ما كان ذنبهم؟ تسأل زهرة شفائي، إحدى الناجيات من الإبادة الجماعية في الثمانينيات في إيران
يصادف التاسع من ديسمبر يوم منع الإبادة الجماعية، وهو اليوم الذي تم فيه اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية عام 1948. هذا اليوم يمثل تذكيرًا مؤلمًا بضحايا الإبادة الجماعية، ويدعو الناس في جميع أنحاء العالم للتأمل في دروس التاريخ. كما يحث على اتخاذ إجراءات جماعية لمنع تكرار مثل هذه الفظائع.
في تقرير صدر في يوليو 2024، وصف المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة، جاويد رحمن، الإعدامات الجماعية التي نفذها نظام الملالي عامي 1981 و1982، ومجزرة 30 ألف سجين سياسي عام 1988، بأنها إبادة جماعية. لأن معظم الإعدامات استهدفت أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وأفرادًا تمسكوا بمعتقداتهم.
في هذا اليوم، لنُحيي ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية في إيران. فيما يلي كلمة السيدة زهرة شفائي، إحدى الناجيات من هذه الإبادة، والتي ألقتها في مؤتمر قرب باريس بعنوان “إيران: جريمة ضد الإنسانية؛ وقت المحاسبة وإنهاء الإفلات من العقاب“، في 24 أغسطس 2024. شارك في المؤتمر خبراء قانونيون وأكاديميون مرموقون شددوا على الحاجة الملحة للمساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب لأولئك الذين خططوا لهذه الجرائم ونفذوها، وفقًا للقوانين والمعاهدات الدولية.

تحياتي للأخت العزيزة مريم، وللضيوف الكرام، والحضور المحترمين
وأرسل تحية دافئة لأخواتنا وإخواننا في مدينة أشرف، مدينة المقاومة والصمود.
اسمي زهرة شفائي، وأنا واحدة من مئات الآلاف من الإيرانيين الذين أُعدمت عائلاتهم على يد النظام. قُتل ستة من أفراد عائلتي، والدي، والدتي، شقيقاي، أختي وزوجها، خلال سبعة أشهر فقط.
في عام 1981، وفي هذا الموسم تحديدًا، تم اعتقال والدي ووالدتي وأخي مجيد الذي كان يبلغ من العمر 16 عامًا. أثناء سجنه، تعرض مجيد لتعذيب شديد؛ كُسرت كتفه، وأصيب جسده بجروح بالغة.
في 30 سبتمبر 1981، أعلن النظام إعدام 53 شخصًا في أصفهان، وهي عمليات كانوا ينشرون أخبارها في الصحف. أعلنوا إعدام 53 من مؤيدي منظمة مجاهدي خلق، وكانت أسماء والديّ وأخي من بين هؤلاء.
كان معظم الذين تم إعدامهم تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا. وكان والدي أكبرهم سنًا، حيث كان يبلغ 50 عامًا.
بعد ستة أشهر، قُتل أخي جواد، وهو مهندس متخصص في علم المعادن، تحت التعذيب في طهران عن عمر يناهز 27 عامًا. وبعد شهر واحد فقط، قُتلت أختي الوحيدة مريم وزوجها برصاص النظام في الشوارع.
ما كان ذنبهم؟
دعم منظمة مجاهدي خلق، توزيع منشوراتهم، تقديم المساعدات المالية، علاج الفقراء، ومساعدة جرحى المنظمة.
أتذكر حينما أضرمت قوات الحرس النار في سيارة والدي قبل ذلك بفترة قصيرة. قال والدي: “لا يمكن تحقيق الحرية لإيران من دون ثمن. يجب أن تكونوا مستعدين للتضحية بكل شيء. اليوم سيارتك، وغدًا منزلك، وفي يوم ما حياتك. الحرية لا تُكتسب إلا بالتضحية.”
والدي، طبيب محبوب كان يساعد الفقراء ويحظى باحترام كبير
حاول نظام الملالي بشدة استغلاله هو ووالدتي في السجن، وضغط عليهما لإجراء مقابلات تلفزيونية، والتعبير عن الندم، والتنديد بمجاهدي خلق، وتكرار أكاذيب النظام.
وعدوهما بأنه إذا تحدثا ضد منظمة مجاهدي خلق ، فلن يتم إعدامهما. لكن والديّ لم يخضعا. أخبرت والدتي السجانين:
“إذا كان ثمن حرية إيران هو حياتنا وتيتيم طفلنا الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات، فخذونا. لن نتواطأ في جرائمكم. سنضحي بحياتنا وأسرتنا لنحقق الحرية والحياة لجميع الإيرانيين.”
بعد إعدام عائلتي، كنت في التاسعة عشرة من عمري عندما تم اعتقالي. أمضيت قرابة عام في الحبس الانفرادي.
بفضل الجهود الحثيثة لعمي، تم الإفراج عني في النهاية، وتمكنت من الوصول إلى أشرف واحد.
الناجي الوحيد من عائلتي من موجة الاعتقالات والإعدامات كان أخي محمد، البالغ من العمر ثماني سنوات آنذاك، والذي ترك دراسته لاحقًا ليكرس حياته من أجل حرية الشعب الإيراني. وهو الآن في أشرف-3.

ضيوفنا الكرام،
نحن الذين اجتمعنا هنا نمثل عددًا قليلاً من عائلات الضحايا. قصة كل ناجٍ مؤلمة للغاية.
قبل أن آتي إلى هنا اليوم، سألت نفسي: كيف يمكنني أن أنقل شجاعة وعزم 120,000 شخص ضحوا بحياتهم من أجل حرية إيران؟ كيف يمكنني أن أتحدث باسم العائلات التي فقدت 14 فردًا من أفرادها بسبب الإعدامات؟
كيف يمكنني أن أحكي عن إعدام الطفلة الطالبة فاطمة مصباح التي كانت تبلغ من العمر 13 عامًا، أو النساء الحوامل، أو إعدام الأم كبيري التي كانت تبلغ 70 عامًا؟
كانت جريمتهم، مثل الكثيرين غيرهم، دعم مجاهدي خلق. وكما أكد البروفيسور جاويد رحمن، ارتكب نظام الملالي إبادة جماعية بحق مجاهدي خلق في عامي 1981 و1988.
قصص الشهداء وعائلاتهم مليئة بالبطولة.

هنا معنا أم إبراهيم بور من مدينة جرجان، التي فقدت ابنتها، وحفيدها الذي لم يولد بعد، وثلاثة أبناء، وصهرها.
زوجها، تحت ضغط لا يحتمل، أصيب بجلطة دماغية وتوفي. ومع ذلك، لا تزال هذه الأم الشجاعة في طليعة حركة المطالبة بالعدالة.
تحية لهذه الأم.
عائلة ”دارآفرين“ من لاهيجان فقدت خمسة إخوة، أُعدموا جميعًا. أردلان وأردكان دارآفرين اعتُقلا وهما في السادسة عشرة والسابعة عشرة من عمرهما، وتعرضا لتعذيب وحشي قبل أن يتم شنقهما أثناء مجزرة 1988.
الأم ”همدم إمامي“ فقدت ابنيها الشابين، سعيد وساسان سعيدبور، على يد جلادي النظام.
كما نحيي ذكرى الأم الشجاعة ”شايسته“، التي أُعدمت مع ثلاثة من أبنائها، وأختها، والعديد من أقاربها. قبل إعدامها، شنقوا ابنها أمامها. ثم شنقوا الأم.
آزاده عالمي، التي أُعدم عمها خلال مجزرة 1988، اعتُقلت وهي في السادسة من عمرها مع والدتها، وقضت عدة أشهر في الحبس الانفرادي.
هنا في هذه القاعة وفي أشرف-3، هناك الكثير ممن فقدوا عائلاتهم. الكثير من العائلات تحطمت؛ البعض مات بسكتة قلبية عند تسلم متعلقات أحبائهم. آخرون فقدوا عقولهم أثناء بحثهم عن قبور أبنائهم أو حتى مجرد أثر لهم.
ورغم الجرائم المروعة للنظام، هناك وجه آخر للعملة، مقاومة متجذرة في جميع أنحاء إيران، تزداد قوة يومًا بعد يوم.

أختي العزيزة مريم،
نحن عائلات الشهداء ممتنون بعمق لك وللأخ مسعود. لقد ضمنتما أن دماء الشهداء ومعاناة السجناء لم تذهب سدى.
نحن ممتنون لأنكما رفعتما راية العدالة. حركة العدالة مطلب وطني، ونحن سعداء لأن مقاومتنا حظيت بأكبر دعم دولي جاد.
لن نغفر ولن ننسى.
لن نستريح حتى اليوم الذي نحاسب فيه المسؤولين عن المجزرة.
ونحن مستعدون في أي وقت.