من وكيل آباد إلى إيفين: السجل الأسود لإعدام النساء
إعدام ما لا يقل عن 5 نساء في أبريل، رقم قياسي جديد للعنف ضد النساء في إيران
التقرير الشهري – أبريل 2025 : السجل الأسود لإعدام النساء — فجر يوم الثلاثاء 8 أبريل 2025، شهدت جدران سجن وكيل آباد في مدينة مشهد مشهدًا أسود ومؤلمًا. تم شنق ما لا يقل عن عشرة أشخاص على حبال المشنقة، وكان من بينهم ثلاث نساء. وبعد أسبوع واحد فقط، في يوم الثلاثاء 15 أبريل، تم إعدام امرأة أخرى مظلومة في سجن جوبيندر بقزوين.
يوم الإثنين 28 إبريل، تم شنق امرأة بائسة أخرى تُدعى مرجان سبزي في سجن دستگرد بأصفهان، إلى جانب ستة أشخاص آخرين.
مع تنفيذ حكم الإعدام بحق هؤلاء النساء الخمس في شهر أبريل، ارتفع عدد النساء اللواتي أُعْدِمن في إيران خلال عام 2025 إلى 13 امرأة. هؤلاء النساء كن ضحايا الظروف الاقتصادية القاسية، والظلم الهيكلي، والفقر المزمن الذي هَمَّشَ آلاف النساء في إيران.
وكانت الضحية الأخرى ”مرضية إسماعيلي“، البالغة من العمر 39 عامًا، وأم لفتاة مراهقة. أُعدمت في قزوين بتهمة نقل 600 غرام من المخدرات مقابل مبلغ زهيد قدره 10 ملايين تومان (حوالي 100 دولار). كانت تعيش في فقر مدقع، بلا أي دعم اجتماعي أو قانوني. لم يكن لديها عائلة تدعمها، ولا القدرة المالية لتوكيل محامٍ.
لم تُعرف هوية النساء الثلاث الأخريات بعد، لكن إحداهن اتُهمت بجريمة قتل. لا تزال تفاصيل القضية مجهولة، لكنها، كما هو الحال في العديد من القضايا المشابهة، افتقرت إلى محاكمة عادلة، وإلى الوصول إلى محامٍ مستقل، وإلى فرصة دفاع فعالة. غالبية النساء اللواتي ينتهي مصيرهن بحبل المشنقة في مثل هذه القضايا كنّ ضحايا زواج القاصرات والعنف الأسري، ولم تصل صرخاتهن إلى أحد.
إعدام هؤلاء النساء، وسط صمت ثقيل من وسائل الإعلام الحكومية، ليس سوى جزء من السجل الدموي لنظام يحتل المرتبة الأولى عالميًا في إعدام النساء، ويستخدم العنف المؤسسي ضد النساء كأداة لبقائه.
وأعلنت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي لعام 2024 أن أكثر من 64% من عمليات الإعدام التي نُفذت في العالم جرت في إيران.

مقارنة إحصائية لإعدام النساء في إيران
خلال السنوات الثماني من 2013 إلى 2020، تم إعدام ما لا يقل عن 120 امرأة في إيران، بمتوسط سنوي يبلغ 15 امرأة. وفي عام 2024، الذي شهد إعدام 34 امرأة، تضاعف عدد النساء اللواتي أُعْدِمن أكثر من ضعفين، مقارنة بهذا المتوسط، مما يكشف عن زيادة مقلقة وملحوظة.
منذ تولي إبراهيم رئيسي الرئاسة في عام 2021، بدأ عدد الإعدامات، بما في ذلك إعدام النساء، في الارتفاع، وسجّل منحنى تصاعديًا. وبعد هلاك ”رئيسي “ في 19 مايو 2023 وتولي مسعود بزشكيان الرئاسة في أغسطس 2023، استمر هذا المنحنى التصاعدي بوتيرة أسرع.
بعد هلاك ”رئيسي“ ، بلغ متوسط إعدام النساء 3.3 امرأة شهريًا. في المقابل، خلال 34 شهرًا من رئاسة رئيسي، تم إعدام 63 امرأة، أي بمتوسط 1.85 امرأة شهريًا.
في عام 2024، تم إعدام 38 امرأة في إيران، مما يمثل زيادة بنسبة 90% مقارنة بالعام.
كما أنه خلال 9 أشهر فقط من تولي بزشكيان الرئاسة، تجاوز عدد ضحايا الإعدام في إيران 1000 شخص، بينما كان العدد الإجمالي للإعدامات في عام 2024 بأكمله 1000 شخص.
هذا الأمر يؤكد، أكثر من أي وقت مضى، أنه بغض النظر عن هوية الرئيس في نظام الملالي، فإن سياسة القمع والانتهاك الوحشي لحقوق الإنسان هي جوهر لا يتجزأ من الديكتاتورية الدينية.
النساء: هدف القسوة والعنف الممنهج
إعدام النساء في إيران تحت حكم نظام الملالي المعادي للنساء ليس مجرد انتقام من محكومات؛ بل يستخدم هذا النظام أجساد وأرواح النساء كأداة لنشر الخوف والإذلال والسيطرة. النساء اللواتي يجرؤن على رفع أصواتهن، أو حتى اللواتي يقعن ضحايا الفقر والتمييز في صمت، جميعهن معرضات للعنف الممنهج الذي تمارسه السلطة.
الموت عند الفجر: استمرار مجزرة النساء في عام 1988
على الرغم من أن ضحايا الإعدامات الأخيرة من النساء لم يواجهن اتهامات سياسية، فإن إعدامهن كان سياسيًا بالكامل، يهدف إلى إسكات أصوات الاحتجاج والمطالبة بالعدالة. أصوات النساء اللواتي أُعْدِمن خلال ما يقرب من نصف قرن من حكم الملالي بسبب معتقداتهن لا تزال تتردد عبر صفحات التاريخ. من حبال المشنقة في وكيل آباد إلى غرف الموت في إيفين، لا تزال مقاومتهن الصامتة حية. إنهن، اللواتي طالبن العالم بإحقاق العدالة، يذكّرننا بأن الشجاعة، حتى عندما تُخمد، لا تموت أبدًا.

صدى صرخات النساء ضحايا الإعدام في صيف 1988 الدامي في ربيع 2025
شهد شهر أبريل كشفًا مروعًا وجديدًا من داخل النظام. تسجيل صوتي نُشر حديثًا للمرجع ”حسين علي منتظري“ كشف النقاب عن إعدام جماعي لـ300 امرأة من منظمة مجاهدي خلق في صيف عام 1988. وكان من بين هؤلاء النساء امرأتان فرنسيتان تم إعدامهما أيضًا.
في التسجيل الصوتي الجديد الذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في أبريل 2025، ينتقد ”حسين علي منتظري“، خليفة خميني آنذاك، بصراحة الإعدامات الواسعة للنساء المجاهدات في صيف 1988. يوثق التسجيل حوار منتظري مع أعضاء “لجنة الموت” في سجن إيفين، ويكشف عن جرائم كانت ضحاياها الرئيسيات نساءً شابات أُعْدِمن بسبب تمسكهن بمعتقداتهن السياسية، حتى دون ارتكاب أي عمل عنيف.
يتحدث منتظري بشكل خاص عن إعدام حوالي 300 امرأة مجاهدة، بما في ذلك امرأتان فرنسيتان، مشيرًا إلى أن النظام تجاهل حتى إمكانية استغلال وجودهما دبلوماسيًا. كما يذكر مثالًا لفتاة من أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية حُكم عليها بالإعدام فقط بسبب معارضتها الفكرية للنظام، دون أي سجل جنائي.
في التسجيل، يشكك منتظري في الشرعية الدينية لإعدام النساء، مستندًا إلى مصادر فقهية، ويؤكد أنه حتى في الفقه الشيعي لا يمكن تبرير مثل هذه الإعدامات. ويوضح أن العديد من هؤلاء النساء سُجنّ بسبب قراءتهن أو توزيعهن بيانات فقط.
هذا الكشف يسلط الضوء، مرة أخرى، على الوجه العلني لكراهية النساء فجزرة صيف 1988 الدامي؛ عنف لم يكن سياسيًا فحسب، بل كان أيديولوجيًا وعنيفًا بشدة ضد النساء. هذا التسجيل وثيقة تاريخية تؤكد الدور المحوري للنساء في المقاومة، والثمن الباهظ الذي دفعنه في نضالهن ضد الديكتاتورية المعادية للنساء.
التضامن في قلب سجون النساء ضد عقوبة الإعدام
في مواجهة وحشية النظام المتصاعدة، ترفع النساء المسجونات من إيفين إلى زاهدان شعار “لا للإعدام” بصوت أعلى وأقوى. حملة “ثلاثاءات لا للإعدام”، التي تشهد مشاركة واسعة من عنابر النساء، تكتسب وجهًا أكثر مقاومة أسبوعًا بعد أسبوع.
في آخر ثلاثاء من أبريل 2025، خطت حملة “ثلاثاءات لا للإعدام” خطوة أخرى في طريق فضح جرائم النظام والاحتجاج ضد الموجة المتزايدة من الإعدامات في إيران. في هذا اليوم، تردد صدى احتجاج السجينات السياسيات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك عنابر النساء، ليصل إلى العالم، مظهرًا مرة أخرى المقاومة البطولية للسجينات في مواجهة الإعدام والقمع.
في الأسبوع الـ64 من حملة “ثلاثاءات لا للإعدام” في منتصف أبريل، انضم عنبرالنساء في سجن زاهدان إلى هذه الحملة. وبذلك، ارتفع عدد السجون التي تشارك فيها السجينات من عنابر النساء إلى 10 سجون، وهي: إيفين، عادل آباد في شيراز، لاكان في رشت، ديزل آباد في كرمانشاه، جوبيندر في قزوين، مركزي سنندج، مركزي أرومية، مريوان، كامياران، وزاهدان.
ستبقى هذه الأيام محفورة في تاريخ نضالات السجناء السياسيين في إيران، وبخاصة السجينات. إنهن يسجلن في ضمير حقوق الإنسان العالمي هذا النداء: لا ينبغي إعدام أحد.

عدم صمت عائلات السجناء المحكومين
بالتزامن مع الحملة الوطنية “ثلاثاءات لا للإعدام”، استمرت تجمعات عائلات السجناء السياسيين؛ وهي حملة تجري حاليًا في 41 سجنًا، تهدف إلى الاحتجاج على إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في إيران.
في هذه التجمعات، التي شهدت حضور أمهات وآباء مسنين لهؤلاء السجناء، رفع المشاركون صور 10 سجناء محكومين بالإعدام، ورددوا شعارات مثل “لا للإعدام” و”لا للأحكام الظالمة”. تعكس تجمعات عائلات السجناء السياسيين احتجاجًا واسعًا على القمع والأحكام القاسية ضد السجناء السياسيين في إيران.
في آخر ثلاثاء من شهر أبريل، الموافق 29 إبريل، تجمع عدد من عائلات السجناء السياسيين المحكومين بالإعدام أمام سجن إيفين. وإلى جانب ذلك، أعرب شباب في مدن بوكان ورشت وشهريار عن تضامنهم مع السجناء السياسيين المضربين، ضمن حملة “ثلاثاءات لا للإعدام”، معلنين رفضهم لإعدام السجناء، وقاموا بتنفيذ أعمال احتجاجية.
في الوقت نفسه، نظمت السجينات السياسيات في عنبر النساء بسجن إيفين، تضامنًا مع العائلات، احتجاجًا في الساعة 11 صباحًا أثناء إضرابهن عن الطعام في ساحة الهواء الطلق، حيث رددن شعارات وطالبن بإلغاء أحكام الإعدام وإطلاق سراح السجناء السياسيين
نداء إلى الضمائر الحية في جميع أنحاء العالم
الرقم القياسي غير المسبوق للإعدامات في عامي2024-2025، وبخاصة استهداف النساء والمراهقين بوحشية، يشكل جرس إنذار للضمائر الحية في جميع أنحاء العالم.
إن لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تدعو الحكومات العالمية، مرة أخرى، إلى جعل أي تعامل مع نظام إيران مشروطًا بوقف الإعدامات والتعذيب، وبخاصة إيقاف إعدام النساء.