حالات الاختفاء القسري مستمرة في إيران، بينما العالم يغض الطرف عنها

في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري في 30 أغسطس، ندعو المجتمع الدولي إلى إنهاء ثلاثة عقود من الإفلات من العقاب لقادة نظام الملالي في إيران والبدء في تشكيل هيئة دولية للتحقيق في مذبحة عام 1988 في إيران.

وعشية اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، صرحت منظمة العفو الدولية في 28 أغسطس بأن التقاعس المستمر للسلطات الإيرانية في الكشف عن مصير وأماكن وجود آلاف المعارضين السياسيين ممن اختفوا قسراً أو أُعدموا سراً خارج نطاق القضاء أثناء مجازر السجون الإيرانية في 1988، قد أثار أزمة ظلّ المجتمع الدولي يتجاهلها إلى حد كبير على مدى عقود من الزمان.

وأضافت: «وما زال آلاف ضحايا القتل غير مسجلين، وهناك آلاف الجثث المفقودة مدفونة في مقابر جماعية مجهولة في جميع أنحاء البلاد. و لمدة 35 عامًا، تقاعست السلطات الإيرانية عن الاعتراف رسميًا بوجود هذه المقابر الجماعية وأخفت مواقعها وتسبب ذلك في معاناة شديدة للعائلات التي ما زالت تسعى للحصول على إجابات بشأن أحبائها المفقودين».

لا توجد جريمة أشد قسوة من «اختفاء» إنسان. إن حالات الاختفاء القسري هي أداة للإرهاب لها تأثير مدمر لا يقتصر على الأفراد وعائلاتهم فحسب، بل على مجتمعات بأكملها تاركة ندبات يصعب للغاية معالجتها. ولهذا السبب يعتبر الاختفاء القسري جريمة بموجب القانون الدولي، وإذا ارتكبت كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد السكان المدنيين، فإنها تشكل جريمة ضد الإنسانية.

بالنسبة لمعظم أقارب المختفين، فإن فقدان الأحباب لا يزال شعور قائم، حتى عندما يخبرهم المنطق أن الشخص على الأرجح أنه قد توفي. طالما هناك عدم يقين، سيكون هناك أمل. طالما هناك أمل، فإنهم يظلون محاصرين في جحيم من العذاب، لا قادرين على الحداد ولا بإمكانهم المضي في حياتهم. لاسيما بالنسبة للوالدين، يبدو التخلي عن الأمل بمثابة خيانة، كما لو كانوا يقتلون أطفالهم.

أدرجت مقررة الأمم المتحدة الراحلة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، أسماء جهانجير، في تقريرها شكاوى الأسر من مذبحة عام 1988 التي شملت 30000 سجين سياسي.

وفقًا للقانون الدولي، تستمر جريمة الاختفاء القسري إلى أن تكشف الدولة عن مصير الضحية أو مكان وجودها، وإذا مات الشخص المختفي، يجب على الدولة إعادة رفات الضحية إلى أسرته.

 

ملاحقة العائلات الساعية إلى معرفة الحقيقة

يعد الاختفاء القسري من أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان. يتم اختطاف الأشخاص من عائلاتهم من قبل مسؤولي الدولة أو غيرهم ممن يتصرفون نيابة عنهم، والذين ينكرون فيما بعد أن يكون الشخص رهن الاحتجاز أو يرفضون تحديد مكان وجودهم. وبالتالي فإن العوائل تغرق في حالة من الكرب والاضطراب، وتحاول يائسًا إبقاء أملها حيًا بينما تخشى الأسوأ.

لقد عاش العديد من الأسر الإيرانية في هذا عالقين في مثل هذا الجحيم بعد أكثر من ثلاثة عقود من مذبحة 30000 سجين سياسي في إيران عام 1988.

العوائل والأقارب ليسوا قادرين على معرفة الحقيقة والسعي لتحقيق العدالة طالما أن العديد من مرتكبي هذه الجرائم البشعة يشغلون مناصب حكومية عليا. وأولئك الذين تجرأوا على القيام بذلك واجهوا عواقب. بما في ذلك:

مريم أكبري منفرد التي اعتُقلت في ديسمبر 2009، وحُكم عليها فيما بعد بالسجن 15 عامًا. أخبرها القاضي أنها ستضطر لدفع ثمن أخيها وأختها اللذين أُعدما في عام 1988 من قبل النظام بسبب معارضتهما.

في فبراير / شباط 2017 أثناء وجودها رهن الاعتقال، تقدمت مريم أكبري منفرد بشكوى إلى الأمم المتحدة، حثت فيها على معرفة الحقيقة حول مصير شقيقها وشقيقتها، عبد الرضا ورقيه اللذين أُعدما في موجة القتل في عام 1988. أبلغ النظام الإيراني شفهياً عائلة أكبري منفرد إعدام أبنائها، لكنها لم تكشف عن أماكن دفنهما.

رقية آكبري منفرد

اعترفت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة والمعنية بحالات الاختفاء القسري بأن رقية وعبد الرضا آكبري منفرد كانا ضحايا للاختفاء القسري.

راحلة رحيمي بور 65 عامًا حوكمت عليها بالسجن لمدة عام من قبل محكمة الثورة في طهران في 9 أبريل 2019، بتهمة “الدعاية ضد الدولة”.

راحلة رحيمي بور

عندما بدأت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة والمعنية بحالات الاختفاء القسري في النظر في شكواها واستفسرت السلطات الإيرانية عن شقيق راحله وابن أخيها، بدأ النظام في الضغط عليها ومضايقتها.

شقيق السيدة رحيمي بور، حسين رحيمي بور، طبيب أسنان، تم اعتقاله مع زوجته الحامل في عام 1983. في ربيع عام 1984، أُبلغت عائلة رحيمي بور أن الطفلة، غولرو، المولودة في سجن إيفين قد توفيت. في أواخر الصيف من نفس العام، تم إخبار العائلة عبر الهاتف بإعدام حسين رحيمي بور.

علي صارمي اعتقل وسُجن في عام 2007 بسبب إدلاء كلمة في حفل تأبين لمجموعة من عوائل ضحايا الاختفاء القسري في مذبحة عام 1988 في مقبرة خاوران. هذه المقبرة تضم مقابر جماعية لضحايا هذه المجزرة. أُعدم السيد صارمي في وقت لاحق في عام 2011.

 

حالات الاختفاء القسري في إيران لا تقتصر على الثمانينات. استمر النظام الحاكم في هذه الممارسة.

اعترفت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة والمعنية بحالات الاختفاء القسري مؤخراً بحالات السجناء السياسيين الأكراد، السيدة شيرين علم هولي، وفرزاد كمانكر، وعلي حيدريان، وفرهاد وكيلي، الذين أُعدموا في عام 2010، باعتبارهم ضحايا الاختفاء القسري لأن جثامينهم لم تُسلَّم أبداً إلى أسرهم و استمر النظام في إخفاء الحقيقة المتعلقة بإعداماتهم ودفنهم. وتطلب مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة والمعنية بحالات الاختفاء القسري الآن من السلطات الإيرانية تقديم أدلة لتحديد تفاصيل مصائرهم ومكان وجودهم.

السيدة شيرين علم هولي

في تقريرها الصادر في ديسمبر / كانون الأول 2018 بعنوان «أسرار ملطخة بالدماء»، قالت منظمة العفو الدولية إنه من خلال الاستمرار في إخفاء مصير ومكان عمليات القتل السري خارج نطاق القضاء لعام 1988 في إيران، حيث ترتكب السلطات الإيرانية الجريمة المستمرة ضد الإنسانية المتمثلة في الاختفاء القسري. السلطات الإيرانية ملزمة بموجب القانون الدولي بالتحقيق في هذه الجرائم المستمرة وتزويد الضحايا بالحقيقة والعدالة والتعويضات. في أي حالة من حالات الوفاة، يتعين على السلطات إصدار شهادة الوفاة، مع تحديد تاريخ الوفاة وموقعها وسببها بدقة. ومع ذلك، لضحايا عمليات القتل خارج نطاق القانون السري لعام 1988، لم يحدث هذا في الآلاف من الحالات، كما شددت منظمة العفو الدولية في تقريرها أن

النظام الإيراني لم يسلم جثث أي من ضحايا مذبحة عام 1988 إلى عائلاتهم ورفض تقديم مكان وجود أجسادهم، بل بذل جهودًا في العديد من الحالات لهدم المقابر الجماعية وبناء المنشآت عليها، والقضاء على أي أثر لجريمتهم ضد الإنسانية.

 

وجوه الضحايا

كانت آلاف الشابات من بين ما يقدر بنحو 30000 سجين سياسي قتلوا في عام 1988 في إيران، والكثير منهم وقعوا ضحايا للاختفاء القسري. فيما يلي ملخص لبعض منهم:

 

منيرة رجوي، أم لفتاتين صغيرتين، تم إعدامها في مذبحة عام 1988 بسبب علاقتها العائلية بزعيم المقاومة الإيرانية، مسعود رجوي. كانت منيرة أخت مسعود رجوي الصغرى وليس لديها أي نشاط سياسي. لقد قضت ست سنوات في السجن قبل أن تعدم وتعتبر منيرة كرمز لبراءة ضحايا مذبحة عام 1988.

كانت منيرة أخت مسعود رجوي

مليحة أقوامي، 26 عاماً، تعرضت للاغتصاب قبل الإعدام. تم اغتصاب الشابات العذراء بشكل منهجي قبل الإعدام لمنعهن من دخول الجنة حسب زعم النظام. وورد أن مليحة أُعدمت في 7 أكتوبر / تشرين الأول 1988، وبعد ذلك راجع أحد الشباب من الباسيج منزل والديها، وقدم نفسه كعروس لهم وسلمهم علبة من الحلوى و 500 تومان كمهر لابنتهم التي أُعدمت.

مليحة أقوامي

كما تم اغتصاب نسرين شجاعي قبل إعدامها عام 1988 في أصفهان.

نسرين شجاعي

كانت أعظم نسبي من كرمانشاه في الثامنة والعشرين من عمرها وقت إعدامها في 27 أغسطس / آب 1988 في سجن جوهردشت في كرج.

أعظم نسبي

أشرف أحمدي كان عمرها 47 عامًا وأم لأربعة أطفال. لقد أنجبت طفلها الأول في سجن الشاه وآخرها في سجون الملالي. كانت في السجن لمدة سبع سنوات عندما أُعدمت في 31 يوليو 1988.

أشرف أحمدي

كانت زهراء بيجن يار البالغة من العمر 24 عاما حاملًا لشهرين أثناء الاعتقال وحُكم عليها بالسجن 10 سنوات لدعمها لـ منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. فقدت زهرا بيجن يار طفلها بعد ثلاثة أشهر من اعتقالها. تم احتجازها في الوحدة السكنية في قزل حصار حيث تعرضت والتعذيب بشكل متكرر وفقًا لأختها.

زهراء بيجن يار

فرحناز ظرفجي وفاطمة زارعي تم إعدامهما خلال مذبحة عام 1988 بعد قضاء كل منهما سبع سنوات في السجن.

فرحناز ظرفجي وفاطمة زارعي

فريبا دشتي وفضيلة علامه تم إعدامهما في صيف عام 1988 بعد قضاء سبع سنوات في السجن.

فريبا دشتي

 

فضيلة علامه

شكر محمد زاده، 32 عاماً وممرضة، بعد سبع سنوات من السجن أعدمت في صيف عام 1988.

شكر محمد زاده

 

سكينة دلفي

وُلدت في آبادان، إيران، عام 1962. وكانت واحدة من أولى ضحايا مذبحة السجناء السياسيين عام 1988 التي دُفنت مع سبعة سجناء سياسيين من مجاهدي خلق خلف الأراضي المفتوحة للمنطقة الصناعية في الأهواز.

 

ثم تم تغطية المقبرة الجماعية بإسمنت بعمق 30 سم لمنع الوصول إلى أجسادهم المشوهة بشدة.

Exit mobile version