السجينة السياسية المقاومة مريم أكبري منفرد: زيدوا من ثقتكم في طريقكم قدر الإمكان
نصيحة للنساء والشباب المحتجين المعتقلين وأسرتهم
بحلول 29 ديسمبر 2022، يكون قد مرت 13 عامًا بالتمام والكمال منذ أن فرَّقوا بيني وبين بناتي، دون أن أُودِّع أحبائي، واقتادوني إلى سجن إيفين للحصول على بعض التفسيرات؛ ولم يعد إلى المنزل. لقد أمضت كل هذه السنوات الثلاث عشرة في السجن دون يوم عطلة واحد.
في رسالة وجهتها في بداية عامها الرابع عشر في المنفى في سجن سمنان المركزي ، كتبت السجينة السياسية المقاومة مريم أكبري منفرد: “هذه ليست قصة تقرأها ، المعاناة الدموية لشخص واحد فقط من أصل 85 مليون.”
يذكر أن السجينة السياسية المقاومة مريم أكبري منفرد هي شقيقة أربعة شهداء من مجاهد خلق الذي حكم عليها بالسجن 15 عاما بالتهمة الوحيدة الموجهة عليها هي التقاصي لدمائهم والصاق تهمة المحاربة لها.
السجينة السياسية المقاومة مريم أكبري وفي هذه الرسالة، وبينما كانت تعبر عن تجربتها في المقاومة في السجن، تنصح الفتيات والفتيان المنتفضين والثوار وعائلاتهم بمقاومة المحققين بإيمان قدر الإمكان.
فيمايلي أجزاء من هذه الرسالة مذكورة:
13 عامًا كانت كل ثانية فيها معركة مرهقة لعبور هذه السنوات. 13 عامًا يُرهق الإنسان عدُّ أيامها ( أي 4,745 يومًا) يومًا بيوم. فماذا لو أراد الإنسان أن يعد 4,745 يومًا واحدًا تلو الآخر في معمعة حرب غير متكافئة؟
هذه ليست قصة 4,000 صفحة، بل هي الواقع الواضح للحياة تحت كنف سيطرة الفاشيين الذين فرضوه علينا، ونرفض الاستسلام لهذا الواقع رفضًا باتًا.
على الرغم من أنني أودُّ أن أكون مع أطفالي بكل كياني، ومَن هي تلك الأم التي لا تتمنى ذلك؟ لكنني لست آسفة، بل إنني أكثر تصميمًا على مواصلة طريقي. وأقول ذلك في كل مرة، في أي جلسة استجواب وتحقيق رسمية وغير رسمية، وإنني لسعيدة من تكرار قول ذلك!

منذ 13 عامًا ويمزق الحزن قلبي على فراق أطفالي، بيد أنني رأيت الجرائم بأم عيني طوال 13 عامًا، وأصبحت عزيمتي أكثر رسوخًا.
ويشتد التعذيب والوحشية في هذا الجانب من القضبان، في الصحراء المظلمة (وتراه العين حتى لو كانت ضريرة)، وهذه هي الحقارة والوحشية! هذا فيلم وثائقي صامت عن اضطهاد النساء اللواتي لا يتحمل القلب سماع قصة إحداهن. ناهيك عن أنه يجب التعايش مع مئات الأشخاص من هذه النماذج المعذَّبة، ونشعر بمعاناتهم بكل كياننا.
13 عامًا وأنا أرى عشرات الأطفال ومئات المراهقين والشباب من عمر بناتي وأربُت على رؤوسهم ووجوههم تعاطفًا معهم، وأتحدث إليهم أيضًا، واشتد غيظًا من الغضب؛ بسبب صمتهم ووحدتهم، وأزأر للدفاع عنهم على كل مَن في مجلس عبّاد الظلام!
إنني لا أدري حتى ما حدث لأطفالي طيلة هذه السنوات الـ 13! وواجهوا اضطرابات الحياة بقوة خلال هذه السنوات الـ 13 لدرجة أنني لا أعلم أي شيء عنهم! ومع كل عاصفة من المعاناة حوَّلوا كل زيارة إلى انفجار من الطاقة بالنسبة لي!
وإذا سألتموني: كيف نجوت من بين ظلام التعذيب وإنهاك الزمن؟ أقول لكم إن شعلة الإيمان الجامحة في قلبي هي التي أبقتني مستمرة في الصمود.
إن هذه الشعلة الساخنة والجامحة هي الشيء الذي يريد المحققون اختطافه من السجين منذ اللحظة الأولى من القبض عليه؛ من الوحيدين العزَّل …إلخ؛ ليتجمد وجوده، ويخضع للنير … إلخ.
إلا أنني حافظت على الشعلة الساخنة والجامحة مشتعلة طوال السنوات الـ 13 بأكملها؛ بالغضب المقدس من حالات التعذيب التي شاهدتها بأم عيني وأثرت في حياتي! ضحكت وكررت الضحكات لأتمكن من الصمود؛ لأن المقاومة هي شغلنا الشاغل.
إن الإيمان بالطريق الذي ضحت شقيقتي وأشقائي من أجله، هو إيمان بالمسار الذي سلكته، وإيمان بالقبضات المحكمة، وبالخطوات الثابتة للشباب الصامدين الآن في الشوارع بأجسادهم وأرواحهم في مواجهة الديكتاتورية.
نعم، إنني مؤمنة ببراءة ومظلوميت شقيقتي وأشقائي الذين لا أعتبرهم أمواتًا أبدًا، وما زلت أعتبرهم أحياءً. كانوا يمسكون بيدي في كل لحظة من لحظات سجني… إلخ، وأجدهم الآن في شوارع إيران وفي كل مكان…

رأيت عليرضا (أُعدم في عام 1981) في قبضات ذلك الشاب المحكمة، في نازي آباد.
ورأيت رقيه (أُعدمت في سجن إيفين، في صيف عام 1988)؛ برحب الصدر في الصف الأول صامدة في مواجهة قوات حرس نظام الملالي القمعيين. وسمعت صوت عبدالرضا (أُعدم في سجن كوهردشت، في صيف عام 1988)؛ وهو يصرخ صرخة الحرية المستمرة لأقرانه.
وأجد في كل لحظة غلامرضا (استشهد في عام 1985 تحت تعذيب الحرس في سجن إيفين)؛ في الشباب الذين يستشهدون تحت التعذيب.
نعم، كانوا يسعون إلى دفنهم بدون أسماء وبدون علامات، لكننا نرى الآن كيف يواصل هذا الجيل البطل الشجاع طريق الشباب الذين لم يخضعوا لخميني ورفضوه رفضًا باتًا.
كانوا يظنون أن حكومتهم ستعيش إلى الأبد إذا قتلوا أحبائنا! ولكن هيهات، فيا لها من فكرة غبية، حيث أن شهدائنا انتفضوا في قيامة الثورة في وسط ألسنة اللهب في الشوارع … إلخ. وبعثروا جمرات رمادهم البركاني على أرصفة هذه المدينة لدرجة أن النساء والرجال الذين لا يعرفون الكلل ولا الملل نموا من التربة!
إن الفتيات والفتيان الشجعان الذين يشعرون بحلم الحياة في الشمس والأمطار على عتبة الغد، ويكشِّرون عن أنيابهم للمتسببين في القمع والاستبداد على مدى 43 عامًا؛ يقاتلون الآن، والليل مرعوب من وجودهم! ويزداد إيماني في تحقيق النصر بوجودهم!
ويتدفق إيمان قلبي بين النساء اللواتي ينحصر تحقيق أملهن الكبير في الخلاص في تحطيم هذه الأبواب الحديدية؛ عند سماع أخبار كل احتجاج وكل انتفاضة لشرارات هذه الشعلة الجامحة.
وأقول لبناتي وأولادي الفدائيين المضحين بالغالي والنفيس في الشوارع، وتملأني الرغبة في التواجد معهم في كل لحظة: “إذا تم القبض عليكم لا تثقوا في المحققين قيد أنملة؛ لأنهم ليسوا من جنسنا! إذ أن العدو عدوٌ على طول الخط في كل لحظة! زيدوا من ثقتكم في طريقكم قدر الإمكان في الحبس الانفرادي، فهذا هو طوق النجاه الوحيد.
وأقول لعوائل السجناء ألا يقيموا وزنًا للوعود والمخاوف والتهديدات، وأنتم الوحيدون الذين يمكنكم إنقاذ أرواح أبناءكم بتكرار المواطنين لأسمائهم! فليس هناك أي محقق يريد الخير لكم، فلا تلتزموا الصمت واصرخوا بملء فيكم!
وأقول للعائلات الثكلى، ولكل أم ضحت بحبيبها في هذا الطريق، ولجميع الإخوة والأخوات الذين فقدوا قطعة من أجسادهم؛ منحنية لشهدائهم: “إنني شريكة متحمسة مرتبطة بهم …إلخ. وأأخذ بيدهم عن بُعد، وأقف معهم كتفا بكتف من أجل التقاضي؛ بشكل أكثر قوة من ذي قبل.
إن الحديث يدور حول 13 عامًا من المعركة المتواصلة، بيد أن خلاصة القول هي “أنني سوف أنشد في نهاية المطاف نشيد النصر هنا يومًا ما من فوق قمة الجبل مثل أشعة الشمس”.
والنصر حليفنا والمستقبل مستقبلنا نحن
مريم أكبري منفرد – ديسمبر 2022
سجن سمنان الجهنمي