يُعد الفقر المتفجر وانهيار سبل عيش الشعب، نتيجة الاقتصاد المدمَّر والمُنهَك الناجم عن السياسات المعادية للشعب، والنهب وسرقة الثروات الوطنية من قبل نظام الملالي، بما في ذلك قوات الحرس التابعة لخامنئي في إيران، من الأسباب الرئيسية لتصاعد العنف المنزلي ضد النساء.
ولهذا السبب، نشهد سنويًا زيادة في العنف المنزلي، وجرائم قتل النساء، وإساءة معاملة الأطفال، والزواج القسري للفتيات وخاصة القاصرات بسبب الفقر المدقع وغيره من الأضرار الاجتماعية في إيران، وكل ذلك يتم تحت حماية قوانين الملالي المعادية للمرأة.
بالإضافة إلى عدم كفاءة أنظمة تسجيل الإحصائيات في إيران، فإن غياب الشفافية لدى النظام وتعمدها التقليل من أبعاد الأضرار الاجتماعية لا يوفران تقييمًا دقيقًا للوضع الحقيقي. ولذلك، يجب اعتبار الإحصائيات والأرقام المنشورة نقلًا عن مصادر حكومية على أنها الحد الأدنى، ويجب الانتباه إلى أن الأرقام الحقيقية تتجاوز ذلك بكثير.

الفقر المتفجر؛ انهيار سبل العيش في إيران
خلال السنوات الثلاث الأخيرة (2022 إلى 2025)، واجه الاقتصاد الإيراني مزيجًا من التضخم الجامح، والركود المزمن، وانخفاض القوة الشرائية، والانتشار غير المسبوق والمتفجر للفقر؛ وهو وضع وصفته المؤسسات الدولية بـ “الانهيار الاقتصادي لرفاه الأسرة”.
كتبت منظمة اليونيسف في تقريرها السنوي لعام 2024 حول إيران أن أكثر من 32 مليون إيراني (أكثر من ثلث السكان)، وخاصة النساء والأطفال، يعيشون تحت خط الفقر أو معرضون لانعدام الأمن الغذائي.
وتشير بيانات مركز أبحاث مجلس شورى الملالي أيضًا إلى أنه في نهاية عام 2023، كان أكثر من 30% من سكان البلاد، أي ما يعادل حوالي 25 إلى 30 مليون شخص، تحت خط الفقر، وأن خط الفقر ارتفع بأكثر من 68% مقارنة بالعام الذي سبقه.
ووفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي، ظل التضخم السنوي في إيران في الأعوام 2024–2025 ضمن نطاق 40 إلى 45%، وفي الوقت نفسه وصل تضخم المواد الغذائية والإيجارات في بعض المحافظات إلى أكثر من 70%. (موقع “آسيا نيوز إيران” الحكومي – يوليو 2025)
واعترفت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم حكومة “بزشكيان”، بارتفاع خط الفقر قائلة: «قُدّر خط الفقر لعام 2024 بناءً على المؤشرات الاقتصادية والإقليمية بـ 6,128,739 تومانًا للفرد الواحد.» «كان خط الفقر في عام 2023 قد أُعلن بحوالي 3,798,000 تومان شهريًا للفرد، مما يعني تثبيت معدل الفقر عند 30%.» (وكالة أنباء “إيسنا” الحكومية – 21 أكتوبر 2025)
وأشار هادي موسوي نيك، عضو الهيئة العلمية لمركز أبحاث مجلس شورى الملالي، إلى عمق الفقر في إيران قائلًا: «أكثر من 4 ملايين شخص في البلاد لا يملكون حتى القدرة على تأمين غذائهم اليومي.» (وكالة أنباء “خبر أونلاين” الحكومية، 30 أكتوبر 2025)
وقال سلام ستوده، عضومجلس شورى الملالي عن مدينة مهاباد، في 8 يناير 2025: «لقد تقلصت موائد الناس، والتضخم والارتفاع في الأسعار والبطالة مستشرية؛ يعيش أكثر من 25 مليون مواطن في جميع أنحاء البلاد تحت خط الفقر.»

العنف المنزلي الناجم عن الفقر المتفجر
أدت هذه الأوضاع المتدهورة والمتفجرة إلى إنفاق الأسر الإيرانية الجزء الأكبر من دخلها على السلع الأساسية؛ فوفقًا لبيانات مركز الإحصاء، وصلت حصة المواد الغذائية من نفقات الأسرة في عام 2023 إلى أكثر من 50%. إن زيادة انعدام الأمن الغذائي، وتضاؤل تغطية التأمينات الاجتماعية، وانهيار القوة الشرائية للطبقة العاملة والمتقاعدين، كل هذا خلق مزيجًا خطيرًا من الفقر المادي والضغوط النفسية. عندما تعجز الأسر عن تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات، تبدأ دورة التوتر والعنف والانهيار الاجتماعي.
وبالتالي، فإن النتيجة الحقيقية لاقتصاد إيران المدمَّر هي إضعاف الأسس المعيشية والنفسية للأسر؛ وهو وضع عزز الشعور بالفشل وعدم الاستقرار وانعدام الأمن على مستوى المجتمع، ومهد الطريق لانتشار السلوكيات الخطرة، بما في ذلك العنف المنزلي وانهيار الروابط الأسرية.
في بعض وسائل الإعلام، صُرِّح بأن «الضغوط الاقتصادية والتفاوت الاجتماعي» هي الأرضية لكثير من جرائم القتل الأسرية.
«النساء والرجال الذين يقعون تحت ضغوط معيشية واقتصادية، تتدهور قدرتهم على التحمل النفسي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة العنف الأسري وإيذاء الذات.» (موقع “اقتصاد 24” – 12 سبتمبر 2025)
«الضغوط الاقتصادية والتفاوت الاجتماعي، هما الأرضية لكثير من جرائم القتل الأسرية. وتعمل هذه العوامل من خلال آليات مثل الإجهاد المزمن الناتج عن المشاكل المعيشية (البطالة، التضخم، انخفاض القوة الشرائية، وانعدام الأمن الوظيفي)، مما يقلل من مستوى التحكم في الاندفاع والقدرة على إدارة الانفعالات.» (وكالة “إيلنا” للأنباء – 26 أكتوبر 2025)

الفقر ظاهرة اجتماعية ونفسية
أكد علماء النفس وعلماء الاجتماع، في مقابلات مع وسائل الإعلام، أيضًا أن الفقر ليس ظاهرة اقتصادية بحتة، بل هو ظاهرة اجتماعية ونفسية تؤثر على طريقة تفكير البشر ومشاعرهم وسلوكياتهم، وتدفع المجتمع تدريجياً نحو “مجتمع مريض”. إن تزايد القلق والاكتئاب الناجمين عن الضغط الاقتصادي لا يضعفان الصحة الفردية فحسب، بل يضعفان رأس المال الاجتماعي، ويقللان الثقة، ويؤديان في النهاية إلى زيادة العنف.
الأب الذي يقتل ابنه بسبب عدم امتلاكه المال وتورطه في المخدرات، والزوج الذي يقتل زوجته بسبب خلافات مالية، كل هذا يعود بجذوره إلى الفقر الذي يورط المجتمع أكثر فأكثر كل يوم. في أي مجتمع تنقسم جرائم القتل إلى عدة فئات، لكن الفحص الجذري لجرائم القتل يظهر أن الفقر هو أيضًا أحد الأسباب الرئيسية في العنف وجرائم القتل الأسرية. (صحيفة “تعادل” الحكومية – 7 نوفمبر 2023)
أوضح ”علي رضا شريفي يزدي“، عالم الاجتماع وعالم النفس الاجتماعي، أسباب العنف المنزلي ضد المرأة في المجتمع الإيراني قائلًا: «تُظهر الدراسات أن العنف المنزلي يحدث بنسبة 96% ضد النساء و4% ضد الرجال. هذا الإحصاء يوضح الظروف التي تمر بها النساء في الأسرة. هناك عدة أسباب لماذا يكون العنف في المنزل أكثر ضد النساء؛ السبب الأول هو أن البلاد تمر حاليًا بظروف خاصة جدًا. نحن في وضع يكون فيه المجتمع محموما، وكل حركة اقتصادية تحدث تؤدي إلى ضغط اقتصادي على المجتمع، وبالتالي تؤدي إلى ضغط نفسي على الأسر. يسمح معظم الرجال لأنفسهم بتفريغ الضغط النفسي الذي يتحملونه في المجتمع ويتراكم داخل الأسرة على النساء.»
كل العنف الممارس ضد المرأة في المنزل أو المجتمع يستند إلى القوانين المعادية للمرأة التي سُنَّت في نظام ولاية الفقيه. في إيران، أُسِّسَ القانون والسلطة التنفيذية والمحاكم ضد المرأة، وهي لا تحظى بأي حماية ضد العنف. ونتيجة لذلك، يظهر العنف المنزلي أو الاجتماعي ضد المرأة كل يوم بشكل أكثر فظاعة من اليوم الذي سبقه. الطريق لمواجهة هذا الوضع واجتثاث العنف ضد المرأة في إيران هو فقط إسقاط النظام الذي نُسِجت خيوطه بمعاداة المرأة.




















