نحتفل بإحياء يوم عيد العمال العالمي في الأول من مايو من كل عام، وهو يوم للناشطين من أجل حقوق المرأة والناشطين العماليين في إيران، ويوم يبعث على القلق الشديد بشأن العاملات الإيرانيات والناشطات العماليات.
سوق العمل في إيران ذكوريا أساسا، والاحصاءات الرسمية لجميع العاملات الإيرانيات حتى سنة 2019 كانت 3 ملايين فرد، تعطل عن العمل مليون فرد منهن عاطلات في نهاية سنة 2020 بسبب أوضاع تفشي فيروس كورونا، ويقدر الموقع الإلكتروني الحكومي “جامعه 24” أن إمكان تعرض النساء للبطالة بمعدل 14 ضعفا مقارنة بالرجال. (الموقع الإلكتروني الحكومي جامعه 24- 13 أبريل 2021)
هذا في حين تُبنى حسابات النظام الإيراني على نحو مخادع، فوفقا لقول ”أُميد علي بارسا“ رئيس مركز إحصاءات هذا النظام فإن أي شخص يعمل ولو لساعة واحدة فقط في الأسبوع يُحتسب ضمن إحصائيات العاملين الفعليين أيضا. (وكالة أنباء ”تسنيم “ الحكومية – 17 أكتوبر 2016)
وتُعد النساء الإيرانيات مع كل ما لديهن من استعدادات وكل الجهود اللواتي يبذلنها للبقاء مستقلات أو حتى مساعدة أسرهن عاملات متدنيات في الأجور ويتلقين أجورا ومزايا أقل، ومع ذلك لا يزالون في طليعة عمليات التسريح من العمل، وفي عام 2022 تناقلت وسائل الإعلام أنباء مقلقة عن انتشار طرد النساء من بيئة العمل والعمال، ولم تقتصر عمليات التسريح هذه على الشركات والمصانع فحسب بل وصلت إلى البلديات أيضا.
ويعتقد محمد رضا محبوب فر خبير بالأضرار الإجتماعية أن الركود التضخمي في البلاد وعدم وجود دعم حكومي للمرأة قد وضع أفضل الأعذار بيد أرباب الأعمال لتسريح النساء ويأتي ذلك في جين أن العديد من النساء من المعيلات لمعيشة أسرهن ويمكن القول أن عدد النساء المعيلات لأسرهن قد ازداد وباتت البطالة معضلة كبيرة لهن. (موقع ” جامعه 24“ الحكومي -13 أبريل 2021)

عاملات يعملن سرًا
نحاول في يوم العمال العالمي تنحية قضية بطالة النساء جانبا بشكل مؤقت، والتركيز على أوضاع العاملات الإيرانيات هذا بغض النظر عن السرية والتضارب في معلومات المصادر الحكومية، ووفقا لـ (وكالة أنباء ”ركنا“ الحكومية في 1 أغسطس 2021) فإن ما لا يقل عن 3 ملايين امرأة في إيران من عمال يعلمون سرًا.
كما أن نصيب النساء من الأعمال الخدمية أكبر من نصيب الرجال، ولأن مثل هذه الأنشطة تعتمد على القدرة الجسدية للشخص وهذا ما سبب لهم من آلام في الأيدي والأرجل والكتفين وهو ما يقلقهن بشأن حياتهن المهنية في المستقبل ويثير مخاوفهن ويزعجهن بشأن فقدان قدرتهن الجسدية وسبل عيشهم، ومع ذلك فإن أنشطتهن لا تقع تحت رعاية أيٍ من قوانين وزارة العمل.
في المناطق الكردية تضطر النساء للعمل كعتالات وعاملات بناء لإعالة أنفسهن وأسرهن، وأصبحت مهنة عتالة النساء المنتشرة في المحافظات الحدودية في كردستان وأذربيجان الغربية وكرمانشاه أمرا طبيعيا.(وكالة الأنباء الحكومية إيلنا 12 أبريل 2021)
من الأعمال الشاقة الأخرى التي تضطر النساء إلى القيام بها لكسب لقمة العيش وهي العمل في مصانع صناعة طابوق حيث تعمل النساء العاملات في هذه الأماكن بالتراضي فقط دون أي تعاقدات أو معايير أمان يضمنها العمل، وتتراوح أجور العمال ما بين 100ألف و 150ألف تومان في اليوم، ولا يتم دفع هذه الأجور في أيام العطلات.
يضطر العمال إلى العمل من الساعة 7 صباحا حتى الغروب، وعلى الرغم من ساعات العمل الطويلة هذه إلا أنهم غير قادرين على إعالة أنفسهم وعائلاتهم، ويتحمل العمال أنفسهم أيضا تكلفة تنقلهم إلى العمل ذهابا وإيابا علما بأنهم يحملون عبئا ثقيلا على كاهلهم نظرا لبعد المدينة عن المصنع.
قالت عاملة تعمل في مصنع لإنتاج طابوق “لا توجد وظائف في منطقتنا واضطررت أن أعمل هنا وأنا الآن مصابة بغضروف الفقرات القطنية، ونبقى مقيمين في مهاجع المصنع لمدة 6 أشهر في السنة ومحرومون هناك من المياه الصالحة للشرب والحمامات والمراحيض النظيفة، وقد تسبب هذا الأمر في مرض أطفالنا”. (صحيفة ”شهرآرا“ الحكومية 12 ديسمبر 2021)
لم يقدم الموقع الإلكتروني لمركز الإحصاء الإيراني وغيره من وسائل الإعلام الرئيسية للنظام أية إحصاءات محددة عن النساء العاملات الإيرانيات في السنوات الأخيرة، ولكن هناك 1246 إمرأة ممن يحتسبن كعاملات رسميا يعملن أيضا في التعدين والمحاجر وتعدين الرمل واستخراج صخور خام الحديد. (وكالة الأنباء الحكومية ايسنا 9 فبراير 2022)

العاملات الإيرانيات ليس لهن حقوق
لا يمكن مقارنة أوضاع العاملات الإيرانيات بباقي الفئات الأخرى.. إنهن يعملن بأجر ضئيل دون أي مزايا أو حقوق تأمين، يعملن في ظل ظروف استعبادية، وحوالي 80٪ من العاملين غير المؤمن عليهم هم من النساء. (تقرير منظمة أبحاث الضمان الاجتماعي 2017)
لا توجد جهة تشرف على عمل العمال الذين يعملون سرًا ويتقاضى معظمهم أجرا شهريا قدره 700 أو 800 ألف تومان وهو أقل من الحد الأدنى للأجور الذي حدده قانون العمل في النظام، ولا توفر هذه الأجور ولو عُشر مستلزماتهم الحياتية، وإذا لم يعملوا يوما ما فلن يكون لديهم ما يأكلونه. (وكالة الأنباء الحكومية ركنا 1 أغسطس 2021)
لا ينطبق قانون العمل على العاملات الإيرانيات، حيث أن قوانين تحريم عمل المرأة في الأعمال الشاقة والضارة، وعدم حضورها أعمال النوبات الليلية، وعدم حملها للأحمال الثقيلة من القوانين التي يتم التغاضي عنها.
في حادث مأساوي في الأسبوع من نوفمبر 2021 لاقت العاملة مرضية طاهريان مصرعها وهي عاملة نسيج بمصنع نسيج في سمنان بعد أن علق رأسها في آلة الغزل، وفي اليوم السابق لهذه الحادثة المأساوية اشتكت مرضية من مشاكلها بخصوص مشقة العمل ليلا.
قالت إحدى العاملات حول ذلك: “علينا أن نبقى للعمل في نوبات ليلية مرة في الأسبوع، لكننا لا نجرؤ على قول أي شيء.” (صحيفة شهرآرا الحكومية 12 ديسمبر 2021)
وتجدر الإشارة إلى وجود 5 ملايين أسرة تعيلها نساء في إيران ومعظمهن محرومات من التعليم والمهارات الوظيفية الكافية، ويُضاف إلى هذا العدد الهائل من ملايين النساء المعيلات لأسرهن 120 ألف أسرة سنويا. (محمد باقر قاليباف رئيس مجلس شورى الملالي الموقع الإلكتروني الحكومي عصر إيران 25 يناير 2022) (مسعودي فريد منظمة منظمة الرعاية الاجتماعية – وكالة أنباء ”مهر“ الحكومية- 18 يوليو 2021)

فقدان الأمل في ظل سلطة الملالي الظلامي
نظم العمال حركات احتجاجية كثيرة لرفع أجورهم سنة2021، ولم تبلغ سنة 2021 نهايتها بعد حتى جاءت موجة تضخم حادة حولت كل أمل معقود في تحسين ظروف العمال إلى يأس، ووفقا للإحصاءات الرسمية فقد ارتفع التضخم بنسبة 15 في المائة في الشهر الأول من العام الجديد ولم يترك مجالا لتنفس العمال وعائلاتهم، ناهيك عن العاملات الإيرانيات اللائي لم يتقاضين حتى ذلك الحد الأدنى للأجور التي اقرها نفسه.
وبحسب المؤشرات الحسابية المستقلة لـ لجنة الأجور بالمركز الأعلى لمجالس النظام فقد تجاوزت كلفة معيشة الأسر العاملة العشرة ملايين تومان أيضا ووصل الأمر لدرجة أنه إذا أرادت العائلات العمالية تناول وجبة ساخنة واحدة فقط على المائدة يوميا فإن نفقات المعيشة الشهرية ستتجاوز العشرة ملايين تومان”. (وكالة الأنباء الحكومية إيلنا – 26 أبريل 2022)
ومن المثير للإهتمام أن الحد الأدنى للأجور الذي أقره نظام الملالي للعمال في سنة 2022 هو 2،555 مليون تومان”مليونين وخمسمائة وخمسةٌ وخمسون ألف تومان”. (وكالة الأنباء الحكومية إيمنا – 2 مارس 2022)
بموجب هذا التعريف يجب أن يعيش العمال الذكور الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجور المعادل لـ ربع خط الفقر في حين أن وسائل الإعلام الحكومية الأخرى قد أعلنت محددة خط الفقر عند 12 مليوناً، هذا ولن تحصل النساء أبدا حتى على نفس تلك الأجور الهزيلة.
وبسبب الجمود السياسي والانهيار الاقتصادي لنظام الملالي، وكذلك وصول ذلك الأمي إقصاديا الملا رئيسي السفاح إلى السلطة فإن وضع العاملات الإيرانيات سيزداد سوءا يوما بعد يوم حتى آخر يوم من أيام هذا النظام، وسيكون مستقبل عوائلهم أكثر قتامة…




















