كيف يمكن للناس التواجد في الأمم المتحدة بجوار أولئك المتورطين مباشرة في إعدام عشرات الآلاف من السجناء؟ كيف يمكنهم التفاوض والمساومة معهم؟ هذا یعتبر خرقاً لحقوق الإنسان

Exit mobile version