مع العلم أن الفاشية الدينية الحاكمة في إيران بنت سلطتها على مناهضة المرأة وتهميشها وتحويلها إلى مواطنة من الدرجة الثانية، وعرَّضتها للقمع المضاعف بنص القانون وعلى أرض الواقع خلال الـ 40 عامًا الماضية، سنتطرق إلى دراسة ” مشاركة المرأة واتخاذها للقرار المؤثر في الحياة العامة” في إيران تحت وطأة حكم الملالي؛ والتي كانت الموضوع الرئيسي لأعمال الدورة الـ 65 للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة في مارس 2021.
صنَّف تقرير منظمة الشفافية الدولية الصادر في يناير 2021؛ إيران في المرتبة 146 من أصل 180 دولة حول العالم من حيث تفشي الفساد المالي. وهذا ما جعل ويجعل الشعب الإيراني أكثر فقرًا، ولا تزال المرأة هي أول ضحايا هذا الفساد بسبب القوانين والسياسات التمييزية السائدة.
وصنَّف المنتدى الاقتصادي العالمي إيران في تقريره السنوي حول الفجوة بين النوعين الاجتماعيين؛ في المرتبة 150 من بين 156 دولة. ويفيد هذا التقرير أن الفجوة بين النوعين الاجتماعيين أعمق في الكونغو وسوريا وباكستان والعراق واليمن فقط مما هي عليه في إيران.
إن الاهتمام بروح وعنصر المقاومة لدى النساء الإيرانيات والنسبة المئوية العالية للطالبات الجامعيات والخريجات ، يجعل مدى الضغط والإحباط الذي تعاني منه المرأة الإيرانية ملموسًا بشكل غير مسبوق.
والحقيقة المؤكدة هي أن الواقع أسوأ من ذلك بكثير، نظرًا لتفشي الفساد الحكومي وانعدام الشفافية في صياغة التقارير الحكومية. إضافة إلى ذلك، ينبغي ألا يغيب عن البال أن إدارة نظام الملالي وسياساته اللاإنسانية في مكافحة فيروس كورونا، فضلًا عن أن المرأة تشكل 70 في المائة من الموظفين الذين أصبحوا عاطلين عن العمل بسبب وباء كورونا ؛ تسارع من وتيرة تراجع المرأة في هذه المجالات بشكل أكبر.
مشاركة المرأة واتخاذها للقرار المؤثر في المجال السياسي
استنادًا إلى قول ناهيد خدا كرمي، عضو مجلس مدينة طهران، فإنه على الرغم من أن المرأة تشكل 60 في المائة من الناجحين في الامتحان العام للقبول في الجامعات في إيران، وتشكل معظم خريجي الجامعات، بيد أنه يلاحظ أنه لا توجد وزيرة واحدة في مجلس الوزراء، ولا مساعدة وزير واحدة في وزارة الصحة التي بها أكبر عدد من النساء في مختلف التخصصات. 1
والمسؤول الأول الذي يتحكم في كافة السياسات والحلول الاقتصادية والعسكرية في إيران تحت وطأة حكم ولاية الفقيه هو رجل معمم يحكم إيران مدى الحياة بموجب نص دستور ولاية الفقيه.
ويضم هذا النظام مجلسًا لتشخيص مصلحة النظام مكونًا من 45 شخصًا، ومجلسًا لصيانة الدستور مكونًا من 13 شخصًا جميعهم من الرجال بوصفهما ذراعي النظام الفاشي ويحددان سياسات البلاد بشكل غير قانوني.
هذا فضلًا عن أنه يوجد في كل محافظة ومدينة رجل معمم بوصفه ممثلًا للولي الفقيه، وكذلك إمام لصلاة الجمعة يمثل المصالح والسياسات الشخصية للولي الفقيه ويطبقها.
فهذا نوع خاص من الديكتاتورية يضع القانون والحكومة بشكل عام في المرتبة الثانية في صنع القرارات السياسية، ويجعل بشكل غير مسبوق مشاركة المرأة واتخاذها للقرار المؤثر في هذه المناصب بلا معنى. وسوف نتطرق من خلال هذه النظرة العامة، إلى دراسة مشاركة المرأة في مناصب صنع القرار وفي مسؤوليات صنع القرار السياسي.
رئاسة الجمهورية
نجد أن رئيس الجمهورية ومساعده من الرجال، حيث ينص دستور نظام الملالي على ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية رجلًا.
مجلس الوزراء
- يضم مجلس الوزراء امرأتان فقط كمستشارتان من بين 34 وزيرًا.
- ويتم انتخاب رئيس المكتب والمتحدث الرسمي وأمين مجلس الوزراء و 19 وزيرًا من بين الرجال. بمعني أن نسبة المرأة في إدارة الوزارات تساوي صفر في المائة.
مساعدي الوزراء:
تُشكل المرأة حوالي 5,5 في المائة فقط في المناصب على مستوى مساعدي الوزراء التي تروج حكومة روحاني أنها عيَّنت فيها العديد من النساء.
وفيما يلي تفصيل بعدد المسؤولين في كل وزارة، بناءً على حجم شفافية المعلومات المتاحة على الموقع الإلكتروني لكل وزرارة، بما في ذلك المساعدون والمستشارون ومديرو الشركات التابعة وغيرهم من المسؤولين.

مجلس شوري الملالي:
يتكون مجلس شوري الملالي الحادي عشر الحالي من 276 عضوًا، من بينهم 260 رجلًا و 16 امرأةً. وهذا يعني أن المرأة تشكل ما يقرب من 5,7 في المائة من أعضاء المجلس.
المحافظات:
جميع المحافظين في إيران البالغ عددهم 31 محافظًا؛ من الرجال. أي أن نسبة تعيين المرأة في هذا المنصب لا تزال تساوي صفر في المائة.
مسئولو المحافظات:
يوجد 77 امرأة فقط مسؤولة من إجمالي 1174 مسؤولًا على مستوى المحافظات تحت وطأة الفاشية الدينية الحاكمة، من بينهن 31 امرأة رئيسة لمكتب المرأة والأسرة في كل محافظة. وبأخذ هذا المنصب الشرفي بعين الاعتبار، تبلغ نسبة حصة المرأة في إدارة المحافظات الإيرانية 7 في المائة.
ولا داعي للقول بأن هؤلاء المسؤولات لا تمثلن المرأة الإيرانية بأي شكل من الأشكال. فعلى سبيل المثال، نجد أن حاكم مدينة القدس في محافظة طهران هو امرأة مجرمة تُدعى ليلا واثقي. إذ أعلنت هذه المجرمة في أعقاب احتجاجات نوفمبر 2019 أنها أصدرت شخصيًا أمرًا لقوات الشرطة في 16 نوفمبر 2019 بإطلاق النار عل المتظاهرين.
وفيما يلي قائمة بعدد المسؤولين في كل محافظة، بموجب المعلومات المتاحة على الموقع الإلكرتوني الرسمي لكل محافظة؛ مصنفين حسب النوع الاجتماعي.

البلديات:
جميع رؤساء البلديات في عواصم المحافظات البالغ عددها 31 عاصمة هم من الرجال.
ويوجد امرأتان فقط بين جميع رؤساء البلديات البالغ عددهم 339. وتتولى هاتان المرأتان رئاسة بلدية المدينتين اللتين تحتلا المركزين الـ 302 و الـ 319 من حيث عدد السكان.
وتبلغ نسبة الحصة الإجمالية لتولي المرأة رئاسة المدن في إيران 0,58 في المائة، أي ما يقارب النصف في المائة.
مسئولي المدن والهيئات الحكومية في مراكز المحافظات:
كما تطرقنا في هذا التقرير إلى دراسة المسؤولين في بلديات عواصم المحافظات. ولاحظنا في دراسة مسؤولي البلدية، ومن بينهم المساعدين ومديري المنظمات والشركات التابعة والمديرين في المحافظات بناءً على المعلومات المتاحة على الموقع الإلكتروني الرسمي لكل مدينة؛ أن ملخص المعلومات التي تم الحصول عليها من 30 عاصمة محافظة كان موقعهم الإلكتروني الرسمي متاحًا؛ على النحو التالي.
يوجد 25 امرأة فقط من بين المسؤولين في بلديات مراكز المحافظات الـ 30 من إجمالي 830 مسؤولًا. ويدل هذا الرقم الذي يعادل 3,11 في المائة على حصة المرأة الضئيلة حتى بين المسؤولين من الدرجة الخامسة في هذا النظام الفاشي. وتجدر الإشارة هنا أيضًا إلى أن عددًا كبيرًا من الـ 25 امرأة المشار إليهن يعملن في الأعمال الكتابية أو مستشارات لشؤون المرأة.

مجالس المدينة:
إن نسبة مشاركة المرأة في مجلس المدينة، الذي ليس له دور تنفيذي وسلطوي، أکثر قلیلًا. ونركز في هذا التقرير على مراكز المحافظات.
يشير ملخص هذه الدراسة، التي تم الحصول على المعلومات الخاصة بها بشكل أساسي من المواقع الإلكترونية الرسمية للمدن؛ إلى أن هناك 38 امرأة عضوة في مجلس المدينة من بين ما مجموعه 321 عضوًا. وهذه النسبة تعادل 11,83 في المائة، وتشير إلى حجم مشاركة المرأة واتخاذها للقرار في هذه الفئة من المسؤولين السياسيين
.

مشاركة المرأة واتخاذها للقرار المؤثر في المجال الاقتصادي
من أجل الوقوف على الصورة العامة لوضع مشاركة المرأة في مناصب صنع القرار الاقتصادي، فقد ركزنا على محوري رئاسة البنوك ورئاسة الشركات الحكومية.
تم اختيار أسماء البنوك التي شملتها الدراسة من قائمة البنوك والمؤسسات المالية على الموقع الإلكتروني الحكومي للجمعية العلمية للاقتصاد الحضري في إيران2، وتم استخراج معلومات كل بنك من الموقع الإلكتروني الرسمي للبنك نفسه.
رئاسة البنوك ومجالس إدارتها
تفيد هذه الدراسة أن رئاسة جميع البنوك الـ 35 المعروفة في إيران؛ يرأسها رجال وحصة المرأة في هذا المنصب صفر في المائة.
ويوجد امرأة واحدة فقط في مجلس إدارة البنوك من بين 173 عضوًا، مما يعني أن نسبة مشاركة المرأة تبلغ 0,57 في المائة.
رؤساء ومجالس إدارة الشرکات الإیرانیة الرئیسیة
أُخذ في الاعتبار دراسة 104 شركة في هذه الدراسة؛ قدمها الموقع الإلكتروني الحكومي “دنياي اقتصاد” بشكل أساسي كأفضل 100 شركة في عام 2019.
ورؤساء الـ 104 شركة التي تم تقديمها هم من الرجال، ويقل نصيب المرأة عن 1 في المائة.
كما أن أعضاء مجالس إدارة معظم هذه الشرکات كلهم من الذکور أيضًا، بيد أننا لم نتطرق إلى هذه المجالس بسبب عدم توحيد المعلومات وعدم شفافیة المواقع.
وبناءً عليه، فإن إجمالي نصيب مشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية يساوي 0,19 في المائة.
ولا شك في أن الوضع المزري للمشاركة الاقتصادية للمرأة في إيران لا يقتصر على المستويات الإدارية العليا فحسب، حيث تفيد التقارير الصادرة في شتاء عام 2019 أن عدد الموظفات يبلغ 3,9 مليون امرأة فقط، أي 12,7 في المائة من أصل 30,96 مليون امرأة تجاوزن من العمر 15 عامًا.3 وتَقلصَ هذا العدد بمقدار 1,200,000 امرأة مقارنة بالعام السابق.4
كما تَقلصَ هذا العدد في خريف عام 2020 بمقدار 1,012,000 امرأة.5 وتشكل المرأة 75 في المائة ممن فقدوا وظائفهم حتى هذا التاريخ تحت وطأة تفشي وباء كورونا.
مشاركة المرأة واتخاذها للقرار المؤثر في الجامعات
نظرًا للنسبة المئوية الكبيرة للخريجات في إيران، فإنه من المتوقع أن تكون المرأة مشاركة في مختلف المجالات العلمية والأكاديمية على أقل تقدير. بيد أن المرأة لا تتمتع بالمشاركة في مثل هذه المجالات تحت وطأة حكم الملالي وقوانينهم وسياساتهم المناهضة للمرأة.
وتأتي مشاركة المرأة في مناصب صنع القرار في 123 جامعة حكومية مصنفة في الموقع الإلكتروني “مرجع الجامعات الإيرانية” على النحو التالي:6
تتكون مجالس إدارات الجامعات المدرج أسماؤها على الموقع الإلكتروني الرسمي للجامعات من 320 عضوًا، من بينهم 314 رجلًا و 6 نساء فقط، أي ما يعادل 1,78 في المائة فقط.
يبلغ إجمالي العلماء المهمين الذين قدمهم الموقع الإلكتروني “مرجع الجامعات الإيرانية” 1568 رجلًا و 64 امرأة. ويشير هذا الرقم إلى أن نسبة المرأة تساوي 4 في المائة.
وقدّر وزير العلوم والبحوث والتكنولوجيا، منصور غلامي، في يناير 2021، نسبة المرأة في المجتمع الجامعي الإيراني بـ 50 في المائة، مدعيًا أن المرأة تشكل 33 في المائة من أعضاء هيئة التدريس.7
ويبدو أن هذا التقدير أيضًا جاء من باب الدعاية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، نظرًا لأن المعلومات المتعلقة بأساتذة الجامعة والمنشورة على الموقع الإلكتروني “رخ نما” التابع لجامعة طهران، على سبيل المثال، تفيد بأن هناك 30 امرأة في مختلف التخصصات من إجمالي 469 استاذًا جامعيًا في هذه الجامعة، أي أن نسبتهن في هذا المجال تقترب من 6,4 في المائة.8
وعلى الرغم من أن الوصول إلى جميع أعضاء هیئة التدریس بالجامعات ليس بالأمر المتاح، بيد أن الأمثلة التالية من شأنها أن تعطينا صورة عامة. إذ تتكون هيئة التدريس في كلية الحقوق والعلوم السياسية في نفس الجامعة من 50 شخصًا، من بينهم 3 نساء، أي أن نسبتهن تبلغ 6 في المائة.9
ويبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس بجامعة أمير كبير للتكنولوجيا 644 عضوًا، من بينهم 38 امرأة، أي ما يعادل5,9 في المائة.
ولكن نظرًا لأن معظم التخصصات الفنية والهندسية والعسكرية محظورة على المرأة، فإن هذا الرقم يصل في الجامعات الخاصة لهذه العلوم إلى نسبة مئوية ضئيلة جدًا، مما يشكك في إدعاء وزير العلوم بأن نسبتهن تصل إلى 33 في المائة. فعلى سبيل المثال، يبلغ عدد النساء الأعضاء في هيئة التدريس بجامعة آبادان للصناعات البترولية 3 نساء من إجمالي 74 عضوًا، أي أن نسبتهن تصل إلى حوالي 4 في المائة فقط. 10
والجدير بالذكر أن أعضاء هيئة التدريس في جامعة العلوم والتكنولوجيا في أقسام الإلكترونيات والإلكترونيات الحيوية والطاقة والتحكم والاتصالات جميعهم من الرجال.
_______________
1 موقع “همشهري” الحكومي – 27 ديسمبر2020 (تهميش المرأة الكفؤة بموجب معايير التمييز بين النوعين الاجتماعيين)
2 موقع “الجمعية العلمية الإيرانية للاقتصاد الحضري”
3 موقع “إيلنا” الحكومي – 25 مارس 2020 (أدى التمییز المهنی إلى زیادة محنة المرأة العاملة / ويبلغ عدد النساء العاملات في إيران خُمس عدد الرجال العاملين)
4 مركز الإحصاء الإيراني – تقرير حول دراسة نتائج خطة إحصاء القوى العاملة – ربيع عام 2020
5 وكالة “موج” الحكومية للأنباء – 30 يناير 2021 (قلل وباء كورونا من عدد النساء العاملات)
6 موقع “مرجع الجامعات الإيرانية”
7 وكالة “دانشجو” للأنباء – 26 ديسمبر 2020 (غلامي: تشكل المرأة 33 في المائة من أعضاء هيئة التدريس في البلاد)
8 موقع “رخ نما” – صورة شاملة للأنشطة العلمية لجامعة طهران
9 موقع ” كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة طهران”
10 موقع “جامعة صناعة النفط”




















