سوسن ميرزايي
بطلة جريئة وشجاعة، من رواد نضالات الشعب الإيراني من أجل الحرية
كانت سوسن ميرزايي إحدى الكوادر المتميزة في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
وُلدت سوسن ميرزايي عام 1957 في إحدى أحياء جنوب مدينة طهران. وبعد وفاة والدها، بدأت فترة صعبة لعائلتها.
بفضل عقلها النشط والمتطلع، لم تستطع سوسن أن تبقى هادئة إزاء رؤية التمييز ولمس الظلم الاجتماعي. سرعان ما أدركت الأسباب الجذرية لهذه الفوضى والظلم الذي يُمارس ضد الشعب الإيراني، فبدأت أنشطتها السياسية ضد نظام الشاه منذ أيام دراستها الثانوية. وخلال هذه الأنشطة، تمكنت من إقامة علاقات مع عائلات شهداء وسجناء منظمة مجاهدي خلق، ومنذ ذلك الحين شاركت بنشاط في فعاليات عائلات المجاهدين.
الريادة وسط المعاناة والتفاوت
أكملت الشهيدة المجاهدة سوسن ميرزايي دراستها الثانوية عام1975، وفي الوقت نفسه تزوجت من المجاهد الشهيد ”أمير آق بابا“. خلال تلك السنوات، كانت سوسن تشارك في معظم الجلسات والمحافل السياسية التقدمية، بالإضافة إلى الأنشطة الطلابية الجماعية مثل تسلق الجبال وغيرها. سعت سوسن جاهدة لإيجاد طريقة للارتباط بتشكيلات منظمة مجاهدي خلق. ومع إطلاق سراح عدد من سجناء المجاهدين من سجون الشاه في أواخر عام 1977، هرعت سوسن للقائهم، وتمكنت أخيرًا من خلال هذا الطريق من الارتباط بمجاهدي خلق.
من بين المسؤوليات التي تولتها سوسن في تلك الفترة: توزيع النشرات الداخلية، نشر بيانات المنظمة، وتأمين مختلف الاحتياجات.
رائدة في إيران ما بعد الثورة
بعد انتصار الثورة المناهضة للشاة 1979، انخرطت سوسن ميرزايي على الفور في العمل بمقر منظمة مجاهدي خلق في طهران. بدأت عملها في قسم إعداد النشرة الإخبارية، ثم انتقلت للعمل في المؤسسة الطلابية، حيث تولت مسؤولية تدريب وتنظيم جزء من مدارس طهران.
في عام 1980، واصلت سوسن نشاطها في المؤسسة العمالية، وبالأخص في قسم صحيفة “بازوي انقلاب” (ذراع الثورة). كانت عضوًا في مجلس المؤسسة العمالية، وإحدى أعضاء هيئة تحرير الصحيفة.
الصمود في وجه القمع المسلح
بعد20 يونيو 1981، ودخول معركة مجاهدي خلق مرحلة النضال المسلح ضد خميني الدجال، بدأت سوسن مرحلة جديدة ومشرقة من حياتها الثورية والتنظيمية. في أواخر عام 1981، انتقلت إلى قاعدة المجاهد الشهيد والقائد الرفيع ”محمد ضابطي“، حيث تولت تحت إشرافه مسؤولية القاعدة حتى استشهاده. كانت سوسن تؤدي كل هذه المسؤوليات بأفضل صورة، رغم كونها أمًا لطفلة صغيرة.
قيادة جريئة تحت النار
قبل هذه المسؤولية، عملت سوسن كإحدى المسؤولات في القسم الاجتماعي للمنظمة، حيث بذلت جهودًا كبيرة لإعادة ربط العلاقات المنقطعة مع طيف واسع من القوى في جنوب طهران. خلال أداء هذه المسؤوليات بعد 20 يونيو 1981 تعرضت مرات عديدة لمحاصرة قوات الحرس المدججة التابعة لخميني. لكن بفضل كفاءتها وحزمها المثير للإعجاب في ميدان المواجهة العسكرية المباشرة، أظهرت قدراتها وجدارتها في صد العدو وإجباره على التراجع.
في إحدى هذه المواجهات، كان العدو قد علم مسبقًا بزيارتها لإحدى قواعد المنظمة التي كانت تحت سيطرته، فنصب شبكة واسعة للقبض على سوسن البطلة. لكن شجاعتها وجرأتها الثورية في التصدي للقوات الحرس أجبرتها على التراجع، حتى تمكنت سوسن من الخروج من شبكة الحصار والمنطقة المحاصرة بالكامل بسيارة مثقوبة برصاصات الرشاشات.
انعكس صدى هذه المواجهة على شبكة الاتصالات اللاسلكية لقوات القمع التابعة لقوات الحرس، مما أظهر بوضوح غضب ويأس عملاء النظام. لاحقًا، وبعد وصف ملامح سوسن وملابسها، أصدروا تحذيرًا لجميع وحداتهم بأنه في حال رؤية امرأة بهذه المواصفات، يجب عدم التردد في إطلاق النار عليها. وقد ورد في رسالة التحذير التي وجهوها إلى قواتهم الأمنية لتعقب سوسن الشجاعة وإطلاق النار عليها مباشرة في الشارع: «امرأة ترتدي معطفًا أسود وتصطحب طفلة».
شجاعتها وجرأتها الثورية، إلى جانب قدرتها على التنظيم وحل المشكلات، جعلت من سوسن عنصرًا فعالًا في مختلف المجالات التنظيمية.
المواجهة الأخيرة
كانت ملحمة 2 مايو 1982 المشهد الأخير الذي خضع فيه هذه المجاهدة للامتحان، فتجاوزته بانتصار ووفاء لعهدها بالتضحية من أجل حرية إيران وشعبها المظلوم والأسير.
في ذلك اليوم، حاصرت قوات الحرس المدججة، وبمختلف الأسلحة الخفيفة وشبه الثقيلة، القاعدة التي كانت تتواجد فيها سوسن ورفاقها المجاهدون. استشهدت سوسن ميرزايي مع زوجها، المجاهد الشهيد أمير آق بابا، وكذلك بقية المجاهدين في تلك القاعدة، بعد معركة بطولية ضد قوات الحرس التابعة لخميني.
سُجّلت سيرة حياة سوسن ميرزايي في سجل الشرف للنساء البطلات في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وتستمر طريقها وبطولاتها في إلهام جيل جديد من النساء المجاهدات وبنات إيران الرائدات اللواتي يقاتلن في الصفوف الأمامية ضد هذا النظام، وبشكل خاص في تشكيل ونمو وتطور مراكز التمرد في الوطن المحموم.