تشرد المرأة الإيرانية، والفقر والعنف ضد النساء
الفقر والعنف ضد المرأة من الأسباب الرئيسية لنزوح وتشرد المرأة الإيرانية.
المسبب الرئيسي لوجود نساء إيرانيات مشردات بلا مأوى هو الفقر والعنف المنهجي في ظل حكم النظام الإيراني، فالفقر بشكل عام يعني عيش غير مستقر؛ مثل الجوع وسوء التغذية ومحدودية الوصول إلى التعليم ونقص الوصول إلى الخدمات الصحية وعدم المشاركة في صنع القرار كلها آثار متردية للفقر.
الفقر وجذره الرئيسي في نظام الملالي المعادي للمرأة
وبحسب قول ”محمد حسن آصفري“ عضو لجنة المجالس والشؤون الداخلية في مجلس شورى الملالي فإن هناك 9 ملايين أسرة إيرانية تعيش تحت خط الفقر. (وكالة الأنباء الحكومية أونلاين 6 مايو 2022)
كُتِب في أول تقرير لوزارة التعاون والعمل والرفاه بحكومة الرئيس والذي نُشر في أغسطس 2021 بأن عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في إيران قد وصل إلى 36 مليون شخص في سنة 2020، هذا في حين أن ”شهاب نادري“ النائب بمجلس الملالي قد كشف في الوقت ذاته بسنة 2017 أن 80٪ من المجتمع الإيراني يعيش تحت خط الفقر. (وكالة الأنباء الحكومية خانه ملت 13 مارس 2018).
إن الجذر الرئيسي للفقر هو نشر تشرد المرأة الإيرانية بشكل متزايد وآخذ بالإزدياد هو سلطة حكم نظام ديكتاتوري بسياسات معادية للشعب والمرأة، ومن هذا المنطلق فإننا في مواجهة ظاهرة تأنيث الفقر في إيران.
تأنيث الفقر في إيران وعواقبه المؤسفة والخطيرة
تأنيث الفقر مصطلح نرى من ورائه أكثر الأوضاع سوءا وخطورة فيما يتعلق بالمرأة، ومن تبعات هذه الظاهرة المؤسفة بالمجتمع الإيراني الدخول في مواجهة أزمات اجتماعية واقتصادية وثقافية وصحية مختلفة.
وبحسب قول ”بونه بيلرام“ عالمة نفس ومستشارة قائممقام الأهواز الأسبق لشؤون المرأة فإن عواقب الفقر على النساء أشبه بالإدمان والدعارة والتشرد والبطالة، وفي مثل هذه الظروف نقول تأنث الفقر أو بعبارة أفضل أخذ الفقر طابعا أنثويا.
تتزايد يوما بعد يوم في إيران في ظل سلطة حكم الملالي الوظائف الزائفة والأضرار الاجتماعية الواقعة على النساء مثل نزوح وتشرد ووجود حالات بلا مآوى في أوساط النساء الإيرانيات والتجول في الشوارع وبيع النفس والانتحار والإدمان وتلك دلالات على تأنيث الفقر تتزايد يوما بعد يوم.
28 مليون امرأة عاطلة عن العمل معرضات لخطر الدخول في دائرة الفقر
وفقا لتقرير النائب الاقتصادي لغرفة تجارة طهران لعام 2018 فإن تعداد النساء اللواتي لا نشاط لهن بالبلاد 28 مليون إمرأة، هذا في حين كان عدد النساء 40.200.000، وإذا وضعنا هذه الإحصائية جنبا إلى جنب مع إحصائيات الطلاق المتنامية وأكثر النساء المعيلات لأنفسهن فسوف ندرك أن ربات البيوت اللائي ليس لديهن نشاط اقتصادي ومصدر دخل بعد الطلاق، يقعن في شرك دائرة الفقر اللامنتهية، وبشكل عام يكمن خطر الفقر في النساء اللائي ليس لديهن نشاطا اقتصاديا، وعددهن مثير للتعجب،
وغني عن البيان أن هذا العدد قد زاد بعد جائحة كورونا وزيادة الفجوة الطبقية وتقييد الوصول إلى الموارد الأساسية.
2700 إمرأة بلا مأوى ومنامات كرتونية في الأهواز
تُشاهد في المدينة بوضوح تام تشرد المرأة الإيرانية بلا مأوى.
وفي الأهواز 2700 إمرأة بلا مأوى ومن ذوي منامات الكارتون ومشردات وبدون مأوىً دافىء، وقد لجأ كل هؤلاء النازحين إلى الأهواز من مكان ما، ويلجأن خلال النهار إلى حدائق المدينة وأزقتها، وفي الليل لا ملاذ لهن سوى السماء التي ترى نجومها أحيانا، وتتدفق بالحنين تحسرا على الماضي.
هؤلاء النساء اللواتي تم التعرف على آثارهن في 80 مكانا للاستراحة في زوايا الأهواز، ويتم تصنيفهن في مجموعات مختلفة وفقا للإحصاءات: بالفتيات الهاربات، والمدمنات، وسيئات المعيل، وذوي منامات الكارتون، المشردات. (موقع شهروند أونلاين الحكومي حكومة 15 فبراير 2022)
عدم وجود ملاجئ وبيوت آمنة للنساء ضحايا العنف
إن وجود ملاجىء دافئة وبيوت آمنة للنساء الإيرانيات اللواتي بلا مأوى يمكن أن يحل بعض مشاكلهن.
يعتقد العديد من الناشطين في مجال حقوق المرأة ومجال تقييم الأضرار الإجتماعية أنه لو كانت هناك منازل آمنة للنساء ضحايا العنف والفقر كمكان محلي لإبعاد النساء المعتدى عليهن عن بيئة العنف حتى يتمكنن من اللجوء إليها، وبذلك يمكن منع العنف الى حد ما مستقبلا.
ولكن للأسف يُعتبر غياب أو نقص البيوت الآمنة والملاجىء الدافئة مشكلة أساسية أيضا في إيران، ومعظم البيوت الآمنة غير حكومية، وذات إدارة ذاتية وخاصة، وتعمل بشكل خيري.
وكذلك بالنظر إلى محدودية عدد البيوت الآمنة فإن الأولوية تكون لقبول النساء والفتيات المعرضات لمخاطر مباشرة على الحياة أو اللواتي في وضع خاص مثل الحمل.
التمويل، والحماية، والمسؤولية وكذلك عملية إنشاء هذه المنازل صعبة للغاية وثقيلة وطويلة، ويستغرق الحصول على التصاريح أحيانا وقتا طويلا بما لا يشجع العاملين على إنشاء البيوت الآمنة.
لا يوجد سوى 27 بيتا آمنا في إيران
وكتبت وسائل إعلام النظام نقلا عن حبيب الله مسعودي فريد نائب رئيس الشؤون الاجتماعية في منظمة الرعاية الاجتماعية قوله: “لدى منظمة الرعاية الاجتماعية في البلاد بيت آمن لـ 135 إمرأة معنفة فقط.”
ووفقا لهذا الكلام هناك إمكانية لقبول إمرأة مُعنفة واحدة في بيوت آمنة من بين كل مليوني إمرأة إيرانية فوق سن العاشرة.
وتُظهر هذه الجملة وحدها البنية التحتية المدمرة الداعمة للنساء والفتيات اللائي تعرضن للعنف في ظل سلطة نظام الملالي.
أجابت إحدى النساء اللواتي يعشن في مدينة تايباد شمال خراسان على سؤال في استطلاع رأي على الأنستغرام يقول هذا السؤال هل هناك بيت آمن في محل سكناكِ، فكتبت :” ليس لدينا فقط بيت آمن بل ويمكن لكل بيت في المدينة أن يكون بيتا مرعبا فلا تمر ليلة ولا يمر نهار دون أن نستيقظ فيه على صوت صراخ وبكاء قادما من البيوت او لا نرى فيه نساء الجيران أو الأقارب مصابات بكدمات في العين أو جروح في الشفتين.”
ذكر المدير العام للرعاية الاجتماعية في محافظة طهران أن طهران لديها 3 بيوت آمنة فقط، ولا يوجد سوى 27 بيتا آمنا في جميع أنحاء إيران، ويمكن لكل بيت من هذه البيوت الآمنة أن يستقبل حوالي 5 أشخاص. (وكالة أنباء ركنا – 7 يونيو 2022)
أزاحت ”نيرة شهريسوند“ ممثلة رئيس بلدية الأهواز في 19 فبراير 2021 الستار عن حقيقة مريرة وقالت: “الأهواز ليس لها مكان يسمى ملجىء دافىء أو مكان آمن للنساء، ويوجد مخيم واحد فقط للمتسولين تحت إشراف البلدية وهو للرجال والنساء” وياتي هذا في حين أنه وفقا لبحث ميداني تحتاج الأهواز إلى 5 ملاجىء دافئة نظرا لإتساعها.
وفي إشارة إلى نهب حقوق النساء قال صحفي نشط في وسائل الإعلام الإقليمية: ” تم تحديد ميزانية لملجىء دافىء في العام الماضي، ولكن أين يتم إنفاقها، وبقي ذلك سؤال بلا جواب.”
وبحسب قول ”فرحناز محمدي“ المديرة العامة لرعاية كرمانشاه أنه من بين ثلاثة بيوت إيواء في المحافظة هناك بيت إيواء واحد خاص بالنساء ويتسع لـ 20 إلى 25 شخصا وفي الخريف والشتاء تستقبل بالأشخاص ذوي منامات الكرتون. (موقع شهروندأونلاين الحكومي 15 فبراير 2022)
النساء ضحايا العنف النفسي والجسدي في حياتهن على يد الرجال، في غياب الدعم المالي وبسبب الاعتماد المالي على شخص عنيف يرفضن إبلاغ الطوارئ الاجتماعية أو الشرطة عن أوضاعهن، ومن ناحية أخرى وبما أن البيوت الآمنة لا تحل مشاكل هؤلاء النساء فإن الكثير منهن غير مستعدات للذهاب إلى هذه البيوت.
وقالت ”بونه بيلرام“ في هذا الصدد: “العديد من النساء المشردات لا يرغبن حتى في الذهاب إلى المراكز المحدودة في دار البلدية، وعندما نعرض على النساء المشردات في الشارع الذهاب إلى منزل البلدية فيقولون إنهم سيبقوننا هناك لمدة 48 ساعة ثم يقولون إنه يجب أن يستلمك شخص ما! وأنا ليس لدي أحد، وتقول أخرى أنا أتعرض للعنف في المنزل، وتقول أخرى إنني تحدثت إلى حالة الطوارئ الاجتماعية لكنهم لا يفعلون شيئا لأشخاص مثلي، وفي النهاية يسلمونني إلى والدي أو زوجي اللذين يضربنني باستمرار ويشتموني ويؤذونني.. إنهن يفضلن البقاء في الشوارع على أن يتعرضن للعنف والموت في منازلهن.” (موقع جامعه الحكومي 24- 6 مايو 2022)
تشرد المرأة الإيرانية والعواقب الوخيمة لذلك
إن للفقر والحرمان وفقدان المأوى الذي تعاني منه الإيرانيات في ظل هذا النظام عواقب وخيمة بقدر ما تضطر سهيلة وهي فتاة مراهقة إلى بيع نفسها لمدة ساعتين من أجل الهواء البارد بسبب شدة الضغوط وقلة ذات اليد.
يؤدي هذا السلوك والزيجات غير المستقرة أيضا إلى زيادة عدد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز، وتُجر حياة الفتيات والنساء الإيرانيات إلى هاوية الدمار بسبب إدمان المخدرات والانتحار.
“أعرف سيدة جامعة قمامة لديها طفل معاق وليس لديه بطاقة هوية، وتحكي أنها تعرضت للضرب مرات عديدة وأحيانا يشترون مني قمامة بسعر أقل بكثير وإذا اعترضت فإني أتعرض للضرب، وقد كانت شديدة الإدمان أيضا.” (موقع جامعه الحكومي 24- 6 مايو 2022)
كان أكبر عدد من الوفيات الناجمة عن الإدمان استنادا لعدد سكان كل محافظة بسنة 2021 في محافظات كرمانشاه ولرستان وطهران ومركزي.
أعلنت هيئة الطب الشرعي في البلاد أنه : توفي 5342 شخصا العام الماضي بسبب تعاطي المخدرات والمنشطات في البلاد من بينهم 781 إمرأة، وشهدت إحصائيات الوفيات الناجمة عن تعاطي المخدرات عام 2021 زيادة بنسبة 15.2٪ مقارنة بالعام الذي سبقه.
ونُشِرَ خبر منذ وقت ليس ببعيد عن وفاة سيدة في قطار كرمان مشهد، وبعد نقلها إلى مركز الطب العدلي في مشهد تبين أن سبب وفاتها هو تناول مواد مخدرة، وبالكشف عن مكونات المخدر في معدة المرأة بهذه الحادثة تم اكتشاف كيلوغرام واحد من الأفيون في 34 عبوة بمعدة المرأة. (وكالة الأنباء الحكومية الرسمية إيرنا 15 مايو 2022)
والسؤال الرئيسي هنا والذي لا إجابة هو: حقيقةً ماذا يفعلن هؤلاء النساء المضطهدات ضحايا الفقر والحرمان والعنف الممنهج في ظل وجود هذا النظام المعادي للمرأة ؟!
وهل يمكن أن يكون هناك أي أمل في إمكانية تحسين الأوضاع وحل مشاكل مثل تشرد المرأة الإيرانية بلا مأوى لطالما ظل هذا النظام قائما متحكما في إيران ؟!