يصادف يوم 22 أكتوبر ذكرى انتخاب السيدة مريم رجوي رئيسة للجمهورية من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لفترة انتقال السلطة إلى الشعب الإيراني بعد الإطاحة بنظام الملالي.
وكان انتخابها بداية حملة استراتيجية وثقافية وسياسية وايديولوجية للمقاومة الإيرانية ضد الملالي الحاكمين في إيران.
أصبحت مريم رجوي أيقونة لحركة هي ضد الملالي تمامًا، وهي تمثل وجه ايران الحرة في المستقبل.

تحطيم السقف الزجاجي
قبل 36 عامًا، كرّست المقاومة الإيرانية كل جهدها ورصيدها لوصول المرأة إلى القيادة، وعاشت مخاضًا لتغيير أساسي في الفكر والعمل. ففي يوم 18 أكتوبر أوكل مسعود رجوي الذي كان أمينًا عامًا لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية آنذاك، مسؤولية الأمانة العامة للمنظمة إلى مريم رجوي التي كانت تعمل منذ عام 1985 في موقع المرادفة للأمين العام للمنظمة.
وأثناء تقديمها، قال مسعود رجوي إن مريم تحظى «بجدارة وصلاحية فذة» لتولي قيادة الحركة الرئيسية للمعارضة الإيرانية التي تحمل في سجلها 120 ألف شهيد و20 عامًا من النضال ضد دكتاتوريتين.
إن تولي مريم رجوي موقع قيادة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية كان إجابة لعشرات الآلاف من النساء المجاهدات البطلات اللاتي قد تحملن مخاطر كبيرة وآبشع صنوف التعذيب، وقدمن أرواحهن فدية للدفاع عن حقوق شعبهن.

كما كانت في الوقت نفسه، هذه المهمة، إعلان حرب ضد ثقافة الملالي المقارعة للنساء ورؤيتهم وأعمالهم التطرفية.
وفي موقعها الجديد، قلّبت مريم رجوي هيكل منظمة مجاهدي خلق من الأساس، وخلقت فرصًا متكافئة للنساء في كل الساحات النضالية التي كانت حكرًا على الرجال في السابق، ودفعت ثمنًا باهظًا لكي تؤمن المرأة بقدراتها الذاتية وتستحصل على التجربة. كما في الوقت نفسه كان الرجال بحاجة إلى تغيير في أدائهم ونظراتهم تجاه المرأة، الأمر الذي تحقق تدريجيًا في المنظمة بعد ما أثبت النساء المجاهدات جدارتهن وصلاحياتهن في كل الأصعد.
من جهة أخرى، فإن مشاركة النساء في القيادة لم تكن تتحقق إطلاقًا بدون تعاون رجال اجتازوا مرحلة التخلص من آفكارهم القديمة.
إن المشاركة النشطة للنساء وقيادتها في كل مجالات النضال قد مكّنت المنظمة من إدخال أساليب عمل جديدة في النضال المعقّد ضد نظام الملالي والارتقاء بوسائلها النضالية.

تحول كبير في قوة التغيير
وبعد أربع سنوات، انتخب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المكون من منظمات وشخصيات بارزة من المعارضة الإيرانية، في اجتماعه السنوي، مريم رجوي رئيسة للجمهورية من قبل المجلس للفترة الانتقالية للسلطة إلى الشعب الإيراني. هذا الانتخاب تم إعلانه في 22 أكتوبر 1993 للشعب الإيراني. ويعمل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بمثابة برلمان في المنفى والمجلس التشريعي.
مريم رجوي وفي مقام رئاسة الجمهورية للمقاومة الإيرانية تمثل تحديًا سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وعقائديًا خطيرًا بوجه الملالي الحاكمين في إيران.
النساء يشكلن أكثر من نصف اعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. انهن يتولين مسؤوليات مختلفة في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية والثقافية والاجتماعية في المقاومة الإيرانية ويتبوأن مكانة القيادة والإدارة فيها. واعتمادًا على قيادة السيدة رجوي، تمكنت النساء الجديرات الكفوءات في المقاومة الإيرانية من تحقيق انتصارات مدهشة للمقاومة الإيرانية بعد اجتياز تحديات عظيمة، سياسية وحقوقية.
وركزت مريم رجوي بشكل خاص على الرسالة الحقيقة للإسلام، أي الإسلام المتسامح والديمقراطي مقابل القراءة الرجعية والتطرفية من الإسلام. برأيها إن قضية المرأة هي من أهم جوانب رسم الحدود بين هذين النوعين من الرؤية المضادة من الإسلام .
«الإسلام والمرأة والمساواة» و« النساء قوة التغيير» و«النساء ضد التطرف» و«لا للحجاب الإجباري، ولا للدين الإجباري، ولا للحكومة الإجبارية» من الكتب التي تم تأليفها من قبل مريم رجوي.

ولاحقًا، أوكلت مريم رجوي، كل مسؤولياتها السابقة في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، إلى مجلس قيادة مكون تمامًا من النساء، المجلس الذي تولى مسؤولية شؤون المنظمة بأكملها.
وحذرت مريم رجوي عام 1994 من خلال كلمة ألقتها في بلدية اسلو من اخطبوط الاستبداد الديني و التطرف الإسلامي قائلة :« لقد تحول التطرف الديني إلى اكبر تهديد للسلام في المنطقة والعالم» تحذير اكتشف العالم توا صحته.
ارتباط وثيق بين حركة المساواة والنضالات التحررية
وفي كلمة ألقتها في حزيران/يونيو عام 1996 في المؤتمر العالمي للنساء صوت المقهورين في لندن اكدت قائلة:« ان مسألة النساء وحركة المساواة تتلاحم مع النضال ضد الرجعية والتطرف كون النساء لسن الرائدات في حركة المساواة فقط وانما هي القوة الرئيسية للتنمية والسلام والعدالة الاجتماعية…
وخاطبت الملالي وقالت: “لقد بذلتم قصارى جهدكم لإذلال وقمع وتعذيب النساء الإيرانيات، لكن كونوا على يقين من أنكم ستتلقون الضربة من نفس القوة التي استبعدتموها، القوة نفسها التي لا تسمح لكم عقليتكم الرجعية بالسماح لها بذلك”. لأخذها بعين الاعتبار. كونوا على ثقة بأن هؤلاء النساء الحرائر وذوات المعرفة سوف يفككن اضطهادكم في كل مكان.

ففي كانون الاول/ديسمبر 2004 اثناء كلمة لها في البرلمان الاروبي قدمت «الحل الثالث» مقابل الحلول الداعية للحرب من جهة والمبنية على المساومة مع النظام الإيراني في إقامة العلاقات معه من جهة أخرى. فكرتها هي «التغيير على يد الشعب والمقاومة الإيرانية» وقال «جئت اليوم لأقول ان هناك حلا ثالثا: «التغيير على يد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. واذا ازيلت العقبات الخارجية، فان الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية قادرون ومستعدون للتغيير وهذا هو الطريق الوحيد للحيلولة دون وقوع حرب خارجية. منح تنازلات للملالي ليس بديلا للحرب الخارجية ولا يجعلهم يصرفون النظر عن أهدافهم الخبيثة».
وخلال سنوات، كانت مريم رجوي، رائدة النضال من أجل التغيير الديمقراطي في إيران.
إن خطتها ذات عشر مواد، تبشر بإيران حرة وغير نوووية تلغى فيها عقوبة الإعدام.
وقادت في السنوات الأخيرة حركة عالمية تنضوي تحتها أهم شخصيات سياسية واجتماعية من المسؤولين السابقين والعسكريين ووزراء أمريكيين سابقين وبرلمانيين وشخصيات سياسية بدءا من أمريكا وكندا وإلى اوروبا واستراليا. وأنجزت هذه الحركة العالمية نجاحات عظيمة للدفاع عن تغيير النظام والاعتراف بالمقاومة الإيرانية.

كما قادت السيدة رجوي، حملة عالمية لشطب اسم مجاهدي خلق من قوائم الإرهاب في أوروبا و أمريكا وكانت حصيلتها شطب اسم المنظمة من قائمة المنظمات المحظورة في بريطانيا في عام 2008 والخروج من قائمة الاتحاد الاوروبي عام 2009 وإلغاء تهمة الإرهاب في ملف 17 حزيران من قبل قاضي التحقيق الفرنسي الأقدم في 2011 وإلغاء تهمة الإرهاب في أمريكا في تشرين الأول عام 2012.
التغلب على العقبات الرئيسية
وقادت مريم رجوي أيضًا، حملة على الصعيد الدولي طالت14 عامًا لحماية 3 آلاف من أعضاء مجاهدي خلق في مخيمي أشرف وليبرتي. وقتل خلال هذه الفترة أكثر من 100 من أعضاء المنظمة العزل والمجردين من السلاح خلال هجمات برية وصاروخية لنظام الملالي واصيب أكثر من ألف شخص آخر بجروح. وكانت النساء المجاهدات يمسكن دفة قيادة المنظمة وفي أصعب الظروف تحت الحصار المفروض على مجاهدي خلق بالعراق خلال فترة الصمود التي طالت 14 عامًا. وأفضت هذه الجهود المضنية في نهاية المطاف إلى انتقال جميع أعضاء مجاهدي خلق إلى خارج العراق، تلك العملية التي اكتملت في 9 سبتمبر2016.

وفي أغسطس 2016، دعت مريم رجوي عموم الشعب الإيراني والإيرانيين في أرجاء العالم، إلى الانضمام بحركة مقاضاة المسؤولين عن مرتكبي مجزرة عام 1988. وتطالب هذه الحركة بمحاكمة جميع الآمرين والمنفذين لهذه المجزرة، ونشر أسماء وهويات جميع من أعدمهم النظام ومقابرهم الجماعية وقائمة لجميع المتورطين في اتخاذ القرار وتنفيذ الإعدامات. وأرغمت حركة المقاضاة، قادة النظام على الحديث حول هذه الجريمة الكبرى ضد الإنسانية بعد ثلاثين عامًا من الصمت.
لقد كان لدور المرأة في قوى المعارضة الطليعية تأثيره على نضالات المرأة الاجتماعية. لقد شهد العالم أن النساء الإيرانيات يلعبن دورًا أكثر بروزًا في الانتفاضة من عام 2009 إلى عام 2017 و2018 و2019 و2022. وفي ظل حكم الملالي الكاره للنساء، تحولت النساء إلى نوابض مضغوطة، تقفز إلى الأمام عندما تسمح الظروف بذلك.
واعترف قادة النظام بدور منظمة مجاهدي خلق في تنظيم هذه الحركة الاحتجاجية والدور القيادي للنساء في الاحتجاجات. وأصبح اليوم إسقاط النظام في متناول اليد.

وهذه الإنجازات كلها، لم تكن تتحق لولا رؤية عميقة فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين. تلك البصيرة التي قد خلقت الفرصة لتوجيه كل الطاقات والإبداعات والجهد لأعضاء الحركة نحو إسقاط نظام الملالي.
ومريم رجوي هي من لعبت دورًا رياديًا فذًا في انطلاق هذه الحركة وقيادة هذه الثورة في الرؤية والأذهان والقلوب لأعضاء حركة المقاومة. النساء والرجال الذين لهم تأثير كبير بالتساوي في النضال ضد نظام الملالي والتمييز الجنسي التعسفي الذي كبّل المجتمع وهكذا يعطون زخمًا لهذه الحركة من خلال تلاحم جهودهم.




















