أدت أمطار غزيرة من 10-12 يناير في جنوب سيستان وبلوشستان إلى قطع وسائل الاتصال بين أكثر من 500 قرية. ويعيش العديد من المواطنين المحاصرين بالفيضان دون أن يتلقوا أدنى المساعدات.
وتقول المصادر المحلية إن حوالي 40000 منزل قروي دمروا تمامًا . وأن الأهالي قدموا معظم المساعدات، والحكومة لم تتخذ أي خطوة فعالة لانقاذ المنكوبين.
وقالت امرأة تدعى «ماهرخ غلام حسين بور»: ” إن الفيضان اكتسح المنازل المبنية من الجدران الطينية والسقائف. وجرف الخراف والعجول النحيفة التي انقذتنا من الموت المحقق، والأطباق وأدوات المطابخ والملابس، وكل ما لدى الفقراء من ممتلكات قليلة ، حتى أحذية الأطفال الممزقة التي يستخدمونها في حرارة الصيف وبرد الشتاء.
وقالت إحدى المعلمات في المدرسة تدعى «مريم بالاشيخ،» في قرية من القرى المنكوبة بالفيضان في منطقة دشتياري: ” لقد تم قطع وسائل الاتصال بين القرى وحتى المدن”.
وقالت مريم إنها لم ترى بنفسها أي طائرة هليكوبتر تابعة للهلال الأحمر أتت للمساعدة . وكان هناك 16 طفل معلقين على شجرة واحدة حتى لا تجرفهم المياه. وأحضر أهالي جابهار قارب صيد لإنقاذ النساء والأطفال الذين يصارعون الموت.
وسمعت مريم أفراد الإغاثة المحليين يقولون أنه لا يوجد أي أثر للقرى المتناثرة في منطقتي بلان ودشتياري، حيث أن جميع المنازل غارقة تحت المياه، والنهر يعيد جثث بعض المفقودين.
وبعد الفيضان تصف ثلاثة فتيات ما حدث لهن وهن يتجمدن من برد الشتاء على النحو التالي:
الطفلة الأولى: نحن نموت من البرد ولا يوفروا لنا وسائل التدفئة.
الطفلة الثانية: حدث الفيضان بالأمس، واجتاح منازلنا وكل ما لدينا، ونفقت خرافنا، ولا نملك شيئًا الآن، والهلال الأحمر لا يرد على الهاتف على الإطلاق.
الطفلة الثالثة: حدث الفيضان وامتلأت منازلنا بالمياه.
وفي منطقتي «زرآباد» و«كنارك» كان هناك فرد أو اثنين معلقان على كل شجرة. إلا أنه كم من الوقت يستطيع هؤلاء الأفراد أن يبقوا على قيد الحياة وهم معلقين على الأشجار لعدة أيام غير قادرين على الطهي وليس لديهم ما يكفي من الطعام ولا الملابس تحت هطول المطر والبرد الشديد؟
وظل هؤلاء الناس يعدون الخبز في الماء لعدة أيام، في ظل غياب الكهرباء للإضاءة، ولا المياه لإزالة آثار الفيضان، والنساء والأطفال يتجمدون من البرد ويقضون الليالي في المياه. إنهم حقًا في حاجة ماسة للملابس ووسائل التدفئة.
ويقول أحد المواطنين : ” إن الجسور محطمة ولا يمكننا عبور الأنهار، وانقطعنا عن العالم ، ويبدو أنهم قد نسونا”.
ويقول مواطن آخر: ” إن معظم المنازل في قرى منطقة نيك شهر مبنية من الطين والأوحال ولحق بها الكثير من الأضرار”.
وفي غضون هذه الأيام أدى هطول الأمطار الغزير إلى تدمير سقف أحد المنازل المبنية من الطين في إحدى قري منطقة زاهدان وتعرضت طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات لإصابات شديدة. (وكالة “ركنا” الحكومية للأنباء 11 يناير 2020)
وأشار أحد النشطاء البلوتش على صفحته في تويتر إلى وفاة طفلة لم يذكر اسمها في الإحصاء الرسمي تبلغ من العمر 5 سنوات.
وحول إخطار الحكومة للمواطنين ، قال الناشط البلوشي إن التحذيرات التي وجهتها هيئة إدارة الكوارث كانت بلا جدوى، لأن الناس في القرى يفتقرون إلى الإنترنت ووسائل الاتصال العام. حيث أن 95 في المائة من إجمالي 5000 قرية في سيستان وبلوشستان ليس لديهم وسائل اتصالات مثل الهواتف المنزلية والهواتف المحمولة والإنترنت، كما أن 52 في المائة من سكان المحافظة يعيشون في المناطق الريفية. فكيف يمكن للمسؤولين الحكوميين أن يتوقعوا أن يكون الناس على دراية بالتحذيرات في مثل هذه الظروف؟
في الوقت نفسه، نتيجة لمياه الفيضان توجهت بعض التماسيح التي تعرف في اللغة المحلية البلوتشية باسم ” تماسيح جاندو” نحو القرى وهددت حياة المواطنين.
وحذرت وزارة البيئة في هذه المحافظة المنكوبة بالفيضانات يوم الاثنين الموافق 13 يناير 2020 ، من هجوم تماسيح المستنقعات على المناطق المنكوبة. ونتيجة لشعور التماسيح بالخطر بعد الفيضان اتخذت وضعًا هجوميًا.
وقال حاكم نيكشهر: “بشكل عام ، لا يوجد أي اتصال بـ 400 قرية من قرى مدينة نيكشهر بسبب تعطيل وسائل الاتصال”. (وكالة ” إيلنا” الحكومية للأنباء 14 يناير 2020)
وحول إمكانية الوقاية من الفيضانات ومواجهة هذ الكارثة الطبيعية بواسطة الأجهزة الحكومية ، قال علي بيت اللهي، مدير المخاطر في مركز أبحاث الطرق والتنمية الحضرية: ” على سبيل المثال، نجد أن اليابان التي يتعرض أكثر من 60 في المائة من مساحتها الجغرافية للفيضانات، استطاعت منع حدوث هذا الخطر الطبيعي بالتخطيط المناسب، إلا أن الفيضانات تهدد مرة أخرى حياة سكان جنوب إيران”. (موقع “سلامت نيوز” الحكومي ، 14 يناير 2020)
ثم قال : ” يمكننا منع المزيد من الفيضانات في إيران باتباع المبادئ الهندسية والفنية البسيطة بأقل التكاليف”.
وبناءً على كل هذه الحالات، يمكن القول إن هناك إمكانية لمنع كل هذه الكوارث في إيران وإنقاذ أرواح المواطنين ، إلا أننا تجاهلنا أهالي سيستان وبلوشستان في هذا الفيضان ولاسيما النساء والأطفال، ولم نوليهم أدني اهتمام لقضاياهم ومشاكلهم بعد هذا الفيضان المدمر.
هذا ويفتقر المواطنون المنكوبون للمعدات الخاصة بترميم الطرق مثل اللودرات والجرافات وغيرها من المعدات.
ويلقي المواطنون المنكوبون بالفيضان باللوم على الحكومة التي تنفق ثروات البلاد على الشؤون العسكرية والصواريخ، في حين أن الضحايا في حاجة ماسة إلى الطعام والمياه الصالحة للشرب.
والجدير بالذكر أن الحكومة تنفق 200000000 يورو لقصف الصواريخ على القواعد الأمريكية ، ولكنها تخصص صندوقًا لجمع التبرعات لمساعدة ضحايا الفيضانات . وتم تداول صور هذه الصناديق على وسائل التواصل الاجتماعي.