زواج الفتيات القاصرات نهاية مدمرة لمرحلة الطفولة

زواج الفتيات القاصرات نهاية مدمرة لمرحلة الطفولة

زواج الفتيات القاصرات هو أحد أشكال العنف الخطيرة ضد القاصرات، وهو الأمر الذي أصبح مؤسساتياً في قوانين نظام الملالي وشائعاً جداً بسبب انتشار الفقر في إيران في ظل سلطة الملالي.

في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات؛ نناقش مختلف أشكال العنف ضد النساء والفتيات في إيران، والفرق بين العنف المُمنهج ضد المرأة في إيران مع سائر الدول الأخرى، حيث أن هذا العنف يحظى بدعم الحكومة وتم إضفاء الطابع المؤسسي عليه في قوانين النظام.

يؤدي الزواج المبكر إلى إلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها لجسد وروح وصحة الأطفال، وليس للزواج المبكر وزواج الأطفال جذور ثقافية في إيران بل أصبح كارثة اجتماعية بسبب سياسات نظام الملالي.

وبحسب قوانين نظام الملالي تعتبر الفتيات البالغات من العمر 9 سنوات بالغات بغض النظر عن نضجهن الفكري والاجتماعي وحتى حدوث النضج الجسدي، ووفقاً للقوانين الإيرانية فإن السن القانوني لزواج الفتيات هو 13 عاماً، لكنه طريقة لتزويج الفتيات الصغيرات والاعتداء الجنسي على الأطفال وقد وُضِع تحت عنوان “الزوجة”.

وتجيز المادة 1041 من القانون المدني زواج الفتاة تحت سن 13 سنة شمسية بموافقة المحكمة وإذن ولي الأمر و”مراعاة الظروف”.

ولا حق للأمهات في إيران بالتدخل في تحديد مصير أبنائهن، ويسمح القانون المدني للآب والجد من الأب بإجبار الطفلة على الزواج في أي عمر بموافقة قاضٍ.

لكنه وفقاً لإعتراف خبراء حكوميين فإن السبب الرئيسي الذي يجعل الأسر تقبل بموضوع زواج الأطفال لبناتها هو أنه يجب أن يُنظر في موضوع الفقر الاقتصادي؛ فعادةً ما يطلب والد الطفلة أو أمها أو ولي أمرها أموالاً كمهراً وقدراً لحليب رضاعتها  من عائلة الرجل عند تزويج بناتهم. (موقع بهار نيوز الحكومي – 30 يناير 2020)

تزايدٌ في زواج القاصرات الإيرانيات

تفيد مراجعة الإحصائيات السنوية بأن أكثر من 15 ألف فتاة تحت سن 15 عاماً قد أنجبن في إيران خلال العقد الماضي، بالإضافة إلى ذلك  ووفقاً لإحصائيات منظمة تسجيل الأحوال المدنية الإيرانية فإنه قد تم تزويج أكثر من مليون فتاة تحت سن 18 عاماً في إيران في الفترة ما بين سنة  2014 وحتى سنة  2021. (وكالة أنباء ايسنا الحكومية – 13 إبريل 2022)

ووفقاً لآخر تقرير لمركز الإحصاء الإيراني فإنه قد تم تسجيل ما لا يقل عن 27448 حالة زواج قاصرات تحت سن 15 عاماً في مناطق مختلفة من إيران في الفترة من شتاء سنة 2021 وحتى نهاية خريف سنة 2022.

ووفقاً لما كتبته صحيفة آرمان ملي بتاريخ 27 يوليو 2021 فإنه يتم تسجيل 100 حالة زواج لقاصراتٍ تحت سن 15 عاماً في إيران كل 24 ساعة.

لكن الأمر الأهم هنا هو أن غالبية القاصرات اللائي تزوجن بزواج الأطفال يصبحن أمهات في نفس ذلك السن الصغير، ووفقاً لآخر إعلان لمنظمة تسجيل الأحوال المدنية في مايو 2022، وفي سنة 2021 قد وُلِد ما لا يقل عن 69.103 مولود لأمهات بعضهن لا يزلن أطفالاً في الفئة العمرية من 10 سنوات إلى 19 عاماً، و1474 مولوداً وُلِدوا لأمهات بعضهن لا يزلن أطفالاً تتراوح أعمارهن ما بين 10 و14 عاماً. (صحيفة اعتماد الحكومية – 21 مايو 2023)

الأضرار النفسية والجسدية لزواج الأطفال على الفتيات

زواج الأطفال هو عنفٌ ضد الأطفال، وقد زادت مع الأسف أيضاً المحفزات على زواج الأطفال، وغالباً ما يُعد الإرتباط الجنسي برجل أكبر من الفتاة بكثير عنفاً جنسياً ضد الزوجة الطفلة، بالإضافة إلى الفرض بالإكراه، والموافقة تحت العنف والإساءة اللفظية، والحرمان قسراً من التعليم، والإكراه على المشاركة في حياة مشتركة، ويُحرم هؤلاء الأطفال تدريجياً من العديد من حقوقهم. (موقع سلامت نيوز الحكومي – 7 مارس 2022)

ووفقا للإحصاءات فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بالفيروسات الخطيرة المختلفة من بينها فيروس التهاب الكبد الوبائي وفيروس الإيدز مقارنة بالرجال، كما أن أكثر أعداد الفتيات المصابات تتراوح أعمارهن بين سن 15 و 24 عاما، وعليه فإن أطفال الزوجين أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض، وكذلك لمضاعفات مثل ضغط الدم أثناء الحمل، وعدوى الدم أثناء الحمل، والنزيف عند الفتيات دون 15 سنة أكثر من النساء اللواتي تزوجن في العشرينات من عمرهن، وهذه المضاعفات تعرضهن لخطر الوفاة بشكل أكبر خاصة وأنهن أكثر عرضة للعنف المنزلي ومضايقات الأطفال، وسوء الإستغلال والعلاقات الجنسية القسرية مقارنة مع النساء المتزوجات في سن مناسب أو الأطفال الذين يعيشون في الأسرة. (موقع بهارنيوز الحكومي – 30 يناير 2020)

وبالإضافة إلى الآثار الجسدية لا بد من الإشارة أيضاً إلى العواقب النفسية المترتبة على زواج القاصرات، إذ بهكذا زواج تنفصل القاصرة عن طفولتها وتنقطع علاقتها بأهلها وأصدقائها، وبدلاً من ذلك تقع مسؤولية الحياة على عاتقها وتُصبح حياتها مقتصرة على شؤون المنزل والحمل  وتربية الأطفال، وهذا يؤدي إلى إصابتها بالاكتئاب وظهور قلق واضطراب شديدين عليها.

وبسبب عدم قدرتهن على تحمل الظروف غير المتكافئة وعدم قدرتهن على حل المشاكل يهرب العديد من هؤلاء القاصرات من المنزل أو ينتحرن، أو يُقدمن على قتل أزواجهن وهو ما يؤدي إلى عواقب أكثر خطورة بالنسبة لهن في ظل نظام الملالي المعادي للنساء.

ووجود أرملةٍ طفلة هو واحدة من هذه المصائب الأخرى، وفي يونيو 2018، أعلنت معصومة آقابور عليشاهي النائبة بمجلس الملالي آنذاك، عن وجود 24 ألف أرملةٍ طفلة تحت سن 18 عاما. (موقع جوان الحكومي – 31 يناير 2019)

إيذاء الأطفال

تختص أعلى إحصائيات العنف في إيران بالأذى والإساءة الزوجية وإيذاء الأطفال، وتكون الفتيات ضحايا لعملية إيذاء الأطفال أكثر من الأولاد. (وكالة الأنباء الحكومية ايسنا – 26 مايو 2018)

يقول مرتضى بدريان خبير الأضرار الحكومي موضحاً أن إيذاء الأطفال سواء الجنسي منه أو الجسدي هو نتاج للظلم الاجتماعي، ويذكر أن هيكليتنا الاجتماعية تقود المجتمع نحو تشكيل ظاهرة إيذاء الأطفال، والاعتداء الجنسي وعمالة الأطفال. (وكالة أنباء ايمنا الحكومية – 20 أكتوبر 2020)

وبحسب آخر الإحصائيات التي أُعلِنت من قبل منظمة الطب الشرعي فإن عدد حالات العنف الأسري متضمنة الاذية الزوجية وإيذاء للأطفال قد بلغت نحو 75 ألف حالة في سنة2021. (موقع سلام نو الحكومي – 26 يوليو 2022)

وأعلن رضا جعفري رئيس الطوارئ الاجتماعية في مارس 2019 قائلاً: أصبح العنف الآن واسع الانتشار في عموم إيران ولا يمكن رسم حدود محددة له من حيث الموقع الجغرافي. (موقع جهان صنعت الحكومي – 19 نوفمبر 2020)

الإيذاء الجنسي للقاصرات في إيران

من بين العطايا الأخرى للفتيات الإيرانيات القاصرات من قبل حكومة الملالي المعادية للنساء النسبة هي انتشار المضايقات الجنسية، ويمكن أن يغير الاغتصاب التكوين النفسي للضحية ويسبب أضراراً مختلفة في أجزاء مختلفة من حياة الفرد، ومن هنا وفي ظل نظام الملالي الذكوري يمكن الإشارة بشكل عام بأصابع الإتهام في هذه القضايا نحو الضحايا، فأكثر الحالات في هذه القضايا تبقى سرية من قبل الضحية أو العائلة وبشكل خاص في إيران حيث أن العملاء والمؤسسات التابعة للحكومة هم السبب في العديد من حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي بسبب تفشي  الفساد الحكومي.

 لقد كانت حالة الإحصائيات في هذا المجال واضحة من قبل، حيث لا يقدم نظام الملالي إحصائيات شفافة في أي مجال ناهيك عن أن هذا الأمر من المحرمات في المجتمع مع الأسف.

في أغسطس 2022 تسربت إلى وسائل الإعلام أخبار قيام معلم يبلغ من العمر 55 عاماً باغتصاب طالبات تتراوح أعمارهن بين 8 و11 عاماً في مرآب سيارات منزل الرجل مما أثار غضباً وكراهية عامة، وكان قد هدد الأطفال بأنه سيسكب عليهن الماء المغلي إذا قالوا أي شيء لوالديهم، وأُصيب بعض هؤلاء الأطفال باضطرابات نفسية حادة؛ نحولهن وعزلتهن وبكائهن ليلاً وخوفهن من التحدث مع الآخرين أثار شكوك العوائل، وتقدم بعض أولياء الأمور بشكوى.

وبالإستفادة من قوانين حكومة الملالي المعادية للنساء ادعى هذا الرجل في المحكمة أنه كان قد عقد على الفتيات استنادا لقوانين حكومة الملالي، وبعد خضوعه للإجراءات القضائية حَكم عليه قضاة حكوميون معادون للنساء بالسجن لمدة 7 سنوات و3 أشهر ومنعه من الإقامة لمدة عامين في المدينة ذات الصلة. (صحيفة اعتماد الحكومية – 24 يوليو 2022)

حالة أخرى وصلت إلى وسائل الإعلام الحكومية وهي سوء استغلال إمرأة تبلغ من العمر 30 عاماً لثلاث فتيات تتراوح أعمارهن بين 8 و11 عاماً كن يعملن في منزلها، وكان هؤلاء الأطفال من عائلات مهمشة تعيش في ضواحي مدينة شهريار.. مساكن عشوائيات الضواحي كالنازحين حيث يسكن هؤلاء الأطفال، هم في الغالب مهاجرون وفقراء وعاطلون عن العمل وأقل وعيا بحقوقهم ومبتلون بأضرار متعددة.

قامت السيدة ذات الـ (30 عاماً) باصطحاب الفتيات الثلاثة اثنتين منهن شقيقات إلى منزلها بحجة تشغيل الفتيات في منزلها ودفعت الأجور لذويهن، وقامت بالاعتداء الجنسي على الفتيات بطرق مختلفة لمدة 4 أشهر، وبعد بضعة أشهر لاحظ أحد المساعدين في العمل تغيراً في سلوك الأطفال، وبعد مراجعة طبيب نفسي تم التأكد من الاعتداء الجنسي على الفتيات وبدأن في رواية ما جرى، وبالنهاية وبعد أشهر من المتابعة صدر الحكم بدفع غرامة مالية قدرها 500 ألف تومان فقط تم الإعفاء عن 200 ألف تومان منها.. أي أن هذه السيدة أعطت 300 ألف تومان بعد تدمير جسد وروح ومستقبل ثلاث فتيات، وأُطلق سراحها من  قبل عدالة الملالي. (موقع ديدار الحكومي – 7 يونيو 2020)

وقال رضا شفاخواه المحامي القضائي للقضية المذكورة بخصوص إفلات المعتدين من يد القانون: “المشكلة الموجودة في جرائم المنافية للعفة فيما يتعلق بالنساء والأطفال هي أن الأدلة الثبوتية لا تناسب مع ظروف اليوم، فمثلاً من أدلة ذلك أن الشخص الذي يشكو من الاغتصاب يجب أن يكون لديه 4 شهود عادلين، وفي النهاية أي اغتصاب هذا الذي يتم أمام 4 شهود عادلين؟ لو كان هناك أربعة شهود صالحين في مكان الحادث لما سمحوا بحدوث مثل هذا الأمر، وغير ذلك يجب أن يعترف المتهم بالاغتصاب، وأي متهمٍ هذا الذي سيعترف بفعل هذا الجرم ؟ (موقع ديدار الحكومي – 7 يونيو 2020)

وكما يتضح من الوثائق والحقائق المذكورة أعلاه فإن مصيبة المصائب وسبب القضايا والمشاكل المتعلقة بزواج الفتيات القاصرات والزواج المبكر والقسري للفتيات تكمن في القوانين التي تسمح بذلك ولا تعاقب المجرمين المعتدين على الأطفال بشكل صحيح.

وبهذه المناسبة تطلب لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من المقرر الخاص المعني بالعنف ضد النساء والفتيات في إيران التحقيق في انتهاك حقوق الفتيات الإيرانيات فيما يتعلق بالقوانين التي تسمح بالزواج المبكر والزواج بالإكراه، وبشأن المجرمين المعتدين على الأطفال الذين لا تتم معاقبتهم بشكل مناسب.

Exit mobile version