سكينة دلفي مواليد 1962 في عبادان. اختارت أن تغيّر مسار حياتها وعمرها كان16 عاما لأنها كانت ترى أمام أعينها آلام المواطنين ولم يكن بالها مرتاحًا من ذلك، ولو للحظة.
إنها اختارت أن تترك كل رغباتها الشخصية الذاتية وحقوقها الطبيعية أي الدراسة والعائلة والوظيفة من أجل إنقاذ مواطنيها المحرومين. اختارت سكينة أن تخصص كل حياتها للناس المحرومين والفقراء في المجتمع. كل يوم كانت تأخذ طعامها البسيط وتذهب إلى أحد الأهالي المحرومين في عبادان وتجلس وتناقش معهم وتشاطر آلامهم. سكينة دلفي التي كانت تلميذة متحمسة اعتقلت عدة مرات حتى عام 1981 وتعرضت للضرب والشتم من قبل عناصر الحرس ولكن في كل مرة كانت تستأنف نشاطاتها بعزم أقوى.
وخلال المدة بين الاعتقالات وحبسها، إنها استطاعت أن تنال شهادة الثانوية في فرع الاقتصاد وشاركت في امتحان القبول للجامعات وحصلت على درجة القبول ولكن الرجعيين منعوها من الدخول في الجامعة وفرضوا عليها حظر الخروج من مدينة الأهواز.
في مارس عام 1987 اعتقلت للمرة الأخيرة. وللضغط عليها نقلوها من سجن إلى آخر ثلاث مرات لعلها تستسلم تحت طائلة الضغط ولكن سكينة دلفي سخرت من التعذيب والآلام بحيث حضر إمام الجمعة في الأهواز الملا جزايري نفسه غرفة التعذيب وأكد بصراحة للجلادين أن يسحبوا دمائها.
وفي نهاية المطاف، نقلوها إلى سجن «فجر كارون» في الأهواز. وهناك ازدادت أعمال التعذيب الوحشية عليها بوتيرة أكثر. ولكن مقاومة المجاهدة البطلة سكينة دلفي كانت عالية إلى درجة حيث أرهقت محترفي التعذيب. وقالت احدى السجينات بشأن ما تعرضت لها هذه اللبوءة البطلة: «سكينة دلفي قد أرهقت كل المستجوبين. حرقوا جسدها بالمكواة واقتلعوا أظافر يدها. وغرزوا في جسدها شيشًا معدنيًا مع جلدها بالسوط، وعلقوها من شعرها عدة مرات وثقبوا ركبتيها بالمثقب وأدخلوها في الشتاء في الماء المثلج ولكنها أبت أن تستسلم».
واستمرت ألوان التعذيب والضغط المضني عليها بحيث انخفض وزنها إلى 34 كيلو غرام. ولم يعد أحد يتوقع أن تبقى على الحياة. ولكن رغم ذلك، فإن إرادتها وحماسها من أجل الحرية ومواصلة النضال، قد منحتها قوة تفوق تصور الإنسان حيث كانت تواصل الصمود بإعجاب، رغم كل الآلام المضنية الناجمة عن التعذيب.
يريدون أن ينتزعوا قلبي من صدري
دعهم يفعلون ذلك
يريدون أن يلونوا جدران بيوتهم
بدمي الأحمر
دعهم يفعلون ذلك
ولكنهم لا يسمعون كلمة الاستسلام مني أبدًا
وتقول شقيقتها عنها «في آول وآخر لقاء كنت أنا ووالدتي مع سكينة، سألتها أمّي وهي قلقة: لماذا أصبحت نحيفة هكذا؟ كدت لم أعرفك! وأشارت سكينة بيدها إلى عناصر الحرس في السجن وقالت بصوت عال إن هؤلاء المجرمين قد حوّلوا حياتي وحياة بقية أصدقائي إلى هذا الحال…».
ولم تكمل جملة سكينة حتى انهالت عليها عناصر الحرس مع سماع صرخات سكينة وأشبعوها ضربًا أمام أعيننا الباكية بحيث فقدت الوعي ثم أخذوها معهم.
كل هذه الملحمة، سُطرت خلال سنوات عمرها بين 16 و 26 عامًا. واستشهدت سكينة البطلة في السادس والعشرين من ربيع حياتها في أغسطس عام 1988 في مجزرة السجناء السياسيين.
ودفنت جثامين سكينة دلفي وسبعة من مجاهدي خلق الآخرين وهم أول وجبة من الشهداء الذين أعدموا في مجزرة السجناء السياسيين في الأهواز، خلف موقع صناعة الفولاذ في الأهواز وصبوا على مقابرهم مادة الجير والاسمنت بسمك 30 سنتيمتر حتى لا تنكشف جرائمهم أبدًا.
ولكن هذا المزار ومنذ ذلك اليوم ولحد الآن أصبح ملتقى لزائرين كثيرين وهو مزار يحتوي على ذكريات كثيرة تحملها الصدور وشهدت وتشهد بكاءات وأدعية كثيرة من قبل الزوار…
وهي مقبرة 8 من الأناس العاشقين للحرية، بما في ذلك المجاهدة البطلة سكينة دلفي التي كانت تحمل حب حرية الشعب في قلبها وكان ذلك دافع نضالها حتى آخر نفس من حياتها واليوم ذكراها وذكرى رفاقها أصبحت نبراسًا مضيئًا أمام شباب الوطن في طريق النضال وإسقاط النظام.



















