إقطعوا العلاقات مع النظام الإيراني وكفاكم دعماً له
نداء سجينة سياسية إلى المجتمع الدولي
أرسلت السجينة السياسية كلرخ إبراهيمي إيرايي يوم السبت 22 أبريل رسالة من سجن إيفين، ودعت في هذه الرسالة دعت دول حول العالم إلى قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق السفارات وقطع الدعم للنظام الإيراني، وأن يعترفوا رسميا بقتلة الشعب الإيراني.
كلرخ إبراهيمي إيرايي مسجونة بالوقت الحاضر في عنبر النساء بسجن إيفين، وحُكِم عليها يوم 13 أبريل 2023 في الشعبة 26 لمحكمة الثورة في طهران بالسجن 4 سنوات بتهمة “التجمع والتواطؤ” ، وسنة بالسجن بتهمة “الدعاية ضد النظام”، وفيما يلي أدناه النص الكامل لرسالتها:
بات الموت منذ الأيام الأولى أمراً طبيعيا بالنسبة لنا، فلم يعد صادما ولم يكن امراً مرعباً لنا وأصبح جزءاً من حياتنا الطبيعية.
تم الاعتراف رسمياً بقادة النظام من قبل الأوساط الدولية، وبدأت المساومات السياسية والتجارية وتوسيع قدرة النظام السياسية والتسليحية، وتم ترحيل نيران هذه الأسلحة يوماً على رؤوس الشعب السوري الأعزل ويوماً على رؤوس المحتجين داخل البلاد.
إكتفت الأوساط الدولية بالإعراب عن تعاطفها معنا وبدلاً من قطع العلاقات الدبلوماسية وإدانة قادة النظام والأفراد والمؤسسات المرتبطة بهم.
تم تجاهل المنظمات الداخلية، ولم تُسمع مطالب النقابات والإتحادات، وأصبحت القوى الدمى في يد النظام محوراً للمحادثات.

الحرب وإطلاق النار على المعارضين: العقد الأول لـ نظام الملالي
تم التطبيع مع الموت منذ الأيام الأولى، ففي خف مدرسة ”رفاة“ أُطلِقت النيران على المعارضين، وصدرت الأحكام ونُفِذت من قبل المعمم (صادق خلخالي) وتمت زيارة مسرح تنفيد الأحكام من قبل خميني، وتم تغيير إسم موقع تنفيذ الأحكام بعد بضعة أيام إلى مدرسة علوي من أجل مزيدٍ من الإهتمام الأمني.
وقد كانت هذه بداية القتل التي تتواصل حتى يومنا هذا، ومن أجل تثبيت السلطة وقمع المعارضة الداخلية تم الترحيب بحرب صدام، وتواصلت الحرب التي كانت لأشهر إلى عدة سنوات وانتهت بعد ذلك بوقف إطلاق النار.
توجه مهرولا نحو حرب خارجية من أجل قمع وخنق أصوات المعارضين في الداخل ولتبرير الفقر والاضطراب الاقتصادي.
بعد مرور عام على إصدار القرار 598 وبعد سنة واحدة من قبوله من طرف الدولة الجارة ، كان خميني راضياً بالتوقيع على إنهاء الحرب التي جرت الكثيرين مهالك الموت أو معاناة الأسر أو فقدان أحد أعضاء الجسد “في ساحات المعارك”.
وبالتزامن مع ذلك وفي صخب الإنشغال بنهاية الحرب في أغسطس وسبتمبر 1988 تم إطلاق النار على آلاف الأشخاص في السجون جميع أنحاء البلاد بعد قضاء سنين من السجن والتعذيب، وأُطلِق رصاص الموت على أكثرهم دون تلقي أحكاما قضائية بعقوبة الإعدام، وهكذا كان العقد الأول من وصول الجمهورية الإسلامية إلى السلطة، والذي فيه تم قبول أول ممثل للنظام لدى الأمم المتحدة، وبالتالي تم الإعتراف الرسمي بأول نظام إسلامي أصولي من قبل الدول الداعية إلى حقوق الإنسان بعد القتل الواسع للمعارضة السياسية.

التغطية على الجرائم والعقوبات الظالمة
في فبراير 1990، بعد فترة قليلة من وقوع جرائم الممثل الخاص للأمم المتحدة في الشؤون الإيرانية غالين دوبل الذي جاء إلى بلدنا وزار سجن إيفين والتقى ببعض السجناء الذين إخضاعهم لرغبات النظام حديثاً وأبلغ بأن الأوضاع طبيعية.، وتمت التغطية على جرائم النظام وحصلت الجمهورية الإسلامية على صورة دولية لها.
وفي نفس التوقيت وبعد ذلك لم يطغى على الكثيرين الفرق من ناحية المنظور السياسي والأيديولوجي في جميع أنحاء وأركان البلاد، وبعد ذلك بقليل، تقوم سلسلة من عمليات القتل، وأحداث في الأزقة والجامعة، واحتجاجات 2010، وأحداث يناير 2018، ونوفمبر 2019..، وأحداث نهضة الثورة الأخيرة والتي راح في كل واحدة من هذه الأحداث المزيد من القتلى والمفقودين والمعتقلين والواقعين تحت التعذيب أو أولئك الذين يعانون من فقدان أحد أعضاء أبدانهم، وبالإضافة إلى كل هذا خلال العقود الأربعة هناك الكثير ممن تم قتلهم على الملأ العام أو تم شنقهم أو رجمهم في السجون بسبب جرائم السرقة والمواد المخدرة، أو فقدوا يداً أو عين أو عضواً آخر من البدن وغير ذلك بسبب أحكام القصاص.
وعلى هذا النحو تم التطبيع مع الموت والإجرام بما لم يعد صادما ولم يكن أمراً مرعباً لنا وأصبح جزءاً من حياتنا الطبيعية.
الصمت والتمكين: دور المجتمع الدولي في القمع في إيران
أدى صمت الأوساط الدولية والاعترافات الرسمية، وبدأ سياسة المساومات والتستر مع قادة الحكومة إلى زيادة في القدرات التسليحية والعسكرية للنظام إلى الحد الذي لم يعد فيه إحتوائه ممكنا بالمنطقة، وفي داخل البلاد أيضا يفتحون النار على الناس ويقومون بجرائم الإبادة الجماعية دون إكتراث.
ويأتي هذا في حين أن قادة النظام والهيئات والأفراد التابعين لهم مٌدانون وموضوعون على قوائم العقوبات ومصنفون كإرهابيين منذ سنوات من قبل مؤسسات حقوق الإنسان.
وهنا يجب على أصدقائنا الذين أُجبروا على مغادرة الوطن أن يصرخوا بصوتنا عالياً ويوصلونه إلى مسامع ممثلي الدول الأخرى وبدلا من إبراز تعاطفهم معنا وإدانة النظام في خاتمة الأمر من خلال بيان يقومون بإغلاق أبواب سفارات النظام وإرجاع سفرائه والقائمين بأعماله إلى الدولة.

لا ينبغي للعالم أن يعترف رسمياً بنظام القتلة
خلال الأشهر الأخيرة فقط وبعد نهوض وتأجج الثورة الأخيرة في إيران تم استرداد العديد من المتأخرات النقدية للنظام من العملات الأجنبية، وهذه هي أشكال الدعم المالي للنظام الذي واجه من عدم الرضى بسبب عدم القدرة على إدارة الأمور الاقتصادية، وفي خضم الاحتجاجات والإضرابات الوطنية تم زرقه لفترة وجيزة بالحقن المالية ليتنفس على وجه التحديد في الأيام التي أصبح فيها حُلم الإنهيار حقيقة واقعة.
وقد كان عليهم إغلاق أبواب سفاراتهم واستدعاء سفراءهم وقائميهم بالأعمال ورفض استمرار العلاقات الدبلوماسية معه.
وبدلاً من رسائل النوروز والتعبير عن التعاطف والمواساة عندما يُشنق أبنائنا كان عليهم أن يرفضوا الإعتراف الرسمي بمرتكبي هذه الجرائم.
لقد أوصل ممثلو الشعب في النقابات والإتحادات وغيرها مطالبهم ورغباتهم وضغوط النظام والظروف الظالمة وغير الملائمة مراراً وتكراراً إلى مسامع نواب الدول في مختلف الإجتماعات الدولية، لكنهم مع ذلك لا يزالون يعترفون رسمياً بدمى النظام ويتجاهلون المعارضة في المحافل الرسمية الدولية.
إسماعيل عبدي معلم شاب في بلدنا يمضي ما يقرب من عقد من حياته في السجن بينما كان قلقاً بشأن كيفية تعليم طلابه.. قلقٌ يمكن أن يثار من جانب أي معلم في أي مكان في العالم، وتم اعتقال محمد حبيبي معلم معروف في بلادنا لعدة مرات وإرساله إلى أماكن مجهولة بأكثر الطرق وحشية ممكنة بالضرب والتنكيل وهتك الحرمات والتعذيب النفسي، وهذه المرة للتعبير عن القلق بشأن الطلاب الضحايا الذين تسمموا في المدارس.
كيف تصافحون أيدي قادة النظام التي عذبت المعلم والعامل؟
وكيف يصافحون بأيدي الصداقة أيدي قادة النظام التي عذبت وسجنت المعلم والعامل وحرمتهم من حقوق المواطنة؟
هل يعرفون أنهم من خلال الإعتراف رسميا بممثلي النظام الدمى يرمون الحجارة في طريق تكون وتشكيل وتحقيق مطالبهم ويصلون بالمجتمع المدني إلى حافة الدمار؟ وإن هذه لا يتوافق مع دعاة حقوق الإنسان.
نعتمد نحن أبناء الشعب الإيراني على القوى الواعية التي تقف على أرضية الشارع في تأجج الثورة الأخيرة وسخرت ذاتها وكسرت جدار الخوف من القوى القمعية، وبوجود تشكيلات شعبية من أكفأ المعلمين، والعمال، والطلاب، السائقين، وغيرهم من الذين يرفعون مطالبنا، ومن خلال إصلاح نقاط الضعف الموجودة واستعادة القدرة على تنظيم الاحتجاجات والتي هي الحلقة الأهم المفقودة في أيامنا هذه ما سيمكننا من هدم أُسس الاستبداد إذا انتهوا عن دعم النظام والإعتراف به رسمياً.
إن الاعتراف الرسمي بالنظام ومصافحة قادته وممثليه في مثل هذه الظروف ليس سوى دعماً مباشر لهم.
حتى عندما يرحبون بهم ويغادرون التجمع، حتى لو أصبحوا ضيوفهم وتحدوهم، حتى لو استضافوهم وأدانوهم، فإنهم لا يزالون يعترفون بهم رسميا ، وسيؤدي هذا الدعم العلني لهم إلى إضعاف الشعب.