بعد مضي خمسة أيام على جريمة القتل البشع لـ مونا حيدري (غزل) لم يدينها أي من كبار قادة النظام والمسؤولين ولم يتخذوا موقفا بشأن ذلك فحسب بل على العكس من ذلك “برر الملالي أعداء النساء القتل واصفين القاتل بـ “المظلوم”وذلك في اجتماع افتراضي بعنوان “التحقيق في عواقب ونتائج مأساة اجتماعية حيث قال أحمد رهدار مدير معهد ”فتوح انديشة“ للدراسات الإسلامية، في إجتماع إفتراضي إن القتل كان “أساس القضية عامل الغيرة” وهو أحد دلائل الإيمان”.”
تصدرت قضية القتل البشع مونا حيدري في الأهواز عناوين الأخبار والمقالات في الصحف الحكومية طيلة الأيام الأخيرة، وفي الوقت الذي يشعر فيه الشعب الإيراني بالحزن بسبب هذا الحدث الصادم تحاول وسائل الإعلام التابعة للنظام بأكمله التقليل من شأنها ووضعها في إطار قضية قتل فردية عادية أو لأسباب عائلية أو قبلية بمساعدة من يسمون بعلماء الاجتماع الحكوميين.
صدم القتل البشع لـ مونا حيدري الجميع
في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم السبت 5 فبراير 2022 سار سجاد حيدري ابن عم مونا حيدري وزوجها برأس مونا حيدري المقطوع في يده بعد أن قتلها .. سار في ساحة خشايار بالأهواز راسما ابتسامة قذرة على وجهه مجاهرا بجريمته مستعرضا رأس الضحية المسكينة أمام الناس.
وكانت مونا حيدري واسمها الحقيقي ”غزل“ وتبلغ من العمر 17 عاما فقط ضحية زواج قسري تم في سن 12 عاما وكذلك عنف منزلي، وهي طفلة أم لطفل يبلغ من العمر 3 سنوات يعيش الآن مع جدته يتيم الأم بعد مقتل أمه على يد أبيه، وكانت غزل “مونا حيدري” قد تقدمت بطلب الطلاق عدة مرات لكن عائلتها أقنعتها في كل مرة بمواصلة عيش الزوجية القسرية من أجل طفلها وفي نهاية تلك الحياة القسرية كان هروب مونا إلى تركيا هربا من جحيم عنف زوجها.
وبحسب قول عباس حسيني بويا المدعي العام في الأهواز فإن والد القتيلة هو الذي أعاد ابنته إلى إيران، وعندما علم زوج مونا بحضورها إلى الأهواز تجرأ وأقدم على قتلها. (وكالة أنباء إيمنا الحكومية – 8 فبراير 2022)
وتم القبض على سجاد حيدري وشقيقه المتورطين في القتل البشع لمونا حيدري بعد بضع ساعات من وقوع الجريمة، لكن ليس من الواضح أي عقوبة بعد تنتظرهما.

“ستون”جريمة شرف بلا عقاب في خوزستان
أظهر تحقيق استمر عامين أجراه مدير معهد ريحانة للمرأة في الأهواز مقتل 60 امرأة من بينهن أطفال بنات في سن 11 و 15 عاما في خوزستان قد قتلن خلال هذه الفترة، وتعتقد ”عاطفه برواية“ أن عدد جرائم القتل هذه أكثر من ذلك لأنها تمكنت من الحصول هذه الإحصائية من خلال المعلومات التي جمعتها من زملائها، ووفقا لهذا التحقيق لم تتم معاقبة أحدا من بين قتلة هؤلاء الستين امرأة حتى الآن، وكذلك لم تتقدم أي من عوائل الضحايا بشكوى ضد القتلة.(صحيفة ”شهروند “ الحكومية – 10 فبراير 2022)
قال أحد الصحفيين بخصوص القتل البشع لمونا حيدري”غزل” لا ينبغي أن يسمى هذا الفعل بـ جريمة شرف، وكتبت ماندانا صادقي بهذا الصدد: “إن مفردة الشرف هذه والمحافظة عليها والعناية بها كانت بمثابة رخصة وإجازة لأفعال غير مشروعة مثل القتل والسجن حتى اليوم.”
ردود أفعال قبيحة لنساء معينات في الحكومة
غردت أنسيه خزعلي نائبة شؤون المرأة والأسرة في حكومة رئيسي الجلاد مطالبة بعاقبة القاتل بأشد العقوبات، لكنها عادت لتلقي باللوم في هذه المشكلة على “النواقص الثقافية” ودعت إلى معالجة الثغرات القانونية ومشروع قانون لمنع العنف ضد النساء، لكن أعضاء من لجنة النساء بمجلس النظام أقروا بأن القضية ليست عاجلة ملحة ولن تكون على جدول أعمال المجلس إلا بعد إقرار قانون الموازنة لسنة 2022.
وردت ”إلهام آزاد“ عضو كتلة النساء في مجلس شورى الملالي على سؤال حول موعد النظر في مشروع القانون في جلسة علنية بالمجلس قائلة : “نحن في المجلس بصدد دراسة مشروع قانون الموازنة لسنة 2022، وسننظر عمليا في مشروع القانون بالمجلس في العام المقبل.” (وكالة أنباء إيلنا الحكومية – 8 فبراير2022)
مشروع قانون منع العنف ضد النساء بعد 11 عاما من الحذف والتعديلات العديدة التي أدت زوال محتوى مشروع القانون تماما، وليس ذلك فحسب بل غيرت إسمه مشروع القانون أيضا، ومع كل ذلك لم تتم الموافقة عليه من قبل مجلس النظام.

بعد سياسي وراء واقعتا القتل البشع لـ رومينا أشرفي ومونا حيدري وأمثالهما
للكوارث الاجتماعية جذور وأبعاد سياسية، وفي المحصلة النهائية بعد التدقيق والتحليل يجب أن يُنسب ذلك إلى نظام الملالي اللاإنساني المضطهد للنساء والذي يعد الأصل الرئيسي لكل معضلات هذه الحقبة من التاريخ الإيراني، وتكمن التضحية بالنساء والفتيات في قلب هذه الأيديولوجية والسياسات المناهضة للإنسان، فجرائم القتل البشع لمونا حيدري أو فتاة تبلغ من العمر 14 عاما مثل رومينا أشرفي قائمة بسبب الإذن بقوانين صريحة وسرية صادرة عن الأيديولوجية الرجعية للنظام الحاكم في إيران قبل أن يتم تنفيذها بسياط الزوج أو سكين الوالد.
خلاصة القول هي بأن الجذور الإحصاءات المروعة لجرائم الشرف في إيران تعود إلى كراهية النساء والثقافة الذكورية التي تم التأسيس لها في القوانين والمجتمع الإيراني.
لكن الشعب الإيراني يعتبر أن السبب الرئيسي للقتل البشع لمونا حيدري ومئات الأمثلة من الحالات الأخرى هو نتاج فعلي لثقافة وفكر نظام الملالي الرجعي المضطهد للنساء، هل حقا يمكن حل قضية بهذا المستوى من العنف ضد المرأة بمعاقبة أحد الرجال المرتكبين لهذه الجريمة أو بمعاقبة الرجال المرتكبين لهذا النوع من الجرائم دون معالجة الجدذور والأسباب؟
إن لجنة المرأة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تدعو إلى جميع المنظمات والشخصيات المدافعة عن حقوق المرأة في العالم إلى إدانة الوضع المأساوي الشنيع للعنف الممنهج ضد المرأة في إيران.




















